مقالات مختارة >مقالات مختارة
جدارة المساواة أمام الصباغ الأرجواني - علي زعرور
الخميس 27 05 2021 12:05علي زعرور
في رحم الواقع المعاش يطرق الفضول ارتداداته على مسامع الحاضرين، أمثالٌ لحقبة تاريخية، جلّ ما فيها توارد كلمات خرقت جدار المدى الزمني وحطت رحالها في مسامع المتلّقين، فباتت الشغل الشاغل لمدارك الأمور ترخي بظلالها على حراكنا اليومي وتأخذنا إلى حكايات ألف ليلة وليلة حيث شهرزاد المرأة ومصيرها تحت مقصلة تهور الرجل وعنجهيته والأنا المسبوكة في صفائح أفكاره الغارقة في ذكورية لم تجد من يفرمل شهريارها، سوى حنكة ودهاء، فحضرت كل المحرمات واضحت المرأة مصبوغة بنعوت أفقدتها مكانتها التي كانت حاضرة على ألسن التاريخ حتى في زمن الجاهلية البغيضة.
"اذا اجتمع الرجل والمرأة كان ثالثهما الشيطان" وكأن المرأة مختزلة في حبائله تدخل الأبالسة في تجاويف نفسها الضعيفة لتغوي الرجولة المحمومة، حتى باتت حواء هي الخطيئة التي أسقطت نبوءة آدم وأخرجته من جنة النقاء والصفاوة إلى ثرى الشهوة السفلية.
لا يمكن أن نرمي بأثقال فكرنا على حائط المبكى ونضرب أخماسا بأسداسٍ ليتظهر لنا حقيقة واحدة، ألا وهي أن المرأة هي الخطوط الحمر التي تنتظر حركة الضغط على زناد التفجير ليحدث الانفجار الكوني الكبير.
لاءاتي التي تشاكس كل المحظورات والخارقة لوضاعة اسقاطات لا تفاضل بين ما هو حقيقة دامغة او رغبة مكبوتة في دهاليز الرجولة، سوف تخرق حبل التواتر الفكري لتعيد الواقع إلى نصابه وتخرج المرأة من شماعة المهاترات إلى مصافي الرقي والإبداع، فما عاد من وجود للشيطان الا في ذاكرتنا الفارغة التي لا تحتمل المناصفة والمساواة في زمن التقلّب وإنعكاس الصورة.
مع فائق الإعتذار لأنفسنا نحن الرجولة المصنوعة من ورق الفرض والقوامة، ألمحبوكة بأعراف وتقاليد غفا عليها الزمن،
حتى علماء النفس وفلاسفة الطبيعة دقّوا ناقوس التغيير لمعالجة الخلل الحاصل واعادة الأمور إلى نصابها.
عذرا فرويد لأنك لم تدرك ان المرأة هي نصف العالم الذكوري لا بل كلّه، هي على تماس مع خطوط النار تقوّم إعوجاج الرجل وتحفّز ابداعاته للخروج إلى العلن بعد أن كانت رهينة تراكمات الكبت الداخلي.
حين تدخل المرأة عالم الرجولة سواء في سباق الزمن او المحفل العملي تحصل المعجزات وتصاب حركاته بهزات بركانية فتمسي الرجولة مختلفة، تقفز بين تناقضاتها وتفدّم إبداعاتها على مسارح الرضى والقبول الضمني.
والامر لا يقتصر عند هذا الحد فقد تخرج الابداعات المدفونة في مكب جوفه ويكون الإلهام سيد الموقف، فتتبدل الذكورة المفرطة إلى تعاطف وتناغم بلون ارجواني، حيث تتفلت الموازين من عقالها، ليصبح الرجل هذا العابر إلى المدينة الفاضلة يستحق بجدارة لقب ابن الرازي وابن سينا وابن خلدون وابن رشد وكل القاب المفاضلة. .
لماذا لا نسمّي الأمور بمسمياتها؟
لماذا نهرول بأقدام حافية أمام حقيقة بتنا ننشدها في حياتنا المعاشة؟؟
لماذا نغيّب قناعاتنا خلف أقنعة ورقية؟؟
فلنعترف ان المرأة ليست مجرد صباغ ارجواني لنكهات الرجولة، هي نصفه المقتدّر، وحاضره المنبثّق، نحو مستقبل فيه ثقافة المساواة وحضارة الإبداع والرقي.