ثقافة وفن ومنوعات >ثقافة وفن ومنوعات
عرق السوس.. مشروب رمضاني عبر التاريخ
عرق السوس.. مشروب رمضاني عبر التاريخ ‎الجمعة 29 03 2024 11:16
عرق السوس.. مشروب رمضاني عبر التاريخ

جنوبيات

 

يُعد عرق السوس أحد المشروبات المميّزة على مائدة الإفطار في شهر رمضان المبارك، وذكره الطبيب العربي ابن البيطار، فقال "أنفع ما في نبات عرق السوس عصارة أصله، فهو دواء لأمراض الحلق والكبد إذا وضعته تحت اللسان، وعلاج لالتهابات المعدة وأمراض الصدر إذا مضغته، وإذا شربته قطع العطش".
وعرق السوس اسم مشتق من اليونانية القديمة ويعني "الجذر الحلو"، وهو نبات عشبي بأزهار أرجوانية تميل إلى اللون الأزرق، له غلاف يشبه غلاف البازلاء، ينمو في جنوب أوروبا وشمال أفريقيا وفي آسيا، ويتم حصاده في فصل الخريف بعد سنتين إلى 3 سنوات من زراعته، وله نكهة حلوة ومميزة، إذ يحتوي على السكر والعديد من الفيتامينات والمعادن.
وفي مصر القديمة، استخدمه قدماء المصريين كمشروب اقتصر على الملوك والأمراء، وكذلك استخدموه في إبعاد الأرواح الشريرة عن المتوفى حديثا، وطمأنته حتى يبعث من جديد، حتى إنه عثر على بعض جذور عرق السوس في مقبرة توت عنخ آمون بين الكنوز الملكية عند اكتشافها عام 1923.
واعتاد الجنود في الجيشين اليوناني والروماني مضغ جذور عرق السوس أثناء المسيرات الطويلة والمعارك، لإرواء عطشهم وترطيب أجسامهم عندما لا يكون لديهم ما يكفي من الماء، إذ أمر الإسكندر الأكبر بتوزيعه عليهم كحصص إعاشة، وعلى نفس خطى الإسكندر الأكبر، أوصى الجنرال الفرنسي نابليون بونابرت جنوده باستخدام جذور عرق السوس للغرض نفسه، غير أنه حرص شخصيا على مضغه لسبب آخر، وهو تهدئة أعصابه في ساحة المعركة، ويقال إنه أكثر من مضغه، حتى تحولت أسنانه إلى اللون الأسود، كذلك يُزعم أنه وهو على فراش الموت، طلب خلط جذور عرق السوس في زجاجة من الماء ليتمكن من شربه.
واعتادت الأسر العربية تجهيزه على المائدة الرمضانية ضمن مجموعة من المشروبات الباردة الأخرى مثل قمر الدين والتمر الهندي والخروب والسوبيا، لتعويض الجسم السوائل المفقودة خلال ساعات الصيام.
ولم يقتصر استهلاك شراب العرق سوس على شهر رمضان فحسب، بل تشربه شعوب عربية مختلفة من أيادي الباعة الجائلين في الشوارع طوال العام، وانتشرت مهنة "بائع عرق السوس" الذي يجوب الشوارع برنات صاجاته النحاسية وعباراته المميزة "عرق سوس شفا وخمير"، وبملابس تراثية تعبر عن تاريخ المهنة وعراقة المشروب.
أما الأجيال الناشئة فيعترفون بعدم فهمهم لطبيعة مذاقه المتداخل الذي يجمع بين الطعم المر والحلاوة في آن واحد، وربما تكون مادة الغليسيرهيزين "المحلي الطبيعي الموجود في جذور العرق سوس" سببا في عدم تقبل مذاقه، إذ تدوم لفترة في الفم، كما أنها تشبه مذاق السكرين "المحلي الصناعي" والذي يعد أكثر حلاوة من سكر المائدة بنحو 30 إلى 50 مرة.
يمكن تحضير مشروب العرق سوس عن طريق نقع جذور نبتته المجروشة في قليل من الماء وكربونات الصوديوم وتركه بضع ساعات حتى يتخمر، ويفضل وضع الخليط في مكان مشمس، ثم يخفف بالماء، ويصفى باستخدام قطعة من قماش الشاش القطني (قماش منسوج بشكل فضفاض)، ويصب في أكواب.

المصدر : جنوبيات