4 صفر 1447

الموافق

الثلاثاء 29-07-2025

علم و خبر 26

أخبار

علم و خبر 26

بأقلامهم

بأقلامهم

"نبض الحياة" قرار الضم تكريس لقوانين سابقة
"نبض الحياة" قرار الضم تكريس لقوانين سابقة
عمر حلمي الغول
2025-07-27

لم يكن قرار الكنيست الإسرائيلي مساء الأربعاء 23 تموز / يوليو الحالي مفاجئا، أو وليد اللحظة السياسية، انما هو امتداد لسلسلة من القوانين والقرارات لحكومات إسرائيل المتعاقبة وخاصة حكومات نتنياهو الست، وتكريسا لسياسة منهجية انتهجتها تلك الحكومات، وعمدتها بخطوات وإجراءات وانتهاكات متوالية ومتوازية على مدار العقود الماضية، وتعمقت تلك السياسات بدعم الإدارات الأميركية المتعاقبة وخاصة ادارتي الرئيس دونالد ترمب، التي دشنتها بالمصادقة على صفقة القرن المشؤومة في الإدارة الأولى 2017 الى 2021، وأوغلت في نهجها المعادي للسلام وخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران / يونيو 1967وللقضية الفلسطينية وللحقوق السياسية والقانونية للشعب العربي الفلسطيني، ومشاركتها المباشرة في الإبادة الجماعية على الفلسطينيين عموما وفي قطاع غزة خصوصا، مما منح حكومات بنيامين نتنياهو الضوء الأخضر للمضي قدما في خيار تصفية عملية السلام، وتبديد مصالح الشعب الفلسطيني العليا، ودحرجة القضم التدريجي للكيانية الفلسطينية.

ورغم الادعاء بأن قرار الضم الأول لعموم الضفة بأنه "تصريحي" وذات بعد رمزي، وغير ملزم قانونيا، الا أنه عمليا ليس كذلك، انما يحمل في طياته تجسيدا لخطوات وقوانين سابقة عليه، بتعبير ادق، يمثل انعكاسا للهدف الاستراتيجي الصهيوني وشعاره الناظم "أرض بلا شعب، لشعب بلا أرض"، وشعار "أرضك يا إسرائيل من النيل الى الفرات"، ولعل الخارطة التي عرضها بتسليئيل سموتريش، وزير المالية الإسرائيلي في باريس 2021، وذات الخارطة التي عرضها رئيس الائتلاف الحاكم نتنياهو أمام منصة الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول / سبتمبر عام 2024، كشفت دون مواربة المسار الذي سعت وتسعى لتحقيقه الحكومة الإسرائيلية، ولم تخف نزعاتها العنصرية والنازية في تغيير الوقائع والديمغرافيا على الأرض العربية الفلسطينية، ويتمثل هدفها الأول المباشر في هذه المرحلة بإقامة دولة إسرائيل الكاملة على فلسطين التاريخية، وفي خطوات متوازية تنهج سياسة تمزيق الدول الطوق العربية المحيطة بفلسطين، وإخضاعها للهيمنة الإسرائيلية، من خلال خلق هويات اثنية ودينية وطائفية، تكون بمثابة أدوات تابعة لها، وفي السياق تخطط بدعم واسناد من الإدارات الأميركية الحالية واللاحقة للسيطرة على الدول العربية من المحيط للخليج، وليس من النيل للفرات فقط، لاستباحة كل دول الوطن العربي وإن أمكن دول الإقليم الإسلامية.

من الخطوات العملية والقوانين الإسرائيلية الممهدة لقرار الضم الجديد، أولا دفن وتشييع اتفاق أوسلو من الفه الى يائه، والذي بدأه نتنياهو في حكومته الأولى 1996 الى 1999؛ ثانيا توسيع وتعميق الاستيطان الاستعماري وآخر اشكاله الاستيطان الرعوي الذي تفشى في عموم الضفة الفلسطينية، وليس في القدس العاصمة الأبدية للدولة الفلسطينية، وفرض القوانين المدنية الإسرائيلية على المستعمرات الإسرائيلية في الضفة؛ ثالثا تضييق الخناق على جماهير الشعب الفلسطيني في مختلف محافظات الوطن من خلال الحواجز والبوابات التي قارب عددها على الالف حاجز وبوابة، وشل حركة التجارة والسياحة الداخلية، وتعاظم عمليات القرصنة على أموال المقاصة الفلسطينية، بالتلازم مع الاقتحامات وعمليات التدمير المنهجي للمخيمات الفلسطينية في محافظات الشمال وخاصة في جنين وطولكرم ونابلس؛ رابعا سن القوانين المعززة لتحقيق الهدف الاستراتيجي الإسرائيلي، منها: قانون "القومية الأساس للدولة اليهودية" الذي صادقت عليه الكنيست في تموز / يوليو 2018، تعميدا لصفقة القرن، قانون رفض الاعتراف بالدولة الفلسطينية الصادر في تموز / يوليو 2024، وقرار رفض الاعتراف الأحادي الجانب من قبل دول الاتحاد الأوروبي في أيار / مايو 2024، وغيرها من القرارات والقوانين؛ خامسا الإبادة الجماعية للشعب العربي الفلسطيني في عموما الوطن وفي قطاع غزة خصوصا، التي تستهدف أوسع عملية إبادة جماعية في تريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وبالتوازي تحقيق هدف التهجير القسري والتطهير العرقي في أبشع وأفظع كارثة ونكبة تصيب الشعب الفلسطيني.

وهناك عمليات الاقتحامات للمسجد الأقصى وفرض التقسيم الزماني والمكاني على المسجد، وسحب صلاحيات بلدية الخليل والجهات الدينية المختصة على الحرم الابراهيمي الشريف، والسيطرة على العقارات عبر عمليات التزوير في القدس العاصمة، وطرد السكان من بيوتهم واحيائهم، وفرض الضرائب والاعتقالات والاغتيالات والاقامات الجبرية، وهدم العشرات والمئات من المباني والشقق التي أقامها المواطنين المقدسيين، والتطهير العرقي للتجمعات البدوية وسكان مسافر يطا في الخليل، ومصادرة حتى نهاية عام 2024 نحو 52 الف دونم من الأرض الفلسطينية، وسلسلة طويلة من الانتهاكات الخطيرة والسيطرة على الأماكن الاثرية وغيرها ، شكلت جميعها مقدمات أساسية لخطوة الضم الهادفة لتقويض الوجود الفلسطيني برمته، وكتبت مرات عدة، هنا في الصفة الفلسطينية جوهر ولب المشروع الصهيوني، هنا القدس والخليل ونابلس، هنا ما يطلقون عليه المفهوم التوراتي الديني الاستعماري "يهودا والسامرة"، وما جرى ويجري في قطاع غزة ليس سوى البروفا الأولى، حيث سيواجه الشعب والقيادة الفلسطينية تصاعدا حادا وخطيرا في المستقبل المنظور للوحشية الإسرائيلية الأميركية، وهو ما يستدعي الاستعداد لمواجهة التحديات القادمة، ووضع الخطط والبرامج، والسيناريوهات الافتراضية الواجبة للدفاع عن المصالح والحقوق الوطنية الفلسطينية، والمشروع الوطني وثوابته واهمها استقلال دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من حزيران / يونيو 1967، وضمان حق العودة للاجئين الفلسطينيين على أساس القرار الدولي 194.
oalghoul@gmail.com
a.a.alrhman@gmail.com

جنوبيات
أخبار مماثلة