ثقافة وفن ومنوعات >ثقافة وفن ومنوعات
أحببنا (لين) كليونة الماء الحي.. والشفافية المتموّجة
أحببنا (لين) كليونة الماء الحي.. والشفافية المتموّجة ‎الخميس 10 03 2016 11:47
أحببنا (لين) كليونة الماء الحي.. والشفافية المتموّجة


أحببنا (لين) كليونة الماء الحي، والشفافية المتموّجة، التي طالما عزفت ألحان الفصول، على أوتار صخور شطآن التاريخ العريق، الذي رماه الزمان في جعبة النسيان..
> لم تُقبل لين من سواحل الميناء الطرابلسي الذي أوّل من وزّع الحضارة في العالم القديم.. وليس من الطور من الجبل الطرابلسي الشامخ في العلالي يخاطب الزمان والمكان.. وليس من الكورة الخضراء التي خاطب «غدي» العالم بصوته الرنّان، وليس من الشمال الحزين خازن كل الشمائل..
> لم تُقبل «لين» بصباغها الشمسي من لبنان المسكين على حد السكين.. ولا من شرق المتوسط الذي توسّط حضارات القارات..
> لقد أقبلت لين من زمانٍ وليس من مكان.. من زمنٍ سقطت فيه العاطفة والمقدّسات، وحلّلت المحرمات، في زمنٍ يتوالى فيه القتل، والفساد والهبوط نحو منحدرات الغش والزيف، واشتدّت المنازعات لحدٍ اختنقت فيه الأصوات..
> في زمانٍ علا فيه أزيز الرصاص.. واخترق صراخ الصواريخ جدار السكون الأزرق، وحلّقت طائرات دول في فضاء دول.. في زمن تألّمت فيه الطفولة والانوثة والرجولة من عصف شديد التمزّق ودوّامات عنيفة الأعصار..
> أتت «لين» بليونتها الغضّة، مع خدَّي زين عبيد الشامي المتوردتين بحنجرة صباح وأوتار الفخري، أتت مع أمير العاموري عاشق الأمل الشرقي العريق، مع غنى حمدان الطامحة لحماية الطفولة، مع ميرنا حنا الرقيقة جدا والصارخة في وجه المعتدي على العراق العريق تنادي ليلى المريضة.. جاءت تستظلّ لواء الفلسطينية ميرنا عيّاض، مع جويرية المصرية.. هي «لين» الصوت التونسي من المشرق العربي الى المغرب العربي..
> هم جميعاً مداميك اهرامنا الناطحة السحاب، الصارخة في وجوه التخلف والتردّي، يقولون «نحن الشباب.. ولنا الغدُ»..
> هي الابنة التي دلّلتها أزقة حي «سلوى القطريب»، وزقاق الطاحون حيث قطنت «نور الهدى» قبلها.. هي المصغية بشغف لآل بندلي من طفولتهم الى شبابهم والى كلّ ابداعاتهم.. هي الوريثة الشرعية لسفارة الغد، هي عروس البحر، عروس من ذلك «الميناء الطرابلسي» الى الوطن، والى الاقليم، الى العالم.. عسى أن يدرك العالم أن صوت السلام يجب أن يعلو على صوت السلاح، وأن يعلو صوت الحب على صليل الحرب..
> نعم، نريد حفيدةً للجدّة فيروز، نريد وريثة للشحرورة صباح.. نريد بدائل لكبارنا، بعدما حلّق الكبار بعيداً..
> فلنحصّن أجيالنا ما استطعنا، لنحصّن «لين».. علّ الليونة تخنق الخشونة.. فيكفينا ما أصابنا من صلابة الدهر..
> فإلى الأمام يا عروس البحر يا حلم الليالي.. الى الأمام يا سفيرة الغد المشرق..
> نعم، نريد أن نغنّي للفرح والسلام والأمان والتطوّر، والعلم والثقافة، نريد أن نذرف الدموع سخية فرحاً وسعادة على أطفال أتقنوا الغناء والفن والرقي.. لنمنع زمان الآباء المؤلم أن يتكرّر مع جيل آخر..
> نعم نريد أن تتقنوا لعبة النجاح من أجل هؤلاء الذين غنّيتم لهم الى جانب «كاظم» المحاط بلين اللبنانية وميرنا العراقية الرقيقة.. وسائر الأصوات الخارقة التي هتفت معكم:
> «الملايين تلوك الصخرَ خبزاً.. على جسر الجراح مشت وتمشي.. تلبس عزّها وتموت عزاً.. تذكّر قبل أن تغفو على أي وسادة.. أينام الليل من ذبحوا بلاده؟ أنا إن متُّ عزيزاً إنما موتي ولادة.. قلبي على جرح الملائكة النوارس.. باست جبينهم المآذن والكنائس.. كتبوا لهم هذا النداء.. وطني جريح خلف قضبان الحصار.. في كلّ يوم يسقط العشرات من أطفالنا.. الى متى هذا الدمار؟؟ جفّت ضمائركم، ما هزّكم هذا النداء.. هذا النداء رقّت له حتى ملائكة السماء.. وما جفٌت دموع الأبرياء».
> يا رسل الغد.. يا أطفال بلادي.. فزتم جميعاً، وبنيتم هرماً عظيماً، بعد ذلك لا يهم من يقف في المقدّمة أو في الميمنة أو الميسرة.. أنتم سيروا الى الأمام، أما نحن فصرنا خلفكم..
 

المصدر : سعد ديب