مضحك ما يردّده السياسيّون على مسامعنا يومياً من أن تشكيل الحكومة لا زال ضمن المهلة الطبيعية علماً أن عمر التكليف بلغ شهراً! يصح الضحك حين نعثر في قاموسهم أن المدة المحتفى بها تعتبر قصيرةً مقارنةً مع مثيلاتها السابقة. يصبح الضحك اجبارياً حين نجد أن دولاً تكبر لبنان بأضعاف تُشكّل حكوماتها في ساعات وضمن عدد حقائب يقدّر بأصابع اليد الواحدة.
عموماً لم يبلغ رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري الحلم بعد على الرغم من جولاته الخارجية المتعدّدة التي أكلت من فترة التكليف ما أكلت ولا زالت العراقيل كما هي بل اشتدت وتشدّدت وضم اليها بند خارجي يسعي البعض لطمس اخباره داخلياً.
في تقدير مصدر مراقب لمرحلة التأليف، ترتبط جولات الحريري الخارجية بقسم كبير منها في محاولات اقناع الرياض تبني التصور الذي قدمه للعلاقة مع اقطاب السلطة، وفي عقله ان نيل الضوء الأخضر السعودي امر لا بد منه.
وفي توصيفه الدقيق ان السعودية لم تنطق بعد بعبارات الدعم التي يعول عليها الحريري، رابطة بين جولاته في اتجاه باريس ومحاولات "الواسطة" التي يخوضها لإقناع الاولى بوجهة نظره، لكنه لفت إلى أن الرئيس المكلّف لم يتلق اثناء وجوده في الرياض سوى نصيحة جاءته من مسؤولين خليجيين (خصوصاً الاماراتيين) تدعوه للانفتاح والتعاون مع النائب نجيب ميقاتي وهو ما كشفت عن بعض فصوله صحيفة بحرينية متحدثة باسم الحكومة.
وفي حين لم يتمخض عن هذه النصيحة شيء يذكر بانتظار دخوله بمستهل البحث مجدداً، بات الرهان يحوم حول تقديمه مبادرةٍ ما أو خطوة في الحد الادنى يفاجأ بها الوسط وتقود الى تجاوز ما سجل في حسابه من تلكؤ طغى خلال المرحلة الماضية.
وفي اعتقاد المصدر أن الخروج من حلقة البحث المفرغة وسيناريو الحقائب المنفوخة، قد يتوفر في حال اعتماد صيغة العشرة أي توزيع الحكومة الثلاثينية على 10 وزراء لرئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر و10 وزراء للثنائي الشيعي وحلفائه في 8 آذار والـ10 الباقية تذهب للحلفاء السابقين في 14 آذار (مستقبل اشتراكي قوات).
داخلياً، لا زالت الجولات واللقاءات صلة الوصل بين الأطراف المعنية بالتشكيل. فقد سجلت في الساعات الـ 72 الماضية لقاءات عدة كانت أبرزها لقاء باسيل – الحريري في باريس وباسيل – وفيق صفا (مسؤول لجنة الارتباط والتنسيق في حزب الله) في قصر بسترس واجتماع مجموعة السنّة الستّة.
وبعيداً عن السجال ونفي والرد الذي سجّل في الاجتماع الأول (باسيل – الحريري) سجّل توافق في الاجتماع الثاني (باسيل – صفا)، إذ جرى التفاهم على عدة نقاط حكومية ونيل دعمها من قبل التيار كمسألة دعم تولي حزب الله لحقيبة الصحّة.
وفي معلومات "ليبانون ديبايت"، بحث اللقاء النقاط العالقة المرتبطة في الحقائب، وهنا جدّد باسيل امام صفا انه لا يمانع تمثيل القوات لكن ضمن حصة 3 وزراء، اما موقع نائب رئيس الحكومة فهو من حصة رئيس الجمهورية وله كامل الحرية في التصرف به لناحية تجييره لصالح جهة أخرى من عدمه.
كذلك جرى التطرق الى ملف العقدة الدرزية، وبدا واضحاً ان حزب الله يعول على استمرار الهدنة بين الوطني الحر والاشتراكي. وعلم "ليبانون ديبايت" ان الحزب يتولى نقل الرسائل بين الجانبين بما خص موضوع العقدة الدرزية وتمثيل النائب طلال أرسلان وهو مداوم في مسعاه.
وربطت مصادر متابعة لمسار التأليف زيارة المعاون السياسي للسيد حسن نصرالله، الحاج حسين خليل الى خلدة ولقاءه النائب طلال أرسلان وبين اللقاء الذي عقده صفا مع باسيل لاحقاً.
وأشار المصدر لـ"ليبانون ديبايت" أن انفجار الوضع على نحوٍ غير مسبوق بين الاشتراكي والوطني الحر أواخر الأسبوع الماضي ارتبط بموضوع العقدة الدرزية حصراً وبفشل محاولة أقدم عليها حزب الله لمقايضة المقعد الثالث الدرزي بآخر مسيحي، وهو ما رفض من جانب التيار الدافع بارسلان بقوة، فما كان من جنبلاط الا ان أطلق حمماً بركانية برّدها حزب الله عبر سلسلة تحرّكات واتصالات.
ولمس المصدر تعاطياً عملانياً يقوم به حزب الله الذي يشتغل كـ "مبرّد حرائق"، وهو ما عبّرت عنه مراجع تعمل على نفس الخط واضعةً الحزب بخانة "الأكثر تسهيلاً لتشكيل الحكومة" كونه يعمل على التسهيل خلافاً للآخرين الذين يمعنون في دق الاسافين لحجج شتى، تارة لدواعٍ في التمثيل وتارة بالحقائب.
وفي ما يتعلق بتوزير شخصية محسوبة على النوّاب السنّة من خارج تيّار المستقبل، تواتر لـ"ليبانون ديبايت" أن الاجتماع الذي ضم 6 منهم في دارة النائب عبد الرحيم مراد أجمع على مبدأ حصولهم على حقيبة.
وفي السياق، قالت مصادر محسوبة على النوّاب الستة أن "اجحاف البعض التمثيل المحق لعشرة نوّاب لن يخدم الحكومة ولن يجعلها تبصر النور، فلا بد من تحقيق التوازن في الحصّة السنيّة" لافتاً إلى أن "الحلفاء في 8 آذار لن يسمحوا بإدخال اي تعديل يسقط نتائج الانتخابات".
وتناهت لـ"ليبانون ديبايت" معلومات عن مساعٍ تبذلها جهات حزبيّة لضم كتلة نواب الحزب القومي السوري الاجتماعي المؤلفة من 3 (2 أرثوذكس و1 كاثوليكي) الى النواب السُنّة الستة ليصبح العدد 9، وبهذه الطريقة يستخرج ترياق توزير القومي بمقعد والسنة المعارضين بمقعد على ان يذهب مقعد مسيحي آخر للتكتل الوطني الشامل ويكون من حساب تيّار المردة. وفي رأي مصدر مواكب، هذا الحل هو الأمثل لإنهاء عقد التوزير العالقة عند 8 آذار.