عربيات ودوليات >أخبار دولية
هجوم أورلاندو.. هدية «داعشية» ثمينة لترامب
هجوم أورلاندو.. هدية «داعشية» ثمينة لترامب ‎الثلاثاء 14 06 2016 11:24
هجوم أورلاندو.. هدية «داعشية» ثمينة لترامب


هدية ثمينة غير متوقعة أرسلها أكثر التنظيمات الإرهابية تشددا إلى أكثر مرشحي الرئاسة الأميركيين تطرفاً. لم ينتظر ترامب طويلاً لكي يستغل جريمة أورلاندو «الداعشية» لتعزيز شرعية خطابه المتطرف ضد المسلمين.
«أقدّر التهاني لي لأنني كنت محقاً بشأن الإرهاب الأصولي الإسلامي. لا أريد تهانيَ. أريد شدةً ويقظة. ينبغي أن نكون أذكياء»، كتب ترامب عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، في رد سريع على «غزوة أورلاندو» التي تبنّاها تنظيم «الدولة الإسلامية» رسمياً يوم أمس، والتي أسفرت عن مقتل وإصابة أكثر من مئة شخص.
بمنطق «البروباغندا»، يمكن فهم موقف المرشح الجمهوري الذي لا يملك، مع اقتراب النزال الانتخابي الكبير في تشرين الثاني المقبل، سوى تسجيل النقاط على منافسته الديموقراطية هيلاري كلينتون، من الخاصرة الرخوة لسياسات باراك اوباما، الذي تتزايد يوماً بعد يوم الشكوك بشأن استراتيجيته المعلنة في أواخر العام 2014، والمرتبطة بالحرب على الإرهاب.
ويبدو واضحاً، أقله منذ اشتداد الحملة الانتخابية الأميركية، وخصوصاً مع بدء العد العكسي للنزال الأخير، أن الخطاب المتطرف لترامب إزاء المسلمين قد أفلح في استقطاب مزيد من الأصوات ضمن الكتلة المترددة من الناخبين، الذين انجذب الكثيرون منهم إلى خطابه العنصري تجاه المسلمين، في ظل تنامي الفزاعة «الداعشية» التي باتت الصورة الأكثر تعميماً عن الإسلام في العالم.
وليست تلك المرة الأولى التي تتلقى فيها الحملة الانتخابية للمرشح الجمهوري هدية ثمينة من تنظيم أبي بكر البغدادي؛ عقب هجمات باريس التي باتت تعرف إعلامياً بـ «11 أيلول الأوروبي»، كان ترامب يتلقى بسرور الأنباء الواردة من العاصمة الفرنسية ليؤكد على صوابية مواقفه، ليس إزاء الخطر الإسلامي فحسب، وإنما أيضاً تجاه موقفه الرافض للقيود المشددة التي تسعى الإدارة الديموقراطية إلى فرضها على مسألة اقتناء السلاح، حين قال إن فرنسا كانت تستطيع أن تقلل من إسالة الدماء لو كانت تسمح لمواطنيها بحمل السلاح!
وإذا كان واضحاً أن الخطاب المتشدد للمرشح الجمهوري قد نجح تدريجياً في تقليص الفارق الانتخابي في استطلاعات الرأي أمام كلينتون خلال الفترة الماضية، فإن «غزوة أورلاندو»، والمقاربة الترامبية لها، قد تجعلانه قادراً على تجاوز غريمته الديموقراطية، وهو ما لن تتأخر الاستطلاعات المقبلة في إظهاره.
ولا شك في أن ترامب سيعمل سريعاً على تشديد خطابه، على نحو أكثر تطرفاً، سواء إزاء المسلمين، وهو ما تبدّى يوم أمس، حين اتهم المرشح الجمهوري المسلمين داخل الولايات المتحدة بالتستر على الإرهابيين واحتضانهم، أو لجهة تصعيد المعركة السياسية ضد الديموقراطيين، ومن بوادر هذا التصعيد مطالبته الصريحة لأوباما بالتنحي.
ومن المؤكد أن «غزوة أورلاندو» ستحتل الحيز الأكبر في الحملات الانتخابية بين ترامب وكلينتون، اللذين أدليا يوم أمس بدلوهما حول الهجوم الدموي.
وحتى الآن، يبدو دونالد ترامب الأكثر قدرة على استثمار الهجوم انتخابياً، مقارنة بغريمته الديموقراطية.
وإذا كانت كلينتون قد سعت إلى تسخير الهجوم الدموي انتخابياً، عبر حديثها عن خطة لمكافحة «الذئاب المنفردة»، وهجومها على «لوبي السلاح»، الذي قالت إن الولايات المتحدة «لن تنجر إلى الفخ الذي ينصبه»، فإن ترامب قد أحسن، على ما يبدو، استغلال لحظات الفجيعة، حيث ينعدم في الغالب المنطق السياسي، في تسعير خطابه المتشدد، ومن شبه المؤكد أنه سيعمد، ابتداءً من الأيام القليلة المقبلة، إلى الضرب على وتر اخفاقات باراك أوباما في ملف مكافحة الإرهاب.
ولا شك في أن المرشح الجمهوري لم يعد في حاجة كبيرة للتدليل على فشل سياسة الإدارة الديموقراطية في مجال مكافحة الإرهاب، طالما أن المقولة الرئيسية التي دأب باراك أوباما على تردادها، للدفاع عن سياساته، وهي أن «داعش» لا يشكل خطراً مباشراً على الأمن الداخلي الأميركي، قد سقطت بالأمس، في أورلاندو.
وأعادت ضربة أورلاندو فتح السجال حول طريقة عمل الدوائر الأمنية والاستخبارية في البلاد، وخصوصاً الـ «أف بي آي» مع المشتبه في ميولهم الإسلامية المتطرفة. وكان عمر متين، منفذ الهجوم، قد استجوب على الأقل مرتين في 2013 و2014، بسبب الإدلاء أولاً بآراء متطرفة في مركز عمله (شركة «فور جي أس» الأمنية البريطانية)، وثانياً بسبب اتصال أجراه مع مواطن أميركي غادر إلى سوريا، وقتل لاحقاً في هجوم انتحاري نفذه هناك.
وأمس، شن ترامب هجوماً عنيفاً على أوباما، معتبراً أن رفضه استخدام مصطلح «إرهاب الإسلام الراديكالي» هو ما أوصل إلى هجوم أورلاندو الذي «من الممكن أن يتكرر مرات عدة». وأضاف أن كلينتون «بدورها لن تستخدم هذه العبارة خوفاً من مديرها (أوباما)».
واعتبر المرشح الجمهوري في حديث لقناة «سي بي سي» أنه «بشكل لافت، فإن المجتمع المسلم هنا، المجتمع الذي عاش هذا المهووس (منفذ العملية) وكثيرٌ مثله، فلنعطِ مثالاً سان برناردينو، لقد شاهد المجتمع متفجرات في شقة المنفذين، لكنهم لم يبلغوا عن هؤلاء الأشخاص. هم يعرفون التفاح السيئ، البذور السيئة الموجودة في مجتمعهم، لكنهم لا يبلغون عنها».
ودافع ترامب عن دعوته إلى فرض حظر على دخول المسلمين إلى البلاد، قائلاً: «هناك مواطنون أميركيون أصبحوا متطرفين بسبب أشخاص دخلوا البلاد». وختم بالقول: «انظروا. ما حصل أمس ليس سوى البداية. سيكون هناك المزيد والمزيد».
واعتبر ترامب أن بلاده «بحاجة لزيادة ردّها العسكري على داعش في أعقاب الهجوم».
في المقابل، تناغم كلام المرشحة الديموقراطية هيلاري كلينتون، مع دعوة أوباما إلى تعديل قانون حيازة السلاح للأفراد في الولايات المتحدة، معتبرة أن بلادها «يجب ألا تقع في فخ لوبي السلاح، الذي يقول لك إنك إذا لم تتمكن من وقف جميع حوادث إطلاق النار، فلا تحاول أن توقف أي حادث»، لافتة إلى أنها إذا وصلت إلى البيت الأبيض، فسوف تدفع باتجاه سن قانون يمنع المواطنين الممنوعين من السفر من حيازة السلاح الفردي.
وأعربت كلينتون عن عزمها على إنشاء فريق مخصص لمكافحة هجمات «الذئاب المنفردة» والعمل عن قرب من المؤسسات التكنولوجية لمحاربة «التطرف الإلكتروني».
وفي رد على كلام ترامب، شددت كلينتون على أنها لا تخجل من استخدام عبارة الإسلام الراديكالي لوصف هجوم أورلاندو. لكنها أضافت أن اتهام دين بعينه ومحاولة شيطنة أتباعه لن يحمي البلاد من هجوم آخر.
وفي سياق الهجوم، برزت معطيات جديدة في التحقيق، إذ نقلت محطة «ام اس ان بي سي» عن مسؤولين اتحاديين أن عمر متين زار السعودية في العامين 2011 و2012، لافتة النظر إلى أن المسؤولين «لا يعرفون ماذا كان يفعل في السعودية أو ما إذا كان قد التقى أي شخص هناك». وأكد متحدث باسم وزارة الداخلية السعودية الخبر.
وحتى الآن، ما زال التحقيق الفدرالي يركز على ما إذا كان ثمة من ساعد متين على تنفيذ هجومه، لكن المحققين لا يعتقدون، حتى الساعة، إن أحداً له صلة بإطلاق النار «يمثل خطراً على المواطنين في الوقت الحالي».

المصدر : السفير