مقالات مختارة >مقالات مختارة
ربيع مغدوشة تفوح منه رائحة الزهر
ربيع مغدوشة تفوح منه رائحة الزهر ‎الخميس 11 04 2019 08:11
ربيع مغدوشة تفوح منه رائحة الزهر
أنطوانيت غانم تقطف الزهر

ثريا حسن زعيتر

"الذهب الأبيض"، أو زهر الليمون البري الـ"بوصفير"، حلَّ هذا العام في بلدة مغدوشة – قضاء صيدا، زاهراً وبالمنفعة على بعض المزارعين، وضيئلاً جداً في بعض البساتين الأخرى، والسبب بقاء الطقس بارداً ومتقلّباً أحياناً، خلافاً للأعوام الماضية، التي كان يتزامن فيها بدء قطاف الموسم مع طقس حارٍّ وجاف، ما يؤثّر سلباً على الزهر، ويفرض على المزارع الإسراع في قطفه، وعدم الإفادة من الزهر، الذي لم يكتمل أحياناً.

بين حبّات الزهر ورائحته الفوّاحة حكاية عشق تجمع أهل بلدة "سيدة المنطرة" وشجرة الـ"بوصفير"، الذين ينتظرون الموسم ليتنشقوا عطر الزهر النقي، فيشعرون بارتياح جسدي ونفسي من ضغوط الحياة الصعبة، إذ عندما تفوح رائحته العطرة، لتصل إلى مسافات بعيدة، تتحول البساتين إلى خلية نحل منذ ساعات الصباح حتى بعد الضهر، حيث يعمل المحترفون في قطاف الزهر دون كلل أو ملل.

مع بداية فصل الربيع تتحوّل الحقول في بلدة مغدوشة إلى عيد خاص، حيث يتجمّع حشد غفير من الشبان والشابات، شيوخاً ونساءً، وأطفالاً، يضحكون ويتسامرون، والكل يحضر معه زوّادة الطعام، فيبدأون العمل منذ الصباح الباكر، وعندما ينتهون من القطاف، يقومون بفرز الزهر، منهم مَنْ يأخذونه إلى "التعاونية" أو إلى المنازل من أجل  البيع أو التقطير...

الموسم زاد 80 طناً

* أنطوانيت غانم "أم زياد" تقف في بستانها، الذي تكسوه زهرة الـ"بوصفير"، وهو أكبر بستان "بوصفير" في مغدوشة، والابتسامة على وجهها، لتفتخر بالقول: "ما أروع أنْ تشاهد حبات الزهر وتشم رائحتها، فهو يشفي من كل الأمراض، ويريح الأعصاب، فأرضي مزروعة كلها تقريباً شجر "بوصفير"، الحمدلله هذا الموسم كان ممتازاً، وهذا ما شجّعني للإشراف عل القطاف منذ الصباح الباكر، حتى مغادرة العمّال للحقل،  حيث أقف معهم وأقطف زهر الليمون من حقلي،  وهذا العام زاد عن الأعوام الماضية حوالى 80 طناً، لأنّ أرضي لم تشرب مياه الشتاء، وهذا ما ساعدنا للحفاظ على الزهر".
وتابعت: "لقد علّمني أهلي ألا أقطف الزهر إلا عندما ينشف منه الماء تماماً، حتى تفوح منه الرائحة الزكية ، وعندي حوالى 20 عاملاً وعاملة، وإيجار اليد العاملة (30 ألف ليرة لبنانية) يومياً لكل عامل، علماً بأنّ غالبية العمّال هم من النازحين السوريين، وأنا أبيع الزهر بالجملة والمفرق، أو بعد تقطيره ليصبح ماء الزهر".
وأضافت غانم: "كانت التعاونية في البلدة تشتري من المزارع سعر كلغ الزهر بحوالى 3 آلاف ليرة لبنانية، وهذا المبلغ قليل جداً، أما أنا فأصبحت اشتري من المزارع الكيلو حسب حبة الزهر، الكيلو الواحد بمبلغ 5500 ليرة وأبيعه للزبون بمبلغ ما بين 6 أو 7 آلاف ليرة لبنانية". 

الموسم قليل هذا العام

* بينما يجلس "أبو نمر" وعائلته لأخذ استراحة من القطف، وقال: "منذ أعوام وأنا أضمن هذه الأشجار،  فمنذ الصباح الباكر أتوجّه مع عائلتي إلى البستان، فنحن ننتظر الموسم بفارغ الصبر، لأنّه مصدر رزقنا، فنقطف الزهر، ثم نبدأ بعملية الفرز والتقطير، ونبيعه، لكن للأسف هذا العام كان سيئاً لأن الشتاء القارس أتلف الأشجار، وحبّات الزهر كلها على الأرض بسبب الرياح القوية، ليس لدي عمّال، فأنا وأفراد عائلتي نقطف الزهر، وأبيع كلغ الزهر بحوالى 6 آلاف ليرة لبنانية".

مصدر رزق

* أما عادل حايك فيعتمر قبعته، ويشرف على قطاف الزهر، وقال والابتسامة على وجهه: "منذ الصباح أتوجه إلى البستان، فأنا أنتظر الموسم بفارغ الصبر، لأنّه مصدر رزقي. هذا البستان ليس لي، فأنا ضامنه منذ سنوات، وأحضر كل شيء قبل أنْ يأتي العمّال مع أولادهم لنقطف الزهر، ثم نبدأ بعملية الفرز ونبيعه". 
وتابع: "يبدأ الموسم من كانون الثاني حتى أواخر نيسان من كل عام، وبسبب الطقس المتقلّب هذا العام، يوم نقطف الزهر وعشرة أيام نتوقّف بسبب الشتاء. حبّات الزهر هذا العام ليست أفضل من المواسم الماضية، إذ كنّا في الأعوام الماضية مثل هذه الأيام قد انتهينا من القطاف، لكن كل يوم نقوم بقطف حوالى 5 أو 7 كلغ تقريباً، وهذا قليل جداً، خاصة أنّ لدينا إيجار اليد العاملة".
* أما "أم إلياس" فجلست على الأرض تجمع حبات الزهر، وقالت: "أنا أنتظر هذا الموسم لأنّه مصدر  رزقي للعام كله، كي لا أحتاج إلى أحد. لدي أرض وأشرف على العمّال وهم يقطفون حبات الزهر، وكيفية الاعتناء بها، فأنا أقوم بعملية تقطير الزهر في البيت وأبيعه، وأيضاً أبيع كل ما يتعلّق بالمنتوجات "البيتية" مثل: شراب الورد، الـ"بوصفير"، التوت، النعنع، دبس الرمان، خل التفاح، خل العنب، مربيات التين، السفرجل، اللقطين، المكدوس، الكبيس، الصابون البلدي وزيت الزيتون، لكن يبقى ماء الزهر الأفضل".

الصغار والكبار يشاركون في القطف

يقومون بفرز الزهر

عادل حايك يشرف على عمّاله

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المصدر : اللواء