عام >عام
"نارة يا ولد"... هلّق صار بدّا ثورة حقيقية!
"نارة يا ولد"... هلّق صار بدّا ثورة حقيقية! ‎الأحد 26 05 2019 11:21
"نارة يا ولد"... هلّق صار بدّا ثورة حقيقية!


مشاهد كثيرة ضجّت بها الساحات، إحتجاجًا وإعتراضًا على سياسة من هنا وخطط من هناك، وتدابير أعتبرها البعض جائرة في حقّ العمّال والموظفين وذوي الدخل المحدود، وعلى رغم أحقيّة بعض هذه المطالب لم تصل هذه المشاهد إلى مستوى مشهدية فرض المطالب، سواء بالإقناع والحجج المنطقية أو في بعض الأحيان من خلال رفع سقف المواجهات، التي غالبًا ما كانت تنتهي بإخلاء الشوارع وعودة كل متظاهر من حيث أتى وكأن شيئًا لم يكن.

فمع بداية تحركات الحراك المدني، التي أفشلتها ما سبق أن سقط فيه المسؤولون، بعدما رفع هذا الحراك في وجوههم مطالب أقل ما يقال فيها إنها محّقة، وهي إرتجالية في الطروحات وعدم توحيد الرؤى بين مكونات هذا الحراك، الذي دخلت فيه السياسة فأفسدته وأحبطت مساعيه فتحّول إلى ما يشبه "الفولكلور الشعبي"، مع ما برز من خصومات بين هذه المكونات القائمة على "أفضلية المرور"، أو التسابق على الظهور الإعلامي، ومن تناقضات في المطالب، التي تدرّجت من الأهم إلى المهم حتى وصل الأمر بهم إلى تكرار سمفونية المطالب، التي لم يتحقّق منها شيء بفعل هذا التخبط في الأداء، وتحّول أصحاب المطالب المحّقة إلى نوع آخر من السلطة الفاسدة. فلا كانت ثورة بيضاء ولا كانت ثورة إصلاحية ولم يصل الصوت إلى أبعد من الساحات، التي تحّولت في وقت من الأوقات إلى ساحات لتنفيس بعض من غضب وإحتقان، من دون الوصول إلى الغايات الأساسية، والتي لم يشكّ أحد بصدقية إنطلاقتها وحسن نوايا الداعين إلى هكذا حراك.

وما لم تستطع أن يحققه الحراك المدني حاولت هيئة التنسيق النقابية القيام به، وهي سعت بكل ما أوتيت من قوة لتكوين حالة ضاغطة على السلطة، التي بدت في كثير من الأوقات في وادٍ والشعب في وادٍ آخر، ولكن النتيجة بقيت "مطرحك يا واقف"، وبقي كل طرف على "سلاحه" .

وقد انضم إلى الحركة النقابية موظفو القطاع العام، الذين رُفع في وجههم سلاح تطبيق بعض المواد في قانون الموظفين، التي تحظّر عليهم التظاهر والإضراب والتوقف عن العمل، ومع هذا كله دخل الجميع في "مغليطة" الأولويات.

أما العسكريون المتقاعدون، وهم يبدون حتى الآن، الأكثر جديّة في ترجمة مطالبهم على أرض الواقع، بعدما وصل موس السلطة إلى ذقونهم، فمستمرون في التصعيد حين يبان الخيط الأبيض من الخيط الأسود، وهم ليسوا بوارد قيادة ثورة على دولة لا يزالون من ضمن أركانها.

أما أن يصل الأمر بوزير الإقتصاد إلى حدّ إقتراح زيادة ألف ليرة كضريبة عن كل نفس أركيلة يُقدّم في المقاهي والمطاعم، فهو أمر يُعتبر من الكبائر، وبالتالي لم يعد من الجائز السكوت والتطنيش، لأن "المؤركلين" كثر وهم مستعدون لينزلوا إلى الشارع دفاعًا عن "الأركيلة" وهذا "الظلم" اللاحق بهم، وهم قادرون على تنظيم مظاهرات قد تصل إلى حدود المليونية، لأن مؤيدي "الأركيلة" لا يُستهان بهم، وهم قادرون على قلب المعادلات والموازين.

"أبقاش بدّا"... نارة يا ولد ولحقني بأركيلة "دليفري" إلى ساحة رياض الصلح!

المصدر : لبنان 24