لبنانيات >أخبار لبنانية
العلامة النابلسي: بحاجة إلى لغة المسيح مع الفلسطينيين
العلامة النابلسي: بحاجة إلى لغة المسيح مع الفلسطينيين ‎السبت 20 07 2019 22:16
العلامة النابلسي: بحاجة إلى لغة المسيح مع الفلسطينيين

العلامة الشيخ عفيف النابلسي

كل الأحداث في المنطقة تشي بأن هناك إرادة أمريكية إسرائيلية تتوافق معها بعض الأنظمة العربية للضغط على الشعب الفلسطيني لتصفية قضيته.
لقد نجحت التطورات الهائلة التي بدأت عام 2010 في العالم العربي في محاصرة الشعب الفلسطيني والتأثير عليه ليقبل بالشروط الإسرائيلية للتسوية ، لكنها ، أي هذه التطورات ،كانت فرصة لترفع المقاومة الفلسطينية بدعم مباشر من الجمهورية الإسلامية الإيرانية وحزب الله إمكاناتها التسليحية وقدراتها البشرية ، ولتجعل هذا الشعب أكثر صلابة في مواجهة مشاريع توطينه وتهجيره وكيّ وعيه وشلّ إرادته. وفي الوقت الذي تقوم به السلطات الإسرائيلية بإجراءات تعسفية نشاهدها يومياً على شاشات التلفزة ، وفي الوقت الذي تقوم به الإدارة الأمريكية بتسويق صفقة القرن ، وفي الوقت الذي تقوم به بعض الأنظمة العربية بتطبيع العلاقات مع الكيان الإسرائيلي ، قام وزير العمل اللبناني بتصرف بعيد عن الحكمة يأتي في سياق كل ما سبقَ ذكره.
فكيف يمكن أن يتفق قرار وزير العمل مع الأمن والاستقرار في لبنان ؟في وقت يمرُ فيه لبنان بأزمات وخضات خطيرة. وكيف ينسجم ذلك مع حقوق الإنسان التي يتغنى لبنان بالدفاع عنها ؟ وكيف يتناسب ذلك مع ازدياد التحديات على الفلسطينيين لتوطينهم في إطار صفقة القرن ؟
وكيف يبدو هذا القرار عادياً في ظل الأزمة الإقتصادية اللبنانية والحديث عن انهيار كبير وكأن هناك مَنْ يدفع لتعميق الأزمة أكثر من خلال دفع الفلسطينيين للمقاطعة وسحب الأموال من البنوك والامتناع عن التجارة والمشاركة مع قسم غير قليل من اللبنانيين الذين تتوقف مصالحهم على هذه الشراكة؟ .
وكيف يستقيم هذا القرار مع مصلحة المجتمع الذي تتلبسه فكرة التعايش كفكرة أساسية تحفظ التوازن، وكأن هناك من يدفع إلى فتنة فلسطينية _ لبنانية، ومن يريد إعادة استحضار أجواء الحرب ومناخاتها السلبية ؟و كيف يُضحي هذا القرار إلتزاماً بالقوانين اللبنانية في وقت يخضع الفلسطيني لأبشع أنواع الاضطهاد الاجتماعي والحصار الأمني .
قطعاً إنّ هذا القرار ليس بريئاً وإنما يأتي في سياق خطير داخلياً وخارجياً ، ويستغل حالة اللاجئين السوريين ليرفع من مستوى التحشيد التي يمكن لها أن تحول قسماً من اللبنانيين وقسماً آخر من الفلسطيين إلى جبهات متصارعة وجماعات متقاتلة .
قرار وزير العمل هو قرار فتنة ولو حمل شعار تطبيق القوانين ، وهو قرار تفجير العلاقة اللبنانية الفلسطينية ، وهو قرار إلهاء الشعب اللبناني عن أزمته بتوجيهها إلى مكان آخر. كفى خفة وتلاعباً بمشاعر اللبنانيين والفلسطينيين الذين أُنهكوا بسبب سياسات غير مسؤولة .
القضية الفلسطينية أكبر من دول وأنظمة وزعماء ، ولا يمكن لوزير أن يقوض ما بنيّ على الكفاح والصبر والمقاومة والكرامة 
حذار من اللعب في الأرزاق لأنها لعبة دم ومشروع تخريب وتغذية للنزاعات المتطرفة . نحن بحاجة إلى الهدوء والمحبة والعقل لمعالجة مشاكلنا ، بحاجة إلى المسيح الذي يبلسم الجراح ويلامس القلوب لا إلى يوضاس يطعن في علاقة شعبين عاشا الاحتلال نفسه والظلم نفسه والكرامة نفسها.