عام >عام
صيدا تشتهر بمساجدها وتعج بالمصلين في شهر رمضان
تشكل منارات للهدى وتربية الإنسان على الإيمان والخير
المفتي سوسان: لا تجد حياً ليس فيه مسجد أو مصلى
صيدا تشتهر بمساجدها وتعج بالمصلين في شهر رمضان ‎الأربعاء 29 06 2016 08:00
صيدا تشتهر بمساجدها وتعج بالمصلين في شهر رمضان
جامع الشهداء في صيدا .. شاهد على تضحيات المدينة

سامر زعيتر

تشتهر بمساجدها الأثرية والحديثة والأهلية، حيث لا ترى حياً فيها دون مسجد أو مصلّى، لتتحوّل إلى خلية نحل لا تهدأ خلال شهر رمضان المبارك، ومعها تعجُّ بالمصلين ليل نهار، لتأدية الصلوات المفروضة والمسنونة والتلاقي على الطاعة والعبادة للخالق إنطلاقاً من بيوت الله، التي تجمع ولا تفرّق...
إنها مدينة صيدا "عاصمة الجنوب" وعروسة المتوسط، شكّلت على مرِّ العصور ملتقى للحضارات التي تعاقبت عليها، فتركت بصماتها المتنوّعة لتصبح انموذجاً يحتذى في التعايش والانصهار الوطني، ترسم من التسامح عنواناً للتلاقي رغم الاختلاف...
في صيدا يتجاور المسجد مع الكنيسة، لتتحوّل في المناسبات الدينية إلى نقطة للتلاقي والتزاور بين أبناء المدينة والجوار، كيف لا والاجتماع على كلمة سواء أمر من الله الواحد القهّار...
دور يتعاظم في شهر رمضان المبارك من كل عام، فتزدان المدينة ومساجدها بحلّة من الأنوار الايمانية، التي تزرع في النفوس المحبة والتلاقي على الألفة لما فيه خير المجتمع وأبناء المدينة والجوار...
تتلاقى في الأحزان والأتراح على كلمة جامعة، عنوانها العمل المشترك والتنافس للصالح العام، وإن مرَّت عليها بعض الخطوب، لكنها تعود للتمسّك بالاعتدال والتسامح واحتضان الآخر، لتبقى صيدا عصيّة على الفتن بفضل وعي قياداتها السياسية والدينية والاجتماعية على اختلاف انتماءاتهم وتعدّد مشاربهم الفكرية...
"لـواء صيدا والجنوب" يسلّط الضوء على مساجد مدينة صيدا ودورها الإيماني، ويلتقي مفتي صيدا وأقضيتها الشيخ سليم سوسان، حيث عاد بهذه الانطباعات...


مدينة المساجد


تتميّز مساجد صيدا القديمة والحديثة بجمالية البناء فيها، والتي تعطي للمدينة طابعها الإسلامي والإيماني، حيث تنتشر في أحيائها مسجد أو أكثر، لتتحوّل في شهر رمضان المبارك إلى منارات للهدى، فتعجّ بالمصلّين لأداء صلاة التراويح والصلوات المفروضة وتشكّل معها منطلقاً للعمل الخيري.
وتنقسم مساجد صيدا إلى ثلاثة أقسام بين أثري وحديث وأهلي، لتتنوّع المساجد وتنتشر بين الأحياء القديمة والحديثة على النحو التالي:
- قسم أثري: شيّد هذا القسم داخل صيدا القديمة حيث تفضي الأزقة والدروب في غالبيتها إلى المسجد، وتميّزت هذه المساجد بطابعها التراثي حيث كان يلفُّ كل مسجد حديقة يجلس فيها الناس بعد الانتهاء من أعمالهم لتبادل الأحاديث، كون المقاهي لم تكن موجودة في المدن الإسلامية، على غير ما هو الحال عليه اليوم، حيث تنتشر المقاهي بالقرب من المساجد.
والمساجد التراثية داخل أزقة صيدا مقامة على خطين مستقيمين من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال من المدينة، فالمسجد العمري الكبير ومسجد قطيش ومسجد الكيخيا ومسجد أبي نخله، على خط مستقيم واحد، يوازيه على الخط الآخر مسجد بطاح ومسجد باب السراي ومسجد البحر، أمّا المسجد البراني فيقع خارج سور البلدة ومسجد القلعة البرية يقع في قلعة البحر.
- قسم حديث: جاء ليواكب الامتداد العمراني لمدينة صيدا إلى ناحية الشرق، وخارج نطاق المدينة القديمة، مخالفاً للعادة التي كانت سائدة في صيدا، حيث كانت تقضي بأن يبنى المسجد ثم تشاد من حوله البيوت، وهي جامع المجذوب، جامع الصديق وجامع سيروب "عبد اللطيف عثمان".
- المساجد الأهلية: يتولّى الذين ساهموا في تشييدها، الإنفاق عليها، ولإدارة الأوقاف الإسلامية في صيدا السلطة المعنوية عليها، ومنها: جامع الزعتري، جامع الحاج بهاء الحريري، جامع الحاجة هند حجازي، جامع د. محمد البزري، مسجد الموصللي، مسجد الإمام علي بن أبي طالب – الفيلات، مسجد الإمام علي بن أبي طالب – المدينة الصناعية، مسجد آل النقيب، جامع أبو بكر الصديق، جامع السلام، جامع الشهداء، مسجد القدس، جامع الحاج حسن نحولي، جامع أبو عبيدة بن الجراح، جامع الحسين، جامع الموصللي، جامع حمزة، مسجد بلال بن رباح، مسجد ميسر، مسجد عائشة أم المؤمنين، وعدد غيرها من المساجد الأهلية في صيدا ومخيماتها.


المفتي سوسان


* مفتي صيدا وأقضيتها الشيخ سليم سوسان توجّه بالدعاء والتحية والتهنئة لأبناء مدينة صيدا ولكل المسلمين واللبنانيين في هذا الشهر المبارك في أيامه ولياليه، تحية على هذه الأيام المباركة التي نعيشها خلال شهر رمضان من كل عام بالقول: "لعل مدينة صيدا، هي من أكثر المدن في لبنان التي تتواجد فيها المساجد نسبياً، فلا تجد حياً من الأحياء ليس فيه مسجداً أو مصلى، والمساجد تعجّ بالمصلّين من كل الأعمار، وخصوصاً خلال أيام وليالي شهر رمضان المبارك، حيث اعتاد أبناء صيدا أن يكون المسجد في رمضان جزءاً من حياتهم اليومية، يؤدّون فيه الصلاة ويشاركون في الدروس الدينية، وتلاوة القرآن وتحفيظ ايات الله، ولا شك أننا في هذا الشهر وهذه الأيام الأخيرة من رمضان نبدأ بحصد الزرع من خلال إحياء المناسبات الدينية وتوزيع الجوائز على المشاركين فيها، احتفالات بذكرى غزوة بدر وفتح مكة وليلة القدر، حيث المسيرات الكشفية تسير في شوارع المدينة احتفاءً بهذه المناسبات".
وعن دور المساجد قال: "هذه المساجد يقول فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَحَبُّ الْبِلَادِ إِلَى اللَّهِ مَسَاجِدُهَا"، تقوم بدورها في توجيه المسلم إلى ما يرضي الله، هذه المساجد تبني ولا تهدم، تُعمّر ولا تُخرب المجتمعات، توحّد ولا تشتّت، هذه المساجد منارات خير ونور وهداية وعلم وإيمان، مساجدنا في صيدا لا تعرف التحزّب والتقوقع والفتن، ولا تعرف المذهبية أو الطائفية أو التعصب، هذه المساجد هي بيوت لله، وأجمل ما فيها أنها ليست بيوتاً لأحد من الناس، تدخل إليها وتجلس في المكان الذي تريد دون أي حرج، الكبير إلى جانب الصغير والغني بقرب الفقير، والأمير بقرب الغفير، والجميع يضعون جباههم تعبّداً وتقرّباً إلى الله سبحانه وتعالى".
وأضاف: "هذه المساجد تحدّث عنها الصحابي أبو هريرة رضي الله عنه، عندما خرج إلى سوق المدينة ووجد أناساً يبيعون ويشترون، قال: ما خطبكم أيها الناس تشترون وتبيعون وهناك في المسجد يوزع ميراث رسول الله صلى الله عليه وسلم، اذهبوا إلى المسجد وخذوا نصيبكم منه، فذهبوا إلى المسجد وانتظرهم في السوق، وعند عودتهم قالوا: لم نجد شيئاً يوزع في المسجد، فقال لهم: ألم تروا أناساً؟ قالوا: بلى، رأينا أناساً يركعون ويسجدون، وأناساً يتداولون بالحلال والحرام، وأناساً يقرأون القرآن، فقال لهم: هذا ميراث محمد صلى الله عليه وسلم".
وختم المفتي سوسان: "في هذا الشهر المبارك، الذي هو مدرسة حقيقة للانتصار على الهوى والشهوة، وعلى الرغبة وانتصار للإرادة الإيمانية والضمير الايماني في داخل الانسان، يتخرّج الإنسان من رمضان وقد أدّى هذه العبادة السنوية ككل عام، وكانت مدرسته في المسجد عبارة عن مواد من العلم الايماني والقرآني والفقهي والشرعي، وعلماؤنا في مساجدنا يقومون بهذا الدور بكل ما تحمل الكلمة من معنى ومضمون، متمسّكين بالاعتدال والعدل وبالوسطية التي جاء بها الإسلام والقرآن، وجاء بها نبي القرآن محمد صلى الله عليه وسلم، مساجدنا دور للعلم والتلاقي والمحبة والسلام والاعتدال وللعدل والأخوة، دور للبناء والاعمار، لبناء النفس البشرية واعمارها بدينها كما أمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم".
دور فاعل للمساجد في بناء الشخصية الاجتماعية على أسس الاعتدال وتقبّل الآخر، ونبذ البغضاء مرضاة لله عز وجل، في زمن يتخبّط فيه العالم بالفتن المتنقلة بين بلد وآخر، لتصبح عاصمة الجنوب منارة تهتدى في رسم الشراكة بين أبناء الوطن والوافدين إليها، وهي التي تعوّدت على احتضان القضايا الكبرى ونصرة المظلوم والضعيف.

 

الجامع العمري الكبير صيدا .. عراقة التاريخ

 

 

جمالية البناء وعراقة التاريخ في مساجد صيدا الأثرية

جامع الشهداء في صيدا .. شاهد على تضحيات المدينة

المفتي الشيخ سليم سوسان

صلاة التراويح في مساجد صيدا ... احياء لليالي رمضان

والجمالية مستمرة في المساجد الحديثة

مسجد الزعتري في صيدا .. من أوائل المساجد الأهلية