صحة >صحة
د. طلال حمود يعرض قصور الصمام التاجي Mitral Regurgitation
د. طلال حمود يعرض قصور الصمام التاجي Mitral Regurgitation ‎الثلاثاء 1 10 2019 10:17
د. طلال حمود يعرض قصور الصمام التاجي Mitral Regurgitation

جنوبيات

عرض الدكتور طلال حمود قصور الصمام التاجي Mitral Regurgitation (الجزء الثاني):

كنا قد تكلّمنا في الجزء الأول من هذا المقال عن تعريف القصور التاجي وتأثيره على عضلة القلب والأسباب المُؤّدية له بشكل مختصر ومُفيد. هذا المقالة تحاول إستكمال الحديث عن الأعراض ، التشخيص، تطوّر هذا المرض والعلاجات المُتوفرة له حالياً. وسوف نُخصص لاحقاً مقالة أخرى مُفصّلة عن آخر الطرق التدخّلية لعلاج هذا المرض من دون جراحة وهو مجال يتطّور بشكل سريع في السنوات الأخيرة واصبح يُنافس بشكلٍ كبير الطّرق والتقنيات الجراحية الكلاسيكية وقد يحلّ مكانها في بعض الأحيان.
1- الأعراض: تظهر الأعراض بسبب هبوط كمّية الدم الفعلية التي يضخّها القلب في شبكة الأوعية الدموية وبسبب إرتفاع الضغط في الأذين الأيسر. وقد تكون اعراض المرض على شكل تعب او كسل او عدم وجود قوّة كاملة على القيام بالجهد. إلى أن تظهر لاحقاً علامات القصور في عمل القلب على شكل ضيق نفس شديد عند أي مجهود أو إحتقان رئوي حادّ وضيق نفس شديد. ولكن في هذه الحالة لانرى كثيرا أعراض قصور القلب الأيمن مع تورّم الساقين والبطن والكبد وإحتقان أوردة الرقبة. وقد تُصيب المريض ايضاً جلطات مُتكررة بسبب الرجفان الأذيني. وتختلف الأعراض عادة بين المشهد او اللوحة الحادّة التي نرى فيها أعراض خطيرة قد تُهدّد حياة المريض و المشهد او اللوحة المُزمنة المُستقرة حيث الأعراض أقل بروزاً. وأخيرا المشهد او اللوحة المُزمنة الغير مُستقّرة وهي حالة خطرة أيضاً ويكون فيها المريض في حالة حرجة جداً كما ذكرنا سابقاً.

2- التشخيص: يتمّ التشخيص عادة ًعبر الفحص السريري كما في كل الحالات القلبية. حيث يستمع الطبيب إلى أصوات القلب ويُسجّل وُجود صفير أو صوت التهريب الموجود في الصمّام خلال فترة إنقباض القلب. وكذلك يبحث الطبيب عن علامات قصور القلب كإحتقان الرئتين وتورُّم الساقين والبطن وحجم الكبد. وكذلك يجب أخذ الضغط الشرياني والوزن وكمية البول اليومية ومحيط البطن لمتابعة حالة المريض وتحسّنه مع العلاج.
ونلجأ أيضا إلى الفحوصات المِخبرية لمعرفية حالة وظيفة الكلى والكبد ودراسة الأملاح في الجسم وإلى تخطيط القلب (EKG) الذي غالباً ما يُظهر عدم إنتظام في ضربات القلب (رجفان أذيني) مع وجود علامات تضخّم في الأذين الأيسر وغيرها من العلامات. وكذلك يخضع المريض للصورة الشعاعية للصدر (Chest X ray) التي نرى فيها حجم القلب وتوسَّع حجم الأذين الأيسر والبطين الأيسر وحالة الرئتين وعلامات إلإحتقان الرئوي. وكما في كل مشاكل الصمّامات القلبية فإن التشخيص الدقيق لهذا المرض يتمّ عِبر التصوير الصوتي للقلب مع الدوبلر(Cardiac echo Doppler) . والذي يرى من خِلاله الطبيب كل خلل في مُكونات الصمّام ويُحدّد سبب القصور ويقوم بقياس درجة القصور (من 1 إلى 4 درجات) بحسب عدد كبير من المؤشرات التي تم تحديدها بواسطة دراسات علمية دقيقة. وكذلك يقيس الطبيب حجم غُرف القلب وقوة إنقباض العضلة وحالة الضغط الرئوي.

وفي بعض الأحيان قد نلجئ إلى التصوير الصوتي من المريئ (Trans esophegeal Echgraphy) TEE من أجل القيام بِدراسة تفصّيلية أكثر لأسباب قُصور الصمّام ولتحديد درجة القصور بدقة أكبر لأن هذه الصورة أقرب إلى القلب وتُعطي مُؤشّرات أوضح. خاصة عند وجود إلتهابات في الصّمام أو عند وجود خلل في عمل صمّام ميكانيكي أو بيولوجي مزروع بدل الصمّام التاجي الأصلي للمريض. أخيرا قد نلجئ في بعض الأحيان إلى تمييل شرايين القلب (Coronarography) وإلى قياس الضغط داخل غرف القلب (Cardiac catheterization) من أجل أخذ الضغط في داخل كل غرفة من غرف القلب الأيسر والقلب الأيمن وداخل الشرايين الرئوية وقياس درجة القُصور التاجي عبر تلوين البطين الأيسر وأيضاً لمعرفة حالة شرايين القلب التاجية لعِلاجها في حال قرّرنا إجراء عملية جراحية للصمّام التاجي المريض.

3- تطوُّر المرض: يتطوّر المرض تبعاً للأسباب التي أدتّ إلى حدوث القُصور في الصمّام التاجي. وكما أشرنا سابقاً فإنّ الأعراض المرضية تبدأ بالظهور مع بدء علامات الخلل في عمل البطين الأيسر وإنخفاض قوته الإنقباضية. وهذا الأمر لايمكن أن نعلم متى وكيف سيحدُث عند هؤلاء المرضى. وقد يحدُث خلال المرض تدهوُر سريع في حالة المريض قد يكون ناتج إما عن إنقطاع في أحد الأربطة أو عن إلتهابات في الصمُام أو عند ظهور إضطرابات جديدة في ضربات القلب أو عن خلل في تروية عضلة القلب.

4- العلاج: وهو ينقسم إلى قُشسمين:

أ- العِلاج الدوائي: وهو عِلاج الأعراض الناتجة عن قصور عضلة القلب في الحالات الخفيفة أو المُتوسطة أو حتى في الحالات المُتقدمة. وهو يشمل الأدوية المُدرّة للبول ومُحصرات او مُضادّات بيتّا ( Beta blockers) ، ومُضادّات الكالسيوم (Calcium chanel blockers) . وهناك ادوية مُتعددة أُخرى فعّالة جداً في هذا المجال وهي من عائلات مًختلفة وقد اظهرت انها تُساعد كثيراً في علاج قُصور القلب مثل ادوية عائلة ال (ACI-inhibitors) أو (Angiotensin Receptor Blockers: ARB) وغيرها من الأدوية الحديثة لعلاج قُصور عضلة القلب والتي لا تمُرّ اشهُر دون ان يتمّ تسويق المزيد منها.

ب- العِلاج الجراحي: وهو ينقسم إلى قُسمين:
1-عمليات تغيير الصمّام بصمّام معدني أو بيولوجي (Mitral valve replacement): ويستفيد منها قطعاً المرضى اللذين يُعانون من أعراض كبيرة او مُتكرّرة. وهُم مُصنّفون في الفئات المُتقدمة جداً من تصنيف جمعية اطباء نيويورك للقلب (NYHA III, NYHA IV) حتى ولو كانت عضلة القلب عندهم طبيعية او قوّة الدفع لهذه العضلة اكثر من 60% وقُطر القلب عندهم غير مُتوسّع : اي ان قُطر البطين الإيسر الإنقباضي عندهم اقل من 45cm . وكذلك يستفيد منها المرضى اللذين تكون لديهم قوّة العضلة أقل من 60% أو المرضى اللذين يكون عندهم قُطر البُطين الأيسر الأنقباضي أكبر من 45cm أو عندما يكون هناك إرتفاع في الضغط الرئوي لأكثر من 50mmHg . كذلك هُناك مكان لامجال للجدل فيه للجراحة في حالات القُصور الحادّ في الصمّام التاجي عند المرضى الذين تكون حالتهم "غير مُستقّرة " . حيث يجب اللجؤ إلى كل الوسائل من أجل الحصول على الإستقرار ومنها التنفُّس الإصطناعي ووضع أو زراعة بالون في الشريان الأبهر لمساعدة القلب (Intra aortic balloon: IAB). وهو بالون يُزرع في الشريان الأبهر النازل بواسطة التمييل ويُساعد على زيادة قوّة ضخّ عضلة القلب ويزيد تروية الشرايين التاجية للقلب خلال فترة الإرتخاء ويكون جسرا للعبور إلى حالة الإستقرار. بحيث انه من الممكن وبعد إستقرار حالة المريض من المُمكن إجراء العملية الجراحية لتغيير الصمّام. وكذلك يستفيد من الجراحة المرضى اللذين يُعانون من إلتهابات في الصمّام (Infective endocarditis) عند حدوث الإختلاطات التالية: مثل ظهور أعراض قُصور في عضلة القلب، مُقاومة وعدم التجاوب مع المُضادّات الحيوية المُستخدمة في علاج الإلتهابات، وجود جيوب إلتهابات في العضلة(Abscess) ، جلطات مُتكررة في أعضاء مختلفة( Multiple systemic embolization) رغم العلاج المُناسب.

2- ترميم الصمّام التاجي (Mitral valve plasty or reparation) : وهي جراحات نلجئ إليها أكثر فأكثر بغاية المُحافظة على الصمّام الطبيعي وعدم تعريض المريض لمخاطر العلاج بمُضادّات التجلّط (Anticoagulation treatment) . وهي فعّالة جداً خاصة في حالة إصابة عضلة البطين الأيسر بقُصور إنقباضي مُتقدّم (Imparied left ventricule function) مع قُوّة دفع عضلية اقل من %35 . ولايجب إجراء الترميم في حالة الإلتهابات أو في حال كان سبب قصور الصمّام ناتج عن نقص في تروية العضلة أو عن الحمىّ الرثوية أو عن إنسدال في الوُريقة الأمامية للصمّام أو عن إنسدال في الوريقتين الأمامية والخلفية أو عن وجود تكلُّس مُهم في الصمام. وبشكل عام فإنّ عملية الترميم لها مُستقبل أفضل من جراحة تغيير الصمّام ويحدث خلالها تحسُّن أكبر في قُوّة عضلة القلب.

وبالنسبة للجراحة يجب معرفة أن الجراحة المُبكرة لقُصور الصمّام هي الأفضل لمُستقبل المريض وإن وجود قوّة عضلة طبيعية قبل الجراحة هي أفضل مؤشر لنتائج أفضل بعد الجراحة ولِتحسُّن حالة المريض فيما بعد. ولذلك علينا قياس قُطر الأُذين الأيسر وقوّة العضلة بشكلٍ دوري والكشف عن أي تدهور في هذين المؤشّرين. والجراحة قد تكون منطقية في حال إقتراب القُطر الأذيني الأيسر من الرقم 55cm أو حاليا 45cm أو حتى أقل من ذلك. وكذلك عند هُبوط قوّة العضلة إلى أقل من 55% وحاليا أقل من 60%. وهذا ما يؤكّد نظرية الــ 55% هنا أيضا كما في حالة الصمّام التاجي كما ذكرنا في القُسم المخصّص للحديث عن هذا المرض.