عام >عام
محمد ذياب حجازي.. مقاوم على أكثر من جبهة
محمد ذياب حجازي.. مقاوم على أكثر من جبهة ‎السبت 17 09 2016 09:35
محمد ذياب حجازي.. مقاوم على أكثر من جبهة
الراحل محمد ذياب حجازي

هيثم زعيتر

من رحم الأرض المنبسطة ما بين سهول ووديان وهضاب العز والإجلال.. من بين تلاحم البحر من القيم الشمّاء.. وُلِد سمي خير البرايا محمد "عليه الصلاة والسلام".. من بطن سميّة سيدة العالمين الزهراء فاطمة (عليها السلام)..
هو المجاهد محمد ذياب حجازي "أبو حسن" نائب رئيس "اتحاد بلديات ساحل الزهراني" ورئيس بلدية المروانية لدورتين متتاليتين، وعضو المنطقة السادسة في حركة "أمل" - إقليم الجنوب، الذي وافته المنية على عجل وهو في عز العطاء وغزارته، إثر باع طويل من العمل النضالي الاجتماعي والإنساني والبلدي على أكثر من جبهة..
"أبو حسن" الذي كان قريباً من الناس ومن شؤونهم وشجونهم، بل وهمومهم الحياتية اليومية، كان أيضاً مقاوماً من الطراز الرفيع، فهو ناضل وجابه العدو الإسرائيلي وأعوانه في عمليات عدّة، حتى أصبح صديقاً لوديان وجبال وطيور وسماءات ومغاور الجنوب على امتداد أراضيه، فكان يقود العمليات العسكرية بمواجهة العدو من ساحل بلدة المروانية إلى عمقها، وهي المعروفة بامتدادها من الأبيض المتوسّط إلى الزهراني، حيث زف "عريس الجنوب" بلال فحص (16 حزيران 1984) إيذاناً بانطلاق العمليات الاستشهادية ضد العدو الإسرائيلي..
"أبو حسن"، إبن المروانية، تلك البلدة المتوسّطة لخليط من أمواج الطوائف الإسلامية - المسيحية من سُنّة وشيعة وتنوّع مسيحي، عاش ومضى إلى جوار بارئه، وهو يعمل في سبيل التنمية للمنطقة وأهلها، دون تفريق بين ملّة أو انتماء، بل ودونما تمايز ما بين مَنْ ناصر لائحته التي انتُخِبَ على إثرها أو من ناوأها، لأنّه في الأصل كريم من نسب كريم وآل كرام، كانوا وما زالوا من أوائل المناصرين والمؤيّدين والموالين لراية الإمام المغيّب السيد موسى الصدر ولحركة "أمل" والرئيس نبيه بري..
    أما علاقته بالرئيس برّي، فهي حكاية تروى للأجيال، فـ"أبو مصطفى" الذي بنى دارته الجنوبية على أراضٍ تابعة لبلدة المروانية، كان يكنُّ له الكثير الكثير من المودة، وهذا ما سيتبيّن خلال ذكرى عاشوراء المقبلة، فالمشاركون في المجالس الحسينية التي يُقيمها الرئيس بري، سيبحثون عن طيف "أبو حسن" الذي لن يفارقهم، لأنّه كان في طليعة المستقبلين، وسيبقى ظلّه مرفرفاً بين الحضور، فهو لطالما شارك في كل المناسبات صغيرها وكبيرها، ولعل مشاركته في مهرجان الوفاء والبيعة للإمام الصدر ورفيقيه (31 آب 2016)، كانت خير دليل على صلابته، حيث آثر الخروج من المستشفى ولو بسيارة إسعاف للمشاركة في المهرجان، ومن ثم العودة إلى المستشفى..
رحل "أبو حسن" الصبور على الألم، بعدما كان عدد كبير من المبادرين إلى الاتصال به يستهجنون أنّ مَنْ يجيبهم على الهاتف، يعرب عن أسف رئيس البلدية عن الإجابة، فكان منهم مَنْ يستكبر الأمر، لكن سرعان ما تبيّن أنّ المرض العُضال هو السبب، فـ"أبو حسن" كان يصل به الأمر إلى أنْ يعجز على تلقّي أي اتصال نتيجة اختفاء نبرات الصوت بسبب المرض، ما يحول دون الكلام..
وحتى يزداد قدر امتحان الرحمن له، وخلال رحلة علاجه ظهرت بوادر حاجته لعملية في القلب، لكن عضلة قلبه ضعيفة لا تتحمّل أي عملية جراحية، فكظم ألمه "وعضَّ على جرحه"، ومتى كان الوضع الصحي يسمح له، كنت تراه يبادر إلى الاتصال بكل مَنْ كان يسأل عنه، ففي جلسة انتخابه رئيساً للبلدية (7 حزيران 2016)، كان حاضراً وقادراً على التنقّل، وعند انتخابه نائباً لرئيس "اتحاد بلديات ساحل الزهراني" (12 تموز 2016، أصرَّ على الحضور ولو على كرسي نقّال..
بين تشييع محمد حجازي في يوم وقفة ضيوف الرحمن على جبل عرفات (11 أيلول 2016)، ومرور ذكرى أسبوع على رحيله، تبيّنت المكانة المستنيرة لـ"أبو حسن" من كثافة المشاركين والمعزّين والآسفين لرحيله، وهو الذي كان يلامس مطالب البلديات، وفي ظل عجزها كان يبحث عن البدائل ويوفّرها، وحتى في يوم رحيله أعلن وزير المالية علي حسن خليل عن أنّه تم تحويل الأموال المخصّصة للبلديات من عائدات الهاتف الخليوي و"الصندوق البلدي المستقل"..

ألف رحمة ونور على فقيد المقاومة والفداء والبطولات والتنمية والإنسانية "محمد ذياب حجازي"، والعزاء لأشقائه غانم، علي ومحمود وأولاده حسن وحسام وعلي وإلى أهالي المروانية والجنوب وحركة "أمل" و كل من عرفه..