بأقلامهم >بأقلامهم
وداعاً يا رجل العلم والقانون والحريات
وداعاً يا رجل العلم والقانون والحريات ‎الجمعة 4 02 2022 13:28 المحامي حسن مطر
وداعاً يا رجل العلم والقانون والحريات

جنوبيات

غيّب الموت المفاجئ اليوم كبير من كبارنا المحامين القانونيين ومن المناضلين المدافعين عن الحريات العامة وحقوق الإنسان والحاملين أوجاع وطنه والمواطنين البروفيسور عبد السلام شعيب الذي كرّس عمره وزمنه وعلمه الغزير في خدمة نقابته، نقابة المحامين التي أحبها ووضع نفسه في خدمتها وكانت بالنسبة إليه الوطن المتلازمة مع وطنه الأول لبنان، فأنشأ مع حضرة النقيب آنذاك لجنة الدفاع عن الحريات العامة وحقوق الإنسان وتولّى رئاستها وقيادتها حتى لحظة وفاته وضم إليها ما يزيد عن أربعين محاميا من البارعين في الدفاع عن حرية الوطن والمواطن، وكان لي شرف العضوية بهذه اللجنة المميّزة منذ تأسيسها العام 1996، فضلا عن كونه عضو مؤسس لمجلس إدارة معهد حقوق الإنسان ولمعهد المحاماة في النقابة، ومثّل النقابة في مفوضية حقوق الإنسان في جنيف، وفي الهيئة الوطنية للمفقودين في لبنان واختير مستشارا للإصلاح الإداري في رئاسة الوزراء، وعضو اللجنة العليا للإصلاح الإداري ١٩٧٤ ومستشار إداري وقانوني في كل من وزارتي المال والعمل (١٩٨١-١٩٩٢) وعضو في المجلس الأعلى للتحكيم لمدة عشر سنوات، وعضو المؤسسة القانونية للدراسات والاستشارات والتحكيم وعضو اللجنة الوطنية الأكاديمية للقانون المقارن، فضلا عن مشاركته المميّزة في إعداد قانون الانتخاب مع الوزير المميّز فؤاد بطرس.


هذا قليل من كثير في أعماله وتقديماته القانونية التي ستبقي شاهدة حق على رجل من لبناننا ومن أمتنا العربية، وإذا ما انتقلنا إلى أعماله وتقديماته الوطنية والنضالية العربية ومع القضية الفلسطينية وتحريرها والى شخصيتة الفذّة والودعة بوقفته الواثقة التي تنتصب أمامنا وهيبته التي تبعث بمحدثه كل الاحترام..


ودودا، قيمة أخلاقية، وطنية، عاش مع طلابه الجامعيين ومنحهم بالإضافة إلى العلم والثقافة والتخصص الجامعي القيم الوطنية والحضارية وبناء الذات والتفكير. كان رحمه الله لا يكفّ عن العطاء في وضح النهار وأناء الليل، كانت سعادته ملازمة مكتبه طوال الوقت حتى أيام العطل حتى بزيارته السنوية إلى باريس مع رفيقة عمره لم تكن لا للسياحة ولا للراحه وإنما ساعيا للبحث العلمي والدراسات والعلوم المفيدة لوطنه ومهنته. في حياته ومسيرة كفاحه لم ينتظر معروفا من أحد، لم يتطلّع إلى منصب هنا أو هناك مقابل ما يستحقه من علم ومعرفة وجدارة.

آخر إنتاجه وعطاءاته وإصداراته كتابه بعنوان: (قانون العمل اللبناني وتحولات النظام العام الاجتماعي), أهداني نسخة منه وكان لي شرف الكتابة عن شخصه وعن الكتاب القيّم الذي نشرته مشكورة جريدة «اللواء» الغرّاء بتاريخ ١٢ تشرين الأول ٢٠٢١.

أيها المعلم، والمدرّس للجامعيين والجامعات رحيلك المفاجئ صعقنا وهزّ قلوبنا وهزّ مشاعرنا من الأعماق، انهمرت دموعنا بغزارة ولم نستطع وقفها، لفّنا الحزن والأسى..

أيها الكبير الكبير أمثالك وان رحلوا عن هذه الدنيا الفانية لكنهم باقون في وجدان وطنهم وضمير مواطنيهم وفي قلوب وعقول زملائك وأصدقائك وأهلك ومعارفك ورفاق مسيرتك، أنا وكل الزملاء، الذين كنا معك والى جانبك وبإدارتك وقيادتك بلجنة الدفاع عن الحريات العامة وحقوق الإنسان.

الوداع لك مؤقتا لكن اللقاء قريب، وكل نفس ذائقة الموت، إنّا للّه وإنّا إليه راجعون. أعمق العزاء مقرونا بالحزن والألم الشديد لأم باسل زوجتك الفاضلة والزميل العزيز خليفتك وابنك المحامي باسل والأخ العزيز رفيق نضالنا وطنيا وعروبيا وحقوق الإنسان الأخ الزميل المحامي القدير الأستاذ ماجد فياض والزميلة أمل تقي الدين والعاملين مع الدكتور شعيب بمكتبه المحامي سعيد والإدارية كلير وآل شعيب والأقرباء وكل أهالي صيدا التي أحبّها ولبيروت التي اتخذها مسكنا ولنقابة المحامين، النقيب والنقباء عظّم الله الأجر ولكم ولنا جميعا الصبر والسلوان. وكل الرحمات للفقيد الغالي د. عبد السلام شعيب عبد المنعم، أسكنه الله جنات الخلود.

المصدر : اللواء