بأقلامهم >بأقلامهم
الأزمات الحادة التي تعصف بلبنان وتداعياته على الوضع الاجتماعي
الأزمات الحادة التي تعصف بلبنان وتداعياته على الوضع الاجتماعي ‎الاثنين 13 03 2023 08:57 د.هبة المل أيوب
الأزمات الحادة التي تعصف بلبنان وتداعياته على الوضع الاجتماعي

جنوبيات

في لبنان تزداد نسب البطالة يوما بعد يوم   بسبب الأزمة الاقتصادية التي عصفت بلبنان في الآونة الأخيرة ، فانهيار العملة الوطنية دفعت بالعديد من الموظفين في الدوائر الرسمية الى ترك العمل لأسباب تعود الى ان الراتب لم يعد كافياً حتى لشراء صفيحة بنزين ، اضف الى ذلك  زيادة نسبة التضخم وارتفاع كبير للأسعار وهذا هو السبب المباشر لتآكل قيمة الأجور والمدخرات الحقيقية، مما جعل الأسر أكثر فقراً.

في الواقع يجتاح لبنان ظاهرتين اجتماعيتين مترابطتين لا يمكن فصلهما وهما  الفقر والبطالة ،  ففقدان الوظيفة وفقدان الأجرأو الدخل الشهري  يؤديان  حتما الى زيادة نسب الفقر، فنسب الفقر ارتفعت من 25% عام 2019 إلى 82% عام 2021 وفق "لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا" (الإسكوا) أي ان ثمة فقر مدقع يرمي بظلاله على الوضع الراهن.  

هنا من الملاحظ  ان  العديد من المؤسسات والشركات أقفلت  أبوابها وخرجت من دائرة  السوق الإنتاجي وبالتالي سرّحت العمال،  زد على ذلك احدثت الأزمة الاقتصادية  العديد من  النتائج أهمها: ارتفاع معدلات البطالة، وانخفاض قيمة العملة المحلية، والارتفاع الهائل في معدلات التضخم، والارتفاع الهائل في اسعار الوقود فازداد على اثرها صعوبات حياتية خاصة القدرة على  تلبية الاحتياجات الأساسية.  
هنا نتساءل هل اصبحنا امام دائرة مغلقة كل حلقاتها متعلقة بسلسلة مترابطة ومتينة ؟  أي كل حلقة تؤثر في الأخرى ؟  
لقد أدى التضخم وزيادة الأسعار الى تراجع للقدرة الشرائية وبالتالي الركود الاقتصادي وبطالة عالية ، ثمّ  تتراجع نسبة النموالإقتصادي  ويتراجع معها الى الوراء الوضع الاجتماعي والإقتصادي  ، أي ان معدلات التضخم المرتفعة تضر بالاقتصاد لكونها تضغط على ميزانيات الأفراد والأسر مما يجعلها تقلل الإنفاق الاستهلاكي.

باختصار، يؤدي ارتفاع معدلات التضخم إلى تفاقم عدم المساواة بين الطبقات الاجتماعية مما ينعكس ذلك على زيادة الفقر أكثر وأكثر كما تتدني المستوى المعيشي ولا حلول في الأفق القريب . تجدر الإشارة ان  لبنان جاء  في المرتبة الأولى عالميا على مؤشر البنك الدولي لتضخم أسعار الغذاء، متخطياً زيمبابوي التي جاءت في المرتبة الثانية، وفنزويلا في المركز الثالث. الأمر الذي يشير إلى حجم التحديات المقبلة على لبنان الذي يعاني من أزمة حادة في وضعه الإقتصادي.  

وحذر البنك الدولي في تقرير جديد له من خطورة استمرار التضخم المرتفع في معظم البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، مشيراً إلى أن حصة البلدان المرتفعة الدخل، التي تواجه تضخما مرتفعاً تشهد زيادة حادة في معدلاتها هي أيضًا. نتساءل ما الحلول ولماذا لا تتحرك الدولة لحلّ هذه الأزمة ؟  

يبدو ان التجاذب السياسي بين الزعماء في لبنان وعدم قدرة الحكومة على الاجتماع بفعل المناكفات السياسية، أدى  إلى إحباط عام في ظل سياسات اقتصادية غير مستدامة، وتدني كبير في الوضع المعيشي، اضف الى ذلك غياب لبرنامج إصلاح اقتصادي من قبل الحكومة، بالمقابل اصبح من الواضح ان المصرف المركزي غير قادر على امتصاص التضخّم، الذي أسهم هو نفسه في حدوثه بشكل أساسي، بسبب زيادة الكتلة النقدية بالليرة اللبنانية والسؤال الذي يطرح الان ما هي تداعيات قرار الحكومة بالانتقال الى «الدولرة الشاملة او الجزئية»؟
أخيراً يمكن القول ان كل من التضخم والبطالة والفقر الأثر البارز على المستوى المعيشي ، الذي بات المواطن  اللبناني يتعايش معه بكل انعكاساته السلبية على الوضع ،  فمواجهة الواقع  جعل  من لبنان دولة تعاني من تراجع اقتصادي واجتماعي مما انتج  مشاكل اجتماعية أي انه بات في اشد الحاجة الى برامج الحماية الاجتماعية التي قد تستفيد منها  كل الأسر اللبنانية ولا سيما الأسر الأشد فقرا والتي يعاني افرادها من الجوع والفقر المدقع . يبقى أخيرا الحلّ في تنفيذ سياسات اجتماعية واقتصادية من شأنها ان تحقق العدالة الاجتماعية وتحقق النمو الاقتصادي السريع مما يساعد على الإصلاح و على توفير الحد الأدنى من الأمان الاجتماعي أو العيش الكريم.

http://Hibaa79@hotmail.com

المصدر : جنوبيات