يُعتبر نهر العاصي واحداً من آخر البُقع البيئة التي لا تزال عذراءً في لبنان، ولم تمسّها يد الإنسان اللعينة، لكن على ما يبدو أن هذه العذرية ستُفض قريباً، وسيسيل دم النهر دفّاقاً إذا لم تتحرك الدولة، وأوّلها وزير البيئة المعني بالموضوع، والذي انتفض منذ أيام بسبب مخلّفات حفل المغني المصري عمرو دياب في وسط بيروت..

نهر العاصي الذي يُعتبر المتنفّس الوحيد لأهالي منطقة بعلبك الهرمل، والمقصد للعديد من أهالي العاصمة، والجنوب كما الشمال، رغم بُعد المسافة، إلا أنهم يقصدونه لتمضية الوقت في أجواء باردة، وبمارسون الرياضات المائية، بدأ يعاني بفعل السيطرة والاستحكام، وغياب رقيب الدولة وحسيبها، حتى لا نتّهم أحداً ونقول تغاضيها..

مصدر مطلع على وضع مجرى النهر، لاسيما الضفاف التي تكثر عليها المسامك والمطاعم، أخبر موقع "جنوبيات" بأنّ هذا المتنفس الصحي والسياحي الوحيد للمنطقة، يتعرّض لهجمة كبيرة من المستزلمين والمُهملين، إضافة إلى المتجاوزين لتواجد الدولة.
 
وكشف المصدر، بالصور والفيديو، أن بعض أصحاب المطاعم والمقاهي والمسامك المحيطة بالنهر، يلجأون إلى تغذية الأسماك النهرية بأحشاء الدواجن، وما يتبقى يرمونه في المجرى، الذي تحوّل إلى أشبه بمصرف قاذورات، وليس نهراً طبيعياً صحياً.

ولفت إلى أن روائح فضلات وأحشاء الدواجن تتصاعد من النهر على طول مجراه، ناهيك عن ترسّبها في العديد من البقع على جنباته، تُضاف إليها أكياس القمامة التي تتخلّص منها المطاعم عبر رميها في النهر كأسرع وأسهل وسيلة، حتى أصبحنا أمام مجزرة بيئية حقيقية بكل ما للكلمة من معنى.

أما الأهالي فمغلوب على أمرهم، بسبب غياب الدولة أو تغاضيها، إضافة إلى المحسوبيات، و"قوى الأمر الواقع" في المنطقة، سواء سياسياً أو مالياً، من خلال التعاطي مع بعض الأمنيين، على قاعدة "طعمي التم بتستحي العين"، على ما يقول المصدر.
 
ويبقى السؤال: كيف يمكن الصمت على هذه التعديات الرهيبة، لاسيما – حسب المصدر -  تمرير أصحاب المسامك يومياً، الأطنان من أمعاء الدجاج لتغذية الأسماك بها، ما كاد أن يقضي على طبيعة النهر وتحويله إلى مجرى للقمامة من جهة، أو مرتع لأسماك آكلة للحوم من جهة أخرى.

موقعنا، وبإسم الأهالي يضع ما بلغه في عُهدة وزير البيئة، علّه يتحرك ويضع حدّاً للتجاوزات التي أوشكت على تلويث النهر، وقتل واحدة من آخر البقع الطبيعية في البلد..