![]() |
الأربعاء 17 نيسان 2024 09:41 ص |
ابو جهاد ..خليل الوزير اول الرصاص اول الحجارة... انا اشتبك فانا موجود..! |
* جنوبيات
سمي بالرجل الثاني للثورة الفلسطينية ونائب القائد العام لقوات العاصفة ، وجياب الثورة الفلسطينية لشدة شباهته بجياب فيتنام ، لكننا كماعرفناه في اللحظات الاستثنائية على امتداد سنوات العمل الفدائي فهو الرجل الطاهر وقاهر الجنرالات كلل وملل واحباط ويأس وقنوط...! الرجل المهذب والمؤدب والخجول الذي يعتني بهندامه ويحرص على تمشيط شعره حتى وهو ذاهب الى معسكر التدريب واهدأ رجال الثورة على الاطلاق واكثرها وداعة ووسامة وخُلُقاً في كل ايام السنة حتى لتظنه ابعد ما يكون عن الحرب والسلاح ...!
لكنه هو نفسه صاحب الروح العاصفة التي تنتفض من داخله وسرعان ما يظهر لك بركان ثائر يمتلأ دفعاً وعنفواناً وروحاً حربية لا تهدأ ولا تكل ولا تمل بعد ثوان من جلوسك اليه..
وقد تكثفت كل هذه السمات لدى قائد الفدائيين الشعبي الذي لم يستقر له قرار ، بطريقة حولته عملياً الى غرفة عمليات متنقلة ومتحركة خاصة بعد ان تسلم ، مسؤولية القطاع الغربي - اي فلسطين المحتله - وهي التسمية التي تعود الى حقبة تواجد الفدائيين الفلسطينيين في الاردن ، حيث كانت الجبهة مع العدو مقسمةً الى ثلاثة قواطع ، هي : القطاع الشمالي والقطاع الاوسط والقطاع الجنوبي .
وقد تمثلت الفكرة المركزيه ، لديه ، في تطوير هذا المفهوم ، في ايجاد او بناء القاعده الجماهيريه القادره على تحويل هذه الفكرة(فكرة الانقلاب الاستراتيجي) بدأ ابو جهاد باعادة هيكلة تنظيم حركة فتح وانشاء أطر جديده لهذا التنظيم ، كحركة الشبيبة ( الفتحاويه ) ، التي بدأت تنشط في الثانويات والجامعات داخل الارض المحتله ، تمهيداً لاشراك كل جماهير الشعب الفلسطيني في الارض المحتله في استنزاف جيش العدو ومشاغلته والمشاغبة عليه في كل وقت وحين .
وبالتوازي مع بناء التنظيم والخلايا الفدائيه المسلحة ، داخل فلسطين المحتله ، واصل الجنرال ابو جهاد من موقعه كنائب القائد العام لقوات الثوره الفلسطينيه ، الى بناء وتطوير الوحدات القتالية الفدائيه القادره على اختراق اجراءات العدو الامنيه والوصول الى عمق تشكيلات العدو وبنيانه وتنفيذ عمليات فدائية كبرى ضد قواته ومنشآته في فلسطين المحتلة .
وقد اشتبك الفدائيون الفلسطينيون ، لمدة تزيد على الساعتين ، مع القوات الخاصه والمروحيات العسكرية الاسرائيليه ، التي كانت تساند وحدات العدو ، وتطلق النار من الجو على الفدائيين ، الذين استشهدوا جميعاً باستثناء واحد منهم وقع في الاسر بعد ان نفذت ذخيرته . اما خسائر العدو فقد وصلت الى ٧٩ قتيلاً بالاضافة الى ما يزيد على ١٢٣ جريحًا جرى اخلاؤهم جواً من ارض المعركة . حيث تم تدريب مجموعه من الضفادع البشرية الفلسطينيه على قيادة السفينه ثم تم تحميلها بمئات الاطنان من المواد المتفجره ، وذلك كي يتم تفجيرها عند دخول الباخرة الى الميناء ،بالتزامن مع قصف صاروخي ، بمائة وستين صاروخ غراد ، لمنطقة الميناء ، كان يفترض ان ينفذ من منطقة العقبه الاردنيه المقابله لايلات . لكن تآمر جهاز مخابرات احدى الدول العربيه ، المشاطئه لخليج ايلات ، ورصدها للسفينة المسلحه ونقل معلومات حولها للعدو ، قد افشل العمليه ، حيث بادر العدو الى مهاجمة السفينة على مدخل خليج العقبة واشتبكت معه المجموعه الفدائيه لحوالي الساعه والنصف . وقد اسفرت العمليه عن استشهاد المجموعه الفدائيه المكونه من تسعة مقاتلين وايقاع عدد من القتلى والجرحى بين جنود العدو .
٤)اما كبرى ثمار جهود الشهيد ابو جهاد المتواصله لاحداث انقلاب استراتيجي ، في المواجهة مع العدو الصهيوني ، فقد نضجت في شهر ١٢/١٩٨٧ ، عندما انفجرت الانتفاضه الشعبيه الفلسطينيه ، التي شاركت فيها جماهير الشعب بكل فئاتها وفي كل المناطق المحتله ، في الضفة والقطاع وحتى تلك المحتله عام ١٩٤٨ والتي خلدت في التاريخ باسم انتفاضة الحجارة .
نجح الشهيد ابو جهاد اذاً ، في جعل المواجهة مع العدو حرباً شعبية طويلة الامد ، استمرت لسنوات بعد استشهاده ، سنة ١٩٨٨ . اي انه احدث تحولات استراتيجياً عبر انخراط كل جماهير الشعب في العمل الوطني المباشر في الميدان ، وان باستخدام ابسط وسيلة اشتباك الا وهي الحجارة فقط . ٥)وبعد هذا النجاح الهائل ، في اشراك الشعب باكمله في مقاومة الاحتلال ، تابع الشهيد ابو جهاد جهوده لتعزيز الصمود الشعبي وتوجيه المزيد من الضربات العسكريه الموجعه للعدو ، تعزيزاً للشعب الثائر ولممارسة المزيد من الضغط على قادة العدو ، رئيس الوزراء اسحق شامير ووزير دفاعه اسحق رابين ورئيس الاركان الصهيوني دان شومرون ، الذين امعنوا في تكسير عظام الفلسطينيين وفشلوا في اخماد ثورتهم . وفي هذا الاطار قام الشهيد ابو جهاد ، بوضع خطة لتوجيه ضربة عسكرية استراتيجية ، للعدو الصهيوني ، من خلال مهاجمة مفاعل ديمونا النووي الاسرائيلي لتكون بمثابة قوة ضاربة في طليعة المواجهة، حيث تم تدريب وتجهيز ثلاثة من الفدائيين الفلسطينيين ونقلهم الى داخل الارض المحتله وذلك بعد عملية رصد واستطلاع دقيقه لمحيط المفاعل والاجراءات الامنيه الاسرائيليه ، المتبعه لحمايته . وفي صباح يوم ٧/٣/١٩٨٨ تمكن الفدائيون الثلاثه من الوصول الى نقطة ،تبعد سبعة كيلومترات فقط عن مركز المفاعل ، وقاموا بالسيطرة على حافلة تحمل ضباطاً وخبراء نوويون اسرائيليون وانطلقوا بها الى مركز المفاعل . وعلى الفور تم تفعيل اجراءات التأمين وقامت المروحيات العسكريه الاسرائيليه بمحاصرة الحافلة ومن على متنها بالنيران ثم قاموا بانزال قوة صهيونية مجوقلة عند نقطة اشتباك قريبة من الحافلة . وقد بادر الفدائيون قوات العدو بوابل من النيران واشتبكوا مع قوات العدو لمدة تزيد عن الساعه الى ان نفذت ذخيرتهم واستشهدوا جميعا. كانت تلك هي المرة الاولى التي يتخذ فيها قائد عربي قراراً بالهجوم المباشر على هذا الموقع الاسرائيلي الحصين والاستراتيجي وهو ما اعتبرته القيادة العسكريه والسياسيه الاسرائيليتين تجاوزا خطيراً لكل الخطوط الحمر ، الامر الذي ادى بها الى اتخاذ قرار باغتيال الشهيد خليل الوزير / ابو جهاد . وقد تم تنفيذ عملية الاغتيال في ضواحي العاصمه التونسيه ، تونس ، حيث تم انزال القوه المكلفه بعملية الاغتيال ، وبتواطؤ من اجهزة نظام الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي ، بحراً على شاطئ مدينة المرسى التونسيه التي تبعد بضع كيلومترات فقط عن مقر قيادة الشهيد ابو جهاد . تسللت تلك القوه الى الموقع وقامت باغتيال الحراس الليليين للموقع واقتحمت المبنى ، حيث يتواجد الشهيد ابو جهاد ، والذي تصدى لجنود العدو بما يملك من اسلحة نارية واشتبك معهم داخل المقر الى ان نفذت ذخيرته وارتقى شهيداً ، بعد ان أصيب بثلاثة وسبعين رصاصة معادية . علماً ان العقل الذي خطط للعملية وقادها ، من على متن طائرة قيادة عسكرية اسرائيليه ، كانت تحلق على بعد مائتي كيلو متر شمال مكان العمليه ، هو الجنرال ايهود باراك ، الذي تولى لاحقاً وزارة الدفاع ثم رئاسة الوزراء في كيان العدو . وعلى الرغم من الخسارة الكبيره التي مني بها الشعب الفلسطيني ، بشهادة مؤسس وقائد انتفاضة الحجاره الفلسطينيه ابو جهاد ، الا ان هذا الشعب قد واصل انتفاضته ، بقيادة القائد العام لقوات الثوره الفلسطينيه ، الاخ الشهيد ابو عمار ، الذي قاد هذا الشعب الى عودة جزئية الى الوطن المحتل ، لا بل الى اقامة سلطة وطنية فلسطينية ، مرغماً العدو الصهيوني على التفاوض مع قيادة هذا الشعب ، ممثلاً بمنظمة التحرير الفلسطينيه رغم ماشاب هذه العملية التفاوضية من اخطاء فادحة وعثرات ، لكن ما يكتب لابي جهاد ومقولته الثورية انا اشتبك اذن انا موجود انه هو من اسس عملياً لاعتراف العدو بوجود الشعب الفلسطيني لعقود طويلة من الزمن . الامر الذي شكل محطة هامة من محطات نضال الشعب الفلسطيني لتحرير وطنه فلسطين واقامة دولته الوطنيه المستقله على ارضه كل ارضه طال الزمان ام قصر . بعدنا طيبين قولوا الله. المصدر :جنوبيات |