السبت 19 آذار 2016 17:13 م

الرغيف الأسود!


إحتار اللبنانيون بأمرهم، بعدما سوّدت اخبار الوزراء عيشتهم وجعلت من رغيفهم الأبيض اسود. من يصدّقون عينات الوزير وائل ابو فاعور غير المطابقة للمواصفات، أم عينات الوزير الآن حكيم الذي دافع عن قمح الفقير، واصفاً ما يقوم به زميله في حكومة "المصلحة الوطنية بالحركات البهلونية في سيرك مستمرة عروضه حتى إشعار آخر.


فإذا كان ما يحذّر منه وزير الصحة صحيحاً، وإذا كان القمح الذي يتحوّل خبزاً يومياً، مسرطِناً، فهذا يعني أن جميع من هم على الأراضي اللبنانية معرضّون في شكل أو في آخر لجرثومة هذا المرض الخبيث، وبالأخص الطبقات الفقيرة، التي يدخل الخبز في أساسيات غذائها، وهي التي تعتمد عليه كمادة غذائية أساسية لإشباع العيال.

وإذا صحّ ما يقوله وزير الاقتصاد فلماذا هذه البلبلة ومن المستفيد منها، وهل يُعقل أن تكون صحة الناس التي أصبحت أخيراً مهدّدة بما تخّلفه النفايات من أمراض، مادة سجالية بين وزراء لا يتفقون في السياسة، وهل من الجائز أن يكون المواطنون فشة خلق أهل السياسة، وأن تكون صحتهم مادة لتصفية الحسابات السياسية؟

فهذا الرغيف الذي يشقى ربّ البيت لتأمينه لأولاده بالعرق المجبول بالدمّ أحياناً كثيرة أفسدته خلافات أهل السلطة، وجعلت منه مادة دسمة لسجلاتهم العلنية، وكان من المفترض أن يكون الوزراء المعنيون بهذه الكارثة، في حال ثبتت صدقيتها، وأحداً لمواجهة تداعياتها وإنعكاساتها على صحة جميع المواطنين، باعتبار أن أبن الشوف وعاليه يأكل من نفس القمح الذي يأكله أبن الأشرفيه وكسروان، وجميعهم في المصاب سواسية.

وبالحديث عن الرغيف وما فيه من مواد مسرطِنة نتذكر كتاب "الرغيف" للأديب توفيق يوسف عواد، الذي أرخّ روائياً لمأسي الحرب العالمية الأولى وللمجاعة التي قضت على نصف سكان لبنان في ذاك الزمن الأسود.

فهل سيعيدنا الوزيران ابو فاعور وحكيم، ولكل منهما حيثياته ومعطياته واسبابه، سواء في الكشف عن فساد الخبز، أو الدفاع عن نظافة القمح وخلوه من أي مادة مضرّة بصحة اللبنانيين وغير اللبنانيين، إلى ايام نشتهي فيها الخبز، أم أنهما يريداننا أن نأكل الشعير، وقد يكون حلاً منطقياً لتبرير "حمرتنا" والسكوت عمن أوصل البلاد إلى ما وصلت إليه من تعتير ومن قرف.

المصدر : جنوبيات