الجمعة 23 شباط 2018 08:30 ص

زيارة بهية الحريري إلى الرئيس بري تخلط الأوراق في دائرة صيدا - جزين


* هيثم زعيتر

بصمت هادىء تقترب مُهَل إقفال باب تقديم الترشيحات للانتخابات النيابية المقرّر إجراؤها الأحد 6 أيار 2018.
وتكثّفت الجهود والاتصالات لبلورة التحالفات وتشكيل اللوائح وفقاً لما نصَّ عليه قانون الانتخابات الذي حسم ألا مرشّحين منفردين في أي من الدوائر الـ15.
وفي دائرة صيدا – جزين التي تتمثّل بـ5 نوّاب (سنيان ومارونيان وكاثوليكي)، شهدت الأيام الماضية سلسلة من الاجتماعات، سواء ضمن المحيط الجغرافي للمنطقة أو للعاصمة بيروت، حيث أُعيد خلط العديد من الأوراق، في ظل الدراسات التي أُجريت حول أفضل الصيغ التحالفية، ومدى إمكانية تأمين الحاصل الانتخابي للائحة الذي يبلغ حوالى (13200 صوت) من المقترعين المتوقّع (66000) من الناخبين الـ(120898): قضاء صيدا (61676) وقضاء جزين (59222).
الحريري في عين التينة
وشهدت الساعات الماضية جملة من المحطات، لعل أبرزها الزيارة غير المرتقبة، التي قامت بها النائب بهية الحريري إلى رئيس مجلس النوّاب نبيه بري في عين التينة خلال استقباله النوّاب في "لقاء الأربعاء النيابي".
وشكّل اللقاء صدمة فتحت المجال أمام كل الاحتمالات في هذه الدائرة التي تطغى عليها الحسابات الدقيقة.
وكشفت مصادر مطلعة لـ"اللـواء" عن أنّ النائب الحريري وصلت قرابة الواحدة وعشر دقائق ظهراً، حيث كان "لقاء الأربعاء" في نهايته، قبل أنْ تعقد لقاءً ثنائياً مع الرئيس بري، استمر قرابة 10 دقائق.
وجرى التطرّق إلى الواقع الانتخابي، خاصة في دائرة صيدا – جزين الانتخابية، واضعة إياه بأنّه لم يتم التحالف مع "التيار الوطني الحر" في هذه الدائرة، وما زالت تدرس صيغ خوض الانتخابات فيها!
وقالت النائب الحريري بعد الزيارة: "زيارتي هذه خاصة لدولة الرئيس بري، ونحن دائماً نلتقي على الخير".
وجاءت زيارة النائب الحريري، بعد أيام من لقاء رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري ورئيس "التيار الوطني الحر" الوزير جبران باسيل في بيت الوسط، الذي جرى خلاله التطرّق إلى الواقع الانتخابي، حيث ذكرت مصادر مطلعة أنّه جرى بحث موضوع الانتخابات في دائرة صيدا – جزين، والاستماع إلى وجهات النظر التي لم تتطابق في الكثير من النقاط، وفي طليعتها الترشيح عن المقعد الماروني في عكار، الذي يتمسّك به "المستقبل" لإعادة ترشيح النائب هادي حبيش، فيما يصر "الوطني الحر" على ترشيح أحد مناصريه.
وأفضت دراسات أُجريت، إلى أنّ النائب الحريري بإمكانها بسهولة تأمين الحاصل الانتخابي للائحة ورفدها بأصوات فائضة، ما يرجّح كفّة مرشّح آخر من اللائحة.
وأظهرت الدراسات أنّ:
- التحالف مع "القوّات اللبنانية" في صيدا يشكّل عبئاً على أي حليف.
- التحالف مع "التيار الوطني الحر" بإصراره على ترشيح النائب زياد أسود عن أحد (المقعدين المارونيين) يشكّل عبئاً كبيراً على اللائحة، لأنّ مزاج الناخب الصيداوي لم ينسَ له مواقفه ضد المدينة في أكثر من محطة، ولا يمكن أنْ يتم محوها من أجل تحالف انتخابي، بل الهدف هو التركيز على المشروع السياسي وليس على الأشخاص.
- تشكيل "المستقبل" لائحة مستقلة مع إقفال المقعد السني الثاني، وترشيح ماروني  (يُتداول بإسم رئيس "جمعية المعارض" إيلي رزق) وكاثوليكي يزيد من أصواته، خاصة أنّ مَنْ يعترض على مواقف أسود، وكان يفكّر بالاستنكاف وعدم الاقتراع، أو الاقتراع للوائح أخرى، سيشكّل ذلك حافزاً له من أجل الاقتراع للائحة "التيار الأزرق"، وهذا يعطي ترشيحات باحتمالات فوز مرشّح آخر من مسيحيي جزين.
يعني ذلك أنّ ثوابت لائحة "المستقبل" هي النائب الحريري ومرشّحان مسيحيان ماروني وكاثوليكي، وفقاً لما نص عليه القانون.
وطُرِحَتْ تساؤلات: هل ستطرح النائب الحريري في لقاء آخر إمكانية التحالف مع الرئيس بري، الذي أكد منذ البداية على ثوابته "دعم تحالف أمين عام "التنظيم الشعبي الناصري" الدكتور أسامة سعد (عن أحد المقعدين السنيين في صيدا) وإبراهيم سمير عازار (عن أحد المقعدين المارونيين في جزين)، وأنّه رفض المفاضلة بين اختيار واحد منهما".
وقبل البحث بمثل هذا التحالف، فإنّه يحتاج إلى تمحيص دقيق، لأنّ له الكثير من الحسابات التي ينطبق عليها المثل الشهير "سبق السيف العذل"، علماً بأنّ أيّاً من اللائحتين يضمن تأمين الحاصل الانتخابي، أقلّه مقعد نيابي لكل منهما.
صدمة "الوطني الحر"
في المقابل، وبعدما كان "التيار الوطني الحر" يعتبر نفسه صاحب القرار الفيصل في هذه الدائرة، وبإمكانه فرض شروطه وتثبيت مرشّحيه، وطرح العروضات على الآخرين، أُصيب بصدمة متعدّدة الجوانب.
فقد انطلق "الوطني الحر" في دراسة تولّى منسّق هيئة الانتخابات فيه نسيب حاتم، إبلاغها إلى الوزير باسيل بأنّ الحاصل الانتخابي الذي يمكن أنْ يجمعه "التيار" يناهز (20000 صوت) من بين (59222 ناخباً) - ما يعني أنّ نسبة الاقتراع تفوق 60% لتصل إلى أكثر من (36000 مقترع)، وهذا أمر غير منطقي في قضاء جزين، الذي لم يتجاوز فيه الاقتراع في البلدات المسيحية بين 40-47%، ولدى الناخبين الشيعة بين 50-60% - أي أنّ العدد المتوقّع للاقتراع قد يصل إلى (29000)، وإذا ما احتسبت أصوات المقترعين الشيعة التي تفوق (7000) من أصل (12413 صوتاً)، وما تقدره "القوات اللبنانية" بأكثر من (5000)، وما يشكّله إبراهيم عازار بأكثر من (5000 صوت) مسيحي، فضلاً عن المرشّحين الآخرين، يعني أنّ أعداد المقترعين ستفوق (36000)، وهو أمر غير واقعي.
إنّ ترشيح مارونيين يعني التناحر بينهما نحو كسب "الصوت التفضيلي"، لأنّ المرشّح المنافس إبراهيم عازار يتوقّع أنْ ينال أكثر من (10000 صوت) استناداً إلى ما ناله في الانتخابات الفرعية الماضية البالغ (10792 صوتاً)،  دون أنْ يكون معه "حزب الله" وعدد من مناصري حركة "أمل"، الذين صوّتوا لصالح أبو زيد، انطلاقاً من أنّه (إبن منطقة جبل الريحان)، حيث التأثير الغالب للناخب الشيعي.
وعلى الرغم من أنّ النائب أسود كسب ود الوزير باسيل، لم يجد لدى أي طرف صيداوي الجرأة على خوض مضمار المغامرة في لائحة تضمه.
وكشفت مصادر مطلعة لـ"اللـواء" عن أنّ النائب أسود توجّه نحو الدكتور عبد الرحمن البزري، وطرح معه إمكانية التحالف، والذي لم يحسم أي صيغة بشأنه بعد.
فيما كان النائب أبو زيد قد زار الدكتور سعد، في محاولة لبحث تنسيق تحالفي، فكان جواب سعد أنّه أعلن تحالفه مع عازار، مقفلاً الطريق، وينتظر أنْ يرشّحا معهما كاثوليكياً هو الدكتور جوزيف حداد (ابن بلدة كفرحونة).
خلط صيغ التحالفات
وعلمت "اللـواء" بأنّ الوزير باسيل طلب إعادة دراسة القوّة الحقيقة للأصوات التي يتوقّع أنْ ينالها "الوطني الحر" في الانتخابات، ما يرجّح أنّه يدرس احتمالات تشكيل لائحة تضم إلى النائبين أبو زيد وأسود، جاد صوايا (عن المقعد الكاثوليكي)، ويبقى البحث عن مرشّح صيداوي، لمتطلبات المعركة.
وهذا يشير إلى أنّ اللائحة يمكن أنْ تضمن مقعداً ويبقى التنافس على كسر الأجزاء من مقعد آخر.
في غضون ذلك يُترقّب أنْ يُعقد لقاء بين الدكتور البزري و"الجماعة الإسلامية"، وهو الثالث بعد لقاءين، واحد عُقِدَ في منزل البزري والثاني في مركز "الجماعة الإسلامية"، لبحث إمكانية التحالف بين الدكتور البزري ومرشّح "الجماعة" مسؤولها السياسي في الجنوب الدكتور بسام حمود، والتنسيق للتحالف مع مرشحين من منطقة جزين.
وأبلغت مصادر مطلعة "اللـواء" بأنّ "الجماعة الإسلامية" أقفلت الطريق أمام احتمالات التحالف مع "القوّات اللبنانية"، بعدما جرى اختبار بشأن ذلك، فكانت نتيجة هذا التحالف سلبية، كما مع طرح التحالف مع "الوطني الحر" إذا ضمّت اللائحة النائب أسود، علماً بأنّ التواصل السياسي موجود بين "الجماعة الإسلامية" و"التيار البرتقالي"، لكن لم يتم التطرّق إلى الملف الانتخابي.
إلى ذلك، يتم التشاور بين رئيس "المنظّمة اللبنانية للعدالة" الدكتور علي الشيخ عمار (عن أحد المقعدين السنيين في صيدا) والنائب السابق جورج نجم (عن أحد المقعدين المارونيين في قضاء جزين) مع ترشيح كاثوليكي، يرجّح أنْ يكون الدكتور سليم أنطوان خوري.
ومع اقتراب العملية الانتخابية، تتبلور الصورة رويداً رويداً، لكن ما كانت قد أشارت إليه "اللـواء" في مواضيع سابقة حول صعوبات التحالف والأعباء التي تشكّلها بعض القوى والأسماء المتداول ترشيحها، أصبحت حقيقة واقعة وظاهرة للعيان. 
وفي ضوء هذه التطوّرات والمعطيات، هل يتّخذ "التيار البرتقالي" قراراً بعدم ترشيح النائب أسود، بعد حالة الاعتراض الصيداوي برفض التحالف معه إذا ما أصر على ترشيحه؟

المصدر :اللواء