الثلاثاء 6 آب 2019 21:55 م

اللواء إبراهيم: لا أمن فعلياً بلا استقرار سياسي وعلى السياسيين التضامن


* حاوره: العميد م. منير عقيقي وجورج شاهين

تحتفل المديرية العامة للامن العام هذا الشهر بالذكرى الرابعة والسبعين لتأسسيها. تقليد دأبت عليه منذ عام 2013 بعدما احياه اللواء عباس ابراهيم مع توليه قيادتها. على جاري العادة في المناسبة يجري اللواء ابراهيم مراجعة لانجازات المديرية ومهماتها وتطلعاتها وخططها، سنة بعد سنة، ويقرأ في التطورات والتوقعات في ضوء الدور الذي يضطلع به في الاستحقاقات الراهنة. لم تكن احداث سنة منصرمة في عمر المديرية قليلة الشأن، سواء في ما حققته تنظيميا اداراتها وانتشارها على الاراضي اللبنانية والمهمات التي اكبت عليها، كما في جبه الاحداث السياسية والامنية التي تحتاج بدورها الى اعادة تقييم للصعوبات التي يجبهها الوضع اللبناني والتحديات المحلية والاقليمية. على ان السنة الجارية تشكل استكمالا للخطة الخمسية الثانية 2018 – 2022 التي بوشر تنفيذها العام الماضي. خطة قالت بالمزيد من الانجازات توصلا الى تنفيذ ما تعهد به المدير العام كي تكون "مديرية بلا ورق" في العام 2021.
باسهاب تحدث المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم إلى "مجلة الأمن العام" عن التطورات الامنية والسياسية، وخلاصة مساعيه لتطويق ذيول احداث قبرشمون التي وقعت في 30 حزيران الماضي. تناول ايضا تحركات اللاجئين الفلسطينيين رفضا للقرارات التي اتخذتها وزارة العمل لتطبيق القوانين المرعية الاجراء في المخيمات، وما آلت اليه مساعيه لاعادة النازحين السوريين. قال اللواء ابراهيم ان الاحداث الامنية والتحركات الاخيرة لاسيما الفلسطينية "ضربت مقولة ان الامن هو امن ثابت"، مشيرا الى ان "اي اهتزاز امني هو انعكاس للاهتزاز السياسي وليس العكس". ودعا السياسيين الى "ضرورة توفير الاستقرار السياسي والتضامن المتعالي عن كل ما يسيء الى الامن في هذه المرحلة". ولاحظ ان "لا امن فعليا من دون استقرار سياسي"، واكد ان الوضع الامني "تحت السيطرة وخصوصا على مستوى مكافحة الارهاب وشبكاته، والقول ان المواجهة انتهت يضعنا في موقع المسترخي على المستوى الامني، وقد يعرض لبنان الى الاهتزاز. المواجهة مع الارهاب مستمرة يوميا. لكن لا يوجد ما يدعو الى الهلع والخوف". وتحدث عن الوساطة التي يقودها بين طرفي النزاع في احداث قبرشمون، قائلا ان الحل وفق مسارات ثلاثة امنية وقضائية وسياسية، آخرها المصالحة بعد اتمام الاجراءات الامنية والقضائية. وقال: "هذه ثلاثية اطلقها فخامة الرئيس العماد ميشال عون في الاجتماع الاخير لمجلس الدفاع الاعلى". واوضح اللواء ابراهيم ان العودة الطوعية للنازحين السوريين الى بلادهم "مستمرة بكل الوسائل المتاحة"، كاشفا ان عدد النازحين العائدين تخطى حتى اليوم 325014 عائدا وهو "انجاز كبير رغم كل الضغوط السياسية". وعبر عن امتعاضه من التحركات الاخيرة للفلسطينيين في الشارع، قائلا ان "كل ما يقوم به الفلسطينيون من تظاهرات مرفوض لما له من ارتدادات على الامن الداخلي في لبنان" واضاف: "انا ناديت منذ زمن بعيد بعدم التعاطي مع الفلسطينيين كملف امني، وقد حان الوقت للتعاطي معهم كملف سياسي وانساني. ما قام به وزير العمل كميل ابو سليمان لا يخرج عن طبيعة تطبيق القانون الموجود"

* بعد سنوات التحديث وتطوير الادارة في الامن العام وعام "الانجازات الصامتة والوحدة الوطنية"، وعدت عام 2018 بالوصول في العام 2021 الى "مديرية من دون ورق". هل بدأت المسيرة تحقيق هذا الوعد؟ وبالتالي ما هو العنوان الذي تختاره لهذا العام 2019؟ - نعمل على تحقيق الوعد الكامل الذي قطعناه وصولا الى مديرية عامة بلا ورق. باتت لدينا خمس خدمات الكترونية فعالة من اصل 12 خدمة نسعى الى توفيرها. في امكان اي مواطن يرغب في الاستفادة من اي منها اللجوء مباشرة الى شبكة الانترنت. يمكن لتقديم اي طلب الدخول الى موقع بوابة الحكومة الالكترونية "دولتي"، حيث يتم تقديم الطلبات الخاصة بالمعاملات المتاحة. وهي: ابدال رقم جواز سفر على سمة دخول، افادة مغادرة، الغاء سمة، تجديد سمة دخول، شطب عاملة في الخدمة المنزلية. عليه بعد مدة محددة على الانتهاء من تقديم الطلب يتلقى طالب الخدمة رسالة الكترونية على بريده الالكتروني (e-mail) ورسالة نصية (sms) على رقمه الخليوي تبلغه بانجازها وتوقيت استلامها من مركز الامن العام الاقليمي الذي حدّده عند تقديمه الطلب.

* انجزت المديرية بناء بعض المراكز الاقليمية الحديثة والمتطورة للامن العام وتوسعتها في الانتشار على الاراضي اللبنانية هل انتهت الخطة. وما الذي تبقى منها؟ - تقول الخطة التي رسمناها وبدأنا تنفيذها باستحداث مراكز اخرى او مراكز يجري ترميمها وتجديدها بالتعاون مع المجتمع المدني والبلديات والادارات المحلية في المناطق. منها الانتقال الى مركز حديث في مدينة جبيل، وقد انجز بالكامل من مجلس اتحاد بلديات جبيل مشكورا، وسيكون جاهزا خلال شهر تقريبا. وفي اقل من سنة سيكون لنا مركز حديث جدا في منطقة الطيونة في الضاحية الجنوبية. كما نستعد لانشاء مركز جديد في بلدة برجا في اقليم الخروب، وآخر في مدينة صور، كما اقتربت الدراسات النهائية الخاصة بمركز صيدا. لا ننسى اننا وضعنا الحجر الاساس لمركز حدودي جديد في منطقة جديدة يابوس على الممر الالزامي للاوتوستراد العربي لتقصير المسافة بيننا والمركز الحدودي السوري المقابل. في اختصار، يمكن القول ان عدد الدوائر والمراكز المستحدثة منذ العام 2012 حتى تاريخه قد بلغ 28 مركزا، وتم اعادة تأهيل ابنية 10 دوائر ومبان ومراكز، فيما بلغ عدد دوائر ومراكز الامن العام الاقليمية والحدودية 80 مركزا حتى اليوم.

* هل يعني ذلك ان الامن العام بات يغطي كل المناطق اللبنانية؟ - طبعا، وعند انجاز كل هذه المراكز لن نكون في حاجة الى مراكز اخرى. بذلك يكون الامن العام قد وصل الى كل منطقة كان يخطط للوصول اليها. 

* كانت هناك مشاريع لرفع عديد الأمن العام الى 12 الفا لمواجهة المهمات الكبيرة المطلوبة، فما الذي تأملونه في المستقبل في ظل قرار مجلس الوزراء وقف التوظيف في المؤسسات الرسمية. هل ان هذا القرار سيشمل برامج التطوع في الاجهزة العسكرية والامنية؟ - وياللاسف القرار الذي اتخذ اخيرا نتيجة الضائقة المالية التي يمر فيها البلد يسري على كل المؤسسات والوزارات الرسمية ومنها الاجهزة الامنية بما فيها الامن العام. بالتالي فان حلم الـ12000 عسكري في الامن العام بات حلما مؤجل التنفيذ الى ان تنفرج الازمة المالية وتستعيد الموازنة توازنها. لذلك يمكن القول انه امر مجمد بقرار سياسي وليس بقرار اداري من المديرية. نحن في النهاية نخضع لسلطة مجلس الوزراء الذي يجيز التطويع او لا يجيزه. كل ما هو ثابت انه موضوع مجمد لثلاث سنوات.

* هل يجوز الربط بين متطلبات الاجهزة الامنية وما يحكى عن حشر الموظفين في الادارات المدنية من باب التوظيف السياسي؟ الم يكن هناك مخرج لاستثناء القوى العسكرية والامنية؟ وكيف ستعالج مهل التسريح؟ - في رأيي كان هناك عدد غير قليل من المخارج، وما استطيع قوله ان هذا الموضوع تحديدا لم يناقش بعد مع احد، وتحديدا في ما بين الاجهزة الامنية والمسؤولين. نحن في النهاية عسكر وعلينا تدبير امورنا بما هو متيسر لنا. اما في شأن تأجيل التسريح، فنحن مضطرون الى ان نسرح من يبلغ السن القانونية من عسكريينا. بالتالي التسريح ليس له اي تأثير على هيكلية المديرية. طالما ان العسكري قد بلغ السن القانونية لا يمكن تأجيل تسريحه. 

* يحكى الكثير عن برامج مكافحة الفساد. هل يمكن القول ان الامن العام وعسكرييه محيدون عن هذه الآفة؟ - كل جهاز امني او ادارة يحتك موظفوها بالمواطنين ويتقاضى بدلات مادية لخدماته معرضة للفساد. من يتعاطى بهذا الموضوع انسان، والانسان ضعيف تجاه هذا الامر. رغم كل ذلك هناك ضوابط للحد من هذا الامر. نحن نفتخر بما قمنا به في مواجهة هذه الظاهرة. اوقفنا العديد من العسكريين ضباطا ومفتشين دينوا بتورطهم في قضايا فساد، وطرد العديد من العسكريين من عملهم، واحيل آخرون الى المحكمة العسكرية او الى المجلس التأديبي. نحن في انتظار صدور القرارات المناسبة في حقهم. ما يمكنني قوله ان المديرية منزهة عن الفساد الى حد بعيد لا يقارن بما يسود بعض الادارات، وما نفتخر به ان منسوب الفساد عندنا متدن جدا نتيجة الاجراءات التي اتخذت.

* هل يمكن القول ان بعضا من هذا الفساد المتوارث مرتبط بالمال ام بالتدخلات السياسية؟ - انه كل لا يتجزأ، وما استطيع تأكيده ان ما هو مرتبط بالتدخلات السياسية هو في المنسوب الاقل في الامن العام. لا اكشف سرا ان قلت اننا اتخذنا قرارا يعتبر اي طلب من احد ضباطنا او عناصرنا بتدخل سياسي مخالفة يتعرض طالبها الى المساءلة. موضوع التشكيلات يخضع لدراسة جدوى وحاجة، فان توفر ذلك تجري التشكيلات من دون اي مشكلة. لكن من يراجع السياسيين سيعاقب. حتى لو كانت الخدمة محقة ام لا سيعاقب ايضا. مرجعية عسكريينا هي المديرية ونحن نعتمد سياسة الباب المفتوح، ومن يرى حقه في اي ترقية او تشكيل يمكنه ان يتقدم بطلبه عبر التسلسل الاداري ليصل الى المدير العام وهو من ينظر فيه ويعالج الموضوع. * هل يمكن القول اننا عبرنا اليوم مرحلة الامن الاستباقي الى مرحلة الامن المستقر. وما هي مقوماته وظروفه؟ - لا يمكنني ان اؤكد هذه المقولة قياسا على ما يحصل الان في المخيمات الفلسطينية او ما جرى اخيرا على ارض الجنوب والجبل. هناك اهتزازات امنية متوقعة في البلد وهي تضرب مقولة ان الامن هو امن ثابت. والسبب ليس خافيا على احد، فاي اهتزاز امني هو انعكاس للاهتزاز السياسي وليس العكس. لذلك نطالب السياسيين بضرورة توفير الاستقرار السياسي والتضامن المتعالي عن كل ما يسيء الى الامن في هذه المرحلة. ليس هناك من امن فعلي من دون استقرار سياسي. حادثة قبرشمون هي اكبر دليل على كلامي. المطلوب اليوم وبكل صراحة المحافظة على الوحدة الوطنية وعلى الاستقرار السياسي بنسبة اكبر مما هو محقق حتى اليوم. الاستقرار مسؤولية السياسيين اكثر مما هي مسؤولية الامنيين، ونحن نتشارك في تحمل مسؤولية الامن والاستقرار. لكن المسؤولية تلقى على عاتقهم بنسبة اكبر، فنحن نعالج ما تسببوا به.

* هل انتهت المواجهة مع الارهاب وشبكاته؟ - الحديث عن انتهاء مثل هذه المواجهة غير موجود. ما يمكنني قوله اننا في موقع جيد ومتقدم، والوضع الى حد بعيد تحت السيطرة وخصوصا على مستوى مكافحة الارهاب وشبكاته. لذلك فان القول ان المواجهة انتهت يضعنا في موقع المسترخي على المستوى الامني، وقد يعرض لبنان الى الاهتزاز. المواجهة مع الارهاب مستمرة يوميا. لكن لا يوجد شيء يدعو الى الهلع والخوف. لم يعد للارهاب قدرة على التحرك ولا اريد ان اكون متفائلا كثيرا، فحادثة عبد الرحمن المبسوط في طرابلس خير دليل على ذلك. لا يمكن القول ان الامن تحت السيطرة ومضمون بنسبة 100%. اما احتمال انشاء خلايا وتنفيذ عمليات ارهابية، فاصبح بعيد جدا كنتيجة حتمية للتعاون ما بين الاجهزة العسكرية والامنية. يمكن اضافة شرط آخر يكمن في عدم وجود بيئة حاضنة للارهاب في لبنان. ومن اعتقد بوجودها في احدى المناطق ظهر العكس وثبت انها كانت رافضة، وتعاونت مع الاجهزة الامنية الى الحدود القصوى.

 * عهد اليك اخيرا في وساطة لتطويق ذيول احداث قبرشمون وتهدئة النفوس وايجاد الحل، أي قواسم مشتركة وعناصر حل امكنك وضعها تنفيذا لهذه المهمة؟ - كان همنا الاول والاساسي في اعقاب الحادث نزع الفتيل الامني من المنطقة. وقُسّمت هذه الوساطة الى ثلاث مراحل متدرجة أطلقها فخامة الرئيس العماد ميشال عون في الاجتماع الاخير للمجلس الاعلى للدفاع: امن فقضاء فسياسة. تحققت المرحلة الاولى وتم تنفيس الاحتقان وتقرر عدم اللجوء الى السلاح مرة ثانية. ضمنت الاتصالات مع الطرفين ذلك واستطعنا حصر ارتداداته. اما على المستوى الثاني اي القضائي، فيمكن القول ان الخلاف حول طبيعة المرجعية القضائية ما زال قائما. اما وقد احيلت القضية الى القضاء العسكري، فاننا ننتظر ما يمكن ان تؤدي اليه التحقيقات وهو ما ليس محسوما من اليوم. اما على المسار السياسي فهو آخر المراحل بعد عبور المرحلتين الامنية والقضائية نلج المرحلة الاخيرة ويمكن عندها الدعوة الى المصالحة برعاية فخامة رئيس الجمهورية. 

* هل هذا يعني ان لا مصالحة ولا لقاء سياسيا قبل صدور الاحكام؟ - يجب ان نعالج الامر اولا بما يقول به القانون، ومن بعدها تتدخل السياسة في لعبة المصالحات. الاساس في ما نقوم به ان نؤكد ان في البلد قانونا وسيطبق.

 * هل لمست تجاوبا من الاطراف المعنيين مع قواعد هذه الوساطة ومراحلها؟ - اكيد هناك تجاوب من الجميع، والخلاف يكمن في وجهات النظر المختلفة حول آلية العمل. ما نقوم به نحن يهدف الى تقريب وجهات النظر على امل توحيدها. الجميع اقر بالمسلمات، لكن لكل واحد منهم مقاربته المختلفة عن الاخر والاجماع على فكرة واحدة وحده يقود الى الحل.

 * هل تعتقد ان النزاعات بين الافرقاء حادة الى درجة انهم يحتاجون الى وسطاء؟ وهل بات السياسيون في حاجة الى من يدلهم على الحلول؟ - الخلاف بطبيعته ناجم عن تنافر في الافكار ونتيجة القطيعة بين الطرفين. دائما تؤدي هذه الخلافات الى ارتدادات امنية. لو لم تكن هذه القطيعة لكان الحل اسهل وما كنا عندها في حاجة الى وسطاء ابدا. 

* من الواضح ان التسييس يجعل كل مشكلة امنية كحادثة قبرشمون او قانونية كاجراءات وزير العمل عرضة للمساومة الى حد تجاوز القانون والقضاء عوض الاحتكام اليهما. كيف السبيل الى معالجة كل مشكلة على حدة وحصر تداعياتها كتعطيل جلسات مجلس الوزراء؟ - صحيح هذا ما قلناه ونعتقده، وكل ما نسعى اليه هو تثبيت الامن والتأكيد على ان لبنان هو دولة القانون. لذلك قلت ان لا مصالحة قبل ان يأخذ المسار القضائي مجراه الطبيعي. ولذلك كانت الوساطة مطلوبة وضرورية لتسليم المطلوبين ولدفع بالعمل القضائي قدما. ولكن في النهاية اعود واؤكد ان لا حل على حساب القانون والقضاء. هناك تجاوزات حصلت وخرق للقانون وتهديد لمقتضيات السلم الاهلي، وما حصل لا يحل بالسياسة فقط بل بالقضاء. في كل الحالات علينا ان نثبت اننا دولة قانون لا دولة تسويات. فخامة الرئيس متجاوب مع وجهة النظر هذه، وطلب اعتماد الآليات الضرورية لتنفيذها. ولذلك احيلت القضية الى القضاء العسكري، وهو مصر على ان يأخذ القانون مجراه وبعدها تصبح الامور التالية ممكنة.

 * متى سيصبح الفصل ممكنا بين المسار القضائي والامني والمسار الحكومي؟ والى متى ستبقى الحكومة اسيرة هذا الحادث؟ - هذا موضوع يُسأل عنه السياسيون. 

* ما ردك على بعض الانتقادات التي توجه إلى الادوار والمهمات التي تقوم بها على اعتبار انها خارج صلاحياتك ؟ - في لبنان يوجد مدير عام امن عام واحد وهذه صلاحياته. لو وجد مديران لهما هذه الصلاحيات كان الاثنان مضطرين للقيام بهذه المهمة. اردّ بالقول علينا ان نقرأ ونطّلع على الامور قبل ان نتكلم، نقدا او مديحا. 

* هل من احصاء رسمي لعدد النازحين العائدين الى بلادهم؟ وهل تراجعت نسبة برامج "العودة الطوعية" منذ بداية العام قياسا على العام الماضي، وما هي الاسباب؟ - بداية ارغب في القول اننا مستمرون في العمل على مستوى اعادة النازحين السوريين الى بلادهم بكل الوسائل المتاحة، سواء تلك الطوعية التي ننظمها او تلك التي يقوم بها السوريون انفسهم بمبادرة فردية، الى ان تخطى عدد العائدين من كل الفئآت حتى اليوم 325014 عائدا. لذلك نعتقد ان ما تحقق يشكل انجازا كبيرا رغم كل الضغوط السياسية التي نتعرض اليها والوضع الدولي الصعب وعدم التوصل الى اي اتفاق في الداخل تجاه شكل وكيفية تنظيم هذه العودة. العودة الطوعية لم تتراجع، هناك نوعان من العودة: العودة الطوعية التي تنظمها المديرية والتي تؤمن العودة المنظمة لمجموعات الى سوريا بوسائل نقل توفرها الدولة السورية وهناك من يعود من تلقاء نفسه. اللافت ان عدد العائدين بمبادرات تلقائية وافرادية قد طغى على العودة الطوعية والمنظمة. نحن نشرف على الاثنتين معا.

 * الا يشكل هذا الرقم مفاجأة؟ ما هو عدد الباقين في لبنان؟ - صراحة انا فوجئت ايضا بهذه الارقام وهو ما يدعوني الى التفاؤل. رغم ذلك نحن مقتنعون بأن المسار ما زال طويلا. في لبنان ما زال هناك حوالى مليون ونصف مليون نازح. 

* ما زال التشكيك قائما في نية الحكومة السورية في شأن العودة؟ ما الذي يقال للمشككين وهل من جديد على مستوى التعاون معها لتزخيم برامج العودة؟ - نسمع الكثير من هذا الكلام الذي تجاوز الاشاعات الى الاتهامات احيانا. ردنا واضح على كل من يصر عليها، اعطونا الدليل واسماء من تم التعرض اليهم او تم توقيفهم بعدما عادوا من لبنان. وياللاسف لم نتلق اي جواب ولا دليل سوى انه كلام في الدعاية السياسية. انا معني بهذا الموضوع، وانا اعلى اتصال بالحكومة السورية في شأن برامج العودة وتنظيمها ولم اشعر ولم المس ولو لمرة واحدة ايا من مظاهر التعاطي السلبي من الدولة السورية. فهي بالعكس مع مبدأ العودة. لا اكشف سرا ان قلت ان الدولة السورية اتخذت قرارات مهمة لتزخيم هذه العودة وتسهيلها. اي عائد او نازح مخالف او ملاحق في سوريا يرغب في العودة عبر المرفأ او المطار او الحدود البرية، يبلغ قبل دخوله أراضي بلاده بنوع الملاحقة والعقوبة ويخير بعد ذلك بين ان يدخل او يعود من حيث اتى. لذلك هناك العشرات من الذين عادوا الى لبنان ولم يدخلوا اراضي بلادهم لهذا السبب. وهذا يشكل بكل بساطة دليلا على ان هناك نية لتسهيل العودة. لنفترض ان احد الاشخاص المطلوبين دخل الى سوريا من دون ابلاغه بما يمكن ان يتعرض له سيتم توقيفه، وهو امر سيعيق عودة الباقين وبالعكس. عليه فقد تبين ان هذا القرار شجع النازحين على زيارة حدود بلادهم لحسم الكثير من الأمور التي تشجعهم على العودة او العكس.


* ما هي صحة الحديث عن عودة النازحين خلسة الى لبنان نتيجة عدم قدرة الاجهزة على ضبط الحدود؟ - على عكس ما يروج له البعض، هذا الموضوع في حال حصوله يعالج بحسم. في الاجتماع ما قبل الاخير للمجلس الاعلى للدفاع اتخذ قرار واضح وصريح يقول بانه لن يسمح لاي سوري يدخل الى لبنان خلسة بعد 24 نيسان 2019 وسيرحل الى بلاده فور توقيفه والقبض عليه. لدينا احصاء دقيق بمثل هذه الحالات وهو امر تقوم به الاجهزة العسكرية والامنية فور وضع اليد على مثل هذه الحالات بعد التدقيق والتحقيق في صحة ما حصل، وفي هذا تطبيق للقانون بحذافيره. 

* ما صحة المعلومات التي تُنشر في بعض الاحيان نقلا عن جمعيات حقوقية وانسانية تتحدث عن اجراءات مجحفة في حق النازحين؟ - لا اكشف سرا اني تواصلت مع احد المسؤولين الامميين في لبنان وطلبت اليه تحضير اجتماع بين مسؤولي المنظمات غير الحكومية والانسانية والحقوقية العاملة في لبنان من اجل تنظيم لقاءات عمل بينهم وبين ضباط الامن العام المكلفين ملف النزوح السوري، وبرنامج العودة المنظمة والطوعية والافرادية للاطلاع منهم على كل الامور والهواجس التي تصدر من حين الى آخر في الاعلام او في البيانات او الندوات التي تنظمها هذه المنظمات والجمعيات او تلك التي ترعاها. من الطبيعي ان يكون هناك تواصل دائم بين الامن العام وهذه المؤسسات، وانا في انتظار الرد على المبادرة.

 * كيف قرأت التحركات الأخيرة للاجئين الفلسطينيين في الشارع تحت شعار رفض قرارات وزير العمل؟ - كل ما يقوم به الفلسطينيون من تظاهرات بعيدا عن احقيته او عدم احقيته امر مرفوض لما له من ارتدادات على الامن الداخلي في لبنان. انا ناديت منذ زمن بعيد بعدم التعاطي مع الفلسطينيين كملف امني، وقد حان الوقت للتعاطي معهم كملف سياسي وانساني. ما قام به وزير العمل كميل ابو سليمان لا يخرج عن طبيعة تطبيق القانون الموجود. اذا شعر الفلسطينيون ان في الامر اجحافا او ظلما، فهو لا يحل الا بالحوار مع وزارة العمل ومن خلال لجنة فلسطينية لمعالجته بعيدا من الشارع. القرار جمد واحيل الى مجلس الوزراء لاعادة النظر فيه او لاقراره كما هو. لذلك بقاء المتظاهرين في الشارع امر غير مفهوم طالما ان مفاعيل القرار قد جمدت. المطلوب من الاخوة الفلسطينيين ان يجمدوا تحركاتهم والعودة الى اعمالهم والمشاركة في الحوار المطلوب. 

* هل تعتقد ان حراكهم بريء وبقرار فلسطيني ذاتي ام ان هناك من حرضهم لخربطة الوضع في الداخل؟ -انطلاقا من موقعي كرجل امن ليس هناك شيئ مما يجري بريئا. كل ما يحصل يحمل الشك في طياته الى حين اثبات العكس. قد يكون هذا الحراك محقا بعناوينه الكبيرة ولكن التعبير عنه بهذه الطريقة خطأ كبير جدا. يمكن استغلال مثل هذا الحراك الشعبي الكبير والضخم بهدف حرفه عن اهدافه، ولذلك نصر على الدعوة الى هذا الحوار ووقف الحراك فورا لمنع استغلاله المحتمل من الداخل والخارج معا.

 * هل تحققتم من وجود اختراق او تدخل من اطراف غير فلسطينيين في هذا الحراك؟ -قد يكون هناك اختراق فلسطيني من خارج الحدود لاستغلاله وفق اجندة سياسية معينة. لهذا نعمل على معالجة ما حصل بالحوار. كانت لي لقاءات مع رجال اعمال وعمال فلسطينيين اعتبروا انفسهم من المتضررين من هذا القانون. كما كانت لي لقاءات مع قيادات وممثلي الفصائل الفلسطينية وممثلي السلطة في محاولة للوصول الى وضع الملف على طاولة الحوار مع وزارة العمل. 

* ما هو حجم التعاون بين الأمن العام ووزارة العمل التي لا تفعل غير تطبيق القانون الموجود ولم تلجأ إلى اي اجراءات من خارجه؟ - عملنا يتكامل في جزء كبير منه مع مهمات وزراة العمل على اكثر من مستوى، ولاسيما في مجال العمالة والاجانب. هي الوزارة التي تمنحهم اجازات العمل ونحن نمنحهم الاقامات استنادا اليها. قبل قدوم العامل الى لبنان عليه ان يحظى بالموافقة المسبقة من وزارة العمل لنمنحه على اساسها تأشيرة الدخول. هذا في المطلق اما بالنسبة الى الوضع الفلسطيني فهناك ما يميزهم عن الاجانب طالما انهم غير لبنانيين. لكنهم في النهاية لاجئون وملف اللاجئين بكامل مقتضياته في عهدة الامن العام. 

* الى ما افضت مهمة الموفد الأميركي الى لبنان دايفيد ساترفيلد في زيارته المكوكية بين لبنان والأراضي المحتلة في شأن الترسيم البحري والبري وهل جمدت هذه المهمة؟ وما الذي نقله في آخر زياراته؟ - كان السيد دافيد ساترفيلد بحركته المكوكية الاخيرة يلعب دور الوسيط بين لبنان والعدو الاسرائيلي وكان ينقل وجهات النظر بين الطرفين. نحن من الاساس عندما دخلنا على هذا الملف كان هناك اصرار على ربط ترسيم البر بالبحر ولا نريد الفصل بينهما. وهو ما تمسك به لبنان الى آخر زيارات ساترفيلد الى بيروت. اما العدو الاسرائيلي يريد الفصل بينهما، وهو ما نرفضه لاننا نرى مصلحتنا في استمرار الربط بين الترسيمين. نحن لا نقدم للعدو خدمات مجانية على المستوى الامني. في المقابل فاننا نرفض سرقة ثرواتنا. قد لا تكون هذه هي العقبة الرئيسية امام استئناف المفاوضات. لكن ما استطيع قوله ان ابرز واهم العقبات يكمن في اصرارنا على الربط بين البر والبحر. الملف في عهدة دولة الرئيس نبيه بري وهو الاكثر حرصا واصرارا على حقوقنا الوطنية.

 * البعض يشكك في ان الرئيس عون والرئيس الحريري على خلاف مع الرئيس بري في قضية ربط المسارين؟ - ليس هناك من خلاف بين الرؤساء حول هذا الملف على الاطلاق. وهذا الترابط هو نتاج اجماع رئاسي. عندما كنت اتولى الاشراف على المفاوضات البرية كنا كل مرة نعيد هذا الموقف على مسامع الفريق الاسرائيلي عبر "اليونيفل". كنا واضحين عندما قلنا لا نرسم الحدود البرية على الاطلاق قبل الوصول الى حل على البحرية منها. وهذه كانت توجيهات الرؤساء وما زال هذا الموقف قائما وثابتا ومستمرا.

 * هل اثبت الموقف الاميركي انه وسيط اكثر مما هو منحاز وميال الى الموقف الاسرائيلي؟ - ما رأيناه في الموقف الاميركي يوحي بأنه احتفظ بموقف الوسيط. اي انه ينقل رسالة من لبنان او اقتراحات لبنانية للعدو ويأتى الينا بالجواب. وهذا ما قام به السيد ساترفيلد في الفترة الاخيرة قبل ان يجمد نشاطه. 

* تزامنا مع التأكيد على ضرورة وقف التهريب عبر الحدود اللبنانية – السورية، ما هي الصيغ المطروحة للامساك بالحدود؟ وما هي صحة الحديث عن 136 معبرا للتهريب؟ - ما يمكنني قوله ان الجيش والجمارك المكلفين بمكافحة التهريب على الحدود يقومان بواجباتهما على اكمل وجه. وان الحديث عن 136 معبرا للتهريب كلام غير دقيق ومضخم جدا جدا. فقد تم اقفال العديد من المعابر غير الشرعية بين البلدين سواء بعوائق طبيعية وسواتر ترابية او بوسائل مختلفة. وهو ما يمكن اثباته من عدم القدرة على تهريب النازحين السوريين في اتجاه لبنان ممن تم ترحيلهم. وهو امر يمكن التثبت منه من خلال القدرة على توقيف 95 % ممن يحاولون العودة خلسة الى لبنان قبل اعادة ترحيلهم. وفي هذا دليل على ان الحدود اصبحت تحت السيطرة. اما بالنسبة الى البضائع المهربة فضبطها اسهل، فبقدرة ابراج المراقبة على طول الحدود ان تظهر اي خلل بدقة. الحديث عن ضبط الحدود 100 % بين اي دولتين لهما حدود مشتركة في العالم ليس ممكنا. فكيف إذا كانت لدينا في لبنان حدود متداخلة مع سوريا. بعض اللبنانيين يقطنون في قرى لبنانية ضمن الحدود السورية، وهو ما يسهل على قيام منظومة اقتصادية مرتبطة بالاقتصاد السوري. هذه وقائع يجب اخذها في الاعتبار.


إلى عسكريي الأمن العام 
توجه اللواء عباس ابراهيم الى عسكريي الامن العام في العيد الـ74 للتأسيس بالآتي: "ادعو العسكريين الى المزيد من الجهد والعرق. اذا اقتضى الامر المزيد من الدم للحفاظ على هذا البلد. بلدنا هو هوية وليس فندقا، ونحن متمسكون بهذه الهوية وما يجري حولنا في دول المحيط من العراق وسوريا وفلسطين يجب ان يكون درسا وامثولة نتعلمها لنحافظ على الوطن ولا نفرط به. والى مجلتكم أتمنى المزيد من التألق لتبقى حاضرة في كل بيت ومركز للامن العام وفي كل سفارة وجامعة ومؤسسة في لبنان والعالم. وهي مهمة تلقي عليكم المزيد من المسؤوليات وانا على ثقة بانكم على اعلى قدر في هذا الرهان".

الخدمات الالكترونية التي سيتم اطلاقها قريبا 
1- افادة دخول او خروج لصاحب العلاقة شخصيا
 2- طلب صورة مصادق عليها عن جواز السفر
 3- افادة بجوازات السفر الممنوحة
 4- افادة عدم دخول للاجانب والسوريين
 5- تصحيح سمة دخول (اسم - رقم جواز السفر)
 6- الغاء معاملة
 7- طلب تصاريح دخول الى مبنى المديرية.
 يجري العمل حاليا على انجاز عملية استضافة كل هذه الخدمات الالكترونية على الموقع الرسمي للمديرية العامة للامن العام، اضافة الى اتاحة خدمات الكترونية اضافية من شأنها تسهيل امور المواطنين وتسريع انجاز معاملاتهم، لاسيما خدمة "الفيزا الالكترونية" (e-visa)، التي سيتم اطلاقها قبل نهاية العام الحالي والتي تتيح للمواطنين تقديم طلبات سمات السياحة، والعمال، والعاملات في الخدمة المنزلية، عبر الانترنت بواسطة الحواسيب او الهواتف الذكية في اي وقت ومن اي مكان، واستلام النتيجة ايضا على هواتفهم الذكية. 

المصدر :مجلة الأمن العام