الخميس 1 نيسان 2021 06:54 ص |
في مواجهة خطاب الكراهية |
* محمد السماك أطلق الأمين العام لرابطة العالم الاسلامي الدكتور محمد عبد الكريم العيسى نداءً الى مؤسسات التواصل الاجتماعي الدولية يدعوها فيه الى وقف الترويج لخطاب الكراهية الذي يستهدف الاسلام والمسلمين. في الأساس أثنى الدكتور العيسى على قرار هذه المؤسسات حجب خطاب الكراهية الذي يستهدف اليهودية واليهود. وقال ان شمولية القرار للأديان الأخرى وللمؤمنين بها، وخاصة للمسلمين، من شأنه أن يحقق الأهداف الانسانية النبيلة في مكافحة العنصرية والتمييز الديني، وفي تحقيق السلام بين الناس. وقد تجاوب مع نداء الدكتور العيسى عدد كبير من مؤسسات وشخصيات دينية وعلمية في مختلف أنحاء العالم. ولكن شركات التواصل الاجتماعي المعنية (وهي مؤسسات أميركية) لم تحرّك ساكناً حتى الآن. في عام 2013 صدر في الولايات المتحدة كتاب عنوانه : «The Islamophobia Industry»، المؤلف هو ناثان لين Nathan Lean، رئيس مركز دراسات الاسلاموفوبيا في جامعة جورج تاون (واشنطن). يتحدث الكتاب عن عمل منسق تقوم به مجموعات من : السياسيين المثقفين القادة الدينيين الاعلاميين الخبراء في التواصل الاجتماعي. تعمل هذه المجموعات كلٌ في ميدان اختصاصها وفي دائرة علاقاتها على هدف مشترك واحد. وهو شيطنة الاسلام To demonize Islam. وقبل أن تتحول عملية شيطنة الاسلام الى حرفة يقوم بها خبراء واختصاصيون وسياسيون من صيادي الفرص، كانت هذه العملية تتم من خلال هوليوود، كما أوضح ذلك جاك شاهين، المغترب اللبناني الأميركي، في دراسة موثقة حول هذا الموضوع. وبيّن كيف ان السينما الأميركية كانت دائماً تشيطن الاسلام عن طريق تصوير المسلم، والعربي تحديداً على انه : زير نساء – مسرف وفاسد – غدار وخائن – لص وكذاب – بشع ووسخ، الخ.. ليس صحيحاً ان الاسلاموفوبيا ظاهرة غربية (أوروبة – أميركية) فقط. لقد تحولت بفعل الارهاب الذي انفجر باسم الاسلام الى ظاهرة عالمية تشمل آسيا وافريقيا أيضاً. وحتى أميركا اللاتينية. وساعد في الترويج لها أجهزة التواصل الاجتماعي التي يدعوها اليوم أمين عام رابطة العالم الاسلامي الى وقف الترويج لهذا الخطاب المدمّر للعلاقات الإنسانية. لقد تضخمت ثقافة كراهية الاسلام والرهاب منه حتى انها اصبحت تشكل الأساس الذي تقوم عليه أحزاب سياسية وحتى أنظمة حكم سياسية في العديد من دول العالم. ولذلك فان تجاهل تضخم هذه الظاهرة لا يعني انها غير موجودة، ولا يقلل من خطورتها. ان تجاهلها يؤدي الى تفاقمها، الأمر الذي قد يعرّض مسلمي العالم الى ان يصبحوا هدفاً للعداء العنصري – الديني، كما حدث من قبل مع اليهود. وأقدّم على ذلك مثلاً تاريخياً من هولندة. فرئيس حزب الحرية غيرت فيلدرز الذي طالب في حملته الانتخابية بطرد المسلمين من هولندة وإقفال المساجد باعتبار ان المسلمين لا يؤمنون بالله ويشكلون خطراً على القيم الأوروبية، سبقه الى مثل هذا الموقف في عام 1630 اللاهوتي الكالفيني جيسبر فويت الذي تبوأ فيما بعد منصب عميد جامعة أولتريخ. فقد نُسب اليه قوله : « ان دين هؤلاء المهاجرين لا يقوم على الإيمان بالله. فليس لهم إله. فإذا لم نستطع تحويلهم الى المسيحية فيجب طردهم من البلاد وإعادتهم من حيث أتوا». في ذلك الوقت كان «فويت» يتحدث عن المهاجرين اليهود الذين طردوا من اسبانيا بعد سنوات من سقوط الحكم الاسلامي في الأندلس. ان ما يقوله فيلدرز اليوم عن المسلمين يعكس المنطق ذاته الذي قامت عليه أقوال سلفه فويت عن اليهود. من هنا أهمية الدعوة الى وقف الترويج لخطاب الكراهية التي أطلقها الدكتور العيسى. فالسكوت يؤدي الى تضخّم كرة الثلج والكراهية، مما يؤدي الى تدمير العلاقات الأخوية والإنسانية التي يعمل بابا الفاتيكان فرنسيس وإمام الأزهر الشيخ أحمد الطيب وأمين عام رابطة العالم الاسلامي الدكتور العيسى، على تعزيزها وتعميقها، والتي تتعاون منظمات الأمم المتحدة والأونسكو وحقوق الانسان على التأكيد عليها. فالأمين العام لرابطة العالم الاسلامي ليس مجرد زائد واحد الى المرجعيات الإسلامية الكبرى. ويستند في ذلك الى وثيقة مكة المكرّمة التي صدرت عن هؤلاء العلماء والمفكّرين، والتي تُعتبر من حيث مضامينها الفقهية فيما يتعلق بالعلاقة مع غير المسلمين، الأهمّ بعد وثيقة المدينة المنوّرة. فالوثيقة صدرت من بيت الله الحرام، وفي الأسبوع الأخير من شهر رمضان المبارك، بمشاركة علماء الأمة الاسلامية جميعاً، وهي تعطي الدكتور العيسى صفةً ودوراً استثنائييْن في الموقف الاسلامي الجامع، والتعامل مع هذا الموقف هو تعامل مع المرجعيات الاسلامية جيمعاً. وفي الوقت الذي يجري العمل على إحياء مشاعر الأخوّة بين أتباع الديانات الإبراهيمية، وفي الوقت الذي ترتفع شعارات الأخوّة الإنسانية مع كل أهل العقائد والأديان، تواصل شركات التواصل الاجتماع الترويج لخطاب الكراهية. فهل يُعقل أن يحدث ذلك بالصدفة؟. المصدر :اللواء |