الخميس 28 تموز 2016 12:13 م

دولة مخدوعة بقنبلة موقوتة


* غسان حجار

يقدّر عدد غير اللبنانيين المقيمين على الارض اللبنانية بنحو ثلاثة ملايين نسمة في مقابل اربعة ملايين لبناني، وهم يتوزعون كالآتي: مليون و700 الف لاجئ سوري مسجلين في دوائر المنظمات الاممية، منهم مليون و400 الف دخلوا لبنان ونحو 300 الف من الولادات الجديدة، اي ما معدله نحو 40 الفاً في السنة الواحدة، وهو رقم مرشح للازدياد. اضف الى ذلك ان لبنان الرسمي الذي اقفل ابوابه في وجه لاجئين جدد، فتح معابره غير الشرعية امام نحو 300 الف يدخل معظمهم بعلم، كي لا نقول بتواطؤ، امنيين وسياسيين "أسسوا" مافيات للتهريب تحظى بالحماية والتغطية اللازمتين. والى هؤلاء نحو 500 الف كانوا دخلوا بطريقة غير شرعية ومنهم مقاتلون وعمال غير مسجلين لدى اي من الجهات. ويدخل في عداد غير اللبنانيين ما يزيد على 500 الف فلسطيني يتوزعون على مخيمات لبنان التي ضاقت بهم بعدما وفدت اليها اعداد من اخوانهم في مخيمات سوريا. ولا ننسى عمالا موسميين من مصريين واثيوبيين وسري لانكيين وغيرهم من جنسيات مختلفة. ولا يدخل هؤلاء في عداد اللاجئين اذ يمكن ترحيلهم الى بلادهم في اي وقت. لكن احتسابهم يرفع العدد الى اكثر من ثلاثة ملايين اجنبي.
لا تكمن المشكلة في الاستقبال الموقت، وهو عمل انساني لا يمكن لبنان ان يتهرب منه، وهو البلد الذي اختبر المحن، وهُجِّر اهله، فلجأوا الى مناطق اخرى، واحيانا الى خارج البلاد في سوريا وقبرص، قبل ان يقصدوا المهاجر البعيدة. لكن المشكلة الحقيقية تكمن في تكرار تجربة لبنان مع الفلسطينيين الذين يعانون الامرّين بسبب تراجع موازنة المفوضية العليا للاجئين، وتالياً تدني خدماتها، بما انعكس سلباً على اوضاعهم الحياتية والمعيشية، ولاحقاً على المجتمع المضيف الذي اضطر الى خوض حروب ومواجهات مع الفصائل الفلسطينية على انواعها.
واذا كانت اعداد الفلسطينيين اقل بكثير من اعداد السوريين اللاجئين، فمعنى ذلك ان المشكلة مضاعفة، ولا يكفي ان تعمد مؤسسات دولية وعربية، الى توزيع مساعدات عينية ومالية لاغاثتهم من دون اعتماد خطة طويلة الامد، تلتزم مساعدتهم الدائمة الى ان يعودوا الى بلادهم، فلا ترمي مطالبهم في وجه الدولة اللبنانية بعد حين، وتشرط هذه المساعدة بالعودة الالزامية لا الطوعية التي تحدث عنها الامين العام للامم المتحدة بان كي - مون، محاولا امرار رسائل تنطوي على نيات سيئة في فرض التوطين تتدرج من المطالبة بتعليم اولاد اللاجئين مقدمة لادماجهم مع اقرانهم، مرورا بالسماح لهم بالعمل، ومنحهم اجازات لفتح محال ومصالح اقتصادية تجعلهم متجذرين حيث يقيمون.
واذا كان العديد من الوزراء يهللون لانهم تمكنوا من نيل حصص من المساعدات للمجتمع المضيف، فانهم وقعوا ضحية المؤسسات الدولية العاملة على خط الدمج الاجتماعي، وصفّقوا للقنبلة الموقوتة الموضوعة في اياديهم.

المصدر : جنوبيات