السبت 5 شباط 2022 20:38 م

"أبو عزيز": حارس النضال والتاريخ!


* خالد الغربي

ثمة حيرة في الحديث عن الأستاذ توفيق عسيران " أبو عزيز"، صاحب القلب الأبيض النقي والودود، رجل المثل العليا والأخلاق  والمبادىء، الذي عرجت روحه الى الرفيق الاعلى بزاد نضالي وطني وتقدمي وعروبي وفير وبعطاء انساني سخي. 

أيُ حديث عنه لن يفي الرجل حقه. وبماذا تبدأ وبماذا تنتهي؟ كيف تختصر مسيرة الرجل التسعيني الذي امضى سحابة عمره، شبابا وشمخة  ونضالا دؤوبا، وما بدّل تبديلا؟ أنكتب عن سنديانتنا العتيقة وحارس القضية والتاريخ ونضال شعبنا ؟ الحديث عنه لا يمكن فصله عن تاريخ حركة وطنية وشعبية وتيار وطني تحرري مقاوم تشكل منذ ماقبل أواسط القرن الماضي، وكان راحلنا الكبير من مؤسسيه. 

هل نستطيع ان نُعبي بحيرة في كوب ماء؟.

هذا رجلٌ نحب، وبرحيله نخسر علما من اعلام العروبة والوطنية البالغة الوضوح والصفاء، وأخاً عزيزاً ورفيق درب، ووجها حبيبا، ومثقفاً ثوريا، وكبيرا من كبار ذاك الزمن النضالي الجميل الذي كان فيه للقيم معنى ودلالة، وقائدا تقدم الصفوف، وصديقا لا حدود لصداقاته وهو الصديق الى ما لا حدود. 

لكن ! ومهما سيقال عن "ابو عزيز" هذا الرجل المتميز، لا بد من اعلان ثابتتين عن رفيق درب الشهيد معروف سعد : 

"أبو عزيز" الانسان، وماكان يمثله من صفات وشمائل انسانية قلّ نظيرها ونموذج للإخلاص ومثال الوفاء ومدرسة في الأخلاق والصدق، قلبه نبض بحب الناس وبعطاءات سخيه، وهو الرائد في العمل الاجتماعي والانساني، وأحد مؤسسي المجتمع المدني يوم كان هذا المجتمع بهوية واضحة لاتعتريها شوائب الالتباس والتمويل، وقد شرع في تأسيس العديد من الجمعيات التي تعنى بهموم المواطنين وشجونهم وبالأسرة والطفولة والامومة والتربية والصحة والبيئة.

وثانيا، "أبو عزيز" ونهجه العقائدي والسياسي، حيث اختار الناصرية فكرا ونهجا، محددا خياراته بكل الوضوح: هو في مواجهة حادة ضد الاستبداد والظلم الاجتماعي والطغمة المالية، هو حرب على الطائفية، هو مع الطبقات الشعبية الكادحة، وحق الناس في عيش كريم، ومع وطن حر سيد، وقد ناضل  يإيمان وطيد وعزيمة راسخة من اجل التقدم والحرية والعدالة الاجتماعية والعيش بكرامة انسانية، ومن اجل العروبة وفلسطين والوحدة العربية. لهذا لم يترك ساحة من ساحات النضال الوطني والمطلبي والقومي الا وجاهد فيها حق جهاد، وكلما تقدم في العمر كان اكثر شبابا وحيوية، مندفع دوما، مبادر، لا يكل ولا يهدأ، همه كرامة الانسان وتطور مجتمعه.

فاتحته، قبل مدة، برغبتي في اجراء حوار معه لتأريخ وقائع واحداث تاريخية كشاهد عليها ومشارك فيها، كان رده "لقد أودعت لدى ابنتي بعضا من مخزون الذاكرة". حوار مفترض أطاح به انتشار جائحة كورونا، حينها  كان قلِقا أكثر على مصير البلد مع انتشار ما اسماه "وباء الانتهازية والوصولية والطعن في المقاومة وسقوط الأقنعه وسطوة المتسلطين وتسلط المستبدين". 

وكم كان مثقلا بالهموم في اخر اتصال أجريته معه قبل ايام، "لقد طال زمن العار" قالها بتحسر وقلب ملتاع من مآل الأحداث.
عزيزنا "أبو عزيز"، هذا ليس رثاء .. تستحق أكثر. 

"أبو عزيز"... لترقد بسلام الى جانب الشهيد معروف سعد مع اقتراب ذكرى استشهاده...وأجزم ان أول بند على جدول اعمالك في رقادك الأبدي، اجتماع مطول معه، "بالله عليك أوصل الأمانة ..على العهد باقون" 
سلام عليك يوم ولدت.. ويوم تبعث حيا.

المصدر :جنوبيات