الأربعاء 17 آب 2022 19:17 م

جولة صغيرة في قرى فلسطين وتراثها العريق


* رامي رشيد

أشرب قهوتي الصباحية برفقة جدي لأبي " يوسف " في صباحات " برقة " الجميلة ، ومن منزل جدي نرى فلسطين كلها ، ويسألني جدي " على باب الله " ، أين العزم ؟ واجيبه عندي جولة كبيرة يا جدي اليوم ، دعاءك لي !
من " برقة " المطلة العالية نزلت لمدينة " نابلس " والتي يطلقون عليها " دمشق الصغرى " والتي يحتضنها جبل " عيبال " من جهة و من الجهة الأخرى جبل " جرزيم " ، لعلي لم أتأخر على موعدي مع شاعرنا الكبير  " إبراهيم طوقان " و شقيقته شاعرتنا " فدوى طوقان " ، وفي بهو المنزل استقبلاني وبادرت بسؤال الشاعر المبدع " كيف لك بهذا النشيد الرائع موطني وهل كان يخطر ببالك خلود النشيد ليصبح نشيداً وطنياً لدول عربية وهو يعود لثلاثينيات القرن الماضي ؟
ويا شاعرنا هل فعلاً كنت شقياً وأنت تتلقى تعليمك الجامعي في الجامعة الأمريكية ببيروت ثلاثينيات القرن الماضي ؟
وهل لي بمعرفة صراعاتك مع " عجاج نويهض " وأنتما ترأسان الإذاعة الفلسطينية في أربعينيات القرن الماضي ؟
و للعزيزة " فدوى طوقان " ألتفت وأسألها كيف تشكل الإتحاد النسائي في " نابلس " في عشرينيات القرن الماضي ؟
وهل صحيح أن شاعراً مصرياً كنت تتبادلين الرسائل معه هو  من صقل موهبتك الشعرية ؟
شكراً لكما " إبراهيم " و " فدوى " سأذهب لرؤية عمدة مدينة " نابلس " " بسام الشكعة " ، كيف أسقطت نضالاتكم روابط القرى العميلة و الإدارة المدنية بقيادة المجرم " مناحم ميلسن " ، وكيف تطايرت أرجلك الطاهرات في سماء معشوقتك " نابلس " ؟
هل سترافقني " لرام الله " و " البيرة "  فعمدة كل مدينة في انتظاري ولكنني جمعتهم معاً في منزل " كريم خلف " عمدة " رام الله " ، الصهاينة المجرمون تفتق ذهنهم الإجرامي على موضوع تطاير أرجل من لا يسير في ركابهم ! كيف للقامات العاليات أن تساير المحتل الإستعماري الإحلالي ؟
الحمدلله اطمأنت عليكما ولي موعد مع الأخ " فيصل الحسيني " في القدس عاصمة روحنا الأبدية ، كيف أنت يا أمير القدس وفارسها ؟ هل سنزور " بيت الشرق " ؟ هل سنزور قبور أبيك وأجدادك لقراءة الفاتحة على أرواحهم الطاهرة ؟
الحمدلله شفناك بخير ، أنا ذاهب " للناصرة " " توفيق زياد " ينتظرني ،
كيف يا " توفيق " صنعتم " يوم الأرض   " الخالد ١٩٧٦ م ، وكيف انتفضتم ضد مشاريع قضم الأرض ؟ وكيف كنت تتصدى بشموخ لعنصريتهم في الكنيست بصوتك المجلجل و يداك القويتان بإرادة شعبك الحر الأبي ؟
سامحني سأزور " محمود درويش " في صحيفة الإتحاد الحيفاوية فأريد سؤاله هل صحيح ما قاله لي مدرس الفلسفة في الكويت " عصام الجمل " أن تجربة محمود في فلسطين هي أغنى وأعمق من تجربته في بيروت ؟
ومن " حيفا " أنهيت جولتي في قرية " الرامة " للقاء الشاعر " سميح القاسم " وكيف رفض التجنيد لأبناء طائفته الدرزية في جيشهم الحاقد وكيف صمد ؟ والأهم كيف استطاع تأليف قصيدته الخالدة " تقدموا " ؟
تقدموا … تقدموا … فكل سماء فوقكم جهنم ( بضم الميم ) … وكل أرض تحتكم جهنم ( بضم الميم ) …
تقدموا … تقدموا …
بناقلات جندكم وراجمات حقدكم ..
وهددوا و شردوا و يتموا و هدموا
لن تكسروا أعماقنا …
لن تهزموا أشواقنا ..
نحن القضاء المبرم ( بضم الميم )
تقدموا … تقدموا …
عدت " لبرقة " متأخراً وسط قلق جدي لأبي " يوسف " !


رامي رشيد
كاتب فلسطيني مقيم في مملكة البحرين

المصدر :جنوبيات