الاثنين 12 أيلول 2022 15:07 م

"من الخطر رميها في الطبيعة أو المطامر"... كيف نتخلص من ألواح الطاقة الشمسية؟


* منير قبلان

لم يعد من المستغرب اليوم، ونحن نسير في أي من المدن والقرى اللبنانية، أن نرى أسطح المنازل وهي تمتلئ بألواح الطاقة الشمسية، فالأمر بات أشبه بظاهرة عامة، ومعظم اللبنانيين يعدّونها الخلاص الأوحد لهم في ظل انقطاع التيار الكهربائي المستمر منذ سنوات عن المنازل والمؤسسات العامة والخاصة، وسيطرة مافيا المولدات على الأسواق.

ولبنان اليوم ليس وحيداً، فمع الدعوات لتخفيض الانبعاثات والغازات الدفيئة، تبحث كثير من الدول عن مصادر طاقة صديقة للبيئة، ولا شك أن الطاقة الشمسية هي أهم هذه المصادر، لذا بدأت عشرات الدول وعلى رأسها الصين والولايات المتحدة الأميريكية بتصنيع هذه الألواح للاعتماد عليها كمصدر للطاقة المتجددة، ولتصدرها إلى دول العالم.

لكن، مع انتهاء صلاحية هذه الألواح التي تعطينا الطاقة النظيفة، أو خروجها من الخدمة، ستصبح من أكبر الملوّثات للبيئة في حال رُميت في الطبيعة ولم تُعالج بالطرق العلميّة الصحيحة، فهي تتكون من السيليكون والألمينوم والزجاج والنحاس وثلاثي فلوريد النايتروجين وسداسي فلوريد الكبريت والكادميوم والرصاص والفضة. لذا لا بد من معالجتها بالشكل الصحيح، كي لا نكون أمام كارثة بيئية حقيقية.


نفايات إلكترونية
يفتقر لبنان إلى الشركات المتخصصة في معالجة ألواح الطاقة الشمسية، وهو العاجز عن معالجة نفاياته العضوية في الأساس، ومصير هذه الألواح سيكون على الأغلب المطامر والمكبّات، مما يعني تسرب المواد المكونة لها إلى التربة وتلوثها وتالياً تسمم المياه الجوفية.

وفي هذا السيّاق، يحذّر خبير الطاقة والكهرباء الدكتور بسّام تقي، من خطورة رمي الألواح في الطبيعة، لكيلا تتسمم التربة والمياه الجوفية، ويقول لرصيف22: "نفاياتنا تُرمى في المكبّات بشكل عشوائي، فما بالك بالألواح الشمسية؟ وأنا أتوقع أن يتم تكسيرها وإعادة تصديرها إلى الخارج، لأن هذا البلد لا يوجد فيه من يقف أمام مسؤولياته ليعالج الأزمة من جذورها".

بدوره، يؤكد المتخصص في علم الطاقة وعضو الجمعيّة اللبنانية لترشيد الطاقة والبيئة البروفيسور عادل مرتضى، أن لبنان سيصبح مليئاً بالنفايات الإلكترونية نتيجة وصول كميات كبيرة جدّاً من الألواح الشمسية والبطاريات ومستلزمات أنظمة الطاقة، وفي نهاية المطاف ستصبح هذه القطع نفايات إلكترونيةً بعد انتهاء صلاحيتها، وسترمى في الحاويات ومنها إلى المطامر والمكبات، وحتماً ستتسرب موادها إلى الآبار الجوفية التي يستخدمها الناس في ري المزروعات والشرب والاحتياجات اليومية، ما سيؤدي إلى نتائج كارثية على صحتهم.

ويتراوح العمر الفعلي لهذه الألواح بحسب المختصين، بين خمس إلى عشرين عاماً، وبما أن الدول المتقدمّة بدأت باستعمال هذه الألواح عام 2000، أي أنها أصبحت في نهاية عمرها، وفي هذا السياق يشير تقي، إلى أن بعض الدول تطلب من دول العالم الثالث أن تأتي وتأخذ الألواح القديمة، فتتخلص من كلفة فكها ونقلها ومعالجتها، وبهذا تصبح الدول الفقيرة مزبلةً للنفايات الإلكترونية بعد دخول مئات الأنواع من الألواح غير الصالحة للاستعمال إلى سوقها المحلّي.
ويشير مصدر خاص لرصيف22، إلى أن بعض التجار يستقدمون الألواح المستعملة من أوروبا، ويطبعون عليها شعارات لشركات تجارية معروفة في العالم، ويبيعونها في السوق المحلّي بسعر الألواح الجديدة نفسه، من دون حسيب أو رقيب. لكن في الأيام المقبلة ستتكشف عيوبها كونها أصبحت في نهاية عمرها الافتراضي.

لا معامل مختصةً في لبنان
تعمل المعامل المتخصّصة على إعادة تدوير هذه الألواح بعد معالجتها بطريقة دقيقة جدّاً، فكل معدن موجود داخلها بحاجة إلى طريقة خاصّة للمعالجة، ويلفت تقي إلى أن هذه المواد مهمّة ويمكن استرجاعها وتنقيتها وإضافة بعض المواد إليها وتالياً إعادتها إلى الخدمة، وهي ثمينة جدّاً وأصبحت نادرةً مع الوقت. لكن هذه المعامل غير موجودة في لبنان.

بدوره، أكّد مرتضى أن لبنان يفتقر إلى شركات إعادة تدوير المواد الملوّثة، وتحدث عن تجربته في موضوع مشابه لإعادة تنقية وتدوير مواد ملوثة بمشتقات نفطية، الأمر الذي حتّم تصديرها إلى الخارج بعد أن تكفّل الاتحاد الاوروبي بأخذها ومعالجتها.

ويلفت مرتضى إلى أن هناك شركات عدة تهتم بمعالجة البطاريات، فتعيد تدويرها وتستخرج منها المعادن اللازمة وترمي القسم الأكبر من مخلفاتها في الطبيعة، وهذه مشكلة كبيرة، وبعضها يجمع البطاريات ويعيد تصديرها إلى الخارج، فالبطاريات القادمة من أوروبا تُصدَّر إلى اليونان، والقادمة من تركيا تعاد إليها، أما تلك القادمة من الصين فيعاد تصديرها إلى قبرص، ويضيف مرتضى: "إعادة تدوير البطاريات لا تكفي وحدها، فالعديد من الأجهزة التي تدخل في هذه الأنظمة وتحديداً ألواح الطاقة الشمسيّة لا تتم معالجتها".

المصدر : جنوبيات