عام >عام
أطفال محرومون من حنان أمهاتهم بسبب فراق الوالدين أو الموت
يذرفون دموع الحسرة خلف جدران المنازل المغلقة أو دور الأيتام
أطفال محرومون من حنان أمهاتهم بسبب فراق الوالدين أو الموت ‎الاثنين 20 03 2017 10:12
أطفال محرومون من حنان أمهاتهم بسبب فراق الوالدين أو الموت
هدايا الأمهات

ثريا حسن زعيتر

يطل عيدا الأم والطفل، محمّلان بالكثير الكثير من الآهات والأوجاع، تبدأ من العنف المنزلي… مروراً بالضرب والإهانات… ووصولاً إلى حرمان الأولاد من رؤية أمهاتهم، وهم في أمسّ الحاجة إلى عطفهن وحنانهن، ومن قول أحب عبارة على القلب «كل عام وأنت بخير يا أمي»…
في أحياء مدينة صيدا، يحتار أطفال كثيرون ماذا يهدونها في عيدها.. ويعيش آخرون حرماناً من حنان الأمهات، يذرفون دموع الحسرة خلف جدران المنازل المغلقة أو دور الأيتام على فراقها في هذا اليوم، إذ تعصف بالنفس الذكريات الحزينة، فيتذكّر أمه التي كان معها وبحضنها الدافىء، فلا عيد ولا أم تنتظر الهدايا والقبلات على خدّيها.. آه يا أمي ما أصعب الفراق والحرقة في القلب «فالدنيا أم» كلمات ردّدها أطفال محرومون من نداء «ماما» في ظروف صعبة وهم في أقصى الحاجة اليها..

صمت ودموع

«اللـواء» زارت «دار رعاية اليتيم» في صيدا، والتقت بأطفال أيتام حرموا من نعمة الأمومة وحنان «ست الحبايب» وكلمة «أمي»، فتحوّل عيدها من فرح إلى سهم حزن في قلوبهم..
{ بين صمت مطبق يخيّم على المكان، يجلس حسن (10 أعوام) حزيناً مكتئباً وينظر إلى السماء، ويقول: «لم أعد أرى أمي منذ افترق أبي وأمي، ووضعني أبي مع أخي الصغير في الميتم، حاولت أمي أنْ تراني أكثر من مرّة، لكن أبي كان يمنعها من رؤيتنا ويحرمني منها».
يردّد حسن هذه الكلمات، قبل أنْ ينهار بالبكاء، لم يتماسك نفسه ويضيف: «لقد اشتقت أن أنام في حضن أمي، أو أذهب معها إلى جدتي وأتجوّل معها في السوق، وأن أناديها ماما، فهذا ظلم، فكل ليلة عندما أنام أحلم بها، أريد أنْ أرى ماما، أحزن عندما أرى أمهات رفاقي يأتين ليأخذنهم، أبكي بحسرة وأتمنى أن تأتي أمي وتأخذني معها، في عيدها أهديها وردة، وأتمنى أن أعطيها قبلة على خديّها، وأقول لها اشتقتلك وبحبك كتيييييير يا ماما».

ضرب وطرد

{ أما حكاية نور (9 أعوام) الذي يبكي عليه الحجر، فلم ترحمه زوجة والده من الظلم الذي عاشه معها وحرمانه من والدته، ينفجر بالبكاء عند ذكر عيد الأم، ويقول: «أريد أن أرى أمي لقد اشتقت إليها كثيراً، انفصل أمي وأبي عن بعضهما البعض منذ سنوات، أبي تزوّج لكن زوجته «قاسية»، كانت تضربني وتأنّبني دون سبب، وتطردني إلى الشارع طوال النهار، فكنتُ أجلس في الدكان القريب من منزلنا، وأخاف أحد أنْ يأخذني أحد، ولا تقدّم لي الطعام ولا الشراب، ولا اغتسل في المنزل، كان صاحب الدكان يشفق علي، وكنت أعمل لديه ومقابل عملي يطعمني ويسقيني، فعشت حياة صعبة مريرة».
ويضيف: «لقد رأتني امرأة واهتمت بي، وهي التي أدخلتني الميتم كي أتعلّم، وعندما كنت أطالب برؤية أمي كانت تضربني زوجة أبي، وتمنعني من رؤيتها، لكن عندما أكبر سوف أراها رغماً عن الجميع، فأنا اشتقت إليها كثيراً، لا أحد في الحياة يحبّني إلا أمي، واليوم أشعر بأنّني أفضل، ففي هذا الميتم يهتمون بي، وأصبحت أحب معلماتي كثيراً لأنهن اهتممن بي، وفي «عيد الأم أريد أنْ أقول لأمي إنّي أحبها كثيراً وأشتاق لها».

فراق وذكرى

{ وحال الطفل هادي، إبن الـ7 سنوات، لا يختلف كثيراً عن غيره، فهو يعيش في «الميتم» منذ سنتين، دون أمه، يقول والبراءة في عينيه: «منذ سنتين وأنا في الميتم بعدما توفيت أمي وذهبت إلى السماء وأبي لا يملك مالاً يهتم بي، كنت لا أعرف شيئاً، وهنا الجميع يهتمون بي من النظافة للتعليم، وأيضاً كان لدي ضعف نظر، وأبي لم يكن يعلم بحالتي، أنا أتذكر أمي وكنت بقربها دائماً، لقد اشتقت إليها واشتقت أنْ أقبّلها وأمزح معها وأضحك معها، اشتقت لكل شيء، لكنّني عندما أنظر إلى السماء أراها في وجهي وأحدثها وتحدثني».
ويضيف: «منذ وفاة أمي، وفي قلبي غصة عندما أرى بعض أمهات رفاقي يقمن بإيصالهم إلى هنا، وكيف يتحدثّون عنهن وكيف أنّ الامهات يهتممن بهم، في المقابل كيف إنّ أصدقائي يحتارون ماذا يشترون لأمهاتهم من هدايا، وماذا يفعلون كي يدخلوا الفرحة إلى قلوب أمهاتهم، وفي عيد الأم أريد أن اهدي أمي أجمل هدية وهي العلم، إنني أتعلم هنا القراءة والكتابة وعندما أكبر أن سأكون انساناً مهما كي تفتخر بي.. ولكن أريد ان أقول أيضا اشتقتلك كتير يا ماما».

حقوق الأم

وبين حكايات الأطفال المختلفة، وجه شبه، إذ إنّهم فقدوا حنان أمهاتهم وهم صغار ولم يرتووا من عطفهن، ما يرفع الصوت عاليا لندعو الدولة ان تعطي المرأة ابسط حقوقها وهو احتضان الاولاد وأن يلتقين بهم في أي وقت، إنما للأسف الشديد القوانين ظالمة بحق الطفل الذي تتبناه الدولة، وأنْ تهتم به وبحق الأم باحتضان أطفالها، خصوصاً إذا كان في حالات الاجتماعية خاصة، كالصعوبات التعليمية لأطفال انفصل والديهم، وهذا يزيد من اليأس بسبب عدم توافر اجواء أسرية مريحة للاطفال، ويجعلهم يتراجعون أكثر بسبب التفكير بعدم رؤية أمهاتهم، أو التأخر العقلي وهم بحاجة إلى حنان الأم، ونتمى من القانون أن ينظر إلى الأولاد ويعطي الأم حقها في حال كانت مؤهّلة لتربية طفلها وتعليمه وحمايته.

 

 

تحتار ما تهدي أمها

 


يشتري الورود لأمه

 

 

المصدر : اللواء