بأقلامهم >بأقلامهم
"أهل الذّكر"!
"أهل الذّكر"! ‎الثلاثاء 22 04 2025 18:46 القاضي م جمال الحلو
"أهل الذّكر"!


المقصود بأهل الذّكر في المدلولَين اللغويّ والمعرفيّ هو أهل الخبرة والاختصاص.
فالعلماء يرجعون فيما لا يعرفونه من شؤون الحياة لأهل الخبرة الثّقات.
وأهل الذّكر لفظ عامّ في كلّ من يُعزى إليه علم. فهم أهل الاختصاص في كلّ فنّ.
ولذلك فإنّ الأمور التي تحتاج إلى معرفة يقينيّة يُسأل عنها أهل الذكر أصحاب الاختصاص العميق والخبرات العالية.
وقد جاء في محكم التّنزيل:
"فَاسألُوا أهلَ الذِّكْرِ إن كنتم لا تَعلمون".
وقد أتى في أقوال العارفين:
"أهل الذّكر هم أهل الاختصاص، ولو كانت في علوم الدّنيا".
وقد كان جدّي لوالدي (رحمه الله) يقول لي:
"أهل الذّكر هم أهل العلم والمفتون المعروفون من ذوي الاختصاص".
ولإعطاء مثال عن أهل الخبرة، نُورد هذه الطّرفة الظّريفة اللطيفة:
يُحكى في الزمن المعاصر، حيث الطعن في الخناصر، وقد بلغت القلوب الحناجر، أنّ بائعًا للبطّيخ (وهو مُسِنّ) وضع أمام متجره "لافتة" كُتِبَ عليها:
اشترِ بطّيخة بـ3 دولار أو اشترِ 3 بطيّخات بـ10 دولار.
مرّ شابٌّ بسيّارتِه أمام بائع البطّيخ فاستوقفته اللافتة وقرّر أن يُعلّم البائع درساً في الاقتصاد!
فاشترى الشّابّ بطّيخة واحدة، ثمّ غاب قليلًا وعاد ليشتري بطّيخة ثانية، ثمّ غاب قليلًا وعاد ليشتري بطّيخة ثالثة.
عندها التفت الشّابّ إلى بائع البطّيخ المُسنّ وقال له:
"لقد اشتريتُ منك 3 بطّيخات بـ9 دولار ولم أدفع لك 10 دولار"!
لذا لا أعتقد أنّك ضليع في التّجارة.
ابتسم له بائع البطّيخ المسنّ وقال في نفسه:
"كم غريب أمر النّاس، في كلّ مرة يشترون 3 بطّيخات بدلًا من بطّيخة واحدة، ومع ذلك لا ينفكّون يحاولون أن يعلّموني التّجارة"!
تكمن العبرة من هذه الطرفة في أن نحترم عقول الكبار أصحاب الخبرة الكافية، والمعرفة الشّافية.
وفي وطننا المغلوب على أمره حبّذا لو نستلهم العبر ممّا يحدث، فنستعين بكبار القضاة والضبّاط المتقاعدين (المخضرمين) فنستفيد من خبراتهم ممّا ينعكس إيجابًا على كلّ الصعد والمستويات، وأن نقف إلى جانبهم في حاجاتهم المادّيّة والمعنويّة.
ومثل هذه الأمور لا ينطبق حصرًا على القضاة والضبّاط المتقاعدين، بل يشمل أهل الذّكر من باقي القطاعات التي تتطلّب خبرات عالية.
لعلّ الله يُحدث بعد ذلك أمرًا…