مقالات مختارة >مقالات مختارة
حينما تتحول المدرسة إلى كابوس: من يحمي أطفالنا؟
حينما تتحول المدرسة إلى كابوس: من يحمي أطفالنا؟ ‎الأربعاء 30 04 2025 14:10
حينما تتحول المدرسة إلى كابوس: من يحمي أطفالنا؟

أحمد شكري

في وقتٍ يُفترض فيه أن تكون المدرسة بيتًا ثانيًا للطفل، وملاذًا آمنًا للتعلم والنمو، تتفجر بين الحين والآخر وقائع تهز الضمير الإنساني، وتكشف عن خلل عميق في المنظومة التعليمية والرقابية.
آخر هذه الوقائع الصادمة، قضية اعتداء جنسي على طفل لا يتجاوز التاسعة من عمره، على يد معلم طاعن في السن، تجاوز الثمانين عامًا.
قضية تُبكي الحجر. طفل صغير كان يحلم بالحروف والدفاتر، فإذا به يُسحب إلى زاوية مظلمة داخل جراج المدرسة، ليواجه يومًا بعد يوم جحيمًا نفسيًا وجسديًا لم يعرف له وصفًا. ومع كل صرخة داخلية لم يسمعها أحد، كان يدفع ثمن صمته خوفًا على عائلته من تهديدات الجناة، الذين لم يكتفوا بالإساءة، بل مارسوا الترويع والترهيب.
وراء هذا الطفل، أب مغترب يكافح لتأمين حياة كريمة لعائلته، وأم صابرة ترعى أبناءها بأمل أن تفتح لهم المدارس أبواب المستقبل. لكن الواقع المرير أن بعض المؤسسات التعليمية قد لا تكون سوى قشرة براقة تخفي داخلها إهمالًا مؤلمًا، أو تواطؤًا كارثيًا.
تلك المدرسة، ذات الرسوم المرتفعة والمظهر الرفيع، فشلت في أبسط مسؤولياتها: حماية طفل. أين الإدارة؟ أين الرقابة؟ أين النظم التي تمنع حدوث مثل هذه المآسي؟ كيف يُترك معلم في هذا العمر دون متابعة أو مراقبة، وداخل مؤسسة تعليمية يُفترض أن يكون فيها كل شيء محسوبًا ومحكومًا؟
لقد آن الأوان لأن نقف جميعًا، كمجتمع، كأولياء أمور، كإعلام، وكدولة، لنقول: كفى. لا حماية لمعتدٍ، لا صمت بعد اليوم. يجب أن يكون لكل مدرسة نظام رقابة صارم، وكاميرات مراقبة في كل زاوية، وإشراف تربوي حقيقي، وآليات شكوى آمنة وسرية.
المسؤولية لا تقع على الجناة وحدهم، بل على كل من سكت أو تهاون أو تستر.
لأن كل طفل لا يُحترم جسده وكرامته، هو جيل كامل يُهان.

المصدر : جنوبيات