صحة >صحة
أدوية التنحيف الحديثة.. نعمة أم خطر؟
أدوية التنحيف الحديثة.. نعمة أم خطر؟ ‎الخميس 8 05 2025 22:40
أدوية التنحيف الحديثة.. نعمة أم خطر؟

جنوبيات

يؤكد خبراء صحيون أهمية أدوية التنحيف الحديثة في إدارة داء السكري والمشكلات الصحية المرتبطة بالسمنة، لكنهم يحذرون من مخاطر عدم تنظيم وصفها بدقة

مع تزايد الاعتماد على أدوية التنحيف الحديثة، مثل "أوزمبيك" و"ويغوفي" (سيماغلوتيد) و"مونجارو" (تيرزيباتيد)، تشهد الساحة الطبية تحولاً جذرياً في علاج السمنة، لكن هذا التحوّل يترافق مع تحديات جديدة تتعلق بسوء الاستخدام والآثار الجانبية غير المحسوبة.
يقول أستاذ علم الوراثة في معهد "كينغز كوليدج" بلندن، البروفيسور تيم سبيكتور، لصحيفة "ذي غارديان": "الاعتماد على حساب السعرات والوعود التقليدية بفقدان الوزن مجرد خدعة، والشهية وليس الأيض هي مفتاح المعركة الحقيقية مع السمنة، وهو ما تطرحه أدوية التنحيف الحديثة. يضيف: "فشل نهج: كُل أقل وتحرّك أكثر مرات، بينما تُظهر الحقن الدوائية نتائج فعّالة على أرض الواقع". 
وينسجم هذا التحوّل مع تحذير الدكتورة إيمي ويكستيد، رئيسة قسم اضطرابات الأكل في الجمعية البريطانية لعلم النفس، في حديثها لـ"العربي الجديد"، من تنامي إساءة استخدام أدوية التنحيف القابلة للحقن، والتي تحتوي على مستقبلات ببتيد الشبيه بالغلوكاجين-1 (GLP-1)، مثل "مونجارو" و"ويغوفي" و"أوزمبيك"، من أفراد يعانون اضطرابات في الأكل، أو حتى استخدام آخرين إياها مدخلاً لظهور هذه الاضطرابات". تضيف: "نلاحظ في عياداتنا المتخصصة في اضطرابات الأكل تزايد حالات الاستخدام غير المناسب لهذه الأدوية". 

وفي سياق الحديث عن تنظيم وصف الأدوية، توضح ويكستيد أن عقار "أوزمبيك" غير مرخص حالياً في المملكة المتحدة لعلاج فقدان الوزن، بل يقتصر استخدامه على إدارة داء السكري من النوع الثاني. في المقابل، يوصي المعهد الوطني للتميز في الرعاية الصحية (NICE) بإمكانية وصف دواء "ويغوفي"، وهو الاسم التجاري الآخر لـ"سيماغلوتيد"، للبالغين الذين يعانون مشكلات صحية مرتبطة بالوزن، مثل ارتفاع ضغط الدم أو أمراض القلب، شرط أن يكون مؤشر كتلة الجسم لديهم 35 أو أكثر، أو استثنائياً ابتداءً من 30 إذا كانوا يستوفون معايير خدمات إدارة الوزن المتخصصة. أما "مونجارو" فجرى تطويره أساساً لعلاج السكري من النوع الثاني، لكنه بات يعتمد أيضاً لعلاج السمنة لدى بالغين يتجاوز مؤشر كتلة الجسم لديهم 30، أو لمن يراوح مؤشر كتلة أجسامهم بين 27 و30، ويعانون حالات صحية مرتبطة بالوزن، مثل مقدمات السكري أو اضطرابات القلب. 
وتُحذر ويكستيد من أن بعض المرضى باتوا يحصلون على هذه الأدوية خارج إطار الاستخدام الطبي المنظم، عبر منصات إلكترونية قدموا لها وصفات طبية مزيفة، وحتى في ظل غياب المؤشرات الصحية التي تستدعي تناولها. ويعاني بعض هؤلاء الأفراد اضطرابات في الأكل تدفعهم إلى السعي المفرط لفقدان الوزن، بينما يصف آخرون كيف أن التوقف عن الدواء قد ولد لديهم رغبة شديدة في الأكل القهري، ما دفعهم إلى الاستمرار في استخدامه بهدف كبح هذه الرغبات".

وتشير ويكستيد إلى أن "سوء التغذية الناتج عن الاستخدام المفرط لهذه الأدوية قد يؤدي إلى مجموعة أعراض جسدية ونفسية تشمل خللاً في الهرمونات مثل تساقط الشعر وضعف العضلات وتراجع القدرات الإدراكية وتصلب التفكير. وهي أعراض قد تُفاقم من خطورة اضطرابات الأكل. كما لفتت إلى تلقي الفريق الطبي لشكاوى من مرضى شعروا بجوع مفرط وانشغال دائم بالطعام عند التوقف عن تناول هذه الأدوية، ما جعل بعضهم يسعى إلى الحصول عليها مجدداً رغم عدم استيفائهم للمعايير الطبية المطلوبة".
ورحّبت ويكستيد بتشديد المجلس الصيدلاني العام (GPhC) الضوابط الخاصة بوصف هذه الأدوية من خلال إصداره تعليمات ملزمة للصيدليات الإلكترونية بعدم صرف أدوية إنقاص الوزن إلا بعد إجراء المريض استشارة مباشرة، والتحقق من مؤشر كتلة الجسم من خلال إجراء مقابلة مرئية وفحص شخصي، أو مراجعة السجلات الطبية المعتمدة".
ورغم النتائج الواعدة، يؤكد الخبراء أن الاستخدام الأكثر مثالية لهذه الأدوية يجب أن يكون بإشراف طبي صارم مع التركيز على أنها علاج طبي وليست مجرد وسيلة لتحقيق الرشاقة السريعة. 

وأظهرت تجربة سريرية استمرت ثلاث سنوات أن دواء "مونجارو" الذي يُلقب بـ"كينغ كونغ أدوية إنقاص الوزن"، يساعد الأشخاص على الحفاظ على فقدان الوزن فترات طويلة. وهو يحتوي على "تيرزيباتيد"، ويعمل لكبح الشهية وزيادة حساسية الأنسولين. وأظهرت النتائج أن 70% من المشاركين في التجربة السريرية استعادوا أقل من 5% من وزنهم بعد الوصول إلى أدنى مستوى لهم. وتشير هذه النتائج إلى إمكانيات واعدة لعلاجات أكثر فعّالية في المستقبل قد تغيّر وجه علاج السمنة.
وتأتي هذه النتائج في وقت أعلنت فيه هيئة معايير الإعلان أنها حذرت، بالتعاون مع هيئة تنظيم الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية والمجلس العام للأدوية، الشركات من إعلان الأدوية التي تُصرف بوصفة طبية للجمهور. ويشمل ذلك حقن إنقاص الوزن مثل "مونجارو" و"ويغوفي" و"ساكسندا". وتشمل القواعد الجديدة أيضاً حظر الإعلانات المدفوعة على منصات التواصل الاجتماعي مثل "فيسبوك" و"إنستغرام" وإعلانات المؤثرين.
ويقول خبراء إن "هذه الأدوية قد تفتح أبواباً واعدة لعلاج السمنة، لكنّ سوء استخدامها قد يحوّلها من حل طبي إلى خطر جديد في معركة الصحة العامة".

أدوية التنحيف الحديثة.. نعمة أم خطر؟