بأقلامهم >بأقلامهم
السعودية تقود..
السعودية تقود.. ‎السبت 31 05 2025 15:36 هبة بيضون
السعودية تقود..

جنوبيات

يتوجّه وفد عربي رفيع المستوى، بقيادة وزير الخارجية السعودي، إلى رام الله الأسبوع المقبل. تكتسب الزيارة المرتقبة أهمية قصوى في ظل التطورات المتسارعة التي تشهدها القضية الفلسطينية، كما أنها تجسد للدور العربي، وبالأخص، الدور السعودي المحوري والمتنامي بدعم القضية الفلسطينية، وتعزيز صمود الشعب الفلسطيني. تتزامن الزيارة مع تغيير ملحوظ في الخطاب الدولي ومواقف الدول الأوروبية تجاه القضية، حيث بات هناك إقرار أكبر بحقوق الفلسطينيين وضرورة تطبيق حل الدولتين، ما قد يشجّع الدول العربية على اتخاذ مواقف أكثر حزماً تتناسب مع هذا الزخم الدولي الجديد.
تُعد هذه الزيارة دلالة واضحة على الالتزام العربي والخليجي، وخاصة السعودي، الراسخ تجاه القضية الفلسطينية، وتأكيداً على أنّ الدول تضع القضية في صميم أولوياتها الإقليمية والدولية. يعكس مستوى تمثيل الوفد الجدّية العربية بدفع عجلة السلام وإيجاد حلول واقعية وملموسة، وبحث آليات لدفع الجهود الرامية لإقامة الدولة الفلسطينية، كما تبعث الزيارة برسالة قوية، مفادها أنّ السعودية لا تزال القوّة الدافعة والمؤثرة في الساحة العربية، والقادرة على حشد الدعم للقضايا المصيرية.
تهدف هذه الزيارة الى تجديد الدعم للسلطة الوطنية الفلسطينية سياسياً ودبلوماسياً، وربما مالياً، كما تأتي للحشد للمؤتمر الدولي المزمع عقده في نيويورك خلال حزيران برئاسة السعودية وفرنسا، ولتنسيق المواقف العربية المشتركة، وتوحيد الجهود، وبلورة رؤية عربية موحدة لتقديمها للمجتمع الدولي.
هذه الجهود المتكاملة بقيادة السعودية تهدف إلى إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي بشكل نهائي، وهو ما تؤكّد عليه الدبلوماسية السعودية التي طالما سعت وبادرت بهذا الاتجاه، كما تؤكّد الزيارة على عزلة الكيان الصهيوني.
واضح أنّ هناك ما يشير إلى أنّ الدول العربية، سواء المطبعة أو تلك التي كانت تسعى للتطبيع، تعمل على إعادة تقييم أو تعديل بالنهج، فقد تغيّرت الأولويات والمصالح، وأصبحت القضية الفلسطينية تتصدر الأجندة العربية والدولية بشكل غير مسبوق، وبالتالي، أيّ محاولة للتطبيع دون تقدّم ملموس بحل القضية الفلسطينية، تُعتبر مخاطرة سياسية كبيرة للدول العربية.
إنّ زيارة وزير الخارجية السعودي إلى رام الله، والتي هي الأولى من نوعها لمسؤول بهذا المستوى منذ 1967، تؤكّد أنّ الرياض تضع القضية الفلسطينية في صدارة أيّ مسار تطبيعي مستقبلي، كما ترغب باستعادة زمام المبادرة والضغط لإيجاد حلول للصراع، من خلال محاولة توحيد الرؤى العربية، وتقديم موقف موحد أكثر قوة.
يمكن لهذه الزيارة أن تسهم بتسريع وتيرة التغيير الإيجابي الحاصل لصالح القضية المركزية، وتقديم دفعة للمجتمع الدولي للضغط نحو حل عادل وشامل. فالثقل السياسي والدبلوماسي والاقتصادي الذي يتمتع به الدور السعودي، قادر على التأثير بمسار النقاشات الدولية، وتقديم رؤية عملية تتجاوز التنظير إلى آليات التنفيذ. لا يعني ذلك بالضرورة تراجعاً كاملاً عن فكرة التطبيع بالنسبة للدول التي وقعت اتفاقيات أبراهام، بل يمكن اعتباره تعديلاً بالشروط أو توقيتاً جديداً لهذه العملية. فقد تجد الدول المطبعة نفسها مضطرة لإظهار التزام أقوى نحو القضية الفلسطينية كشرط أساسي لاستمرار أو تطوير علاقاتها مع إسرائيل، خاصة في ظل الظروف الراهنة، حيث تؤكد الزيارة أنه لا يمكن تجاوز أو تهميش القضية الفلسطينية، ويجب أن يرتكز أي تقدّم في العلاقات الإقليمية على حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية.

المصدر : جنوبيات