لبنانيات >أخبار لبنانية
إضراب تحذيري رفضا لزيادة أسعار المحروقات وتوقّعات بارتفاع الاسعار


جنوبيات
لم يمر قرار الحكومة وضع رسوم على المحروقات بسهولة، إذ بدأت حملة عنيفة من باب أنه يُرهق المواطنين، فيما ينفذ موظفو الإدارة العامة إضراباً تحذيرياً اليوم ضمن حراك اعتراضي، بمشاركة الاتحاد العمالي العام وهيئات نقابية، بهدف «رفع الصوت عالياً ضد هذا الجحيم المعيشي والظلم الاجتماعي»، وتوسعت دائرة المواقف الرافضة لزيادة أسعار المحروقات في أوساط قطاعات الإنتاج والهيئات النقابية والعمالية على السواء، مما يشي بتصعيد أكبر للتحركات الاعتراضية خلال الأيام المقبلة.
وكتبت" الشرق الاوسط":ويظهر الرصد الأولي، لارتدادات رفع سعر مبيع البنزين بنحو 7 في المائة، والمازوت بنحو 15 في المائة، تمدّد موجة الغلاء سريعاً وبنسب مختلفة، إلى أبواب إنفاق موازية وذات صلة مباشرة، لا سيما أكلاف النقل للركاب والسلع وبدلات التزود بالكهرباء من المولدات الخاصة، فضلاً عن أرجحية تحميل فوارق الأكلاف المستجدة على السلع والخدمات في مجمل قطاعات الصناعة والزراعة والسياحة والاستهلاك، بذريعة الاعتماد على مادة المازوت بشكل أساسي، لتأمين احتياجات المؤسسات والمرافق من الطاقة.
وبمعزل عن الإشكالية القانونية، لاعتماد الزيادة الطارئة في أسعار المحروقات من دون تشريع جديد وعبر استعادة مستوياتها السعرية السارية قبل انطلاق الحكومة في بدايات فبراير الماضي، لاحظت مصادر اقتصادية ونقابية أن «استسهال» فرض ضرائب مستحدثة قانونية أو مقنعة ينذر بعودة ناشطة للتحركات الشعبية الاعتراضية، بفعل العجز القائم أساساً في مداخيل القطاعين العام والخاص على السواء، جراء انهيارات سعر الصرف، لقاء فرض سداد الرسوم والضرائب السارية بالسعر السوقي للدولار البالغ نحو 90 ألف ليرة.
ووفق ما جاء في" الاخبار"، فقد استدلّ أحد الوزراء في الحكومة على أن منهج السلطة هو نفس ما سارت عليه السلطات المتعاقبة بقوله: «بدا أن هناك اتفاقاً بين رئيس الجمهورية جوزف عون ورئيس الحكومة نواف سلام ووزير المال ياسين جابر على زيادة الضريبة على المحروقات، بل بدا كأنّ هذه الحكومة تشبه سابقاتها حين كانت القرارات تُتخذ من دون أي نقاش جدّي».
كما فشلت محاولة «القوات» نفض يدها من القرار، وسعيها إلى إلصاق الأمر بالوزيرة تمارا الزين بصفتها وزيرة الطاقة بالوكالة، بعدما أكّد رئيس الحكومة نفسه في الجلسة أن القرار نسّقه مع الوزير جو صدي، علماً أنّ القرار أُعدّ في مديرية النفط وبموافقة الوزير صدي. فيما سُجّل اعتراض وحيد من قبل وزير الصحة ركان ناصر الدين الذي عاد وتراجع عن اعتراضه بعد تدخّل رئيسَي الجمهورية والحكومة، لأن وزير المالية ياسين جابر كان قد اشترط أن يُتخذ القرار بالإجماع.
وعندما سُئل جابر عن الانعكاسات الاقتصادية والاجتماعية لهذا القرار وما إذا كانت الوزارة أعدّت دراسة جدوى، أجاب بأن الأمر لا يحتاج إلى دراسة بل قدّم عرضاً يشير فيه إلى «التحسينات» التي سيدخلها القرار على حياة اللبنانيين، إذ إنه سيخفّف من زحمة السير على الطرقات التي تعجّ بالسيارات، وسيقلّص من نزف العملات الأجنبية على استيراد المشتقات النفطية ولا سيما المحروقات. ما حصل هو أن الحكومة فرضت ضريبة على البنزين بمعدل 1.1 دولار على كل صفيحة بنزين، و1.94 دولار على كل صفيحة مازوت.
وبرّر جابر القرار بأن البنزين ضريبة سهلة التحصيل وسريعة المفعول وتخفّف من أعباء زحمة السير. لكنه أغفل أن قراراً كهذا يصيب كل الأسر بشكل مباشر، ويصيب النشاط الاقتصادي بأكثر من زاوية.
وخلافاً لكل ما تعهّدت به الحكومة، فإن القرار الكارثة، لم يأت نتيجة تخطيط استراتيجي، وليس جزءاً من الإصلاح الضريبي، بل وصل الأمر بوزير المال إلى أن ردّ على طلب وزير الصناعة جو عيسى الخوري البدء بإصلاح الجمارك، كونه يدرّ نحو مليار دولار سنوياً، بالقول: «إنه أمر يحتاج إلى وقت طويل»!
واللافت أن قراراً كهذا بفرض ضريبة على نحو 1.4 مليون أسرة بمعدل 321 دولاراً على الأسرة الواحدة سنوياً، يُقرّ من دون قانون وبمرسوم يصدر عن وزيرَي المال والطاقة، وعندما أُدرج على جدول الأعمال أخفي موضوع الزيادة الضريبية داخل بند «منح العسكريين منحاً مالية»، وكأنّ المطلوب تقديم رشوة للعسكريين (سواء في الخدمة الفعلية أو المتقاعدون منهم)، فيما المطلوب أن تدرس الحكومة سلسلة رتب ورواتب تعيد للعسكريين بعضاً مما خسروه نتيجة الانهيار النقدي والمصرفي. وكان الجميع يتوقّع أن تعود الحكومة لتناقش الاستراتيجيات الاقتصادية والسياسات الضريبية والهدف منها.
أمّا لجهة انعكاسات القرار، فإن الصناعة الوطنية ستكون من أبرز الضحايا، كونها تعتمد على المازوت لتوليد الطاقة وتشغيل المعامل التي تحتاج إلى الطاقة المكثّفة. كما أن المازوت هو أحد العناصر الأساسية في الإنتاج الزراعي، علماً أن البنزين يصيب النشاط الاقتصادي مباشرة، لأن غالبية الشركات التجارية تعتمد على نقل البضائع من منطقة إلى أخرى، ما سيؤدي حكماً إلى رفع أسعار السلع، سواء المستوردة أو المُنتجة محلياً.
على أن كارثة أكبر ستصيب السكان في غالبية الأراضي اللبنانية، نتيجة قرار أصحاب المولّدات الكهربائية رفع سعر الكيلوواط إلى حدود 55 سنتاً، علماً أن هؤلاء أصلاً لا يتقيّدون بالتسعيرة التي تحددها الحكومة. وفي ظل انعدام الرقابة، سترتفع الفاتورة الشهرية بنسبة تتجاوز 35%، علماً أنه يُرجّح تراجع التغذية حتى عبر المولّدات الكهربائية.
وكتبت" نداء الوطن" ان القصة بدأت حين طلب وزير الدفاع الزيادة، وأن المنح التي أعطيت للقطاع العام لم تلحق العسكريين.وزير المال ألحّ على واردات سريعة، وكان البنزين الأكثر إيراداً، بحجة أن سعره في لبنان أرخص من معظم الدول المجاورة. وفي رأي وزير المال، فإن انخفاض سعر البنزين عندنا دليل على تهريبه إلى سوريا، حيث يباع بسعر أغلى. وأن هذا القرار سيساعد في تخفيف زحمة السير والتلوث، وكأن النقل العام في أفضل حال!
كانت الفكرة في البداية وضع رسوم على البنزين ولكن نصّ القرار على وضع رسم على المازوت يساوي ضعف الرسم على البنزين، ما سينعكس سلباً على مولدي الكهرباء والصناعيين.
وكان أحد وزراء "القوات" قد طرح فكرة الجمارك التي يتم من خلالها التهريب وعدم الإفصاح عن السعر الحقيقي للفواتير، مما يحرم خزينة الدولة من ملايين الدولارات.
وللتذكير، إن أحد الوزراء السابقين عندما اجتمع مع سفير الصين قال له: "نحن نستورد من الصين بملياري دولار"، فأجابه السفير: "خطأ أنتم تستوردون بـ 4 مليارات". وهذا يعني أن الخزينة تخسر أكثر من 500 مليون دولار من جراء الغش في الفواتير، من خلال المعابر الشرعية وليس فقط من معابر التهريب.
كما شدد أحد وزراء "القوات" على أن الحكومة ملتزمة الإصلاح والإصلاح، يعني وضع سياسة اقتصادية قبل أي زيادة ضريبية، وإلّا نكون نكرر أخطاء الماضي.
وفي النهاية اتخذ القرار بالتوافق، ولو حصل اعتراض من وزيرين أو ثلاثة لم يكن ليتغير شيء. وفي المعلومات أن القرار لم يصدر عن وزارة الطاقة بل عن مجلس الوزراء، فوزير الطاقة كان في أميركا، ولكن وزير الصناعة جو عيسى الخوري تناقش مع الرئيس نواف سلام، خصوصاً أن القرار سيثير الصناعيين ويحد من تنافسية الصناعات اللبنانية.
وفي السياق، اعتبر نائب رئيس مجلس الوزراء السابق النائب غسان حاصباني، أن القرار الذي جاء مفاجئاً وبغياب وزير الطاقة لن يخدم الهدف الأساسي الذي طرح من أجله، وهو تمويل العسكريين. فذلك يتطلب قانون زيادة اعتماد يقر في مجلس النواب.
كما أن من الواجب تحصيل الرسوم الجمركية والضرائب الحالية قبل طرح رسوم جديدة، كما أكدنا مراراً في مجلس النواب وفي الحكومة وفي الإعلام. ويضيف حاصباني أنه حتى لو تم تحصيل الزيادات من الرسوم فإنها لا تذهب إلى الجيش، لأنها تحتاج إلى قانون في مجلس النواب لفتح اعتماد للصرف.
مصدر مطلع سأل : لماذا لم تفرض رسوم على أرباح شركات استيراد المحروقات بدلاً من فرضها على المواطنين؟ وتوقع أن هذا القرار سيزيد في أرباح الشركات.
وبحسب الأرقام التي جرى تداولها في مجلس الوزراء وخارجه، فإن التقديرات تشير إلى أن الضريبة المستحدثة على المحروقات ستجمع ما لا يقلّ عن 450 مليون دولار إذا تمّ اعتماد أرقام الاستيراد في عام 2024، عندما استورد لبنان نحو 1.77 مليون طن من البنزين (الضريبة على الطن تبلغ 76.2 دولاراً، أي ما مجموعه 132.9 مليون دولار)، كما استورد نحو 2.9 مليون طن من المازوت (الضريبة على الطن تبلغ 113 دولاراً، أي ما مجموعه 330 مليون دولار).