ثقافة وفن ومنوعات >ثقافة وفن ومنوعات
حسنات وعيوب وسائل التواصل الإجتماعي للشباب


جنوبيات
أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي جزءاً لا يتجزأ من حياة الشباب في العصر الحديث، ولا سِيما من خلال الهواتف النقّالة التي سهّلت الوصول الفوري والدائم إلى هذه الوسائل. وبقدر ما تُقدِّم هذه المنصَّات من فُرص وإيجابيات، فإنها في المُقابل تحمل الكثير من التحدّيات والسلبيات، خُصوصاً على فئة الشباب الذين ما زالوا في طَور بناء شخصياتهم وتشكيل وعيهم.
في هذا المقال، نستعرض أبرز الحسنات والعيوب المُرتبطة بوسائل التواصل الإجتماعي وتأثيرها على الشباب من خلال الهاتف النقّال، مع مُحاولة الغَوص في أبعادها النفسية والإجتماعية والتعليمية.
أولاً: حسنات وسائل التواصل الاجتماعي
أ- سهولة التواصل والتقارب الاجتماعي:
تُتيح وسائل التواصل للشباب إمكانية التواصل الفوري مع الأصدقاء والعائلة، سَواء في نفس المدينة أو في دُوَل مُختلفة، مما يُعزِّز الروابط الاجتماعية ويمنح شعوراً بالانتماء. كما تُتيح لهم بناء صداقات جديدة مع أشخاص يشاركونهم نفس الاهتمامات، مما يُعزَّز التفاعل الثقافي والانفتاح على الآخرين.
ب- الفُرَص التعليمية والتثقيفية:
تُوَفِّر هذه المَنصَّات مصادر لا حَصر لها من المعلومات والبرامج التعليمية والمُحتوى المفيد، مِمَّا يُمكِّن الشباب من تطوير مهاراتهم وتوسيع معارفهم. هناك منصات تُستخدم في تقديم الدروس المجانية والكورسات، وتبادل الخُبُرات في مختلف المجالات العلمية والمهنية.
ج- إبراز المواهب والتعبير عن الذات:
تمنح وسائل التواصل الاجتماعي الشباب فرصة عرض مواهبهم الإبداعية في مجالات مثل الكتابة، التصوير، الغناء والرسم، مما يساعدهم على بناء ثقة بأنفسهم وتوسيع قاعدة جمهورهم، بل أصبحت هذه المنصات أداة فعّالة للانتقال من الهواية إلى الاحتراف في بعض الأحيان.
د– إتاحة فرص للعمل والتسويق الشخصي:
يستخدم العديد من الشباب المنصات كوسيلة للترويج لمشاريعهم أو مهاراتهم، مما يُساعدهم على بناء شبكات مهنية وفتح آفاق للعمل الحُر أو العمل عن بُعد. كذلك تُعدّ هذه الوسائل منصة فعَّالة للتعلُّم من تجارب الآخرين والانخراط في مبادرات شبابية ومجتمعية مفيدة.
ثانياً: عيوب وسائل التواصل الاجتماعي
أ- الإدمان وضياع الوقت:
يقضي بعض الشباب ساعات طويلة يومياً على الهاتف النقال يتنقلون بين التطبيقات دون هدف واضح، مما يؤدي إلى إهدار الوقت وتأخّر في الدراسة أو العمل. كما أن هذا الاستخدام المُفرط قد يُؤدي إلى ضعف القدرة على التركيز والإنتاجية.
ب- العُزلة الاجتماعية:
رغم سهولة التواصل، إلّا أن الإفراط في استخدام وسائل التواصل قد يُؤدي إلى العزلة الحقيقية والابتعاد عن التفاعل الواقعي مع الأسرة والمجتمع. إذ قد يكتفي الشاب بالتواصل الافتراضي ويَشعر بالحرج أو الانزعاج من التفاعل المباشر.
ج- المقارنة والضغط النفسي:
يعاني بعض الشباب من الشعور بالنقص أو القلق نتيجة مقارنة حياتهم بما يرونه على وسائل التواصل من مظاهر حياة مثالية ومُزيفة في كثير من الأحيان، وقد يؤدي ذلك إلى اضطرابات في تقدير الذات ومشاكل في الصحة النفسية.
د- المخاطر الأخلاقية والأمنية:
يتعرض بعض المستخدمين لمحتوى غير لائق أو للتنمّر الإلكتروني أو حتى لعمليات اختراق وسرقة للبيانات الشخصية، مِمَّا يُهدّد خصوصيتهم وسلامتهم النفسية. كما أن الاستخدام الخاطئ قد يقود إلى الانجرار خلف محتوى ضار أخلاقياً أو فكرياً.
ثالثاً: التحدّيات التربوية والمجتمعية
يُشَكِّل الاستخدام المفرط وغير المنضبط للتكنولوجيا تحدّياً حقيقياً أمام المربّين وأولياء الأمور. فالشباب في هذه المرحلة غالباً ما يتأثرون بسرعة بالمؤثرات الخارجية ويبحثون عن الانتماء والقبول، مِمَّا يجعلهم عُرضة للتأثيرات السلبية أكثر من غيرهم. وهنا يبرز دور المدرسة والأسرة في بناء وعيهم وتقديم البدائل الصحية لهم.
رابعاً: توصيات ومقترحات
أ- ضرورة التوازن:
من المهم أن يتعلّم الشباب التوازن بين استخدام الهاتف النقال ووسائل التواصل وبين حياتهم الواقعية من خلال وضع أوقات محددة للاستخدام، وتخصيص وقت للأسرة والنشاطات البدنية والاجتماعية.
ب- التوعية الرقمية:
يجب أن تُدرّس في المدارس مبادئ الاستخدام الآمن والمسؤول للتكنولوجيا، وتشجيع النقاش حول القيم الأخلاقية المتعلقة بالمحتوى الرقمي.
ج- الدعم الأسري والتوجيه:
الأسرة تلعب دوراً أساسياً في مراقبة استخدام الأبناء للتكنولوجيا وتوجيههم نحو المحتوى المفيد، مع فتح باب الحوار والنقاش معهم باستمرار.
الخاتمة
وسائل التواصل الاجتماعي، رغم ما تحمله من فرص هائلة للشباب، تحتاج إلى وعي ومسؤولية في استخدامها. فالهاتف النقال أداة يُمكن أن تكون نعمة إذا أُحسن استخدامها، ونقمة إذا أُهملت ضوابطها.
ومن هنا، تقع المسؤولية على الشباب أنفسهم وعلى أسرهم ومجتمعهم في تحقيق التوازن المطلوب لضمان بيئة رقمية صحية وآمنة ومثمرة، تُسهم في بناء جيل واثق، مثقف، ومشارك بفاعلية في مجتمعه.