بينما كان اللبنانيون وأصحاب الودائع ينتظرون بفارغ الصبر وضع الحلول الموعودة لمشكلة ودائعهم المالية المحتجزة في المصارف منذ الانهيار المالي في تشرين الأول عام 2019، ولاسيما بعدما سمعوه تكراراً ومراراً في خطاب القسم والبيان الوزاري، وعلى لسان كل المسؤولين بهذا الخصوص، فوجئوا بعد تأجيل البت بمشروعي قانون إصلاح المصارف والانتظام المالي، المرتبطين بإيجاد الحلول الممكنة لمشكلة الودائع، بالإعلان عن تجديد العمل بتعميمي مصرف لبنان رقم 158 و166، وبموجبهما يستطيع صاحب الوديعة سحب مبلغ 800 دولار شهرياً بالنسبة للتعميم الأول، و500 دولار للتعميم الثاني، بزيادة ملحوظة عما كان عليه الأمر في المرحلة السابقة.
برر مصرف لبنان قراره بالتجديد للتعميمين المذكورين لمدة عام من نهاية الشهر الحالي، بالظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد، وبهدف التخفيف عن الأعباء المالية والاجتماعية للمودع، ومرفقاً قراره بدعوة المعنيين للإسراع في إقرار القوانين الضامنة لأموال المودعين.
يتضمن تجديد المصرف للتعميمين المذكورين لمدة عام إضافي زيادة في السحوبات المالية للمودع، وإشارة واضحة إلى صعوبة إيجاد الحلول لمشكلة الودائع في الوقت الحاضر، مع تجنب ذكر الأسباب الحقيقية لهذا التأخير، ومحاولة لرمي كرة المسؤولية في ملعب الحكومة والمجلس النيابي ولو بشكل غير مباشر.
يهدف قرار تجديد العمل بالتعميمين إلى امتصاص نقمة المودعين مرحلياً بزيادة مبالغ السحوبات المالية التي "لا تغني ولا تسمن من جوع" في ظل زيادة كلفة المعيشة والتضخم، مع إشارة واضحة إلى صعوبة إيجاد حل جذري لمشكلة الودائع في المدى القريب، ما يعني ضمناً تذويب مبالغ إضافية من أموال المودعين بهذين التعميمين، في حين تبقى كل وعود حل مشكلة الودائع وهمروجات المسؤولين واعتبارها "مقدسة" على لسان بعض السياسيين معلقة، ووهمًا بوهم.