أكّد وزير المالية، ياسين جابر، لصحيفة L’Orient-Le Jour، أن مشروع موازنة عام 2026 لن يتضمّن أي ضرائب جديدة، رغم الضغوط الدولية المتواصلة، خصوصاً من صندوق النقد الدولي، للمضي قدماً في إصلاحات مالية شاملة. واعتبر جابر أن الوضع الاقتصادي والاجتماعي لا يحتمل فرض أعباء إضافية على المواطنين، قائلاً: «كيف نفرض ضرائب جديدة في ظل تداعيات حرب 2024، ونحن على أعتاب الانتخابات النيابية؟».
ويأتي هذا الإعلان في وقت بدأت فيه وزارة المالية إعداد مشروع الموازنة، بالتوازي مع خطة إصلاحية تمتد حتى عام 2029. وقد دُعيت الإدارات العامة لتقديم مقترحاتها بحلول 8 آب المقبل.
جابر أقرّ ضمنياً بتأجيل الإصلاحات الضريبية الكبرى التي يطالب بها صندوق النقد، والتي تهدف إلى تقليص الاعتماد على الضرائب غير المباشرة كالـTVA والرسوم الجمركية، وزيادة الإيرادات من الضرائب المباشرة. إلا أنه أكد أن مجلس النواب لن يمرر مثل هذه الإصلاحات قبيل الانتخابات المقررة في أيار 2026، نظراً لحساسيتها الشعبية.
في مواجهة هذا الواقع، تركز الوزارة على تحسين الجباية وتفعيل الرقابة الجمركية. فقد تم إرسال 150 ألف إنذار إلكتروني للملتزمين، وسُجّلت زيادة بنسبة 14% في العائدات الجمركية خلال حزيران. كما يُرتقب بدء تشغيل أجهزة ماسحة متطورة في مرفأي بيروت وطرابلس اعتباراً من أيلول، ما سيُعزز الرقابة على الحاويات ويحد من التهريب.
وبحسب وزارة المالية، فإن هذه الإجراءات قد تمهّد لإعادة فتح السوق السعودي أمام الصادرات اللبنانية، بعد الحظر المفروض منذ 2021 على خلفية تهريب المخدرات.
وكشف الوزير أيضاً عن مشاريع لتحديث أنظمة الوزارة، من بينها نقل معاملات الرسوم العقارية إلى منصات إلكترونية، وتعميم أجهزة الدفع الإلكتروني (POS) في مراكز الجباية.
في سياق متصل، علّق جابر على الجدل القائم بشأن الاحتياطات المالية في مصرف لبنان، مؤكداً أن فقط ملياري دولار من أصل ثمانية هي أموال "فريش" قابلة للاستخدام، فيما الباقي "لولار" أو أموال تخص مؤسسات عامة. كما أشار إلى التزامات لبنان الدولية تجاه صندوق النقد والبنك الدولي.
الوزير جدد التأكيد على أهمية التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد باعتباره «مفتاح العودة إلى النظام المالي العالمي». لكنه أشار إلى وجود "مقاومة شديدة" من قبل بعض الأطراف المتضررة، لا سيما لوبيات مصرفية وإعلامية تعارض أي مساءلة مالية.
وفي ما يخص أصول الدولة، طمأن جابر أنها لن تُباع، بل ستُدار بطريقة أكثر كفاءة لزيادة الإيرادات. كما كشف عن نية الحكومة إصدار سندات بقيمة 5 مليارات دولار لصالح مصرف لبنان، في أول مساهمة مباشرة من الدولة لمعالجة الأزمة المالية.
أما بشأن الخسائر المقدرة بأكثر من 70 مليار دولار، فقال إن الحكومة بانتظار خطة توزيع من حاكم مصرف لبنان، كريم سعيد، مؤكداً أن مصرف لبنان لن يبيع الذهب بل سيعمل على استثماره بطريقة مثلى.