9 صفر 1447

الموافق

الإثنين 04-08-2025

علم و خبر 26

علم و خبر 26

ثقافة وفن ومنوعات

مجتمع

احذروا المبالغات القاتلة!
احذروا المبالغات القاتلة!
حذيفة الملاح
2025-08-03

58

أصبحت المبالغة سمة في مجتمعاتنا، وغدت ظاهرة مُقلقة تنتشر على نحو مرعب في المناسبات الاجتماعية المختلفة، حتى باتت تشكل خطرًا على الأرواح والقيم معًا. 

ليس عادياً أبداً أن يتحول نجاح طالب في الثانوية العامة إلى مناسبة يغلب فيها الرعب الفرح، بسبب إطلاق الرصاص والألعاب النارية الضخمة التي قد تودي بحياة أبرياء أو تتسبب بأضرار جسيمة وحرائق لا تُحمد عقباها!

هذا الغلو، لا يقف عند حدود ذاك السلوك السلبي، بل يتعداه إلى المبالغة في تضخيم الإنجاز البسيط والمكافأة عليه. فلا يُعقل أن يُهدى طالب نجح في النتائج النهائية المدرسيّة، وانتقل من صف إلى آخر، هاتفاً ثمنه نحو 2000$.

وليس من المنطقي أبداً أن تُنظّم المهرجانات الرنّانة للاحتفال بتخرج طفل من مرحلة الروضة، بما يفوق ما يُنظَّم لتخرّج الطلاب الجامعيين، فيضيع المعنى الحقيقي للفرح والانجاز. 

والمبالغات أخذت منحى تنافسياً خطيراً في تنظيم الحفلات (كالاحتفال بذكرى الزواج أو انجاب مولود، أو أعياد الميلاد) التي باتت تُرهق الأسر ماديّاً، بسبب التكاليف الباهظة التي لا تتناسب مع حجم المناسبة، ولا مع استطاعة الأسرة، وتزرع في نفوس الأطفال مفاهيم خاطئة عن الفرح والتقدير، وتركز على المظاهر الجوفاء والتفاخر الأعمى.

ومن نافلة الحديث، التطرق إلى تكاليف حفلات الزفاف الخياليّة. وكأن البعض فطن لكل تفاصيل الحفل وغفل عن تفاصيل حياته بعد هذا الحفل، في عش الزوجية. فلا يُتمّ العروسان أحياناً أشهراً قليلة حتى يتفرقا أو يختلفا.  

والمبالغة لم توفّر حتى المشاعر. فتسلسلت مبالغات فظّة مستهجنة حتى إلى عبارات الحب، وبات الشاب يتصوّر نفسه بعد أول لقاء بالفتاة قيس ليلى أو جميل بثينة.

فرفقاً بأنفسكم وبأولادكم... واحذروا هذه المبالغات القاتلة. وتذكروا دائماً أن السعادة الحقيقية تسكن القلب، ولا تُقاس بالمظاهر الخدّاعة والمقاييس الماديّة، بل تكمن غالباً في البساطة والصدق، لا التكلّف والمداهنة. فـ هدية متواضعة من شخص عزيز على قلبك تفوق قيمتها في نفسك كنوز الدنيا.

هذه المبالغات، تترك آثارًا نفسية وتربوية سلبية عميقة، قد لا تظهر مباشرة، لكنها تتراكم مع الوقت وتؤثر في تكوين شخصية الفرد وسلوكه.

ومن أبرز هذه الأضرار:

أولاً: الأضرار النفسية:

1. خلق شعور زائف بالأهمية: قد يربط الطفل أو الشاب قيمته ومكانته في الأسرة بحجم الاحتفال وكلفته.

2. الإحباط عند المقارنة: عندما يرى الطفل أو المراهق أن أقرانه احتفلوا بشكل مبالغ فيه، قد يشعر بالنقص أو الحزن، حتى لو كانت المناسبة سعيدة تستحق أن يستمتع بكل لحظة فيها.

3. القلق والتوتر الاجتماعي: التوقعات المبالغ فيها قد تسبب ضغطًا نفسيًا على الأهل والأبناء، وتجعلهم يعيشون في توتر دائم لمجاراة ما هو "مُتوقع".

ثانيًا: الأضرار التربوية:

1. غياب القيم الحقيقية أمام المظاهر الزائفة: التركيز على المظاهر يُضعف من فهم الطفل للمعاني الأعمق. فتضيع قيمة الجهد، المثابرة، والنجاح.

2. ترسيخ الاستهلاك والتبذير: ينشأ الطفل على فكرة أن الفرح مرتبط بالمال، والسعادة بالمبالغة، لا بالقناعة والرضا، مما يعزز نمط حياة استهلاكي غير متوازن.

3. ضعف التقدير للإنجاز: عندما يُحتفل بتخرج من الروضة كما يُحتفل بتخرج جامعي، يختلط على الطفل مقياس الإنجاز الحقيقي، فيتساوى التميز بالبديهي.

4. الضغط على الأسر: محاولات مجاراة مظاهر الاحتفال الباذخة قد تُجبر بعض الأسر على تحمّل أعباء مالية فوق طاقتهم، مما يربك استقرار الأسرة.

جنوبيات
أخبار مماثلة
"شيرين أبو عاقلة... الشاهدة والشهيدة" كتاب هيثم زعيتر في الذكرى الأولى للاستشهادفاسكوomtوظيفة شاغرة في جمعبة المقاصد - صيداla salleقريبا "Favorite"