سُبْحَانَ اللهِ!
الكَبِيرُ بِأَخْلَاقِهِ وَسِعَةِ صَدْرِهِ، مَعَ العِلْمِ الوَافِرِ، وَالعَقْلِ المُفَكِّرِ، يَبْقَى مِثَالًا يُحْتَذَى بِهِ.
أَمَّا الصَّغِيرُ الفَاشِلُ، مَعَ قِلَّةِ الحَيَاءِ وَالتَّصَرُّفِ الأَرْعَنِ، فَيَبْقَى نَمُوذَجًا لِمَوْتِ الضَّمِيرِ، وَالحِسِّ الحَقِيرِ، وَسُوءِ التَّدْبِيرِ.
جَاءَ رَجُلٌ إِلَى أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَقَالَ لَهُ:
إِنَّ فُلَانًا شَتَمَكَ، فَقَالَ: تِلْكَ صَحِيفَتُهُ فَلْيَمْلَأْهَا بِمَا شَاءَ.
وَقَالَ رَجُلٌ لِوَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ:
إِنَّ فُلَانًا شَتَمَكَ، فَقَالَ: أَمَا وَجَدَ الشَّيْطَانُ رَسُولًا غَيْرَكَ.
وَقَالَ أَحَدُهُمْ لِرَجُلٍ:
فُلَانٌ شَتَمَكَ، فَقَالَ: هُوَ رَمَانِي بِسَهْمٍ وَلَمْ يُصِبْنِي، فَلِمَاذَا حَمَلْتَ السَّهْمَ وَغَرَسْتَهُ فِي قَلْبِي؟!
جَاءَ رَجُلٌ إِلَى الإِمَامِ الشَّافِعِيِّ، فَقَالَ لَهُ: فُلَانٌ يَذْكُرُكَ بِسُوءٍ، فَأَجَابَهُ:
إِذَا صَدَقْتَ فَأَنْتَ نَمَّامٌ، وَإِذَا كَذَبْتَ فَأَنْتَ فَاسِقٌ، فَخَجِلَ وَانْصَرَفَ.
جَاءَ أَحَدُهُمْ إِلَى سِيَاسِيٍّ لُبْنَانِيٍّ (بَاعَ ضَمِيرَهُ بِعَرْضٍ مِنَ الدُّنْيَا قَلِيلٍ)، وَقَالَ لَهُ: فُلَانٌ شَتَمَكَ، وَعلَّانُ سَبَّكَ، فَقَالَ السِّيَاسِيُّ: اذْهَبْ وَقُلْ لَهُ: (تُوت)... (تُوت)... (تُوت)، ثُمَّ أَرْدَفَ الرَّجُلُ قَائِلًا: وَلَكِنِّي كُنْتُ أُمَازِحُكَ. فَأَجَابَ السِّيَاسِيُّ: (تُوتٌ لَكَ وَلَهُ)!
فِي المُحَصِّلَةِ نَقُولُ اخْتِصَارًا، حِفَاظًا عَلَى قُوَّةِ الاقْتِدَارِ، وَحِنْكَةِ الِاحْتِضَارِ، وَتَوَارُدِ الأَفْكَارِ:
لَا تُخْبِرْنِي عَمَّنْ يَكْرَهُنِي أَوْ يَتَكَلَّمُ عَلَيَّ.
اتْرُكْنِي أَضْحَكْ مَعَ الجَمِيعِ، وَأَشْعُرْ بِأَنَّ الجَمِيعَ يُحِبُّنِي، *وَلْنَتْرُك القِيلَ وَالقَالَ*، فَالدُّنْيَا فَانِيَةٌ...