1 ربيع الأول 1447

الموافق

الأحد 24-08-2025

علم و خبر 26

أخبار

علم و خبر 26

بأقلامهم

بأقلامهم

"النَّاصِحُ الأَمِينُ"!
"النَّاصِحُ الأَمِينُ"!
القاضي م جمال الحلو
2025-08-22

هو كما قال احد الصّالحين:

"نُورٌ يَهْدِي، وَقَلْبٌ يَبْذُلُ بِصِدْقٍ"
 
لَيْسَ فِي هَذِهِ الحَيَاةِ فَضِيلَةٌ أَسْمَى مِنْ أَنْ يَكُونَ الإِنْسَانُ نَاصِحًا أَمِينًا، يَرْعَى الخَيْرَ لِلنَّاسِ، وَيَدُلَّهُمْ عَلَى سَوَاءِ السَّبِيلِ، وَيَبْذُلُ فِي ذَلِكَ جُهْدَهُ بِغَيْرِ رِيَاءٍ وَلَا مَطْمَعٍ دُنْيَوِيٍّ، بَلْ خَالِصًا لِوَجْهِ اللهِ، صَادِقًا فِي قَوْلِهِ وَعَمَلِهِ. فَالنَّاسُ فِي حَاجَةٍ إِلَى النُّصْحِ، كَمَا يَحْتَاجُ الجَسَدُ إِلَى الدَّوَاءِ؛ فَإِذَا صَلُحَ النُّصْحُ صَلُحَتِ الأُمَّةُ، وَنَمَا الخَيْرُ، وَازْدَهَرَتِ النُّفُوسُ، وَسَادَ الأَمْنُ، وَعَمَّتِ الطُّمَأْنِينَةُ.
 
وَالنَّاصِحُ الأَمِينُ يَتَفَهَّمُ أَحْوَالَ النَّاسِ، وَيَعْقِلُ مَا يُنَاسِبُهُمْ مِنَ القَوْلِ، فَيَزِنُ كَلِمَتَهُ بِمِيزَانِ الحِكْمَةِ، فَلَا يُثْقِلُهُمْ بِالْغِلْظَةِ، وَلَا يُهْمِلُهُمْ بِالتَّرَاخِي، بَلْ يُقَرِّبُ الحَقَّ إِلَيْهِمْ بِأُسْلُوبٍ لَيِّنٍ، وَيَزْرَعُ فِي قُلُوبِهِمْ بُذُورَ الخَيْرِ، مُتَجَنِّبًا الإِفْرَاطَ وَالتَّشْدِيدَ، وَالمُبَالَغَةَ الَّتِي تُورِثُ النُّفُورَ وَالْبُعْدَ.
 
وَمِنْ أَعْظَمِ مَا يُمَيِّزُهُ حُسْنُ التَّصَرُّفِ، فَيُدْرِكُ أَنَّ لِكُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ وَحَالٍ مَا يُنَاسِبُهُ مِنْ أَسَالِيبِ الإِرْشَادِ؛ فَلَا يُغَالِي فِي القَوْلِ حِينَ يَضِيقُ صَدْرُ السَّامِعِ، وَلَا يَجْزَعُ مِنْ طُولِ الطَّرِيقِ حِينَ يَطُولُ، بَلْ يَثْبُتُ عَلَى حُسْنِ النِّيَّةِ، وَيُوَاصِلُ الحَثَّ عَلَى الحَقِّ، مُسْتَعِينًا بِالْعَقْلِ وَالبَصِيرَةِ، فَوْقَ أَهْوَاءِ النَّفْسِ وَغَوَايَتِهَا.
 
فَهَذَا التَّصَرُّفُ الرَّشِيدُ يَدُلُّ عَلَى نُضْجِ العَقْلِ وَصَفَاءِ القَلْبِ، فَيَكُونُ النَّاصِحُ مُعَلِّمًا وَمُرْشِدًا، يُنِيرُ الطَّرِيقَ لِمَنْ ضَلَّ أَوْ تَعَثَّرَ، وَيُهَدِّئُ نُفُوسَ القَلِقِينَ، وَيَقُوِّي عَزَائِمَ الضُّعَفَاءِ، فَلَا يَتْرُكُ فِي النُّفُوسِ أَثَرًا سَلْبِيًّا، بَلْ يَبْعَثُ فِيهَا دَفْعَةً نَحْوَ الفَضِيلَةِ.
 
وَالنَّاصِحُ الأَمِينُ لَا يَطْلُبُ مِنَ النَّاسِ ثَنَاءً وَلَا مَدْحًا، بَلْ يَكْفِيهِ رِضَا اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَيَسْتَرِيحُ قَلْبُهُ بِأَنَّهُ أَدَّى أَمَانَتَهُ. فَالنُّصْحُ عِنْدَهُ عِبَادَةٌ، وَالتَّوْجِيهُ سَبِيلٌ إِلَى مَرْضَاةِ الرَّحْمَنِ، وَالخَيْرُ العَامُّ هُوَ الغَايَةُ الَّتِي يَسْعَى إِلَيْهَا.
 
فَلْنَكُنْ جَمِيعًا نُصَّاحًا أُمَنَاءَ، نَسِيرُ عَلَى طَرِيقِ الصِّدْقِ، نُقَدِّمُ الحَقَّ بِحِكْمَةٍ، وَنَبْنِي العُقُولَ وَنُقَوِّي القُلُوبَ، لِنَرْتَقِيَ بِأُمَّتِنَا إِلَى مَرَاتِبِ العِلْمِ وَالأَمَانِ. فَخَيْرُ النَّاسِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وَأَكْمَلُهُمْ نُصْحًا أَصْدَقُهُمْ قَصْدًا، وَأَنْقَاهُمْ سَرِيرَةً.
 

أخبار مماثلة
"شيرين أبو عاقلة... الشاهدة والشهيدة" كتاب هيثم زعيتر في الذكرى الأولى للاستشهادفاسكوomtla salleقريبا "Favorite"وظائف شاغرة في شركة NTCC