الستّ اللبنانيّة البيتوتيّة معروفة بنضافة بيتها. ومنشان هيك، أوّل ما تعطّل المدرسة بحزيران، كانت تفتح أربع مشاريع بالبيت، وتكركب الدنيا وأهل البيت كرمال النضافة.
الحفلة الأولى: تنجيد الفرش واللحف والمخدّات.
طبعًا المخدّات ما كانوا صغار متل اليوم، بالعكس كانوا طوال قد عرض التخت. ومعظم الفرشات كانوا صوف، قليل تلاقي قطن. كانت الستّ تنقّي الوجاه من أحلى المحلّات، لون زهر عادةً، وتفرشوا باللون الأبيض الناصع. وأجمل منظر لمّا يخلّص المنجّد وتصير الفرشة منفوخة متل الحبلى. هون بيبلّش دورنا: نطلع على ضهر الخزانة وننطّ على التخت. الفرشة جديدة والنطنطة عليها إلها طعم خاص.
الحفلة الثانية: تنضيف البرادي والسجّاد.
كانت تفكّ البرادي وتنضّفهم، وتضبّ السجّاد وتدحش فيه نفتلين يظلّ معبّق ريحته بالبيت كلّه. بعدين تلفّ السجّادة بشراشف بيض وتربطها بكلسات نايلون طوال.
الحفلة الثالثة: طرش البيت.
وهيدي أصعب حفلة، لأن كانت تحجز حرّيتنا: "أوعى تدعس، أوعى تنقوش". بس طبعًا كنّا ندعس وننقوش ونلحق الطرّاش من حيط لحيط. وأيّام نستعير منه الفرشاية وندهن معه المحلّات الواطية اللي منوصلها. لمّا يجي الليل، تفوتنا الوالدة عالحمّام وتدعكنا، مش بس بصابون عربي من زيت الزيتون، كمان بزيت الكاز لحتّى يروح أثر البويا. من قهرها تقلّي: "سدّوا!"، وأنا طبعًا سدّو، لأن إذا ما سدّيت بتلحق الكلمة كفّ بيطنّ بطنّ.
الحفلة الرابعة: الخياطة.
كانت تضيف الخيّاطة شي أربع أيّام تظلّ تخيّط أوجاه الكنبايات تبع الصالون وغرفة القعود. نحنا كولاد كنّا نلزق فيها حدّ المكنة ونتفرّج، ما نفلّ إلّا إذا جرحت إيدها أو طقّت الإبرة بالمكنة. وقتها شحّاطة الوالدة بتصفّر من حدّنا، ومنركض ركض لأن الهريبة بهيك موقف ثلثين المراجل.
رزق الله على هديك الأيّام… كلّها خير وبركة. ولو إلها ثمن، كنا مندفع دهب وفضّة بس ترجع.