لبنانيات
أخبار لبنانية
علي العبد الله يشارك السفير الصيني شن شواندونغ في تكريم د. جورج حاتم وندوة انتصار الصين بحرب المقاومةشارك رئيس تجمع رجال وسيدات الأعمال اللبناني الصيني علي محمود العبد الله في ندوة بحضور سفير الصين في لبنان شن شواندونغ، حول انتصار الصين في حرب المقاومة وتكريم الطبيب اللبناني الأصل جورج حاتم (المعروف في الصين باسم الدكتور ما هايدي). وشارك في اللقاء الذي استضافته بلدة حمانا مسقط رأس الدكتور حاتم، رئيس بلدية حمانا د. أمين لبوس وحشد من المرجعيات والشخصيات. وألقيت خلال اللقاء كلمات حول انتصار الصين في حرب المقاومة، وتخلل النشاطات المتصلة بالمناسبة وضع الزهور على تمثال الدكتور جورج حاتم، قبل اختتام المناسبة بحفل كوكتيل في حديقة حمانا العامة.
وقال السفير شن شواندونغ: "زرتُ أنا وزملائي من السفارة الصينية حمانا لتقديم التحية إلى الدكتور ما هايدي واستكشاف تاريخه في مسقط رأسه. وقد شاهدنا فيديو تذكاري معا، يستذكر حياة الدكتور ما هايدي الاستثنائية في حرب التحرير العالمية ضد الفاشية، والنضال في التحرير الوطني الصيني، وتطوير قطاع الصحة الصيني. لقد تأثرتُ بشدة، وأحسست بعمق بروح الدكتور ما هايدي الأممية والإنسانية. في العام 1933، ألهم شغف الدكتور ما هايدي الشاب بشفاء الناس وإنقاذ الأرواح للانخراط في ممارسة الطب في الصين. وبعد أن شهد فظائع حرب العدوان على الصين، والتفاني والمعاناة المشتركة للجيش الأحمر بقيادة الحزب الشيوعي الصيني، انضم إلى الجيش الأحمر وكرّس نفسه للقضية العادلة المتمثلة في حرب المقاومة الشعبية الصينية ضد العدوان الياباني والحرب العالمية ضد الفاشية. لقد أحسستُ بعمق بحب الدكتور ما هايدي للبنان والصين. لقد وُلد في الولايات المتحدة، واعتز بجذوره اللبنانية، وعاد إلى وطنه للدراسة. في الصين، شارك رفاقه الصينيين المصاعب، واتخذ اسما صينيا. وقال يومها: "أشعر بسعادة غامرة لمشاركتي في هذه القضية التحرّرية العظيمة". وبعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية، حقق أمنيته وأصبح أول أجنبي يحصل على الجنسية الصينية. وقد وُصف في الصين بأنه "رائد الرعاية الصحية في الصين الجديدة".
شواندونغ: الحضارة الإنسانية أمام مفترق طرق
وأضاف السفير شواندونغ: "يصادف هذا العام الذكرى الثمانين لانتصار حرب المقاومة الشعبية الصينية ضد العدوان الياباني والحرب العالمية ضد الفاشية، المعروفة أيضا بالحرب العالمية الثانية. وباعتبارها ساحة المعركة الرئيسية في الحرب العالمية ضد الفاشية، حققت الصين، بعد 14 عاما من المقاومة الوطنية، وبتكلفة باهظة بلغت 35 مليون ضحية بين جنودها ومدنييها، نصرا عظيما في حرب المقاومة ضد العدوان الياباني، وأعلنت النصر الكامل للحرب العالمية ضد الفاشية. وفي هذه الحرب الشاقة والمضنية، لعب الحزب الشيوعي الصيني دورا محوريا. وتشاطر الشعب الصيني كراهية مشتركة للعدو، وقاوم الغزاة الأجانب معا. ووسط هذا كله، قدم أصدقاء دوليون مثل الدكتور ما هايدي المساعدة، وكان هذا كفاحا انتصر فيه العدل على الشر. لقد كان هذا كفاحا من أجل الاستقلال والتحرر الوطني، ساهم في تفكيك النظام الاستعماري وتحقيق الاستقلال والتحرر الوطني لعدد كبير من البلدان، بما في ذلك الصين ولبنان. كان هذا كفاحا لبناء النظام، وإقامة نظام دولي تقع في وسطه الأمم المتحدة، ونظام دولي قائم على القانون الدولي، يوفر ضمانات مؤسساتية للحفاظ على السلام والاستقرار العالميين".
وختم قائلا: "بعد ثمانين عاما من انتهاء الحرب العالمية الثانية، لا تزال الحروب والصراعات المسلحة قائمة، ويتحمل الشرق الأوسط وطأة آثارها. وتستمر انتهاكات سيادة لبنان وسلامة أراضيه. الوضع الدولي مضطرب ومعقد، مع تصاعد الأحادية والحمائية والهيمنة. ويواجه السلام كما الاستقرار والتنمية في العالم تحديات عديدة. ويتعرض النظام الدولي في مرحلة ما بعد الحرب، وفي جوهره الأمم المتحدة، لهجوم مستمر، وقد خضع لاختبارات قاسية. لقد وصلت الحضارة الإنسانية مرة أخرى إلى مفترق طرق. وعلينا أن نستخلص دروسا عميقة من الحرب، وأن نقاوم التيار الذي قد يؤدي إلى العودة إلى قانون الغاب في العلاقات الدولية، وأن نتمسك برؤية الأمن المشترك، الشامل، التعاوني والمستدام، وأن نعزز القيم المشتركة للسلام والتنمية والإنصاف والعدالة والديمقراطية والحرية للبشرية جمعاء، وأن نعمل معا لبناء مجتمع يتمتع بمستقبل مشترك للبشرية. تتمتع الصين ولبنان، وشعباهما، منذ زمن طويل بالصداقة والمساعدة المتبادلة، وهو ما أثمر نموذجا رائعا في التعامل الصادق والتعاون المتبادل بين الأمم والحضارات. الصين تدعم لبنان بقوة في صون سيادته وسلامة أراضيه، وستواصل تقديم المساعدة له في حدود إمكانياتها، لتنمية اقتصاده وتحسين معيشة شعبه".
العبد الله: قصة الدكتور حاتم شاهد تاريخي على علاقاتنا مع الصين
وتعقيبا على المناسبة ومشاركته فيها، قال رئيس تجمع رجال وسيدات الأعمال اللبناني الصيني علي محمود العبد الله: "أولا، أريد أن أتوجه إلى سعادة السفير شن شواندونغ بالشكر لتكريمه الطبيب اللبناني الأصل جورج حاتم، وعلى وفائه ووفاء الصين لذكرى طبيب آمن بعدالة القضايا الصينية، وهذا يدل على وفاء الحضارة الصينية لأصدقائها التاريخيين. إن قصة الدكتور جورج حاتم، أو البطل الصيني الدكتور "ما هايدي"، هي خير شاهد على عمق وشموخ العلاقات اللبنانية الصينية التي تتجاوز التعاون الاقتصادي والتجاري والثقافي لتمس صميم القيم الإنسانية المشتركة التي تجمع لبنان والصين. لقد غادر هذا الرجل العظيم مسقط رأسه حمانا حاملا معه إرثا لبنانيا عريقا قائما على العلم والعطاء والتفاني والإيمان بالقضايا الانسانية، ليلقى في الصين أرضا خصبة لروحه الإنسانية وليكرس حياته لخدمة قضاياها الكبرى وشعبها. إن مسيرة الدكتور حاتم هي قصة إيمان، إيمان بالجانب الإنساني للمقاومة الصينية والثورة وعدالة قضيتها، فمن طبيب ناجح في شنغهاي إلى عضو بارز في الحزب الشيوعي الصيني وكبير المستشارين الطبيّين للجيش الأحمر، وأول أجنبي يحصل على الجنسية الصينية، أصبح رمزا للتضامن الذي لا يعرف حدودا. لقد فهم، كما نفهم نحن رجال الأعمال اليوم، أن الشراكة الحقيقية تُبنى على الثقة والمنفعة المتبادلة والتزام عميق برفاهية الشعوب".
وختم قائلا: "إن تجربة الدكتور حاتم تذكرنا بأن العلاقات اللبنانية الصينية ليست وليدة اليوم، بل هي ممتدة في عمق التاريخ، نسج خيوطها رجال استثنائيون مثل جورج حاتم، ووضعوا ركائز متينة للاحترام المتبادل والتعاطف الإنساني. وها نحن اليوم، في تجمع رجال وسيدات الأعمال اللبناني الصيني، نسير على هذا الدرب نفسه، ساعين إلى تعزيز أواصر التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري والثقافي مع الصين، مستلهمين روح هذا الرجل الذي حوّل التحديات إلى فرص، والحدود إلى جسور للتواصل. إنه نموذج يُحتذى به، يدفعنا إلى العمل بجهد أكبر لتعزيز شراكتنا الاستراتيجية مع الصين، الشريك الصادق والمحب".
الدكتور جورج حاتم، أو "ما هايدي" كما عُرف في الصين، سيبقى دائما أسطورة خالدة في سجل العلاقات اللبنانية الصينية. لقد غادر الطبيب اللبناني المولد مسقط رأسه في رحلة علمية قادته إلى شنغهاي عام 1933، حيث غيّرته معاناة الشعب الصيني، فانخرط في العمل الإنساني. هذا المنعطف المصيري، قاد مسيرته إلى مقر قيادة الثورة في يانان، حيث التقى القائد التاريخي الكبير ماو تسي تونغ، ليصبح طبيبه الشخصي وصديقا مقرّبا له وللزعيم تشو إن لاي. لم يقتصر إنجازه على العلاج، بل أسّس نظاما صحيا في مناطق المقاومة، وقاد مكافحة الأوبئة مثل الجذام والزهري، وكان الصوت الإعلامي للحزب الشيوعي الصيني للعالم من خلال عمله في وكالة أنباء شينخوا. كُرّم الدكتور حاتم لاحقا ليصبح أول أجنبي يحصل على الجنسية الصينية تقديرا لإسهاماته الجليلة. وظل مخلصا للصين حتى وفاته في بكين عام 1988 عن عمر ناهز 78 عاما، وبناء على وصيته، نُثر جزء من رماده فوق نهر يان الذي يخترق يانان، القاعدة الأولى لانطلاقة الثورة، وجزء آخر في مقبرة شهداء الثورة في بكين، وذلك كرمز لارتباطه الأبدي بالأرض التي كرّس لها حياته وجهوده وإنجازاته التي غيرت وجه الطب الحديث في الصين.