فلسطينيات >الفلسطينيون في لبنان
مؤشرات عن رفع الغطاء الفلسطيني في عين الحلوة عن ايّ متورّط
مؤشرات عن رفع الغطاء الفلسطيني في عين الحلوة عن ايّ متورّط ‎الاثنين 10 07 2017 12:20
مؤشرات عن رفع الغطاء الفلسطيني في عين الحلوة عن ايّ متورّط


في عز الحرب الاستباقية التي تخوضها الاجهزة الامنية اللبنانية ضد الارهاب وخلاياه المتيقظة ام النائمة، وبالتزامن مع انجازات امنية تحققت على خط الملف الامني المعقد في مخيم عين الحلوة، بالتعاون وبالتنسيق مع جهات فلسطينية، يأتي التوقيت الذي اختاره مدير عام الامن العام اللبناني اللواء عباس ابراهيم، لزيارته الى صيدا، التي خصصها للملف الامني في المخيمات، بشقه الارهابي، ليفتح بذلك مرحلة جديدة من الثقة مع الجانب الفلسطيني، من اجل مواكبة ملف المطلوبين المتورطين مع التنظيمات الارهابية.
ويكتسب اللقاء الذي جمع القيادات الفلسطينية مع اللواء ابراهيم، في سراي صيدا الحكومي، اهمية استثنائية، بعد ان اصبح الملف الامني في اكبر المخيمات الفلسطينية، عين الحلوة، ضاغطا ويحتل اولوية، لكونه اعقب انجازين امنيين هما من صميم الاولوية التي وضعتها الاجهزة الامنية اللبنانية، والتي فرضت ما يُشبه حالة الاستنفار الامني اللبناني ـ الفلسطيني، حُدِّد سقفه مسبقا.. «تنظيف المخيمات الفلسطينية من الجماعات الارهابية ـ التكفيرية التي تعمل وفق اجندات خارجية، منها اجندة تنظيم «داعش» ومتفرعاته، الذي يقاتل في العراق وسوريا، وهي عملية تصب في مصلحة المخيمات الفلسطينية وسكانها، بالتوازي مع حماية وتعزيز الامن الوطني اللبناني، ووفق ما تقرأ اوساط متابعة للواقع الامني في مخيم عين الحلوة، فان المناخ الصالح لمعالجة جديدة للملف الامني المعقد في مخيم عين الحلوة بات متوفرا اكثر من ذي قبل، مع علاقة الثقة القائمة بين الاجهزة الامنية اللبنانية، وبخاصة مع اللواء ابراهيم من اجل تفكيك الالغام الامنية المتعلقة باكبر المخيمات الفلسطينية في لبنان، ونجح في خرق الجدار السميك الذي كان قائما بين المخيم والاجهزة الامنية اللبنانية، يوم كان مديرا لمخابرات الجيش في الجنوب، حيث فاجأ الجانب الفلسطيني، وبخاصة «عصبة الانصار الاسلامية» بزيارة الى عمقها الامني، بالرغم من المخاطر الامنية التي يمثلها سيطرة تنظيمات وجماعات وتيارات اسلامية متشددة، ومنها «جند الشام» و«فتح الاسلام»، على عدد من احياء المخيم، وان كانت «العصبة» هي التنظيم الاسلامي الاكثر تماسكا وفعالية وقدرة على لجمها. يومها، قدم اللواء ابراهيم جرعة ثقة امام القوى الفلسطينية وطرق على الباب الصحيح الذي يفضي الى معالجة حقيقية للوضع الامني في المخيم، بعيدا عن نظرية اطلقها البعض… «اليوم نهر البارد ..وغدا عين الحلوة»، وبعيدا عن الاجواء المتشنجة التي يطمح البعض الآخر الى اشاعتها، للوصول الى «حرب مخيمات» جديدة، تُوَرِّط المخيمات الفلسطينية مع الجيش اللبناني، في حرب مشبوهة معروفة الاهداف والغايات، اول من يتمنى هذه «الحرب»… الجماعات والتنظيمات الارهابية.
هذه الاجواء تعززت اكثر، مع عمليتين امنيتين، اولها تسليم الارهابي خالد مسعد من عين الحلوة بجهود من «عصبة الانصار الاسلامية» وحركة «حماس»، وثانيهما تسليم حركة «فتح» لاحد المتورطين من مخيم الرشيدية، بتفجير استهدف دورية للكتيبة الفرنسية العاملة في قوات الامم المتحدة في الجنوب «اليونيفيل» في منطقة البرج الشمالي قرب صور عام 2013، وهي اجواء تحتاجها القوى والفصائل الفلسطينية في المخيم، للخروج من الشرنقة الامنية التي تجعل من سكان المخيم وقواه ضحية ارهاب يبحث عن ساحة رحبة لعشرات الارهابيين اللبنانيين والفلسطينيين، يقيمون داخل مربعات امنية فيه، وتخوض من حين لآخر جولات قتال مع فصائل اخرى، تحصد في كل مرة، المزيد من الضحايا والاضرار والنزوح.. هذه الاجواء خلقت مناخا طبيعيا في العلاقة بين القوى والفصائل الفلسطينية والاجهزة الامنية اللبنانية، بالرغم من الشكوى الفلسطينية الدائمة، من التقصير الحاصل لدى السلطات الرسمية اللبناني التي ما تزال تمارس حصارا معيشيا وحياتيا على اللاجئين الفلسطينيين، ينسجم مع سياسة الامم المتحدة من خلال وكالة «الانروا» التي تواصل انتهاج سياسة تقليص لخدماتها الصحية والتربوية والمعيشية لسكان المخيمات، وبالرغم من التعقيدات الامنية التي سادت مخيم عين الحلوة، وتصاعدت مع اندلاع الحرب في سوريا، وظهور تنظيمات ارهابية امتدت خارطة عملياتها الاجرامية الى الداخل اللبناني، فان خطوات ايجابية اثمرها التعاون الامني اللبناني ـ الفلسطيني، وان كان ما اُنجز لا يُلبي الحاجة للوصول الى مخيم آمن، ما تزال تحتاج الى الكثير من الخطوات، على القوى الفلسطينية مسؤولية تجاهها، وعلى ما يبدو في مشهد العلاقات بين الاجهزة الامنية والفصائل الفلسطينية، فان ما سيُظهره التعاون اللبناني ـ الفلسطيني في معالجات مقبلة لاي ملف امني قد يُطرح على الطاولة، بعيدا عن اي ابتزاز او عدائية، سيُدلل على الطريق الذي ينبغي على الجميع سلوكه لاخراج مخيم عين الحلوة من دائرة التوتير الامني المقلق.
ويُسجل لـ «عصبة الانصار الاسلامية»، التي لم تكن بعد قد ابدت هذا الانفتاح الذي تعيشه اليوم مع بقية الفصائل الفلسطينية ومع الاجهزة الامنية اللبنانية، ان قامت بخطوة وُصفت في حينه بـ «الجريئة»، حين قامت في العام 2002 واستجابة لوساطة الشيخ ماهر حمود، بتسليم الجيش اللبناني المدعو بديع حمادة ( لبناني)، الذي قتل ثلاثة جنود من مخابرات الجيش، خلال ملاحقة له في محلة الفوار ـ الهمشري في صيدا، يومها استندت العصبة، ووفق ما قال قياديوها، الى الوجهة الشرعية في الدين الاسلامي التي تقضي بتسليم القاتل، وهو موقف لاقى استياء لدى الجماعات الاسلامية المتطرفة، وما عزز التسريع في هذه الخطوة، ان الجاني حمادة هو من غير النسيج الاجتماعي للمخيم، بل هو ارتكب جريمته خارج المخيم ولجأ اليه هربا من ملاحقة الجيش، وهو امر لم يكن احد على استعداد لتحمل نتائجه وتداعياته الامنية الخطيرة التي كانت لتحصل، لولا خطوة «عصبة الانصار الاسلامية».
وفي السياق، لا تُخفي اوساط قيادية فلسطينية، حال الاستنفار المعلن لدى الجماعات الارهابية في المخيم، بعد استشعارها بالمخاوف، جراء ارتفاع وتيرة التنسيق الامني بين الفصائل الفلسطينية والاجهزة الامنية اللبنانية، الامر الذي جعلها تطلق اشارات معادية لـ «عصبة الانصار الاسلامية» وصلت الى حد «التحريم» والاتهام بالرِدَّة، ودعتها الى للعودة الى «الاسلام»، وتلفت الاوساط الى ان ما لوحظ في الاحياء التي تتواجد فيها هذه الجماعات، منذ عملية تسليم الارهابي مسعد، يؤكد وجود هذه المخاوف لدى «امراء» هذه الجماعات، الذين قرأوا في الثقة القائمة بين الفصائل والاجهزة الامنية اللبنانية، والتي ترجمت بخطوات امنية طالت بعضهم، ما يشعرهم بالتضييق الذي قد ترتفع وتيرته، طالما ان خلاصة ما حمله لقاء مدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم مع القيادات الفلسطينية .. الحرص تعزيز التواصل والتعاون اللبناني ـ الفلسطيني، من اجل معالجة الملفات الامنية بمسؤولية، انطلاقا من حماية مخيم عين الحلوة من كل الاستهدافات الامنية، والعمل على متابعة الملف الامني المتعلق بالارهابيين المطلوبين، وهو عمل تراكمي للوصول الى حالة الاستقرار الامني في المخيم والمحيط.

المصدر : الديار - محمود زيات