عام >عام
فلسطين... عبقرية المواجهة المفتوحة
الرئيس محمود عباس: متمسّكون بحقوقنا وصامدون وصابرون
فلسطين... عبقرية المواجهة المفتوحة ‎الثلاثاء 5 01 2016 09:23
فلسطين... عبقرية المواجهة المفتوحة
البابا فرنسيس مستقبلاً الرئيس محمود عباس ... أبعاد متعدّدة لاعتراف الفاتيكان بالدولة الفلسطينية

هيثم زعيتر:

يدرك الفلسطينيون تماماً أنّه لم يعد هناك شيء يخسرونه في ظل انغلاق آفاق التسوية السياسية بفعل تعنّت حكومة اليمين الإسرائيلي المتطرّف برئاسة بنيامين نتنياهو...
وتحمل بدايات العام 2016 إصراراً فلسطينياً على مواصلة مسيرة التحرير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وتجسيد ذلك على أرض الواقع تنفيذاً للقرارات الدولية، خاصة أنّ "الأمم المتحدة" اعترفت بدولة فلسطين - عضواً مراقباً (29 تشرين الثاني/نوفمبر 2012)...

لم يعد الفلسطيني ينتظر، فأخذ زمام المبادرة بالتوجّه السياسي نحو المحافل الدولية بما في ذلك "المحكمة الجنائية الدولية" في لاهاي، والانضمام إلى معاهدات ومواثيق دولية اعتباراً من بداية العام 2015، بعدما وقّع الرئيس محمود عباس طلبات الانضمام إلى عدد من المنظّمات والمعاهدات والاتفاقيات الدولية، ما أدّى إلى تحسّن وضعية فلسطين والمساهمة في فرض عقوبات على الكيان الإسرائيلي.
وفي الميدان استمر الشباب الفلسطيني في الهبّة أو الحراك أو الانتفاضة الفلسطينية، بشكل متنامٍ، على الرغم من دخولها الشهر الرابع، حيث تبدو وتيرة استمرارها واضحة، في ظل فشل الاحتلال بقمعها، رغم كل السياسات التي يمارسها من أجل ذلك.
هذا الواقع يشير إلى أنّ القضية الفلسطينية تمر بظروف دقيقة وحسّاسة، بفعل ما حقّقته من مكتسبات على المستوى السياسي الدولي، وأيضاً بفضل المواجهات البطولية للشبان الفلسطينيين ضد جنود الاحتلال وقطعان المستوطنين، التي أظهرت أنّ الشعب الفلسطيني موحّد داخل مختلف الأراضي الفلسطينية المحتلة، سواء في القدس أو الأراضي المحتلة منذ العام 1948 أو الضفة الغربية وقطاع غزّة، كما في الشتات الفلسطيني، حيث التحرّكات الداعمة للمواجهات البطولية الفلسطينية متواصلة.
وجاءت المواجهات البطولية الفلسطينية في لحظة دقيقة، مع نعي الإدارة الأميركية عبر وزير خارجيتها جون كيري أي آمال لتحقيق تسوية أو ثمار للمفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية، التي حاول نتنياهو الاستفادة من تقطيع الوقت، وصولاً إلى الفترة التي تسبق الانتخابات الرئاسية الأميركية، حيث يترقّب ماذا سيختار الأميركيون "الجمهوريين" أو "الديمقراطيين"، مع انحيازه الكامل لصالح "الجمهوريين" في ظل العلاقة الشخصية المتوتّرة مع الرئيس الأميركي باراك أوباما.
وعبّر نتنياهو بوضوح إثر لقائه الرئيس أوباما (9 تشرين الثاني/نوفمبر 2015) عن أنّه "لا يوجد هناك أي أفق لإمكانية العودة إلى العملية التفاوضية ضمن ما تبقى من فترة زمنية".
في المقابل، فإنّ نتنياهو اختار أن يكون إلى جانب المعسكر اليميني الأكثر تطرّفاً، والذي ضمّه إلى حكومته التي شكّلها في الوقت الإضافي بعدما استنفد كامل الوقت الممنوح له إثر الانتخابات الإسرائيلية العامة (17 آذار/مارس 2015)، وأصبح أسير هذا اليمين الذي يُهدّد بأي لحظة مستقبل حكومته "الهشّة"، فهو بحاجة إلى أصواته داخل الكنيست، حيث يستفيد هذا اليمين من الظروف بالضغط أكثر فأكثر نحو نزع مكتسبات لصالح التطرّف.
واستمرّت سلطات الاحتلال وقوّاتها وقطعان المستوطنين بممارسة شتّى أنواع القرارات التعسّفية ضد الفلسطينيين، من خلال الاستمرار في عمليات بناء المستوطنات، وسرقة وتجريف الأراضي، وهدم المباني، وقطع الأشجار، والاستيلاء على المياه، واعتقال الفلسطينيين، وإصدار قرارات تهدف إلى تهجير أبناء القدس والمناطق الفلسطينية المحتلة منذ العام 1948، وإطلاق العنان للمستوطنين لتنفيذ انتهاكات، سواء عبر القتل أو الاعتداء على الفلسطينيين وحرق منازلهم وممتلكاتهم.
وجاءت جريمة اغتيال الفتى محمد حسين أبو خضير (2 تموز/يوليو 2014) لتشكّل نقطة مفصلية في تاريخ المواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي، انطلاقاً من أنّ الفتى إبن الـ17 عاماً لم يكن في معركة مواجهة، بل كان يتوجّه من منزله إلى مسجد بلدته شعفاط - شمالي القدس، لأداء صلاة الفجر، بعدما استبق والده حسين أبو خضير إلى المسجد، فأقدم المستوطنون الثلاثة يوسف حاييم بن ديفيد (31 عاماً) وإبن شقيقه يائير بن حاييم وإبن شقيقته ايتمار زيمر، على خطفه عن سبق إصرار وترصّد، وتعذيبه وإجباره على شرب البنزين، وحرقه في أحراش دير ياسين، الشاهدة على المجزرة التي ارتكبتها العصابات الصهيونية في العام 1948.
هذه الجريمة بكل عناصرها، أصبحت "ناقوس خطر" يهدّد حياة الفلسطينيين، لإصرار العصابات الصهيونية على مواصلة ارتكاب المجازر بحق الفلسطينيين الآمنين، خاصة بعدما فشل زعيم المجموعة الإرهابية يوسف بن ديفيد، بخطف الفتى موسى زلوم (7 أعوام) قبل يوم واحد، وأنقذه تدخّل والدته، حيث كان برفقته مستوطن واحد، فأقدم في اليوم التالي على إحضار مستوطن آخر واقترف الثلاثة الجريمة.
كما أنّها أصبحت تؤرّق الفلسطينيين، وشكّلت منعطفاً هاماً، وكان الرد عليها سريعاً بتصاعد عمليات رمي الحجارة والزجاجات الحارقة، وتطوّر الأمر إلى الطعن بالسكاكين والبلطات والدهس.
وأدّت إلى تأجيج المقاومة الشعبية في مواجهة الاحتلال والمستوطنين، خاصة أنّ الاحتلال لم يتعامل بجدية لردع المجرمين، بل بقي يسعى إلى إيجاد الذرائع للجناة من المستوطنين ومنع المحاكمة عنهم، والذريعة جاهزة دائماً بـ"الحالة النفسية" أو "الجنون"، وهو ما تدحضه الأدلة والوقائع.
كذلك ارتكب المستوطنون جريمة بشعة بالإقدام على حرق مسكن عائلة سعد محمد دوابشة (31 تموز/يوليو 2015)، ما أدّى إلى استشهاد طفله الرضيع علي (18 شهراً)، ثم استشهاد سعد (30 عاماً، بتاريخ 8 آب/أغسطس) وزوجته رهام (27 عاماً، بتاريخ 6 أيلول/سبتمبر 2015)، فيما كان الطفل أحمد (4 سنوات ونيف) قد أُصيب بحروق بالغة، والأدهى أنّ الاحتلال الذي يعرف مَنْ اقترف هذه الجريمة من المستوطنين، لم يوقفهم، بل أمّن لهم الحماية، وطالب السلطة الوطنية الفلسطينية بتحمّل تكاليف علاج الطفل أحمد.
كذلك أقدم المستوطنون الصهاينة على استباحة باحات المسجد الأقصى، وفق مخطّط مدروس، يهدف إلى تحقيق التقسيم المكاني له، بعدما درج الاحتلال على اعتماد التقسيم الزماني - أي بتخصيص أوقات محدّدة لدخول اليهود لممارسة طقوسهم وشعائرهم التلمودية، ومنع المسلمين من الدخول إلى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين - لكن تصدّى المرابطون من رجال ونساء داخل المسجد الأقصى لاستباحات حرمة المسجد المبارك، لأنّهم يعرفون تماماً أنّ هدف الاحتلال، هو تغيير الواقع داخله، وفي ظل إصرار فلسطيني وأردني على ضرورة الحفاظ على تطبيق نظام "ستاتسكو" - أي الوضع التاريخي للمسجد الأقصى، الذي كان سائداً قبيل احتلاله من الكيان الإسرائيلي في العام 1967، لأنّه مقدّس وإسلامي خالص وحصري، يُدار من قِبل دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس.
وهذا يؤكد عدم تفريط المسلمين والفلسطينيين بمقدّساتهم، وذلك في إعادة إلى ما جرى عندما دنّس وزير الدفاع الإسرائيلي - آنذاك - أرييل شارون باحات المسجد الأقصى (28 أيلول/سبتمبر 2000) وكانت شرارة انطلاقة "الانتفاضة الثانية" - "انتفاضة الأقصى".
أهمية المواجهات الفلسطينية
وتكمن أهمية المواجهات البطولية الفلسطينية:
- بأنّ مَنْ يقم بها هم من جيل الفتية والشبان بين 13 و22 عاماً - أي مَنْ وُلِدوا بعد اتفاق أوسلو 1993 - وفي ذلك إثبات على تمسّك الفلسطينيين بأرضهم، ودحضاً لمقولة ديفيد بن غوريون: "غداً الكبار يموتون والصغار ينسون"، وإذ بالصغار يواجهون الاحتلال، ويؤكدون تمسّكهم بحقهم وأرضهم ووطنهم، ويُسقِطون نظرية "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض"، وأنّ المقاومة عامل وراثي بالجينات في دمه.
- مشاركة الشبان من ذكور وإناث في "ثورة السكاكين والدهس" بالعمليات الفدائية والمواجهات.
- أنّه لا توجد قيادة معلنة للحراك الفلسطيني.
- عدم دعم الحراك الفلسطيني بشكل مباشر من الفصائل والقوى الفلسطينية.
- إثبات فشل المشروع الأمني الصهيوني، إذ إنّ الاحتلال الذي يتفوّق دائماً بالمعلومة الأمنية، لم تعد متوافرة لديه، لجهة أنّ شاباً أو فتاة في مقتبل العمر يقرّر تنفيذ عملية بطولية سواء بالطعن عبر السكين - وهو متوافر في كل منزل - أو الدهس بالسيارة وهي متاحة.
- على أنّ الأهم، هو أنّ الشبان الفلسطينيين أفشلوا مخطّط الاحتلال بـ"عسكرة الحراك"، على الرغم من كل محاولات الزج باتجاهها، واعتماد أسلوب الإعدام الميداني المباشر تحت ذريعة الاشتباه بتنفيذ عملية، وهو ما دحضته الكثير من كاميرات المراقبة.
هذا النوع من العمليات المتجدّد أدّى إلى زعزعة الأمن داخل الكيان الصهيوني، الذي فشل بالحد منها على الرغم من كل الإجراءات التي اتخذها، بتكثيف حواجزه، ورفع مستوى التفتيش، أو تكثيف طلعات طائراته التجسّسية ومناظيره المتنقّلة، والكاميرات التي نشرها، فضلاً عن مراقبة وسائل التواصل الاجتماعي عبر خلية تم تكليفها بهذه المهمة، والقرارات بهدم منازل عائلات الشهداء، أو القوانين التعسّفية والقمعية، بما في ذلك القانون الذي يسمح بمحاكمة وسجن الأطفال الفلسطينيين، من هم دون سن 14 عاماً، وتعريضهم للتعذيب الجسدي والنفسي، وإبعاد شبان فلسطينيين إلى خارج القدس، بعدما كان يُعمد سابقاً إلى منع دخولهم المسجد الأقصى أو الاقتراب منه، أو الحبس المنزلي.
ولعلّ قمّة الفداء والتضحية تجلّت بإقدام الشاب رائد ساكت جرادات (22 عاماً، من بلدة سعير - قضاء الخليل) بتاريخ 26 تشرين الأول/أكتوبر 2015، على طعن جندي إسرائيلي افتداءً للشهيدة دانيا جهاد أرشيد (16 عاماً)، بعدما شاهد صورتها وقد أعدمها الاحتلال قبل 24 ساعة بدم بارد قرب الحرم الإبراهيمي في الخليل، بإطلاق جنوده النار باتجاهها، بذريعة محاولة تنفيذ عملية طعن، فنشر صورتها على صفحة الـ"فايسبوك" الخاصة به وكتب تعليقاً: "تخيّلها أختك".
واحتجز الاحتلال جثماني الشهيدين إلى أنْ سلّمهما معاً بتاريخ 31 تشرين الأول/أكتوبر، حيث جرى تشييع جثمانيهما بتاريخ 1 تشرين الثاني/نوفمبر، وما أنْ انتهى التشييع حتى طلب والد الشهيد رائد، ساكت يد الشهيدة دانيا من والدها جهاد، في مشهد مؤثِّر.
وحتى نهاية الشهر الثالث سجل أكثر من 200 عملية ومحاولة عملية، وأحصي سقوط أكثر من 135 شهيداً و15 ألف جريح من الفلسطينيين.
ويتعمد الاحتلال احتجاز جثامين الشهداء، وتسليمهم لاحقاً إلى ذويهم ليلاً، لمنع تشييعهم في جنائز حاشدة، لكن ذلك لا يثني الفلسطينيين عن المشاركة بزف شهدائهم.
كذلك تبين أنه بعد تسليم جثامين الشهداء فإنها بحاجة لمدة 72 ساعة للتحلل، والتمكن من التشريح، نظراً إلى درجة البرودة العالية التي يتم حفظ الجثامين بها بعد الاستشهاد، حيث يفضل الأهالي دفن الشهداء، وعدم الانتظار، وهو ما يخفي جرائم الاحتلال لجهة التعذيب أو سرقة أعضاء من الشهداء.
وأدّى تطوّر المواجهات البطولية إلى وقوع خسائر جسدية في صفوف جنود الاحتلال وقطعان المستوطنين، التي أدت إلى مقتل أكثر من 25 إسرائيلياً وجرح أكثر من 260، فضلاً عن حالة الهلع والقلق والخوف، حتى طالت "النيران الصديقة" للاحتلال عدداً من اليهود المهاجرين، بينهم المهاجر الاريتري ميلا أبتوم، الذي قُتِل بنيران الاحتلال اعتقاداً بأنّه شريك منفّذ العملية البطولية مهند العقبي (21 عاماً) في محطة حافلات بئر السبع (18 تشرين الأول/أكتوبر 2015).
إرباك إسرائيلي ... ومكاسب فلسطينية
ويُتوقّع أنْ تكون هناك انعكاسات سلبية داخل الكيان الإسرائيلي، بعد الفشل بوقف المواجهات البطولية للشبان الفلسطينيين، وهو ما ظهر من انقسام جلي بين القيادات السياسية والعسكرية:
- فالقيادات العسكرية وصلت إلى قناعة بعدم إمكانية الحسم العسكري لوقف الحراك الفلسطيني، نظراً إلى استمرار العمليات البطولية، على الرغم من عدد الشهداء والجرحى والمعتقلين الفلسطينيين، وارتفاع أعداد الاقتحامات، وإقامة الحواجز الثابتة والطيارة.
- بينما ترى القيادات السياسية أنّ تكثيف التواجد العسكري، وتفعيل أساليب القمع والاستيطان والعقوبات الجماعية، واجتياح مناطق الضفة الغربية وإغلاق المدن والقرى والمخيّمات، قد يكون أسلوباً ناجعاً.
وأمام الانقسام داخل الكيان الإسرائيلي، فإنّ نتائجه ستكون بارزة للعيان في المرحلة المقبلة.
هذا في وقت تتواصل آثار التجاوزات الصهيونية في المجتمع الدولي، والتي ليس آخرها قرار الاتحاد الأوروبي بوضع إشارات على المنتجات من المستوطنات الإسرائيلية، ما يشكّل ضربة قويّة للاقتصاد الإسرائيلي.
في المقابل، فإنّ فلسطين تحقّق المزيد من المكتسبات على المستوى الدولي، وذلك بعد الاعتراف الدولي بدولة فلسطين - عضو مراقب في "الأمم المتحدة" - ما أتاح لها الدخول والانضمام إلى العديد من المعاهدات والمواثيق الدولية، في طليعتها "المحكمة الجنائية الدولية" التي تقدّمت فلسطين إليها بعدّة شكاوى لجرائم مرتكبة اعتباراً من 13 حزيران/يونيو 2014 بما في ذلك استشهاد الفتى محمد أبو خضير، والعدوان على قطاع غزّة (7 تموز/يوليو 2015- 26 آب/أغسطس من العام ذاته)، ثم استشهاد الوزير زياد محمد أبو عين (مواليد 1959) أثناء قيادته مسيرة سلمية في قرية ترمسعيا (10 كانون الأول/ ديسمبر 2014)، وصولاً إلى الهبة الشعبية، والاستيطان، وواقع الأسرى الفلسطينيين، فضلاً عن حرق عائلة دوابشة، والجريمة بحق الفتى أحمد مناصرة "مهاني" (13 عاماً) الذي عُنّف خلال التحقيق معه بعد أنْ مورست بحقه شتّى أنواع التعذيب إثر اعتقاله تحت ذريعة مشاركته بعملية فدائية استشهد فيها إبن عمّه حسين خالد مناصرة على أراضي قرية حزمة - شمالي القدس، حيث تُرك أحمد ينزف، وانهال عليه جنود الاحتلال بالضرب والشتائم النابية (12 تشرين الأول/أكتوبر 2015)، وظهر خلال التحقيق معه بشكل عنيف وهو يردّد: "مش متذكر".
وتوثّق القيادة الفلسطينية كافة الانتهاكات الإسرائيلية وما يقوم به المستوطنون في القدس وداخل الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وحقّقت فلسطين انتصارات جديدة في طليعتها:
- رفع علم فلسطين فوق مقرّات "الأمم المتحدة" في نيويورك ثم فيينا وجنيف (30 أيلول/سبتمبر 2015).
- اعتراف حاضرة الفاتيكان بالدولة الفلسطينية خلال استقبال البابا فرنسيس للرئيس محمود عباس (16 أيار/مايو 2015)، ما يؤكد على مكانة فلسطين التاريخية والدينية، ويعطي بُعداً للقضية الفلسطينية من أعلى مرجع مسيحي في العالم، الذي يصل عدد المسيحيين الذين يتبعونه إلى أكثر من ملياري مسيحي.
- توالي اعترافات جديدة خلال العامين 2014 و2015 من قبل مختلف البرلمانات الأوروبية، التي بلغ عددها 11 اعترافاً، بدأت بدولة السويد (30 تشرين الأول/أكتوبر 2014)، ثم برلمانات: بريطانيا، إيطاليا، الأوروبي، لكسمبورغ، برتغاليا، بلجيكيا، فرنسيا، إيرلنديا واسبانيا (في العام 2014)، وإيطاليا (27 شباط/فبراير 2015) واليونان (22 كانون الأول/ديسمبر 2015).
- اعتماد الجمعية العامة لـ"الأمم المتحدة"، وبأغلبية ساحقة، مشروع قرار بعنوان "السيادة الدائمة للشعب الفلسطيني في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وللسكان العرب في الجولان السوري المحتل على مواردهم الطبيعية"، بتصويت 164 دولة لصالح القرار، ومعارضة 5 دول، وامتناع 10.
 - موافقة الولايات المتحدة الأميركية على دعم وكالة "الأونروا" بمبلغ 100 مليون دولار أميركي لضمان استمرارها في تقديم خدمات للاجئين الفلسطينيين في ظل الأزمة المالية التي تعاني منها (كانون الأول/ديسمبر 2015).
- قرار الولايات المتحدة الأميركية استئناف تمويل منظمة "اليونسكو" (كانون الأول/ديسمبر 2015)، بعدما كانت قد أوقفت ذلك بعد رفضها التصويت على قبول عضوية فلسطين في ثاني أكبر منظمة دولية (31 تشرين الأول/أكتوبر 2011).
وجاء قرار "المجلس المركزي الفلسطيني" بوقف التنسيق الأمني مع الاحتلال في جلسته المنعقدة في رام الله 4-5 آذار/مارس 2015، ليشكّل منعطفاً في العلاقات مع الاحتلال الإسرائيلي ويهدّد بوقف كل أشكال التنسيق مع الاحتلال.
وقد لوّح الرئيس عباس "بحل السلطة الوطنية الفلسطينية، لأنّ مهمتها نقل الفلسطينيين من الاحتلال إلى الاستقلال، وعلى نتنياهو الرافض للالتزام بالحقوق الفلسطينية التي نصّت عليها الاتفاقات، أنْ يؤمّن الأمن والأمان والرفاهية للشعب الفلسطيني، وفقاً لاتفاقيات جنيف، لوقوعه تحت الاحتلال".
وأكد الرئيس الفلسطيني "لن نكون الوحيدين الذين سوف نفي بمثل هذه الاتفاقيات، بما فيها التنسيق الأمني، فيما الاحتلال الإسرائيلي لا يلتزم بها"، مشدّداً على "إننا متمسّكون بحقوقنا وصامدون وصابرون، ولا تنازل عن حقوقنا مهما كانت الظروف، ولن نتزحزح عن ذلك".
ومن الأهمية العمل على تحصين البيت الداخلي الفلسطيني من خلال تطبيق بنود المصالحة الفلسطينية، لأنها تشكّل ضمانة أساسية في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، والعمل على تأمين شبكة أمان عربية وإسلامية ودولية لمواجهة المشاريع الإسرائيلية، خاصة أنّ المخطّطات الصهيونية يتم تنفيذها في المنطقة العربية من خلال تجزئة المجزّأ، وهو ما يخدم "دولة إسرائيل اليهودية".
وأثبت الفلسطيني أنّ الحجر والسكين وإرادة الحياة بكبرياء، والاستشهاد بشرف دفاعاً عن الأرض والمقدّسات، أقوى من آلة القتل والدمار الصهيوني ودباباته وطائراته المتطوّرة، وأنّه يقدّم فلذة كبده فداءً للوطن على أنْ يفرّط بحبة تراب من أرضه، وأنّه طالما بقي الاحتلال، فالشعب الفلسطيني لن يترك النضال، فالمعركة مع العدو الصهيوني متواصلة في "انتفاضة التحرير"...