عام >عام
"المبادرة الفلسطينية الموحّدة" بعد عامين على إطلاقها.. نقطة تحوّل تاريخية في تنظيم العلاقات اللبنانية - الفلسطينية
معالجة قضية المطلوبين ضمن "رزمة" الحل الواحد تعزّز العلاقات لضمان نجاح التجربة
وحدة الموقف الفلسطيني في مواجهة تقليص خدمات "الأونروا" تحبط طمس الشاهد الدولي
"المبادرة الفلسطينية الموحّدة" بعد عامين على إطلاقها.. نقطة تحوّل تاريخية في تنظيم العلاقات اللبنانية - الفلسطينية ‎الأربعاء 16 03 2016 06:34
"المبادرة الفلسطينية الموحّدة" بعد عامين على إطلاقها.. نقطة تحوّل تاريخية في تنظيم العلاقات اللبنانية - الفلسطينية
من اليمين: علي بركة (حماس)، فتحي أبو العردات (فتح) وأبو عماد الرفاعي (الجهاد الإسلامي)، يتوسّطهم الزميل هيثم زعيتر خلال اللقاء ف

هيثم زعيتر:

كان إنشاء "وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى" - "الأونروا" (بتاريخ 8 كانون الأول 1948)، إنشاءً مؤقتاً، ولم يكن من المتوقّع أنْ يتم التجديد لها، حيث باشرت عملها (بتاريخ 1 أيار 1950) ولمدة عام واحد ينتهي (بتاريخ 30 نيسان 1951)، لإنجاز المهام الموكلة إليها، وهي تقديم برامج الإغاثة المباشرة والتشغيل للاجئي فلسطين...
وتُعتبر قضية اللاجئين الفلسطينيين الأطول في تاريخ لجوء الشعوب، ولم يتم إيجاد حل عادل لها، لرفض سلطات الاحتلال الإسرائيلي تنفيذ القرار الدولي 194 (الصادر بتاريخ 11 كانون الأول 1948) القاضي بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم التي طردوا منها قسراً...
انطلاقاً من ذلك، فإنّه ومع إنهاء مهام وكالة "الأونروا" وإلغائها تتحوّل قضية اللاجئين إلى "المفوضية السامية لشؤون اللاجئين" التي أنشئت (بتاريخ 1 كانون الثاني 1951) وحُدّدت مهامها بتقديم الخدمات الإنسانية والأخلاقية إلى جميع اللاجئين في العالم باستثناء - الفلسطينيين - من خلال:
1- محاولة إيجاد حلول للاجئين بالعودة الطوعية إلى أوطانهم وإعادة الاندماج فيها بشكل آمن وبكرامة.
2- الاندماج في البلدان التي لجأوا إليها.
3- إعادة التوطين في بلد ثالث.
وهذا يعني أنّ الاستهداف هو لقضية اللاجئين، ومن أجل تحقيق الهدف لا بد من العمل على أكثر من صعيد من خلال:
1- دفع اللاجئين إلى الهجرة من أماكن اللجوء، وهو ما يجري حيث هاجرت عائلات فلسطينية من لبنان إلى الدول الأوروبية بحثاً عن حياة جديدة، في ظل الظروف الصعبة والمأساوية.
2- تغيير جغرافي وديمغرافي لأماكن تواجد الفلسطينيين، ومنها في لبنان، حيث تُسجّل بين الحين والآخر أحداث أمنية تستهدف المخيّمات أو داخل المخيّمات أو مع الجوار لشطب وجود المخيّمات، سواء:
- بدخول إسرائيلي، كما جرى بتدمير مخيّم النبطية (1974).
- بفعل أطراف لبنانية، كما جرى في تل الزعتر (1976).
- أو كما جرى في مخيّم نهر البارد، حين اختطفته مجموعة إرهابية واعتدت على الجيش اللبناني (20 أيار 2007)، ودُمّر المخيّم وما زال ينتظر إعادة الإعمار.
وقد قدّم الفلسطينيون الكثير من التضحيات لإفشال محاولات إلغاء بعض المخيّمات، وأعادوا بناء ما تهدّم، وإنْ لم يكن بشكل كامل، وهذا يؤكد أنّ استهداف قضية اللاجئين، هو أحد أبرز الملفات التي يتذرّع بها الكيان الصهيوني وتُعيق إنهاء العملية السلمية...
تتشابك وتتداخل عدّة معطيات في قضية اللاجئين، خاصة الجوانب الأمنية والخدماتية من صحة وتعليم واستشفاء والواجبات والحقوق، حيث يلتزم الفلسطيني بالقوانين في الدول المضيفة، ومنها لبنان، فيما لا يحصل على الكثير من حقوقه وفي كثير من الأحيان تُسن القوانين، ويتم التوافق بين المسؤولين على اللاجئ الفلسطيني، فيُحرم من التملّك أو حق العمل التي تتيحها القوانين في أي دولة في العالم.
وعلى الرغم مما يجري في عالمنا العربي من إلهاء للدول والشعوب بقضايا داخلية، بهدف التعتيم على قضية العرب المركزية الأولى، قضية فلسطين، إلا أنّ الشبان الفلسطينيين استطاعوا من خلال "انتفاضة القدس" المستمرّة منذ أكثر من 6 أشهر، إعادة البوصلة إلى القضية الأساس.
وأيضاً استطاع اللاجئون الفلسطينيون في لبنان تصويب الهدف إلى وكالة "الأونروا"، التي استغل المسؤولون فيها الظروف السياسية، وأمعنوا بتقليص الخدمات، التي استهلّت في المجال التربوي، ثم الاستشفائي والطبي والمعيشي، ولكن كان رد الفعل الفلسطيني موحّداً بمواجهة هذه المؤامرة ورفض تقليص الخدمات.
لكن يبرز الجانب الأمني، الذي يطغى على أي من الملفات الأخرى لدى حدوثه، خاصة أنّ هناك مَنْ يسعى إلى تنفيذ مخطّطات تفجيرية - توتيرية، انطلاقاً من المخيّمات الفلسطينية لتحقيق مآرب و"أجندات خارجية" أو "توجيه رسائل"، لأنّ زج العامل الفلسطيني يمكن أنْ يستقطب مَنْ يسير في ركب المشروع التفجيري، بعدما رفض الفلسطينيون الدخول في أتون هذا الصراع.
وطالما أنّ الفلسطينيين مستهدفون، فهذا يعني أنّ هناك مَنْ يحاول الاستمرار بذهنية سابقة، وهي استخدام الورقة الفلسطينية والإمساك بها، وتحريكها كلما احتاج إلى ذلك، وهو ما تجاوزه الزمن، حيث رفض الفلسطينيون هذه الأفكار مؤكدين أنّ مبدأ الشراكة هو الأساسي، وهو ما جرى تكريسه من قِبل عدد من القيادات والمسؤولين اللبنانيين، فتغيّرت طريقة التعاطي مع الملف الفلسطيني، خاصة في ظل توحّد الفصائل والقوى الوطنية والإسلامية في ما بينها - على الرغم من الاختلاف بتوجّهات النظر السياسية - ونجحت بتشكيل "القيادة السياسية العليا الفلسطينية" في لبنان، التي شكّلت عدّة أطر متابعة وأمنية لمواكبة تطوّرات.

ثمرة جهود متعدّدة

هذا النموذج الذي وصلت إليه القيادات الفلسطينية كان ثمرة جهود متعدّدة، وعلى عدّة صُعُد، وكرس بعد تسلّم السفير أشرف دبور مهامه كأوّل سفير لدولة فلسطين في لبنان.
وشكّل هذا النموذج قوةً للموقف الفلسطيني، بعدما كان البعض يتذرّع بأنّ هناك انقساماً بين القوى الفلسطينية، فجاء الموقف الموحّد قوّةً تكرّس المكتسبات من مبدأ الشراكة وليس التبعية.
هنا يُسجّل لعدد من القيادات اللبنانية، وفي طليعتهم: رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وقائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي ومدير عام الأمن العام اللبناني اللواء عباس إبراهيم، وآخرون، الدور الرئيسي في بلورة صيغة جديدة من التعاطي الجدي والشفّاف، وتحقيق المشاركة اللبنانية - الفلسطينية، حتى بقضايا تتعلّق بالملف الفلسطيني، وتتجاوز الساحة اللبنانية إلى العلاقات الفلسطينية - الفلسطينية المركزية.
اليوم في ظل ما تشهده المخيّمات من محاولات توتير، تُبذل الجهود على مستويات عدّة من أجل ضمان أمن واستقرار المخيّمات، وتحصين علاقتها مع الجوار، وهو ما اقتنعت به غالبية الفصائل والقوى الفلسطينية.
وبعد سلسلة من الأحداث التي شهدتها المخيّمات، عُقِدَتْ عدّة مصالحات، خاصة بين حركة "فتح" و"القوى الإسلامية"، وكذلك بين حركة "فتح" و"الشباب المسلم" في مخيّم عين الحلوة، بهدف تعزيز الأمن، ووحدة أبناء المخيّم، وحفظ أمن المخيّم والجوار اللبناني.
وأيضاً التأكيد على رفض الانجرار إلى أي توتير داخلي، لأنّ المعركة، هي في مواجهة تحقيق المطالب المحقة للشعب الفلسطيني من وكالة "الأونروا".
وتكمن أهمية عقد لقاءات المصالحة، مشاركة الروابط العائلية، ولجان البلدات والأحياء والقواطع والهيئات الشبابية والشعبية مع اللجان الشعبية والفصائل والقوى الفلسطينية، التي شعرت بمدى خطورة الأوضاع واستهداف المخيّمات، فكان إصرارٌ على تحصين الوضع الداخلي ووأد المؤامرات قبل نجاح المخطّطين بتنفيذ أجنداتهم، سواء أكان يدري مَنْ ينفّذ تبعات ذلك أو لا يدري.
وهنا يجب تسجيل نقطة تحوّل رئيسية في ملف العلاقات الفلسطينية الداخلية، والتي توّجت بإعلان "المبادرة الفلسطينية الموحّدة" (بتاريخ 29 آذار 2014) في اللقاء الذي عُقِدَ في "قاعة الشهيد زياد الأطرش" في مخيّم عين الحلوة بحضور حشد سياسي فلسطيني ولبناني.
كذلك فإنّه بعد عامين على ولادة هذه المبادرة أصبحت تشكّل نقطة تحوّل تاريخية في تنظيم العلاقات اللبنانية - الفلسطينية.
لكن وبعد عامين، ما هي الظروف التي سبقت الإعلان عن هذه المبادرة، وما جرى بعدها وقبل انتشار "القوّة الأمنية الفلسطينية المشتركة"، ثم تعميم تجربتها، وكيف يمكن تحصين المبادرة في ظل الظروف الدقيقة، وسعي مَنْ يتضرّر من نجاحها إلى الحؤول دون تنفيذ كامل بنودها، كما حاول البعض إلى إفشالها قبل إعلانها؟!
إثر موجة التفجيرات الانتحارية التي شهدها لبنان، ومحاولة اللعب على الوتر المذهبي السني - الشيعي، والإصرار على إدخال العنصر الفلسطيني في مواجهة "حزب الله" وحركة "أمل"، وما يتبع ذلك من تداعيات وانعكاسات على المخيّمات والتجمّعات الفلسطينية وتماسها مع الجوار، ذات الغالبية الشيعية في الضاحية الجنوبية والجنوب اللبناني، نشطت الاتصالات على أكثر من صعيد من أجل الوصول إلى مبادرة تهدف إلى تحييد الوجود الفلسطيني في لبنان، وتحصّن العلاقات اللبنانية – الفلسطينية، وتحييد الفلسطينيين على اعتبار أنّ هدف الفلسطيني الرئيسي، هو العيش بكرامة في لبنان، الذي قدّم كثيراً من أجل القضية الفلسطينية، وذلك إلى أنْ تتأمّن العودة إلى فلسطين، والتي هي القضية الرئيسية للاجئين الفلسطينيين، الذين يرفضون مشاريع التوطين أو التهجير أو إعادة التشتيت.
وأيضاً العمل على منع الفتنة المذهبية، وحصول اقتتال فلسطيني - لبناني، أو فلسطيني - فلسطيني، في ظل إصرار البعض على الدفع بهذا الاتجاه.
ومن أجل العمل على تنفيذ ذلك، طرح خلال اللقاء الدوري لـ"القوى الإسلامية" الذي عُقِدَ في مخيّم عين الحلوة (بتاريخ 24 شباط 2014)، مشروع "وثيقة تفاهم" عنوانها الرئيسي: "وثيقة تفاهم بين القوى الإسلامية الفلسطينية مع "حزب الله" وحركة "أمل"، بمشاركة ممثّلين عن حركتي "الجهاد الإسلامي" و"حماس"، "الحركة الإسلامية المجاهدة"، "عصبة الأنصار الإسلامية" و"حزب التحرير".
انطلاقاً من هذه الوثيقة جرى عرض عدّة أفكار من قبل فصائل وقوى فلسطينية، وأيضاً جرت اتصالات مع مدير عام الأمن العام اللواء عباس ابراهيم، الذي وعد بتقديم كل الدعم مع المعنيين، سواءً في الجانب اللبناني الرسمي والأمني والقضائي، أو الجانب الفلسطيني، بهدف الإسراع في إقرار هذه الوثيقة.
وعرض السفير الفلسطيني أشرف دبور وأمين سر حركة "فتح" وفصائل "منظّمة التحرير الفلسطينية" في لبنان فتحي أبو العردات هذه القضية على الرئيس الفلسطيني محمود عباس وأعضاء المجلس الثوري لحركة "فتح" الذي عُقِدَ في رام الله في الضفة الغربية (بتاريخ 10 آذار 2014)، وقد بارك الرئيس "أبو مازن" مثل هذه الخطوات التي تحصن الموقف الفلسطيني والعلاقات مع الأشقاء اللبنانيين.
ومن أجل تحصين هذه المبادرة جرى عقدت لقاءات مع مجموعات من "القوى الإسلامية" المتواجدة داخل مخيّم عين الحلوة، التي لا تنضوي تحت سقف "القوى الإسلامية"، والتي شكّلت في ما بينها "تجمّع الشباب المسلم"، وفي مقدّمهم: أسامة شهابي، هيثم الشعبي، جمال حمد، زياد أبو النعاج، بلال بدر ورائد جوهر، وتم التأكيد على التزام القرار الفلسطيني الوطني والإسلامي.
وعقدت "القوى الإسلامية" لقاءً في مخيّم عين الحلوة (بتاريخ 14 آذار 2014)، حضره ممثّلون عن حركتَيْ "حماس" و"الجهاد الإسلامي" و"القوى الإسلامية" و"الشباب المسلم"، وتم دمج ورقتَيْ "حماس" و"الجهاد" في ورقة واحدة بالتفاهم مع "القوى الإسلامية" في المخيّم.
لكن بعد ذلك برز دور لبعض المتضرّرين من الدخول على خط التوتير، وتصعيد وتأجيج الوضع الأمني، وطرح مبادرات أخرى، منها ما هو صادق النوايا والبعض بهدف شق الصف الفلسطيني الموحّد.
وبعد جولة لحركتي "الجهاد" و"حماس" ومسؤولين في قوى فلسطينية على عدد من الفاعليات الصيداوية و"حزب الله" وحركة "أمل"، تم التأكيد على ضرورة أنْ تشمل المبادرة كافة القوى الفلسطينية الإسلامية والوطنية، بما في ذلك حركة "فتح" وفصائل "منظّمة التحرير الفلسطينية".
وعُقِدَ لقاء بين اللواء ابراهيم والسفير دبور (بتاريخ 16 آذار 2014) - أي بعد عودة الأخير من رام الله، ثم زار رئيس المكتب السياسي لحركة "أمل" الحاج جميل حايك على رأس وفد من الحركة، السفير دبور وقيادة "فتح" في مقر سفارة دولة فلسطين في بيروت (بتاريخ 19 آذار 2014)، حيث نقل إليهم حرص الرئيس بري على إشراك جميع القوى الفلسطينية في هذه المبادرة، وفي مقدّمها حركة "فتح".

بلورة صيغة الأفكار

ومن أجل الإسراع بالإعلان عن المبادرة وتحصينها عُقِدَ مساء السبت (22 آذار 2014) لقاء في دارة الزميل هيثم زعيتر في حارة صيدا، شارك فيه أمين سر حركة "فتح" وفصائل "منظّمة التحرير الفلسطينية" في لبنان فتحي أبو العردات، ممثّل حركة "حماس" في لبنان علي بركة وممثّل "حركة الجهاد الإسلامي" في لبنان أبو عماد الرفاعي، وبالتواصل مع السفير دبور.
وتم التأكيد على أهمية توحيد كافة المبادرات والأفكار في مبادرة واحدة، تحمل عنوان "مبادرة القوى الوطنية والإسلامية الفلسطينية" في لبنان، على أنْ يتم التوافق عليها وإقرارها من قِبل مختلف الفصائل والقوى الفلسطينية.
واستمر اللقاء لأكثر من 4 ساعات، تم في نهايته التوافق على دمج الأفكار والمقترحات كافة في مبادرة واحدة، على أنْ تتضمّن 19 بنداً - وهو العدد ذاته للفصائل والقوى الفلسطينية التي تجتمع دورياً في سفارة دولة فلسطين.
وتم التوافق على أنْ تقدّم هذه المبادرة إلى مختلف الجهات اللبنانية المعنية الرسمية والقضائية والأمنية والسياسية والحزبية، من أجل تأمين الدعم لها بما يضمن معالجة كافة الملفات الفلسطينية الأمنية والسياسية والاجتماعية على الساحة اللبنانية "رزمة واحدة"، وليس استمرار التعاطي مع الجانب الفلسطيني من الزاوية الأمنية.
وإثر اللقاء المطوّل، طرح أنْ يتم عقد لقاء في مقر سفارة دولة فلسطين يوم الثلاثاء (25 آذار)، ولأنّ "خير البر عاجله"، اقترح عقد اللقاء صباح الاثنين (24 منه) على أنْ يتم ترتيب خروج ممثّلي "القوى الإسلامية" من مخيّم عين الحلوة، حيث جرت الاتصالات يوم الأحد، وأعطى قائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي تعليماته بتسهيل خروج ممثلي هذه القوى.
وفعلاً عُقِد اجتماع صباح الاثنين (24 آذار) بمشاركة ممثّلين عن فصائل "منظّمة التحرير الفلسطينية"، "تحالف القوى الفلسطينية"، "القوى الإسلامية" و"أنصار الله"، وحضره:
- سفير دولة فلسطين في لبنان أشرف دبور.
- وعن "فصائل منظّمة التحرير الفلسطينية": فتحي أبو العردات (فتح)، علي فيصل وعدنان أبو النايف (الجبهة الديمقراطية) وصلاح اليوسف (جبهة التحرير الفلسطينية).
- وعن "تحالف القوى الفلسطينية": أبو عماد الرفاعي (الجهاد الإسلامي) وعلي بركة (حماس).
- وعن "القوى الإسلامية": الشيخ عبدالله حلاق (الحركة الإسلامية المجاهدة) والشيخ أبو طارق السعدي والشيخ أبو شريف عقل (عصبة الأنصار الإسلامية).
- وعن "أنصار الله": محمود حمد.
وتم التوافق على المبادرة التي خرجت في صيغتها النهائية، وهي تُحاكي الهواجس والواقع الفلسطيني بما يضمن:
- مواجهة كل أشكال الفتنة التي تستهدف الإيقاع بين المسلمين، والسعي إلى وأدها، وإدانة عمليات التفجير التي تستهدف الأبرياء المدنيين على كل الأراضي اللبنانية، ووقف كل أشكال التحريض المذهبي والطائفي والإعلامي، وأن تتولّى الفصائل والقوى الوطنية والإسلامية الفلسطينية ضبط الأوضاع الأمنية في المخيّمات، وخصوصاً في مخيّم عين الحلوة، بما يضمن أمن واستقرار المخيّمات والتجمعات الفلسطينية، ورفع الغطاء عمَّن يُثبت تورّطه بأعمال أمنية من داخل المخيّمات الفلسطينية، وألا تكون المخيّمات منطلقاً لأي أعمال من شأنها المساس بالأمن اللبناني، ورفض الاستقبال أو الإيواء في المخيّمات لأي عناصر متورطة بأعمال أمنية، ورفض كل أشكال الاغتيالات وإدانتها، وكشف مرتكبيها ومحاسبتهم، ورفض الثأر والانتقام والتبرؤ من مرتكبيها، وتوفير الحماية للمدنيين والأبرياء ما أمكن ذلك.
- وأيضاً السعي إلى تسوية أوضاع المطلوبين، ومن يلزم من الأشخاص مع الجهات المعنية في الدولة اللبنانية، وتأمين الغطاء السياسي والقضائي والأمني من الجهات الرسمية والحزبية اللبنانية، لتنفيذ المبادرة مع التأكيد على سياسة الحياد الإيجابي، وعدم التدخل في الشأن الداخلي اللبناني، ورفض زج الفلسطينيين في التجاذبات والصراعات الداخلية اللبنانية، والتأكيد على أنّ الفلسطينيين هم صلة وصل وجمع بين جميع الأفرقاء في لبنان، ورفض كل أشكال الفرقة والانقسام والخطاب المذهبي والطائفي.
- كما تم التأكيد أيضاً على دعم الفلسطينيين وانحيازهم للأمن والسلم والاستقرار في لبنان، والتمنّي على الجهات اللبنانية المعنية بألا توفّر جهداً لحماية الشعب الفلسطيني في لبنان وقضيته من أي استهداف، وحماية حق عودة اللاجئين الفلسطينيين، وتخفيف الإجراءات على مداخل المخيّمات والمعاملة الحسنة للمارة وخاصة النساء.
- وختمت المبادرة إلى إعلان التبروء من كل عمل يخالف الاتفاق وبنوده، واعتبار "القيادة السياسية الموحّدة" في لبنان هي المرجعية العليا والمسؤولة المباشرة سياسياً وأمنياً عن الإشراف على هذه المبادرة وتنفيذها.
وقد جرى زف بشرى التوافق الفلسطيني إلى المشاركين في حفل توقيع كتابي "زلزال الموساد"... "العملاء في قبضة العدالة"، الذي أقيم برعاية قائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي ظهر يوم الاثنين - أي بعد انتهاء اجتماع الفصائل الفلسطينية - في "قصر الأونيسكو"، بحضور مختلف الأطياف اللبنانية الرسمية والنيابية والقضائية والأمنية والعسكرية والحزبية، والمسؤولين الأول للفصائل والقوى الفلسطينية الوطنية والإسلامية، الذين شاركوا في الاجتماع.
وفي اليوم التالي (الثلاثاء 25 آذار 2014)، عُقِدَ لقاء في مخيّم عين الحلوة، وصيغت المبادرة في صورتها النهائية، وجرى عقد لقاء بين ممثّلي "القوى الإسلامية" في المخيّم مع "تجمّع الشباب المسلم"، وتم إصدار بيان برفض القتل والاغتيالات والتصفية الجسدية لأي مسلم تحت أي ذريعة.
وأُعلِنَ عن "المبادرة الفلسطينية الموحّدة" في لقاء عُقِدَ في "قاعة الشهيد زياد الأطرش" في مخيّم عين الحلوة يوم الجمعة (29 آذار 2014) بحضور حشد سياسي فلسطيني ولبناني.
وبعدها جال وفد يمثّل الفصائل الفلسطينية على فاعليات مدينة صيدا وقيادات لبنانية، سلّموهم نسخاً عن المبادرة.

بين تنفيذ بنود المبادرة والتفجير؟!

بعد الإعلان عن إطلاق المبادرة، كان سباق بين تنفيذ بنودها ومحاولات متضرّرين للتوتير، فسجّلت عدّة حوادث اغتيالات وتفجيرات في المخيّم تم تجاوزها، وتذليل العديد من العقبات بشأن هيكلية قيادة "القوة الأمنية" وعديدها وعتادها وتأمين الموازنة لها، إلى أنْ تم نشرها في مخيّم عين الحلوة (بتاريخ 8 تموز 2014) والذي تزامن مع إعلان "الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام - داعش"، وخشية استغلال البعض لتطوّرات وتداعيات الأحداث في سوريا، ومحاولة نقل التوتير إلى المخيّمات الفلسطينية، ومنها مخيّم عين الحلوة.
وما بين الانتشار واليوم، شهدت الساحة الفلسطينية عدّة أحداث، نجحت الجهود في وقف إطلاق النار، وإن كان في بعض الأحيان لم يتم معالجة جذور المشاكل، فسجّلت عدّة اغتيالات، ومحاولات لضرب حركة "فتح" و"عصبة الأنصار الإسلامية" و"الحركة الإسلامية المجاهدة" بهدف تفجير الأوضاع في المخيّمات، ولكن تم تطويق ذيول تفاعل هذه الأحداث.
كما سعى البعض إلى محاولة نشر قوّة فصل في أكثر من منطقة تحظى بوضع حساس في المخيّم، وهو ما لم يعط ثماره.
ومن أجل تحصين المبادرة، بعد عامين على إطلاقها، من المهم استخلاص العبر والتجارب بشأنها لضمان نجاحها، وذلك من خلال:
- أنّ "القيادة السياسية العليا"، هي صاحبة القرار والإطار الذي يضم جميع الفصائل الفلسطينية.
- ضرورة الفصل بين عمل الأطر السياسية والأمنية، خاصة لجهة حصر اللقاءات مع القوى السياسية أو الأمنية، وذلك في ضوء تحديد المهام.
- استمرار تأكيد مختلف الأطراف أنّ "القوّة الأمنية الفلسطينية المشتركة"، هي الوحيدة المخولة بحفظ الأمن والاستقرار في المخيّمات، ويتم مؤازرتها من مختلف الفصائل الداعمة لها.
- تنفيذ رفع الغطاء السياسي عن أي مخل بالأمن عملياً، وعدم اقتصار الأمر على أشخاص دون آخرين، لأنّ ذلك يساهم بالمصداقية والطمأنينة.
- إعطاء دور للجان التحقيق لمواصلة عملها، وكشف الحقيقة في الملفات.
- ضرورة مواصلة المصالحات من خلال لجان المصالحات المجتمعية، لكن بعد إعلان نتائج التحقيقات في الملفات الغامضة، وليس وفقاً لمبدأ "طي الصفحة" بما يكتنفها من غموض.
- تأكيد رفض دخول الغرباء أو مَنْ يحملون أجندات خارجية إلى المخيّمات، لأن نتائج ذلك تكون سلبية عليهم وعلى أبناء المخيّمات.
- الحسم في القضايا الهامة، خاصة لجهة مَنْ يقوم بتكفير آخرين أو يجيز لنفسه القتل، تحت ذرائع متعدّدة.
- مواصلة الاتصالات واللقاءات مع الأطراف اللبنانية، تأكيداً على الالتزام بحفظ الأمن والاستقرار في لبنان، وأن المخيّمات جزء رئيسي من هذا الأمن.
- العمل بشكل جدي وفعال، ووضع النقاط فوق الحروف، من خلال الاستمرار بتكريس مبدأ الشراكة اللبنانية - الفلسطينية، وأنْ يتم إيجاد حلول جذرية لقضايا عالقة، خاصة ما يتعلق منها بشأن مذكرات التوقيف، أو الأحكام القضائية، أو بلاغات البحث والتحري، والتي كثيراً منها صدرت أو تراكمت لأسباب متعدّدة، وبينها من لا توجد أسس لها.
- الاستمرار بتوحيد الموقف الفلسطيني خاصة في مواجهة تقليص خدمات وكالة "الأونروا"، لأنّ التمسّك بذلك يؤدي إلى إفشال مخطّط إنهاء دور الوكالة الدولية، الشاهدة على نكبة اللاجئين الفلسطينيين...

نشر "القوة الأمنية الفلسطينية المشتركة" في مخيّم عين الحلوة .. مطلب بحاجة إلى التعميم

السفير أشرف دبور وممثّلو القوى الفلسطينية خلال إعلان المبادرة في مخيّم عين الحلوة