لبنانيات >أخبار لبنانية
معالجة أزمة الليطاني والقرعون... "صحوة إنتخابية"!
معالجة أزمة الليطاني والقرعون... "صحوة إنتخابية"! ‎الخميس 21 12 2017 10:36
معالجة أزمة الليطاني والقرعون... "صحوة إنتخابية"!


شهدنا اليوم "استنفارا" عنوانه الغيرة على نهر الليطاني وبحيرة القرعون، بدءا من إعلان وزراء ونواب إعداد خطة لمعالجة التلوث ورفعها إلى رئيس الوزراء سعد الحريري قبل الواحد والثلاثين من الشهر الجاري، مرورا بصخب إعلامي – إعلاني، وصولا إلى تشدد وزيري البيئة والصناعة في مواجهة المصانع الملوثة لنهري الغدير والليطاني.

ولا تساورنا أوهام حيال هذا الاندفاع غير المسبوق لمواجهة مشكلة ترقى إلى ثلاثة عقود وأكثر، ولا نتوقع اجتراح المعجزات في هذا الملف في أشهر قليلة، ولا في غيره من الملفات البيئية العالقة كأزمة النفايات والمقالع والكسارات، ففي موضوع النفايات "طمأننا" وزير البيئة طارق الخطيب أن لا عودة للنفايات إلى الشارع! فيما كل المعطيات تؤكد أننا نسير في سياسة كسب الوقت لتمرير صفقة توسيع المطامر الشاطئية في برج حمود والكوستابرافا، دون وجود خطة حتى الآن كاملة وشاملة لهذه المشكلة، ما يعني، وفقا لخبراء ومتابعين، أننا سنواجه المشهد عينه الذي واجه لبنان عقب إقفال مطمر الناعمة – عين درافيل، ولا نعلم إلى ماذا استند وزير البيئة في استشرافه أن النفايات لن تعود إلى الشوارع.

الكسارات لتمويل الانتخابات!

أما في ملف الكسارات والمقالع، فالآن وقتها، إذ ستكون المعنية بتمويل الحملات الانتخابية، الأمر الذي يفترض غض الطرف أكثر، خصوصا وأن المال "عصب" الانتخابات في لبنان، ولا مشكلة إن دُمر جبلان أو ثلاثة، واجتثت تلة من هنا وأخرى من هناك، علما أن هذا الملف ما يزال منذ عهد الوصاية السورية خارج سلطة الدولة وقوانينها.

لكن ما سر هذه الاندفاعة المفاجئة باتجاه الليطاني والقرعون؟

"إنجاز" يحفظ ماء الوجه

بعد أسابيع قليلة سيبدأ النواب المرشحون للانتخابات جولات على القرى والبلدات المتضررة، ولا سيما في محيط القرعون صعودا حتى المصب، وبنسبة أقل القرى والبلدات الممتدة من القرعون إلى المصب في بحر صور، فلا بد من "إنجاز" يحفظ ماء الوجه، لا سيما وأن سنة مضت من عمر الخطة الخمسية ولم نشهد إنجازا واحدا.

ولم يتبق سوى أربع سنوات لن تكون كافية لرفع التلوث عن النهر والبحيرة، لجهة بناء شبكات للصرف الصحي والصناعي وإنشاء معامل تكرير، فضلا عن أن معالجة تلوث بحيرة القرعون يتطلب إفراغها من المياه وخضوعها لسلسلة عمليات تنظيف وتأهيل، إضافة إلى أمور تقنية عدة، دون أن ننسى عدم تشغيل محطة التكرير في زحلة بكامل طاقتها، بما يخخف حجم التلوث عن النهر.

"بطولات" وهمية

إلى أن نعرف العناوين العريضة للخطة التي ستسلم للرئيس سعد الحريري، لا يمكن تحديد آلية العمل المقترحة، وإن كنا نعلم مسبقا أن أي خطة لن يكتب لها النجاح، إذ لم تكن المشكلة يوما في وجود خطط وإنما عدم وجود إرادة حقيقية لمعالجة هذا الملف.

ولتظهير وتسطير "بطولات" وهمية، جاء التحرك باتجاه المصانع، الحلقة الأضعف، وتم إيقاف بعضها، وكأن البعض الآخر التزم المعايير الصحية والبيئية، بمعنى أن ما حصل هو تقدم البعض "كبش فداء"، وأن ثمة توجها جديا للمعالجة.

نعلم أن التلوث الصناعي أشد خطرا وأن ليس ثمة منشأة صناعية مستوفية الشروط البيئية، لكن أين مسؤولية الدولة في توفير البنى التحتية اللازمة للقطاع الصناعي؟ وكيف ستشجع الاستثمار في هذا القطاع؟ ومن يتحمل المسؤولية عما وصلت الأمور إليه؟ وما سر هذه الصحوة الآن فيما المعامل موجودة من عشرات السنين؟

أكثر ما يقلقنا في هذا المجال، أن تكون هذه الصحوة آنية، مرتبطة بالاستحقاق النيابي، علما أن ما يستدعي قلقا أكثر يظل متمثلا في كيفية صرف الأموال المخصصة لمعالجة هذا الملف، خصوصا وأنه وفقا لـ "العرف" اللبناني في مجال التلزيمات، فدائما ثمة محاصصة وتقاسم لمغانم الدراسات والتلزيم!