عام >عام
عين الحلوة .. الأمن المنشود .. ضمان عودة الهدوء بديلاً عن الاستقرار
إصرار على استدراج "فتح" إلى معركة ضد "الشباب المسلم" وزج "عصبة الأنصار"
مَنْ موّل التكاليف الباهظة للاشتباكات الأخيرة .. ولماذا لم تُحوّل إلى مشاريع تنموية؟!
عين الحلوة .. الأمن المنشود .. ضمان عودة الهدوء بديلاً عن الاستقرار ‎الأربعاء 6 04 2016 06:32
عين الحلوة .. الأمن المنشود .. ضمان عودة الهدوء بديلاً عن الاستقرار
منطقة الصفصاف في الشارع الفوقاني لمخيّم عين الحلوة .. ضحية نكبة كل جولة جديدة من الاشتباكات

هيثم زعيتر

لم يكن ما جرى في مخيّم عين الحلوة في الأوّل من نيسان "كذبة نيسان"، التي يتداول بها كثيرون وينسجون روايات عنوانها الكذب...

بل ما جرى كان إشكالاً فردياً تطوّر إلى تبادل لإطلاق نار واشتباكات عنيفة بين حركة "فتح" من جهة، ومجموعات تدور في فلك "الشباب المسلم" من جهة ثانية، ودخول مجموعات أخرى على الخط...

مشهد يتكرّر بين الحين والآخر، وتتداخل فيه جملة من المعطيات والملفات، تؤجّج الأوضاع، بدلاً من العمل على لجم الأمور، لأنّ هناك مصلحة للكثيرين بالتوتير، والاستفادة من التعقيدات والـ"موزاييك" الموجود داخل "عاصمة الشتات الفلسطيني"...

هذا يعني أنّ أي تلاسن أو احتكاك أو تشابك بالأيدي قد يتطوّر إلى إطلاق نار، حتى لو حصلت مصالحة بين من وقع بينهما الإشكال، فهناك من يستغل الظروف ويصطاد بالمياه العكرة...

الأخطر أنّ المسؤول يتحدّث عن وجود خلل و"طابور خامس" و"موتورين" وتسميات متنوّعة، لكن دون مقاربة حقيقية بتسمية الأمور بأسمائها وتحديد المسؤوليات، فإذا كان المسؤول عاجزاً أو مستنكفاً عن القيام بواجبه، ماذا يفعل المواطن المغلوب على أمره؟

هذه الصورة شبيهة بواقع الحال لما يجري على الساحة اللبنانية، حيث يتحدّث المسؤول عن فساد مستشرٍ، ويشكو الأمر إلى المواطن، الذي كان ينتظر ترياق الحلول منه، فإذا به يصطدم بتهرّب المسؤول من مهمته، وإلقاء عبئها على كاهل المواطن المسكين...

ما شهده مخيّم عين الحلوة من اشتباكات على مدى يومَيْ الجمعة والسبت الماضيين، كادت أنْ تكون الأعنف التي يشهدها منذ سنوات خلت، نظراً إلى غزارة النيران التي استُخدِمَتْ من مختلف أنواع الأسلحة، الرشاشة، والقذائف الصاروخية "أر.بي.جي"، والقنابل اليدوية، فتحوّل الشارع الفوقاني من المخيّم بين مفرق سوق الخضار للجهة الشرقية مروراً بأحياء: الصفصاف، عكبرة، طيطبا، عيادة "الأونروا" والبركسات، وصولاً إلى ما قبل حاجز الجيش اللبناني عند المدخل الشمالي للمخيّم، إلى منطقة منكوبة كشف عنها انقشاع غبار المعركة، الذي أظهر كمّاً هائلاً من الرصاص المستخدم بألوانه "الصفراوية"، التي تشير إلى أنّه أُخرج حديثاً من المخازن، حيث يُطرح تساؤل عمَّنْ موّل هذه الجولة من الاشتباكات، التي فاقت كلفتها عشرات آلاف الدولارات؟

ألم يكن من الأجدى أنْ تُصرف في مجالات التنمية، وتحسين الواقع الاجتماعي والمعيشي والخدماتي للاجئين الذين يئنون تحت وطأة تجاوز خط الفقر؟

لكن التنمية لا تحقّق المشاريع المشبوهة، بل هي نقيض لها، فالمطلوب أرضية خصبة تتقبّل أي طروحات، وإنْ فشلت توطيناً - نظراً للمواقف المتصلبة لبنانياً وفلسطينياً - فتهجيراً وتشتيتاً نحو الدول الأوروبية، وهو ما كان قد ألمح إليه البعض من المسؤولين الأوروبيين بأنّ فترة النزوح والهجرة من المخيّمات ستكون اعتباراً من ربيع 2016، وهو ما يُعيد المشهد ذاته حين غادرت مئات العائلات من مخيّمات لبنان واللاجئين الفلسطينيين الذين نزحوا من سوريا إلى لبنان باتجاه القارة الأوروبية، وإن ابتلع البحر الكثير منهم...

ما يجري من إعادة تسليط الأضواء على الملف الفلسطيني من جانبه الأمني، يخطف الأضواء من الحراك ضد تقليصات "الأونروا"، الذي دخل شهره الرابع، حيث تسعى إدارة الوكالة الدولية إلى استغلال الظروف، ومحاولة التهرّب من الوعود والالتزامات التي قطعتها لمسؤولين فلسطينيين ولبنانيين ودوليين بوقف التقليصات، والعودة إلى ما كان معمولاً به قبل بداية العام 2016...

استهداف الملف الفلسطيني يؤكد أنّ المخطّط مستمر، وإنْ تغيّرت أدواته، لكن هناك إصرار على تنفيذه، والوصول إلى الغاية بشتى السُبُل، خاصة استهداف قضية اللاجئين الفلسطينيين، وتحديداً في لبنان، وكأنّه لم يُتعظ ممّا جرى في مخيّم نهر البارد، الذي لم تتم إعادة إعماره بعد 9 سنوات على تدميره على أيدي مجموعة إرهابية اختطفته واعتدت على الجيش اللبناني (20 أيار 2007)...

بدلاً من الحديث عن الاستقرار الذي ينعم به مخيّم عين الحلوة منذ فترة، عاد الحديث عن عودة الهدوء بعد جولة من الاشتباكات، تكون قد حصدت ضحايا أبرياء، وألحقت أضراراً جسيمة في الممتلكات من منازل ومحال يكون صاحبها قد استدان لتزويدها بالبضاعة، أو سيارة عمومية يعمل من خلالها على الخط، وكل أمله ألا يكون ضحية "ضبط" قيادة سيارة عمومية من دون رخصة، لأن الفلسطيني محروم من الحصول عليها.

هذا فضلاً عن ترويع الأهالي، خاصة الأطفال، حيت تضطر الكثير من العائلات للنزوح من المخيّم إلى خارجه، بحثاً عن مكان أكثر أماناً، حاملة ما تيسر لها من ضروريات، أصبحت جاهزة داخل حقائب بشكل دائم، ومركونة بالقرب من باب المسكن، إنْ تيسّر لها وقت لحملها.

وأيضاً الهلع الذي يعتري الأطفال، واستمرار تعطيل الدروس في المدارس، ما يساهم بتجهيل الطلبة الفلسطينيين، الذين كانوا قدوةً بالتميز والإبداع.

هواجس التوتير

تتردّد جملة من الأسئلة حول ما يجري:

- مَنْ يضمن عدم تجدّد التوتير واتساع رقعته إلى اشتباكات تحصد المزيد من الضحايا والأضرار؟

- لماذا الإصرار على استغلال أي حادث فردي للتوتير وتكرار المحاولة بعد إجراء مصالحة أو معالجة المشكلة؟

- لماذا تركيز دائرة الاشتباكات في الشارع الفوقاني من المخيّم؟

- لماذا محاولة نقل التوتير إلى مناطق أخرى من المخيّم، خاصة إلى منطقة الزيب عند مدخل الحسبة، وغيرها من المناطق؟

- ما الذي يحول دون قيام القيادات الفلسطينية بتسمية الأسماء بمسمياتها، وتحديد لجان التحقيق للمسؤوليات، خاصة أن الكثير من القضايا، يتناقلها المواطنون في الشوارع، دون أنْ تكون هناك حاجة إلى تناقلها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، التي يستغلها البعض ببث أخبار، ودس بيانات مشبوهة تهدف إلى زرع الفتنة، وتأجيج الأوضاع؟

- مَنْ يتحمّل مسؤولية ازدواجية التعاطي بشأن بعض المطلوبين والتمييز بين مطلوب بـ"سمنة"، وآخر بـ"زيت"، فالأول لا يمكن توقيفه حتى لو كان أقدم على القتل العمد، والثاني يتم توقيفه حتى لو اقترف جنحةً؟

- لماذا عدم إعطاء كامل الصالحية لـ"القوّة الأمنية الفلسطينية المشتركة" في مخيّم عين الحلوة للضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه، الإساءة إلى أمن المخيّم، وخطورة انعكاس ذلك على الجوار؟

لم يكن ما جرى بعد ظهر الجمعة الماضي، بإطلاق النار على العنصر في حركة "فتح" حسين عثمان، بريئاً، بل أعقب استغلال إشكال فردي وقع بين شابين صغيرين في المنطقة.

إطلاق النار المتعمّد، جاء كأول رد فعل على نجاح الجلسة التي عُقِدَتْ بين وفد من "لجنة أهالي الصفصاف" وقائد "قوات الأمن الوطني الفلسطيني" في منطقة صيدا العميد أبو أشرف العرموشي في مقره ببستان القدس في المخيّم، بحضور مسؤولين من "فتح"، جرى خلاله بحث الآليات التي يمكن أن تؤدي إلى حل نهائي لكل المشكلات التي كانت قد وقعت سابقاً بين أشخاص من حركة "فتح" وأهالي الصفصاف.

وتبيّن من خلال الاشتباكات أنّ هناك استهدافاً باتجاه حي الصفصاف، بتعمّد إطلاق النار بشكل مركّز على المنازل والمحال التجارية فيه، وهو ما أظهرته الأضرار الفادحة التي لحقت في الحي.

وأيضاً أنّ هناك مَنْ يهدف إلى زج المنطقة في تأجيج الوضع، حيث كلما أُعلِنَ عن هدنة أو تحرك لمبادرة يتم إطلاق النار لمنع وصول الاتفاق إلى خواتيمه.

كما أنّ "المبادرة الشعبية" التي وصلت إلى منطقة الصفصاف، تعرضت لإطلاق نار، وكذلك "القوّة الأمنية الفلسطينية المشتركة" التي وصلت إلى المنطقة للانتشار فيها، فأُصيب عنصران منها بجراح.

كما أنّ "عصبة الأنصار الإسلامية" التي انتشرت في المنطقة كانت عرضة أيضاً للاستهداف.

لم يقتصر الأمر خلال الاشتباكات، بل عمد البعض خلال تشييع جثمان عثمان، بعد عصر الأحد إلى إطلاق النار في الهواء وإطلاق قنبلة، وتعمّدوا إطلاق النار باتجاه منطقة الصفصاف، وأيضاً باتجاه مخيّم الطوارئ، من قِبل عناصر موتورة بهدف تجدّد الاشتباكات.

إصرار على الاستدراج

يتّضح أنّ ما جرى كان يستهدف:

- أولاً: استدراج حركة "فتح" إلى معركة، والقيام بمهاجمة المنطقة التي تتواجد فيها مجموعات من "الشباب المسلم"، وهو ما جرى تفويته على المخطّطين.

- ثانياً: استهداف أيضاً "عصبة الأنصار الإسلامية" وجرها إلى معركة في مواجهة بعض المتطرّفين الإسلاميين.

وكان قد سبق ذلك اغتيال متعمّد للشاب عبد الرحمن قبلاوي على يدي عمر الناطور (أحد عناصر "فتح الإسلام")، بدم بارد، ولدى مراجعة البعض للمسؤول عنه بلال بدر، نفى علمه بأنْ يكون الناطور قد أبلغه بعزمه على قتل قبلاوي.

وهو ما يطرح التساؤل لمصلحة مَنْ جرى تنفيذ هذه الجريمة، واستهداف قبلاوي بهدف جر عائلته ومنطقة الزيب، إلى اقتتال، خاصة أنّ العائلة وأهالي البلدة يتواجدون بشكل رئيسي على المدخل الغربي للمخيّم، والذي يعتبر شرياناً رئيسياً لحركة الداخلين والخارجين إلى ومن المخيّم عبر نقطة الحسبة.

وهذا يعني أنّ هدف التوتير هو المطلوب، ومنها أن يتم ما جرى من ردة فعل، بإقدام بعض أصدقاء الضحية عبد قبلاوي، على قتل محمود الناطور - شقيق القاتل عمر الناطور.

وهذا يكشف عن أنّ هناك مَنْ يركّز على توسيع التوتير في المخيّم، والتي تواكب أيضاً المخطّطات عبر مجالات أخرى ومنها تعميم سياسة القتل والقتل المضاد ثأراً، وهو ما يفتح الملف على مصرعيه، ويخشى العودة إلى اعتماد الأمن الذاتي لدى العشائر والبلدات لحماية أنفسهم.

هذا في وقت تنتشر شبكات ترويج المخدرات والحبوب المخدرة، والتي أصبحت هناك حاجة ضرورية لردعها قبل فوات الأوان.

ولعل أخطر ما في الأمر، هو ما أعلنه القيادي في "أنصار الله" وممثلها في "اللجنة الأمنية الفلسطينية العليا" في لبنان الحاج ماهر عويد عن انسحابه من اللجنة "احتجاجاً على عدم كشف الحقيقة في التحقيقات، التي كان يتم التوصل فيها إلى تحديد الجاني قبل أن يتوقف التحقيق، في بعض الاشتباكات التي حصلت داخل مخيّم عين الحلوة، ولم تكن المعالجة كما يجب".

وأوضح أنّ "الأمور واضحة بالنسبة لنا في ما يتعلق بالجهات التي تقوم بتوتير الأجواء داخل المخيّم، ولكن لا أحد يريد أن يعلن الحقائق خلال الاجتماعات التي تُعقد، لذلك قررنا الانسحاب من "اللجنة الأمنية المشتركة"، لأن المطلوب من الفصائل والقوى الفلسطينية العمل والسيطرة على الحالات المرتبطة بتنظيمات إرهابية، لتجنيب المخيّم نتائج أي عمل أمني يمكن أن ينتج عن هذا الأمر".

من جهته، أشار القيادي في "الشباب المسلم" الشيخ أسامة شهابي إلى أنّه على "خلاف فكري ومنهجي مع تنظيم "داعش"، خصوصاً في مسائل الغلو في التكفير واستباحة الدماء المعصومة، وهذا ما يعلمه كل الناس".

وألمح إلى أنّ "هناك قلّة مؤيّدة لفكر "داعش" داخل المخيّم، أغلبهم من صغار السن، وأغلبهم مختلفون في ما بينهم، ويريد الذهاب إلى الرقة عندما يستطيع ذلك".

وفيما كانت الأوضاع تميل إلى الهدوء، سُجّل إلقاء قنبلة يدوية فجر أمس على مقربة من مقر "القوة الأمنية الفلسطينية" في منطقة سوق الخضار في الشارع الفوقاني للمخيّم، أدّى انفجارها إلى اشتعال محل لبيع الثياب يعود للفلسطيني راسم سرية، حيث أتت النيران على كل محتوياته، قبل أنْ يعمد أهالي الحي والنسوة على إخماد النيران.

وهذه القنبلة هي الأولى التي تُلقى بعد التوصل إلى وقف إطلاق النار اثر الاشتباكات الأخيرة في المخيّم.

المواطن في المخيم لا يريد إلا الأمن والأمان والاستقرار، وليس العودة لينعم بهدوء لا يعرف متى يتم خرقه، وتحت أي عنوان، حتى لو كان خلافاً ليس لوجهات نظر سياسية وعقائدية، بل ربما لأتفه الأسباب!

بعد عامين على إطلاق "المبادرة الفلسطينية" في مخيّم عين الحلوة (28 آذار 2014)، والتي حقّقت الكثير من الإيجابيات، وما تلاها من إعلان "ميثاق شرف" بين أكثر من فصيل وإطار فلسطيني، خاصة حركة "فتح" و"الشباب المسلم"، يبدو أنّ هناك مَنْ لا مصلحة له باستقرار الأوضاع في "عاصمة العودة" إلى فلسطين.

التغرير بالشباب

في ضوء ما يجري، يتّضح أنّ ما كنّا قد حذّرنا منه سابقاً مراراً وتكراراً من خطورة الوضع، وإصرار البعض على محاكاة تجارب إرهابية، قد بدأ بالبروز بشكل واضح، خاصة مع اعتراف الجميع بأنّ هناك مَنْ يحمل "أجندات" خارجية، ويسعى إلى تنفيذها انطلاقاً من مخيّم عين الحلوة، واستخدامه "صندوق بريد" لتوجيه هذه الرسائل.

وأيضاً أنّ هناك مَنْ يحمل أفكار "داعش" و"النصرة"، وهو ما حاول البعض التقليل من أهميته عندما تطرّقنا إليه في مقالات سابقة، لكن هيكلية أصبحت مكتملة في مخيّم عين الحلوة، ولا تحتاج إلا إلى لحظة الإعلان عنها، حيث يرى المعنيون فيها، أن الوقت ليس مناسب حالياً.

وهذا يؤكد أنّ هناك مَنْ يستغل الفكر التطرّفي، ويعمل على تزكية الغرائز وتجييشها لتكون جاهزة عند اللحظة المناسبة.

وما جرى من حدّة في الاشتباك، يؤكد أنّه كان "بالون اختبار" لأكثر من فريق، وتهيئة للأجواء لما هو مُعد من "سيناريوهات" تستهدف مخيّم عين الحلوة، وهذا يحتاج إلى:

- شباب يُغرّر بهم ويصبحون أكثر قناعة بالقتال والدفاع عن المعتقدات التي تُغرس بهم، ووسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت كفيلة باللعب على الوتر المذهبي المتطرّف.

- أهمية أنْ يكون هناك مَنْ هم من أبناء مخيّم عين الحلوة، وهو ما جرى مع بعض مَنْ غُرّر بهم، وأصبحوا "يُكفّرون" حتى "القوى الإسلامية" التي تلتقي مع الفصائل الفلسطينية الأخرى، وفي طليعتها حركة "فتح"، والأحزاب اللبنانية وبينها حركة "أمل" و"حزب الله"، فضلاً عن الأجهزة الأمنية الرسمية اللبنانية.

- حدّة التطرّف من  قِبل مَنْ يُعتبرون قادة مجموعات، الذين ذهبوا إلى أقصى اليمين حتى في توجّهات بعض المجموعات داخل "الشباب المسلم"، فضلاً عن إمكانية الاستفادة من لاجئين فلسطينيين وسوريين كانوا قد نزحوا من سوريا إلى مخيّم عين الحلوة.

- الاستفادة من طاقات عدد من المطلوبين اللبنانيين، الذين وصلوا إلى المخيّم في فترات سابقة، وقد اعترف مَنْ نقلهم بذلك، وأقرّت القيادات الفلسطينية بوجودهم - وإنْ كان الحديث عن أنّهم "تحت الطاعة".

- الحاجة إلى منطقة جغرافية تشكّل نواة إمارة يكون الخليط فيها متجانساً، وهو ما يشير إلى تركيز الاشتباكات على الشارع الفوقاني من المخيّم، وما يؤدي حكماً إلى اضطرار عائلات لمغادرته والبحث عن أماكن سكن أخرى في مدينة صيدا، والإعلان عن الاستعداد لبيع هذا المسكن، الذي بني حتى قبل ولادة الكثير ممن غُرّر بهم من أبناء المخيّم.

وخطورة هذه المنطقة أنّها توصّل إلى منطقة الفيلات عبر البركسات والنبعة، انطلاقاً من الصفصاف والطيرة وطيطبا - أي المنطقة الممتدة من النبعة إلى شارع قصب في الفيلات - حيث تمركز وانتشار الجيش اللبناني، هذا فضلاً عن تواجد عناصر من "سرايا المقاومة" التابعة لـ"حزب الله" في المنطقة.

والأحداث التي تشهدها هذه المنطقة - أي الشارع الفوقاني - تُعيد الذاكرة إلى الوراء، يوم تم التركيز على مخيّم الطوارئ، قبل أنْ تُطبق السيطرة عليه "عصبة الأنصار الإسلامية"، علماً بأنّ مساحته صغيرة جداً، ولا يتعدى طوله الـ500 متر وعرضه الـ70 متراً.

- محاولة نقل التوتير إلى أكثر من منطقة، خاصة لجهة حي الزيب، وهو الذي يتمتع بنقطة حساسة على اعتبار أن المدخل الغربي المؤدّي إلى مخيّم عين الحلوة عبر حاجز الحسبة، يمر من تلك المنقطة.

الاستفادة من التجارب

وانطلاقاً من ضرورة الاستفادة من التجارب، بات ملحاً أنْ يكون هناك تعاون فلسطيني - فلسطيني، وفلسطيني - لبناني، وفلسطيني ولبناني - مع المجتمع الدولي من أجل وضع حلول جذرية، وذلك من خلال:

* فلسطينياً:

- حسم الفصائل والقوى الفلسطينية لقراراتها بشأن تنفيذ رفع الغطاء السياسي عن أي مخل بالأمن بشكل عملاني، وتنفيذه على أرض الواقع، وليس اقتصار الأمر على الحديث الإعلامي.

- تقييم واضح وصريح لعمل اللجان والأطر التي انطلقت عن "المبادرة الفلسطينية" للاستفادة من الإيجابيات، ومعالجة السلبيات.

- إعطاء كامل الصلاحية لـ"القوّة الأمنية الفلسطينية المشتركة"، وإتاحة انتشارها في كافة أرجاء المخيّم، وممارسة دورها كاملاً، وغير منقوص.

- تمكين لجان التحقيق من القيام بمهامها بالتحقيق بشفافية، وختم تحقيقاتها، وإعلانها بصراحة، وعدم إقفال الملفات عند الاصطدام بأسماء وازنة.

- إطلاق حملة توعية لشرح خطورة الظروف السياسية والأمنية، والتركيز على الأخطر

أخطر بممارسة القتل وإجازة القيام بذلك، والقتل المضاد ثأراً، وهو ما يجر ويلات بثارات تنتقل إلى عائلات وعشائر تنتشر داخل المخيّم.

- تفعيل المصالحات المجتمعية، ولكن بعد تبيان الحقائق في الملفات، وليس التعامل بمبدأ "طَيْ الصفحة".

- معالجة جذرية لأسباب الإشكالات وليس القيام بمصالحة مرتجلة، تكون مؤقتة.

- الاستفادة من دور اللجان الشعبية ولجان وروابط البلدات ولجان الأحياء والقواطع والمبادرات الشبابية والشعبية، التي ثبت بالملموس حرص الكثيرين منهم على أمن المخيّم، وتعريض أنفسهم للخطر من أجل العمل على وقف إطلاق النار وسحب المسلحين.

* فلسطينياً - لبنانياً:

- استمرار التواصل اللبناني - الفلسطيني، في ظل القناعة بأنّ أمن واستقرار المخيّمات هو جزء أساسي من أمن واستقرار لبنان.

- العمل على تحسين الظروف المعيشية والاقتصادية والاجتماعية وإقرار الحقوق المدنية للفلسطينيين.

- رفع مستوى التعاطي مع الملف الفلسطيني من مديرية تُعنى بشؤون اللاجئين الفلسطينيين، إلى وزارة متخصصة بشؤون اللاجئين - دون النظر إلى طائفة أو مذهب من يتولى ذلك، لا أنْ يدفع الفلسطيني ضريبة الخلافات السياسية اللبنانية حول أحقية أي الطائفة لتتولى هذه الوزارة.

- معالجة جذرية لملفات المطلوبين، داخل المخيّمات، خاصة أنّ المئات منهم صادرة بحقهم أحكام غيابية أو بلاغات بحث وتحري ومذكّرات توقيف، علماً بأنّه جرت معالجة بعض الملفات في هذا المجال.

* فلسطينياً - لبنانيا مع المجتمع الدولي:

- تنسيق المواقف اللبنانية - الفلسطينية، خاصة في مواجهة سياسية "الأونروا" بتقليص خدماتها، وليس آخرها على المستوى الاستشفائي، لأنّ لبنان من أكثر البلدان تضرراً من تقليصات الوكالة الدولية.

- تكثيف التحرك للضغط على الدول المانحة من أجل الإيفاء بالتزاماتها إلى "الأونروا" وتمكينها القيام بالمهام الموكلة إليها للاجئين الفلسطينيين، إلى حين عودتهم إلى وطنهم.