عام >عام
شلالات دم فلسطيني بمجرزة الإحتلال تزامناً مع افتتاح البؤرة الاستيطانية الأميركية
55 شهيداً وأكثر من 2500 جريح في غزّة ومجلس الأمن يعقد جلسة اليوم
شلالات دم فلسطيني بمجرزة الإحتلال تزامناً مع افتتاح البؤرة الاستيطانية الأميركية ‎الثلاثاء 15 05 2018 08:23
شلالات دم فلسطيني بمجرزة الإحتلال تزامناً مع افتتاح البؤرة الاستيطانية الأميركية
إبنة ترامب إيفانكا خلال افتتاح السفارة الأميركية في القدس المحتلة

هيثم زعيتر

يتسابق الفلسطينيون في تقديم الدماء فداءً لفلسطين، الأرض والمقدّسات، في قوافل متواصلة منذ 70 عاماً، ولم تهن عزيمتهم وإرادتهم قيد أنملة عن تحقيق حلم التحرير والعودة.
خرجوا شيباً وشباباً، نساءً وأطفالاً في مسيرات العودة، شجباً وإدانة لنقل سفارة الولايات المتحدة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، الخطوة الاستفزازية التي تزامنت مع الذكرى الـ70 لنكبة فلسطين، وتتنافى مع القرارات والأعراف الدولية كافة.
فقد ارتكبت قوّات الإحتلال الإسرائيلي أمس (الإثنين) مجزرة كبيرة بحق الفلسطينيين على الشريط الحدودي شرق قطاع غزّة، ما أسفر عن سقوط 55 شهيداً وأكثر من 2500 جريح برصاص قنّاصة الإحتلال المباشر، الذي أُطلِق على المتظاهرين السلميين، بما في ذلك الفرق الطبية والطواقم الإعلامية.
وأظهرت التقارير الطبية أنّ 90% من الإصابات كانت بالرصاص الحي ومنه المتفجّر، وفي الرأس والرقبة والأطراف العلوية، وشمل الأطفال والنساء، هذا فضلاً عن إصابات عدّة جرّاء استنشاق الغاز الذي أطلقه جنود الإحتلال.
سقط عدد من الشهداء والجرحى بين الفِرق الطبية والطواقم الإعلامية.
وقد قوبل العدوان الإسرائيلي بإدانة عربية ودولية، حيث يعقد مجلس الأمن الدولي جلسة طارئة له اليوم (الثلاثاء) حول فلسطين، بناءً لطلب الترويكا العربية.
فيما أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس عن تنكيس الإعلام والحداد العام لمدّة 3 أيام اعتباراً من اليوم (الثلاثاء) والاضراب العام.
وقرّرت القيادة الفلسطينية، إثر اجتماع عقدته برئاسة الرئيس عباس، أمس في رام الله، القيام بسلسلة من الخطوات، وبينها تشكيل لجنة لتحديد العلاقة مع إسرائيل والتوجّه إلى المزيد من الوكالات الدولية.
فمنذ ساعات صباح أمس، توافد عشرات الآلاف من الفلسطينيين إلى الشريط الحدودي مع قطاع غزّة المحاصر، تلبية لفعاليات مسيرة العودة، تزامناً مع الذكرى الـ70 لنكبة فلسطين.
وواجهت قوّات الإحتلال، التي كانت قد وُضِعَتْ في حالة تأهّب قصوى التجمّعات الفلسطينية بقصف مدفعي واستخدام كثيف للرصاص الحي والمغلّف بالمطاط والقنابل الحارقة.
كما أغارت على 5 مواقع زعمت أنّها تابعة للمقاومة الفلسطينية في غزّة.
وأقدم الإحتلال على إطلاق طائرات مسيّرة لاسلكياً، محمّلة بقنابل دخانية جرى إلقاؤها على المتظاهرين ما أدّى إلى إصابات عدّة بالاختناق.
ونجح الشباب الفلسطينيون في إسقاط طائرة بعدما أمطروها بوابل من الحجارة.
وعلى وقع سُحُب الدخان من الإطارات المطاطية، التي أشعلها الشبان الفلسطينيون، قذفوا جنود الإحتلال بالحجارة، وأطلقوا طائرات ورقية حارقة، أدّى سقوطها في مناطق الإحتلال إلى إشعال عدّة حرائق في الحقول.
واستطاع عدد من الشبان إزالة الشريط الشائك في نقاط تماس عدّة، والتي ارتفعت إلى 15، فتعرضوا لنيران قناصة قوّات الإحتلال.
ونجح الشبان باقتحام موقع النصب التذكاري التابع لقوّات الإحتلال شرق بلدة بيت حانون  - شمال قطاع غزّة.
ونُقِلَتْ جثامين الشهداء والجرحى إلى المستشفيات في قطاع غزّة، فيما جرت معالجة حالات الاختناق في مراكز طبية أُقيمت بالقرب من منطقة الاشتباكات.
نقل السفارة
في غضون ذلك، كانت تتم في مدينة القدس، مراسم حفل افتتاح البؤرة الاستيطانية الأميركية، احتفاءً بنقل سفارة الولايات المتحدة الأميركية من تل أبيب إلى القدس المحتلة.
وأُقيم الحفل عصراً، حيث طغت عليه المراسم التوراتية، مع تلاوة صلوات من التوراة من قِبل قس أميركي.
حضر الحفل وفد أميركي رفيع، تقدّمه وزير الخزانة الأميركية ستيف منوشين، نائب وزير الخارجية جون ساليفان، وكريمة الرئيس ترامب؛ إيفانكا وزوجها جاريد كوشنير مستشار البيت الأبيض، والمبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط جيسون غرينبلات، والسفير الأميركي في الكيان الإسرائيلي ديفيد فريدمان.
فيما غاب أعضاء الحزب الديمقراطي الأميركي في "الكونغرس" بما في ذلك أعضاؤه اليهود.
وحضر عن الجانب الإسرائيلي: رئيس الكيان الغاصب رؤوفين ريفلين، ورئيس وزراء حكومة الإحتلال بنيامين نتنياهو، ورئيس أركان جيش الإحتلال غادي ايزنكوت، وقادة اليمين المتطرّف والاستيطاني.
وفي كلمة مسجّلة، هنّأ الرئيس ترامب "إسرائيل بنقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة"، زاعماً أنّ "القدس هي عاصمة الشعب اليهودي منذ القدم"، وآملاً "تحقيق السلام، وأن أميركا شريكة للسلام وتقف إلى جانب إسرائيل".
وألقى كلمة الافتتاح السفير فريدمان فقال: "إنّ الولايات المتحدة وفت بوعدها، ونحن نعطي إسرائيل نفس الحق الذي نعطيه لكل دولة في تحديد المدينة التي ستكون عاصمتها".
فيما كرّر ساليفان، خلال الحفل، زعم أنّ "نقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة يحسّن فرص السلام".
بينما قال كوشنير: "إنّني فخور جداً بأنْ أكون هنا اليوم في القدس، القلب الأبدي للشعب اليهودي، وفيما تراجع رؤساء (أميركيون) سابقون عن نقل السفارة، فعل ذلك الرئيس ترامب، لأنّه يعد وينفّذ، وإسرائيل هي أمة ذات سيادة، ولديها الحق في تحديد عاصمتها، وهو حق أي دولة أخرى في العالم".
من جهته، عبّر ريفلين عن شكره لترامب على نقل السفارة، وقال: "نأمل، ونتوقّع أنّه على أعقابك ستسير دول أخرى في طريقك".
بينما اعتبر نتنياهو أنّه "ليست لدينا صديقة أفضل في العالم، أنتم تقفون إلى جانب إسرائيل والقدس، تذكّروا هذه اللحظة، إنّها تاريخية، وباعتراف التاريخ صنع الرئيس ترامب تاريخاً".
واتخذت قوّات الإحتلال الإسرائيلي إجراءات أمنية مشدّدة في محيط السفارة وأرجاء مدينة القدس، حيث أغلقت بعد الظهر الشوارع المحيطة بالسفارة.
وتزامناً نفّذ متظاهرون فلسطينيون ومتضامنون اعتصاماً بالقرب من مقر السفارة الأميركية، احتجاجاً على نقلها إلى مدينة القدس، بمشاركة أعضاء عرب في الكنيست الإسرائيلي.
وأقدم عناصر حرس الحدود والشرطة الإسرائيلية بالاعتداء بالضرب على عشرات المتظاهرين بينهم أعضاء عرب في الكنيست، ما أدّى إلى إصابة العديد منهم بالإغماء.
الرئيس عباس
إلى ذلك، ترأس الرئيس الفلسطيني محمود عباس اجتماعاً طارئاً للقيادة الفلسطينية مساء أمس (الإثنين) في مقر الرئاسة في رام الله.
وأعلن "تنكيس الأعلام لمدّة 3 أيام (اعتباراً من اليوم، الثلاثاء) حداداً على أرواح الشهداء، والإضراب غداً (اليوم) لمناسبة ذكرى النكبة".
واعتبر الرئيس عباس أنّ "ما جرى في القدس، هو افتتاح بؤرة استيطانية أميركية وليست سفارة".
وشدّد على أنّ "إزاحة القدس واللاجئين عن المفاوضات، يعني أنّ هناك صفعة أميركية، وأميركا لم تعد وسيطاً في الشرق الأوسط، ولن نقبل إلا وساطة دولية متعدّدة تأتي من خلال مؤتمر دولي".
وفي ختام الاجتماع، أعلن أمين سر اللجنة التنفيذية لـ"منظّمة التحرير الفلسطينية" الدكتور صائب عريقات عن أنّ "القيادة قرّرت التوقيع على انضمام فلسطين لعدد من الوكالات الدولية المتخصّصة".
وأضاف: "كما قرّرت القيادة أيضاً التوقيع على إحالة ملف الاستيطان إلى "محكمة الجنايات الدولية"، ودعوة مجلس الأمن وبتكليف من الرئيس محمود عباس للاجتماع بشكل طارئ، وطلب توفير الحماية الدولية لشعبنا".
وأوضح الدكتور عريقات أنّ "القيادة قرّرت تشكيل لجنة من التنفيذية والمركزية والحكومة، لتحديد العلاقات مع إسرائيل، ولوضع قرار المجلس الوطني للتنفيذ، كما قال الرئيس محمود عباس بأنّ القرارات للتنفيذ".
وقرّرت مصر استمرار فتح معبر رفح البري وتزود القطاع بالأدوية الطبية. 
وأعلن المندوب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة، السفير رياض منصور عن أنّ "رئيسة مجلس الأمن "بولندا" لهذا الشهر أبلغت الترويكا العربية، بأن جلسة مجلس الأمن حول فلسطين ستعقد صباح غد (اليوم)".
وأضاف منصور: "جاء ذلك خلال الاجتماع الذي عقدته الترويكا العربية المكونة من السعودية "رئيس المجموعة العربية لهذا الشهر" والكويت "العضو العربي في مجلس الأمن"، وجامعة الدول العربية وفلسطين مع رئيسة مجلس الأمن "بولندا"، حيث تم رسمياً طلب عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن بأسرع وقت ممكن".
هذا، وتتواصل مسيرات الغضب اليوم (الثلاثاء) إحياءً للذكرى الـ70 لنكبة فلسطين.
مواقف مندّدة
وندّدت العديد من دول العالم أمس، بما ارتكبته قوّات الإحتلال الإسرائيلي من مجازر بحق أبناء الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزّة.
فأعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، عن "قلقه العميق" إزاء الوضع في غزّة. 
وقال للصحافيين في فيينا: "نشهد تصعيداً في النزاعات (...) أشعر بالقلق الشديد للأحداث في غزة مع سقوط عدد مرتفع من القتلى".
*وطالبت جامعة الدول العربية، المجتمع الدولي بالتدخل الفوري لإنفاذ قراراته خاصة في توفير الحماية للمقدسات الإسلامية والمسيحية وتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني في أرضه ومقدساته.
*وأكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط خلال مؤتمر صحفي عقده، أنّ "افتتاح السفارة الأميركية في القدس المحتلة، يُمثل خطوة بالغة الخطورة لا أعتقد أن الإدارة الأميركية تُدرك تبعاتها الحقيقية علي المديين القصير والطويل".
*وأعرب مصدر مسؤول في وزارة الخارجية السعودية عن إدانة المملكة العربية السعودية الشديدة لاستهداف المدنيين الفلسطينيين العزل من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، ما أسفر عن سقوط عشرات القتلى والجرحى.
وشدد المصدر على ضرورة اضطلاع المجتمع الدولي بمسؤولياته تجاه وقف العنف وحماية الشعب الفلسطيني الشقيق، مجددا التأكيد على ثوابت المملكة تجاه القضية الفلسطينية، ودعمها للأشقاء الفلسطينيين في استعادة حقوقهم المشروعة وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية.
*وأكد مفتي الديار المصرية الدكتور شوقي علام أن إقدام الرئيس الأميركي دونالد ترمب على نقل سفارة بلاده إلى مدينة القدس المحتلة والاحتفال بتدشين هذه السفارة المزعومة بالتزامن مع الذكرى السبعين لنكبة فلسطين هو استفزاز صريح وواضح لمشاعر أكثر من مليار ونصف مليار مسلم على وجه الأرض.
وشدَّد مفتي مصر في بيان أصدره، على أن هذه الاستفزازات الأميركية تزيد الوضع صعوبةً وتدخل بالمنطقة في مزيد من الصراعات والحروب مما يهدد الأمن والسلام العالمي.
*وحثّت وزيرة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني إلى "أقصى درجات ضبط النفس" إثر سقوط العشرات بنيران الجنود الاسرائيليين خلال احتجاجات ضد نقل السفارة الأميركية إلى القدس. 
*وأكدّ وزير الدولة لشؤون الإعلام، الناطق الرسمي بإسم الحكومة الأردنية محمد المومني، أن افتتاح السفارة الأميركية في القدس، واعتراف الولايات المتحدة بها عاصمة لإسرائيل، يمثل خرقاً واضحاً لميثاق الأمم المتحدة وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.
*من جهتها، دعت فرنسا إلى "تجنّب "تصعيد جديد" في الشرق الأوسط بعد استشهاد 55 وجرح أكثر من 2400 فلسطيني برصاص قوّات الإحتلال الاسرائيلي خلال مواجهات في قطاع غزّة والضفة الغربية تزامنت مع افتتاح السفارة الأميركية في القدس المحتلة".
وإذ دعت الكيان الإسرائيلي إلى عدم استخدام القوّة، مشدّدة على "وجوب حماية المدنيين"، قال وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان "في وقت يتصاعد التوتر على الأرض (...) تدعو فرنسا جميع الفرقاء الى التحلي بالمسؤولية بهدف تجنب تصعيد جديد".
*بدورها، دعت بريطانيا إلى "الهدوء وضبط النفس" في قطاع غزّة. وقال المتحدّث بإسم رئيسة الوزراء تيريزا ماي: "نحن قلقون إزاء التقارير عن العنف وفقدان الأرواح في غزة، وندعو إلى الهدوء وضبط النفس لتجنب أعمال مدمرة لجهود السلام"، مضيفا: "إن نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس "لا يساعد احتمالات السلام في المنطقة".
*فيما قالت الخارجية الإيطالية إن وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، أنجلينو ألفانو، "يكرر مشاعر القلق والحزن العميق للموتى والجرحى اليوم في قطاع غزة، في أعقاب الاشتباكات العنيفة بين المتظاهرين الفلسطينيين والقوات الإسرائيلية".
*وأدانت وزارة الخارجية السورية "المجزرة الوحشية" في قطاع غزة بعد مقتل أكثر من 50 فلسطينياً في مواجهات مع الجيش الإسرائيلي احتجاجاً على افتتاح السفارة الاميركية في القدس، وفق وكالة الأنباء الرسمية (سانا).
*واعتبرت تركيا أن الولايات المتحدة شريكة إسرائيل في المسؤولية عن "المجزرة" في غزة حيث قتل 55 فلسطينيا برصاص الجيش الاسرائيلي أثناء احتجاجهم على نقل السفارة الأميركية الى القدس.
وصرّح رئيس الوزراء التركي بن علي يلديريم، للصحافيين في انقرة: "المؤسف أن الولايات المتحدة وقفت الى جانب الحكومة الاسرائيلية في هذه المجزرة بحق المدنيين وباتت متواطئة في هذه الجريمة بحق الإنسانية".
وقفة احتجاجية
ونُفّذت وقفة احتجاجية أمام مقر السفارة الأميركية في العاصمة الأردنية، عمّان، شارك فيها المئات من المواطنين، الذين ردّدوا هتافات تؤكد عمق العلاقة بين الشعبين الأردني والفلسطيني، والمكانة التاريخية والدينية للقدس في نفوس الأردنيين والعرب، وأنّها ستبقى عربية عاصمة فلسطين الأبدية والتاريخية.

 

 

 

 

 

المصدر : اللواء