عام >عام
9 سنوات على رحيل المفتي المقاوم الشيخ محمد سليم جلال الدين
9 سنوات على رحيل المفتي المقاوم الشيخ محمد سليم جلال الدين ‎الأربعاء 27 04 2016 07:10
9 سنوات على رحيل المفتي المقاوم الشيخ محمد سليم جلال الدين

هيثم زعيتر

9 سنوات مرّت على رحيل مفتي صيدا والجنوب السابق الشيخ محمد سليم جلال الدين في مثل هذا اليوم (27 نيسان 2007).
9 سنوات على رحيل المفتي المقاوم، رجل المواقف الصلبة، الحكيم وصاحب الرأي السديد في الملمّات، الحنون والعطوف والرؤوف والمتواضع، رغم الكبر في المكانة والعلم والسن.
بين الولادة (10 كانون الثاني 1912) والرحيل (27 نيسان 2007)، 95 عاماً ميلادياً و98 عاماً هجرياً، عاشها "بركة صيدا"، كانت حافلةً بالإنجازات والمحطات المفصلية.
دائماً كان صمّام أمان في اللحظات الحرجة، وامتاز بقول كلمة الحق، ولا يأبه لومة لائم.
عُرِفَ بصراحته ووضوحه أمام العدو والصديق، وما زال الصيداويون يذكرون وقفته باحتضان المقاومين من أبناء صيدا في وجه الاحتلال الإسرائيلي حين تصدّت ثلة من قادة "قوّات الفجر" الشهداء: جمال الحبال، محمد علي الشريف ومحمود زهرة (27 كانون الأول 1983) لدورية لقوّات الاحتلال الإسرائيلي وأوقعوها بين قتيل وجريح، وإصراره على إقامة مراسم التشييع على الرغم من إقدام قوّات الاحتلال على اعتقال نجله "ساطع"، فرفض محاولة الضغط، كما رفض استقبال الحاكم العسكري الإسرائيلي معتذراً، حتى لا يتخذ البعض ذلك ذريعةً ويشرع الأبواب أمام المحتلين الغاصبين.
لا يمكن لأحد أنْ يزايد على مواقفه في مواجهة العدو الصهيوني وإحقاق الحق، فهو مَنْ كرّس لبنانية مزارع شبعا بحكم شرعي صدر (30 تشرين الثاني 1944) بإثبات ملكية مزرعة "مشهد الطير الإبراهيمي" إلى "الأوقاف الإسلامية السنية" قبل الاحتلال الصهيوني لفلسطين.
وبقي حتى رحيله مدافعاً عن القضية الفلسطينية ومناصراً لها.
امتاز بأنّه لم يكن طرفاً في يوم من الأيام مع أي كان، بل كان حاضناً للجميع، وإنْ اختلفوا فكراً وعقيدةً وانتماءً سياسياً.
المفتي صاحب الكلمة الجريئة والمواقف الحاسمة، نتذكّره في رحيله وهو الذي ينطبق عليه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له".
وهذه الصفات الثلاث كما كرّسها المفتي جلال الدين في حياته، ما زالت مستمرة بعد رحيله.
فالصدقات الجارية عديدة، من تشييد المساجد والمعاهد والمدارس والجوائز القرآنية والوقفيات.
وعلمه الذي أفاد منه الكثيرين وأصدره في كتب كان آخرها "وتبقى الذكريات.. صدى السنين"، ليغرف منها الجيل الناشئ من تجربة شيخ جليل.
وولد صالح يدعو له، فها هي أسرته الصغيرة والكبيرة يتسابقون بالدعاء له وعمل الخير لعلهم يوفونه جزءاً يسيراً من عطاءاته وتقديماته ومكانته.
في ذكرى رحيل المفتي جلال الدين التاسعة، كم نحن بحاجة إلى أمثاله في زمن هناك مَنْ يقتل بإسم الدين وهو منهم براء، ويسعى إلى بث بذور الفتنة المذهبية، والتفرقة الإسلامية - المسيحية، وهي ما كان ينبّه المفتي الراحل إلى خطورة هذه المرحلة قبل سنوات عديدة من رحيله.