صحة >صحة
الذبحة القلبية عند الشباب: خطر كبير ومؤسف يهدد شباب لبنان
الذبحة القلبية عند الشباب: خطر كبير ومؤسف يهدد شباب لبنان ‎الجمعة 25 01 2019 14:19
الذبحة القلبية عند الشباب: خطر كبير ومؤسف يهدد شباب لبنان

جنوبيات

1- مقدمة: لقد كثر الكلام أخيرا في لبنان عن الأصابات المبكرة بأمراض القلب والشرايين التي لايكاد يمر يدم دون أن نسمع أنها أصابت شابا أو صديقا هناك ، بشكل مفاجئ دون سابق انذار وأدت الى وفاته وهو في مقتبل العمر دون أن نعرف أسباب هذه الأمراض ولماذا هي في أزدياد مستمر في بلادنا ؟

في الواقع لاتمثل الذبحة القلبية عند الشباب أكثر من 3 الى 5% من مجموع الذبحات القلبية الافتتاحية عند مجمل المرضى الذين يصابون بهذه الأمراض ، لكن هذه المشكلة الطبية خطيرة جدا بسبب كون المصابين بها من الشباب العاملين والناشطين في مجتمعاتهم وبسبب الأثار الأجتماعية والعاطفية والأنسانية التي تتركها .
نشير ايضا الى أنه رغم خطورة هذه الأصابات عند الشباب وأثرها النفسي الكبير عليهم ، هناك عامل اطمئنان مهم أظهرته معظم الدراسات العلمية المتوفرة حاليا وهو يتمثل بأن نسبة الوفيات عند تعرض هؤلاء الشباب لذبحة قلبية هي أقل بكثير من النسبة التي نجدها عند الكبار وكذلك بالنسبة الى مستقبلهم بشكل عام والى معاودة نشاطهم واستمرارهم في عملهم بشكل طبيعي ، فهي عندهم أفضل منها عند المتقدمين في السن ، طبعا بعد مراقبة وعلاج عوامل الخطورة الموجودة عندهم .

و في حوالي %80 من حالات الذبحة القلبية عند الشباب غير مرضى تصلب شرياني نموذجي أو نمطي كالذي نراه عند المتقدمين في السن لكن من أهم خصائص هذا المرض مقارنة مع المتقدمين في السن هو أنه غالباً ما يصيب شريان واحد فقط من شرايين القلب الرئيسية الثلاثة( Single vessel disease) مقارنة مع المتقدمين في السن حيث يصيب المرضى في غالب الأحيان شريانين أو ثلاثة من الشرايين التاجية للقلب. في المقابل هناك حوالي %20 من حالات الذبحات القلبية عند الشباب التي لايوجد فيها أي أثر مهم لمرضى تصلب الشرايين وهي قد تكون في هذه الحالات ناتجة عن إستعمال المخدرات مثل مادة الكوكاين أو عند وجود تشوة خلقي في الشرايين التاجية للقلب وهو ما قد يترجم في أحيان كثيرة بذبحة قلبية مفاجئة تصيب هذا الشاب خلال أحد التمارين الرياضية أو خلال بعض المبارات الرياضية وتتسبب عنده بموت مفاجئ أو بتوقف مفاجئ في عمل القلب ناتج عن إنسداد مفاجئ أو ضغط مفاجئ على أحد الشرايين التاجية للقلب عند القيام بجهد كبير. أخيراً أن تعدد الإصابات الشريانية عند الشباب يظهر مرتبط أكثر بعدد عوامل الخطورة لديهم وخاصة في حال إصابتهم بمرض السكري.

2- عوامل خطورة هذا المرض:
-Aإن التدخين يظهر وكأنه السبب الأول والرئيسي للذبحات القلبية عند الشباب وهو مسوؤل عن حوالي 80% من الحالات, ذلك لأنه يتسبب في حصول خلل وظيفة البطانة الداخلية للشرايين التاجية للقلب (Endothelial dysfunction) وهو ما قد يساهم كثيراً في حصول تشنج أو إنقباض (Coronary spasm) في هذه الشرايين في حالة الراحة أو تحت تأثير بعض العوامل الأخرى. وكلما زادت كمية السجائر المدخنة كلما كان خطر حدوث الذبحة القلبية أكبر وهذا ما يؤشر إلى خطورة إنتشار ظاهرة التدخين على جميع أنواعة وخاصة تدخين النرجيلة عند الشباب والمراهقين وحتى عند الأولاد الصغار كما يحدث في معظم الدول النامية أو المختلفة حيث نرى الأطفال يدخنون النرجيلة في شوارع المناطق الفقيرة والضواحي.

أما في %20 من الحالات الغير ناجمة عن مرض تصلب الشرايين فيجب دائماً البحث عن إستعمال مادة الكوكايين لأن هذه المادة تمنع إعادة قبط أو إمتصاص مادة الـ (Norepinephrine)في الخلايا العصبية وهذا ما يتسبب بزيادة كميات هذه المادة في الخلايا العضلية التي تصل إليها هذه الأعصاب وبالتالي هذا ما يتسبب في إرتفاع الضغط الشرياني وإزدياد ضربات القلب وزيادة حاجات القلب من الأوكسجين والأغذية الأخرى.

وما يتسبب أيضاً في تشنج أو إنقباض الشرايين التاجية للقلب وإلى هبوط كميات الأوكسجين التي توصلها هذه الشرايين إلى عضلة القلب. وعبر هاتين الطريقتين فإن تناول كميات كبيرة من الكوكايين وزيادة هذه المادة بشكل حاد في الدم قد يؤدي إلى نقص في تروية عضلة القلب أو إلى الإصابة بذبحات قلبية حادة أو إضطرابات خطيرة في ضربات القلب. أما التناول المزمن لهذه المادة فهو يؤدي إلى أمراض في عضلة القلب التي قد تتوسع أو قد تتضخم (Dilated or hypertrophic cardiomyopathy). وإلى تسرع أو تطور مرض تصلب الشرايين بشكل كبير وإلى حدوث حالات إلتهابات في عضلة القلب أو إلى حدوث وفاة في بعض الخلايا العضلية القلبية في أماكن متنوعة من هذه العضلة.

-Bأما العوامل الأخرى المهمة التي نجدها عند الشباب فهي تتمثل في مشاكل وإختلال إستقلاب الدهنيات في الدم (Lipid abnormalities) بحيث أن هناك عدة حالات ناتجة عن خلل وظيفة بعض الجينات الموجودة في خلايا الكبد خاصة والتي يؤدي عدم عملها بشكل طبيعي إلى زيادة نسبة مستوى الدهنيات الضارة (LDL-Cholesterol) في الدم وبالتالي إلى تكون مرض تصلب شرياني مبكر نتيجة ترسب هذه الدهنيات السريع والمخيف في جدار الشرايين التاجية للقلب. ومن أهم هذه الأمراض: إرتفاع مستوى الكولستيرول العائلي متجانس الآليات (Homozygous familial hypercholesrolemia) وخلاله يرتفع مستوى الدهنيات الضارة (LDL-Cholesterol) في الدم إلي 4 اضعاف المستويات الطبيعية.

وهناك نوع آخر من هذه الأمراض وهو إرتفاع الكولستيرول العائلي الغير متجانس الآليات(Heterozygous familial hypercholesterolemia) والذي يرتفع خلاله مستوى الـ (LDL Cholesterol) إلى ضعفي الرقم الطبيعي. والنوع الأول الخطير من هذا المرض يصيب حوالي شخص من كل مليون شخص من عامة الناس والنوع الثاني هو أكثر إنتشاراً ويصيب شخص من كل 500 شخص. ولكن الإصابة بهذه الأمراض قد تكون أكثر رواجاً عند بعض الفئات والقوميات مثل عند اللبنانيين المسيحيين والكنديين من أصل فرنسي والجنوب أفريقيين.

وبعكس الشكل الطاغي Dominant)) هناك بعض الأشكال التقهقرية(Recessive) التي تم إكتشافها أيضاً عند بعض العائلات اللبنانية. ومنذ إكتشاف الأختلالات الجينية التي قد تصيب لاقط الـ LDL (LDL Receptor)في الجسم سنة 1986 والذي بتسبب بسبب خلل عمله بإرتفاع مستوى الـcholesterol) LDL ) الضار في الجسم إلى مستويات غالباً ما تكون متوسطة أو خطيرة في بعض الأحيان, ومع أن البدايات كانت تشير إلى أن هذه الأمراض قد تكون ناتجة عن عمل جين واحد توالت الأكتشافات فيما بعد مع إكتشاف خلل عمل جين الـ (Apolipoprotein B) سنة 1987 وخلل عمل جين الـ(Protein convertase subtilin /kexin 9 ) سنة 2003 وكذلك إكتشافات أخرى تتناقل من خلال الصبغة التقهقرية المتنحية العادية (Autosomal recessive hypercholesrtrolemia gene(ARH)) في سنة 2001.

وسريراً فإن النمط الظاهر الأول من هذا المرض واضح وسهل التشخيص بسبب إرتفاع مستوى الـ) LDL Cholesterol (إلى مستويات خطيرة (4 أضعاف الطبيعي) وبسبب علامات خارجية جلدية وفي العيون واضحة منذ الطفولة وهنا غالباً ما يكون التاريخ العائلي المرضي مليئ بالمعلومات والحالات المثيلة. في المقابل فإن النمط الثاني المتوسط منه فهو ذو تشخيص أصعب وعلاماته الخارجية أقل بروزاً وقد لا تظهر أبداً أو تظهر فقط خلال مرحلة البلوغ. وهنا يختلف مستوى الـ) (LDL Cholesterol بين الرقم القريب من المستوى الأعلى من الرقم الطبيعي إلى مستويات تصل إلى ضعفي الرقم الطبيعي. وقد يكون العامل الوراثي أو العائلي غير واضح في هذه الحالة بسبب العلاج المبكر الذي قد يؤمن الحماية من الإختلاطات الجانبية وخاصة من مرض تصلب الشرايين. وأخيراً نشير إلى أن هذه الأمراض الخطيرة قد يتم تشخيصها سريراً عبر إرتفاع مستوى الدهنيات بشكل متوسط أو خطير أو متناقض في بعض الأحيان, إرتفاع مستوى الـ (LDL Cholesterol) إلى مستويات قد تصل إلى 4 أضعاف الرقم الطبيعي من دون علامات خارجية جلدية لإرتفاع الدهنيات ومن دون إرتفاع خطير بنسبة الوفيات من أمراض القلب والشرايين أو على العكس مستوى دهنيات عادي أو قليل الإرتفاع مع علامات جلدية خارجية للمرض وزيادة في الإصابات القلبية والشريانية.


الطريقة الثانية للتشخيص هي بواسطة تقنيات علم الوراثة التي تطورت كثيراً في السنوات الأخيرة وأصبحت تشير الى عدم مسؤولية جين واحد في عدد كبير من هذه الأمراض بل الطبيعية المتعددة الجينات لهذه الامراض (Polygenic state) وحتى إلى تأثير بعض العوامل الغير وراثية في هذا المجال وهنا نشير إلى أهمية أن يقوم التحقيق أو الدراسة الوراثية في مراكز متخصصة في هذا المجال .
-C عوامل ذيادة تخثر الدم Hypecoagulable state) ) : ذ لك انه عندها نقوم بدراسة تفاعل عوامل تجلط الدم في الجسم وتعدد طرق عملها والتوازن الدقيق الموجود بين العوامل التي تزيد من حدة التجلط والعوامل التي تحمي من ذلك نفهم بسرعة أن هذه الشلالات من التفاعلات البيولوجية قد تكون عرضة لعدة إختلالات قدتتسبب بزيادة مبكرة في الإصابات الشريانية عن طريق عدة إختلالات مثل:
1- إرتفاع مستوى العامل الثامن( Factor VIII) و إرتفاع مستوى مادة الـ (Fibrinogen) في الجسم التي ظهر أنهما يزيدان بشكل كبير خطر الإصابات القلبية عند الرجال البالغين بين 40 و 64 سنة.

2- هبوط مستوى بعض العوامل التي تذيب الجلطات في الدم مثل (Plasminogen activator inhibitor-1: PAI-1))) والذي يزيد أيضاً من خطر الإصابات القلبية.

3- هبوط بعض البروتينات الطبيعية الموجودة في الجسم والتي تلعب دور مضاد للتجلط مثل(Protein C) والProtein S) ) او مادة ال ( Anti thrombin III) والتي غالباً ما يصاحبهما إرتفاع في نسبة الإصابات بالجلطات والسدادات الوريدية.

4- إرتفاع مستوى مادة الـHomocystein)) في الجسم والتي غالباً ماتزيد من الإصابات الشريانية عن طريق التسبب بخلل في عمل البطانة الداخلية للشرايين (Endothelial dysfunction) وفي تكاثر الخلايا العضلية الملساء التي توجد في جدار الشرايين.

5- بعض الإختلاطات المكتسبة أو الوراثية في عمل صفائح الدم هي أيضاً قد تتسبب بزيادة النوبات القلبية المبكرة في بعض الحالات. أخيراً نشير إلى دور إستعمال حبوب منع الحمل عند النساء التي ظهر أنها تزيد من خطر الإصابات القلبية في سن مبكر خاصة إدا كانت النساء من الدخنات اللواتي يدخن عدد كبير من السجائر يومياً.

6- متلازمة ال (Anti phospholipid syndrome) : وهو مرض ينتج من خلل في جهاز المناعة في الجسم ويتسبب بزيادة إكتسابية بتجلط الدم ويتخلله زيادة في عدد الجلطات الوريدية والشريانية وفي بعض الشرايين الصغيرة وبإختلاطات كثيرة أثناء الحمل من أهمها فقدان الجنين أو الولادات المبكرة وغيرها من الإختلاطات. ويتميز بزيادة بعض العوامل البيولوجية في الدم (Anti phospholipid antibodies, Anti cardiolipin, Lupus anti coagulant…) وغيرها. وتعتبر الذبحات القلبية المبكرةمن احطر اعراضه.

D- بعض المشاكل الخلقية في شرايين القلب (Coronary abnormailities) :وهي مسؤولة عن حوالي %4 من الذبحات القلبية عند الشباب ومن أهم هذه التشوهات وجود جسر عضلي كبير وعميق في داخل العضلة لأحد شرايين القلب التاجية الكبيرة muscle bridge) ( Intra myocardial ولادة أحد الشرايين التاجية من غير مكانة الطبيعي(Abnormal coronary origin)، إنسداد على فم أحد الشرايين. وجميعها عوامل قد تتسبب بالموت المفاجئ للمريض. وهنا نشير أيضاً إلى بعض العوامل الأخرى التي قد تصيب الشباب مثل الأسلاخ التلقائي لأحد شرايين القلب(Spontaneous coronary artery dissection أو الأمراض التي قد تسبب بحدوث إلتهابات خطيرة في هذه الشرايين (Vascularitis) وإلى الجيوب التي قد تصيب هذه الشرايين مثل ما يحدث مع مرض (Kawasaki) ومرض ( Behcet ) وإلى الصدمات الصدرية الطبيعية التي قد تؤدي إلى حصول تمزق أو إنسداد في أحد الشرايين التاجية للقلب (Blunt chest trauma) وإلى بعض العلاجات بالأشعة (Mediastinal radiotherapy) التي تستعمل لعلاج بعض أنواع الأورام اللمفاوية وغيرها. وأخيراً إلى بعض مشاكل الصمامات وخاصة تلك الناتجة عن الحمى الرثوية والأنسدادات التي قد تنتج عن مرض إلتهابات هذه الصمامات في بعض الحالات.
 

3- طريقة ظهور وأعراض المرض عند الشباب:
يبدأ هذا المرض فيغالب الأحيان بشكل مفاجئ ومباغت بشكل ذبحة قلبية حادة وخطيرة دون أي سابق انذار ويساهم عادة في التسبب بهذه الأصابات عامل مهم له علاقة بتخثر الدم الذي يؤدي الى انسداد أحد الشرايين التاجية للقلب بشكل مفاجئ وشريع . لذلك ، ومقارنة مع الأشخاص المتقدمين بالسن يؤدي هذا الانسداد المفاجئ في الشريان الى ضرر أكبر في عضلة القلب اذا ما تأخرنا في اعطاء العلاج المناسب لأن عضلة القلب في هذا السن المبكر لا تكون قد تعودت بعد على الحرمان من الأغذية والأوكسجين ولأنة لايوجد شرايين رديفة لتغذيتها كما عند المتقدمين في السن الذين يوجد عندهم روافد متعددة لتغذية عضلة القلب بسبب الأصابات التدريجية والتراكمية في الشرايين التي تؤدي الى تشكيل روافد متعددة للتعويض عن التغذية الواصلة بواسطة الشرايين المسدودة. ولذلك فإن علامات وظروف ظهور الذبحة القلبية عند الشباب تختلف عن تلك التي نجدها عند المتقدمين في السن. بحيث أن اللوحة العادية التي تتمثل بظهور آلام صدرية متكررة تزداد حدتها وتتفاقم مع الوقت وتؤدي في النهاية إلى حدوث الذبحة القلبية والتي نراها عادة عند المتقدمين بالسن لانكاد نراها سوى عند حوالي %25 من المرضى البالغ عمرهم أقل من 45 سنة. وفي أغلب الأحيان (%70 من الحالات) تظهر علامات الذبحة القلبية بشكل مفاجئ دون الشعور بأي أعراض مهمة من قبل. ولذلك يجب دائما التحري بشكل دقيق عن الأعراض التي يشكو منها الشباب الواصلين إلى أقسام الطوارئ والبحث الدقيق عن كل الأعراض والأمراض الأخرى التي قد تكون سبب لألم في الصدر مثل إلتهابات غشاء القلب وإلتهابات عضلة القلب أو الجلطات الرئوية. ويجب في كل الحالات عدم الوقوع في فخ عدم التفكير في تشخيص الذبحة القلبية الحادة كسبب لهذه الأعراض بسبب ندرة هذه الإصابات عند الشباب وبسبب عدم التحقق من دقة الأعراض وذهاب معظم أطباء الطوارئ للتفكير بأسباب أخرى عضلية أو نفسية أو في الجهاز الهضمي قد تؤدي أحياناً إلى تضليلهم وإلى تركهم لايشخصون جيداً هذه الأمراض. وفي كل الأحوال يجب البحث عن تناول المخدرات مثل الكوكايين وكذلك السؤال عن حالات وفيات مبكرة بأمراض القلب والشرايين (قبل سن الـ 55 سنة عند الاقارب الرجال وقبل سن الـ 65 سنة عند الاقارب النساء في العائلة). وكذلك يجب دائماً البحث عن كل عوامل الخطورة التي ذكرناها سابقاً وخاصة التدخين. ويجب على الفحص السريري أن يبحث إضافة إلى كل المؤشرات التي تعطي فكرة عن حالة المريض القلبية والتنفسية، عن العلامات الجلدية لمرض إرتفاع الكولسترول العائلي وكذلك العلامات التي نراها أحياناً في العين (Xanthoma, Xanthelasma, Arcus senilis) وغيرها....

4- المشكلات التشخيصية :
لاتختلف أعراض الذبحة القلبية عند الشباب عن الاعراض التي نجدها عادة عند المتقدمين بالسن لكن المشكلة الأساسية في تشخيص هذه الأمراض هي التجرؤ على طرح هذا الموضوع ،ذالك لأن الطبيب يقع دائما في فخ عدم التفكير بطرح هذا التشخيص نتيجة النسبة القليلة لهذه الامراض عند الشباب ، لذلك لايتم التعاطي مع هؤلاء عادة بشكل دقيق ولايفكر الطبيب في كثير من الأحيان بالذبحة القلبية عندما يكون أمام مريض في مقتبل العمر . هناك اذا أخطاء تشخيصية كثيرة وغالبا مايوصف لهؤلاء المرضى بعض المهداءت العصبية وغيرها من المسكنات ولايتكلف الطبيب عناء اجراء تخطيط للقلب عند هؤلاء المرضى في الطوارئ ويعود هؤلاء الى بيوتهم مع اصابات تؤدي الى وفاتهم المفاجئة غير المتوقعة في محيطهم . أما في ما يتعلق بالخناق الصدري المستقر أو الغير مستقر فهناك امكانية للتعرض لأعراضهما عند الشباب لكن ذلك يبقى نادرا قبل سن الأربعين سنة وفي هذه الحالات وخاصة عند تكرار حدوث الالآم الصدرية في الليل يجب التفكير في أمكانية حدوث تشنجات على شرايين القلب التاجية وخاصة عند المرأة وادخال هؤلاء المرضى الى المستشفى من أجل المراقبة والعلاج المناسب.

أما طريقة التشخيص بحد ذاتها فهي كما عند الكبار تمر بإجراء تخطيط القلب وفحوصات خمائر القلب في الدم. ويجب مراقبة تخطيط القلب في كل المرات التي نشك فيها بتناول كوكاين لأن علامات الذبحة قد تتحسن كثيراً مع إعطاء الأدوية الموسعة للشرايين.(Vasodilators)

5- مستقبل هؤلاء المرضى(Prognosis) : تفيد معظم الدراسات أن مستقبل المرضى الشباب الذين تعرضوا لذبحات قلبية هو أفضل بكثير من مستقبل المتقدمين بالسن وذلك لأسباب متعددة من أهمها إصابتهم بنسب أقل من الأختلاطات الجانبية الخطيرة مثل الجلطات الدماغية والصدمات القلبية الخطيرة (Cardiogenic shock) وكذلك قصور عضلة القلب وهذا ما يشرح هذا المستقبل الذي يعتبر أفضل عندهم.كلذلك و بسبب صغر سنهم فهم غالبا م يكونوا مصابين بمشاكل صحية اخرى ( مثل إرتفاع الضغط الشرياني او مرض السكري او القصور الرنوي او الكلوي ...) والتي قد تفاقم من تدهور حالتهم اوتعقد العلاج وكذلك فهم قادرون ايضا من الإستفادة من كل وساءل إعادة التأهيل التي تساعد كثيرا في إعادة تحسين قوة عضلة القلب وفتح روافد شريانية جديدة.

6- نوع الأصابات الشريانية :
لقد أظهرت معضم الدراسات العلمية التي خضع لها المرضى الذين تعرضوا الى ذبحات قلبية في سن مبكر ( قبل سن الأربعين سنة ) والتي أدت الى الحصول على بنك من المعلومات المتعلقة بالأصابات عند هؤلاء المرضى ، أن نسبة الاصابات بذبحات قلبية مع شرايين تاجية للقلب طبيعية تمثل حوالي ثلث الحالات قبل سن الثلاثين سنة وهي نسبة تتضائل مع التقدم في السن .
في المقابل هناك نسبة كبيرة ( 55 الى 70 % ) من المرضى الذين يعانون من اصابات موجودة في شريان واحد فقط من الشرايين التاجية الثلاثة وعدد قليل من المرضى الذين يوجد عندهم انسدادات في ثلاثة شرايين أو أكثر من شرايين القلب التاجية وهذه النسبة من ( 10 الى 30 % ) تزداد مع التقدم في السن بين عمر الثلاثون والأربعون سنة .
تجدر الأشارة ايضا الى أن نسبة عوامل الخطورة ترتفع كثيرا عند المرضى الذين يوجد عندهم شرايين طبيعية أو أنسداد واحد والذين يكونون عادة عرضة اما لعوامل تؤدي الى حدوث تشنجات على الشرايين واما الى أنسدادات ناتجة عن تخثر مفاجئ داخل الشريان ( Acute theombosis ) .اج والوقاية:

بشكل مختصر, يجب فتح الشريان المسبب للذبحة القلبية في أسرع وقت ممكن اما عن طريق اعطاء الأدوية المناسبة ( Thrombolytics ) وهي أدوية فعالة جدا وتعمل على تذويب الجلطة الموجودة داخل الشريان واما عن طريق العلاج الذي يهدف الى التعرف على الشريان المسدود وفتحة بواسطة تقنيات التمييت والبالون والرسور وهذا ما يمثل العلاج الأمثل خاصة اذا كان المريض مصابا بذبحة قلبية خطيرة واذا ماكان موجودا في مكان قريب من المراكز المجهزة لأجراء مثل هذه العمليات . 


الهدف الأساسي لهذين العلاجين يتمثل في انقاذ أكبر مقدار ممكن من عضلة القلب لأن تضرر هذه الأخيرة من الممكن أن يترك آثار جانبية كبيرة وأن يؤدي الى الأصابة بالقصور الخطير في وظيفة عضلة القلب .
هذا ويختلف علاج الذبحة القلبية عند الشباب قليلاً عن علاج المتقدمين بالسن بحيث أنه يجب إعطاء الأوكسجين ومشتقات المورفين والأسبيرين والأدوية الموسعة للشرايين عند كل الشباب ويجب عدم إعطاء الأدوية من عائلة ال(Beta Blockers) إلا بعد مرور 48 ساعة عند المرضى الذين نشك أنهم أستعملوا الكوكايين لأن هذه الأدوية قد تتسبب عندهم بزيادة تشنج الشرايين التاجية للقلب وبتدهور معاكس لحالتهم في بعض الأحيان بدل التحسن وعند الأشخاص الذين لم تتحسن حالتهم رغم إعطاء الأدوية الموسعة للشرايين بشكل مناسب وفي حال عدم توفر قسم للتمييل والعلاج التدحلي للشرايين في المستشفى الذي إستقبا المريض, يجب إستعمال الأدوية المذيبة للجلطات مثلThrombolytics) ) التي يتحملها الشباب بشكل جيد دون حدوث أعراض جانبية كبيرة. لكن في كل الحالات الأخرى يجب إرسال المريض مباشرة إلى غرفة التمييل من أجل إجراء تمييل لشرايين القلب وفتح الشرايين المسدودة في أسرع وقت. وهنا يجب علينا أن لانستغرب أبداً وجود مرض مع شبكة شرايين تاجية للقلب طبيعية لأن الذبحة قد تكون ناتجة فقط عن تشنج في الشرايين أو عن جلطة صغيرة ناتجة عن كثرة التدخين. لكن المرضى الذين يكون عندهم عوامل خطورة متقدمة مثل إرتفاع الدهنيات والسكري والتدخين والسوابق العائلية المبكرة يجب ان نتوقع عندهم أن نجد إنسدادات مهمة على واحد (في أكثر الأحيان) أو أكثر من واحد من الشرايين التاجية للقلب وهنا يجب العلاج بواسطة الطرق التدخلية في أغلب الأحيان مع إستعمال الرسورات الذكية (Drug Elutting Stent : DES)أو الرسورات البيولوجية (Biodegradable stent) لما لها من فوائد على المدى البعيد بحيث أنها تسمح بإجراء العمليات الجراحية المستقلبية دون أي مشاكل في حال أحتاج هذا الشاب لجراحة قلبية بسبب تقدم المرض على شرايينه في المستقبل. وطبعاً يجب ترك جراحة الجسور الأبهرية-التاجية للمرضى الذين يعانون من عدة إنسدادات متقدمة على عدة شرايين وفي مناطق لايمكن علاجها بالطرق التدخلية خاصة إذا كان هناك خلل في وظيفة عضلة القلب الإنقباضية. وهنا نشير إلى أن نتائج الجراحة هي أفضل مقارنة مع المرضى المتقدمين في السن ويجب السعي إلى الإستعمال الدائم للشرايين خاصة شريان الصدر الداخلي الأيسر أو الأيمن (Right and left internal mammary arteries) بدل إستعمال الأوردة لأن فعالية الشرايين أفضل بكثير على المدى البعيد.

أما من ناحية الوقاية و كما أشرنا سابقاً فإن الذبحات القلبية عند الشباب مستقبلها مشجع إذا ما تم علاجها بشكل مناسب ومبكر ويجب في كل الأحوال معالجة العامل المسبب أو عوامل الخطورة المتعددة التي كانت وراء حدوث الحالة وإضافة إلى مضادات التخثر مثل الأسبيرين و ال Clopidogrel)) وال Ticagrelor)) وغيرها من الأدوية الجديدة قد يكون هناك محل لمضادات التجلط مثل الـ (Warfarin or Coumadin) في بعض الحالات التي قد تكون فيها الذبحة القلبية ناتجة عن زيادة في تجلط الدم (Hypercoagulable state). كذلك وكما اشرنا سابقا فإنه لا يجب إعطاء الأدوية من عائلة ال(Beta Blockers ) في بداية العلاج ويجب تأخيرها لبضعة أيام بسبب إحتمال أن تزيد من تشنج شرايين القلب عند المرضى الذين نشك بانهم يتعاطون الكوكاكين. كذلك يجب إعطاء الأدوية التي تخفض من نسبة الدهنيات في الدم (Statins,Niacin, Omega-3 fatty acids etc,,,,) خاصة إذا كان هناك إرتفاع في الشحوم الثلاثية وإنخفاض في الـ HDL cholesterol) (وكذلك من الممكن إستعمال ال (B complex vitamins) عند بعض المرضى الذين يعانون من إرتفاع الدهنيات.

أخيراً كما عند الكبار يجب إستعمال الأدوية من عائلة الAngiotensin Converting Enzyms inhibitors ACE-I)) عند كل المرضى الذين يعانون من قصور في الوظيفة الإنقباضية لعضلة القلب لما لهذه العائلة من الأدوية من فوائد كثيرة على المدى البعيد.
أخيراً يجب تغيير نمط الحياة ويجب قطعاً إيقاف التدخين لما لذلك من آثار إيجابية على مستقبل المريض وعلى كل المستويات وكذلك مراقبة السكري والدهنيات والضغط الشرياني والتوصية بإعتماد نظام حياتي فيه الكثير من التمارين والنشاطات الرياضية (التدريجية وبحسب حالة المريض) لما لذلك من فائدة عامة على جسم المريض وخاصة على صحة قلبه. ويجب طبعاً السعي إلى إعادة تأهيل المريض (في مراكز متخصصة إذا توفرت) والسعي إلى إعادته بسرعة إلى حياته المهنية والإجتماعية وعلاج الإكتئاب الذي كثير ما يصاحب هؤلاء الشباب الذين يشعرون بأنهم خسروا كل شيئ في مقتبل العمر ولذلك يجب تشجيعهم على معاودة كل نشاطاتهم السابقة من عمل ونشاطات إ جتماعية و رياضة وغيرها. و يجب عدم تركهم يشعرون بالخسارة الكبيرة لأن ذلك قد يفاقم كثيراً من حالتهم ويساعد في تدهور حالتهم الصحية.

د طلال حمود - طبيب قلب تدخّلي - هاتف 03832853