احتشدت "دار الندوة" بشخصيات سياسية وفكرية وثقافية وحزبية لحضور "حديث الوحدة" الذي يلقيه كل عام الرئيس المؤسس للمنتدى القومي العربي في ذكرى ميلاد الجمهورية العربية المتحدة وعشية انطلاق اعمال ندوة التواصل الفكري الشبابي العربي التي تعقد دورتها التاسعة في السادسة من مساء اليوم الجمعة.

مرهج

افتتح اللقاء رئيس مجلس ادارة "دار الندوة" الوزير السابق الاستاذ بشارة مرهج بكلمة قال فيها: دار الندوة ترحب بكم وتعتز بحضوركم في هذا اللقاء الوحدوي،  في هذا اللقاء الحيوي، في هذا اللقاء الذي لا نعتبره لقاءا تقليدياً، فنحن لا نجتمع لنحتفي بالوحدة،  او لنتذكر تاريخ الوحدة العربية الاولى في العصر الحديث، وانما نلتقي لنؤكد حقيقة تعتمر في وجداننا جميعاً، فالوحدة العربية هي حقيقة كامنة في ارضنا في شعبنا وليست ذكرى نحتفل بها، وهذه الحقيقة الكاملة نحتفل بها، حقيقة حية بقدر ما نعمل لاجلها، فنحن لا نحلم بالوحدة بل نعمل من اجلها، نعمل من اجلها لذاتها ولانها تحقق اهداف هذه الأمة في التحرر والتقدم والاستقلال، فبدون الوحدة العربية سنبقى مجزأين وستبقى لاسرائيل اليد الطولى في هذه المنطقة ومن وراءها الاستعمار الذي يحلم ويعمل دائما لمزيد من السيطرة على مواردنا وعلى اراضينا، وخاصة الاراضي المقدسة فلسطين التي تمر اليوم كما بالأمس بأزمة مصيرية لأن الكيان الصهيوني يمضي قدما في عملية التهويد التي ستنعكس سلبا على كل الاقطار العربية، وكل من يفكر من هذه الاقطار ان فلسطين هي مسألة خارجية او بند في السياسة الخارجية هو نظام يرتكب  خطأ فظيعا بحق شعبه وبحق فلسطين وبحق المستقبل.

واضاف مرهج: لذلك نحن نعتز بهذا اللقاء الذي نتحدث فيه عن عهد الوحدة العربية، وعن تكامليتها  بدعوة من المنتدى القومي العربي ويتحدث فيها الاخ العزيز معن بشور المناضل  الدائم من اجل الوحدة العربية، ومن اجل ان تكون  الوحدة العربية حقيقة حية في حياتنا الوطنية والقومية.

الدباغ

بعد ذلك قدم رئيس المنتدى الدكتور صلاح الدين الدباغ المحاضر بكلمة قال فيها: محاضرة اليوم للأستاذ معن بشور هي حول الأبعاد المتكاملة للهوية العربية. والأبعاد المتكاملة هي عديدة ومتعددة تشمل الثقافة والتاريخ والاقتصاد والسياسة ومن ثم المصلحة.

          واضاف الدباغ: فثقافتنا واحدة وعمودها الفقري اللغة العربية ، ونحن نرى اليوم محاولات عدم الاهتمام بها، لا بل وتهميشها وإحلال التعابير الأجنبية محلها، وأحيانا كتابتها بالأحرف اللاتينية هذا مع العلم بأن لغتنا هي اجمل اللغات في العام اجمع.

          والمصلحة الاقتصادية ومن ثم السياسية تفرض قيام اتحاد أو وحدة بين الكثير من الدويلات القائمة في الوطن العربي. فهذه الدويلات لا تستطيع وحدها تأمين سيادتها، اذ لا منعة ولا عزة لأي من هذه الدويلات إذ هي ، كما نرى، تسعى دوماً الى الحماية الخارجية لأنها أعجز من ان تقوم وحدها في تأمين سيادتها واستقلالها..

          وتابع الدباغ: من مأثور  قول المفكر القومي العربي المرحوم ساطع الحصري عندما سئل لماذا خسر العرب حرب عام 1948 في فلسطين مع ان سبع دول عربية أرسلت جيوشها الى هذه الحرب؟ قوله أننا خسرنا الحرب لأننا سبع دول ولم نكن دولة واحدة...

          ختم د. الدباغ قائلا: محدثنا لهذه الأمسية هو الأستاذ معن بشور وهو المؤسس للمنتدى القومي العربي، والأمين العام السابق للمؤتمر القومي العرب كرس حياته ووقته وجهده للعمل القومي وهو يتمتع بحيوية قل نظيرها. وهو من القلة التي بقيت وفية على المبادئ القومية المنادية بالوحدة وتحرير فلسطين والتقدم والديمقراطية، والتي لم تبدل موقفها بالرغم من المغريات. اننا نعتز بالأستاذ معن، فمعدنه من معادن الرجال الرجال في زمن عز فيه الرجال وكثر فيه أشباه الرجال.

بشور

          وقد استهل بشور حديثه بالتذكير بمقالة كتبها قبل 33 عاماً بعنوان " العروبة من هوية الى قضية" لخص فيها المخاطر التي تنطوي على الحروب المتعددة الأوجه على العروبة كهوية جامعة تمهيداً لإدخال أمتنا بكل أقطارها  في دوامة من الصراعات  الطائفية والمذهبية والعرقية والقبلية وما يرافقها من فتن وفوضى دموية.

          وقد رأى بشور إن أول تلك الحروب هو تصوير العروبة كنقيض للوطنية، فيما العروبة هي تكامل لوطنيات بل هي محصنة الوحدة الوطنية وحامية الاستقلال الوطني وسياج الامن القومي...

          كما أشار بشور ايضا إن ثاني هذه الحروب هو تصوير العروبة انها معادية للدين، الاسلامي والمسيحي، على حد سواء فيما العروبة هي جسد روح الاسلام، كانت تعتز به ويعتز بها تماما كما هي حاضنة المسيحيين العرب الذي خرج منهم رواد للنهضة العربية ومفكرون ومناضلون ومقاومون عرفتهم كل ساحات تواجدهم...

          الحرب الثالثة التي استهدفت العروبة هي تصويرها انها امتداد لنظام او حزب او ايديولوجيا، فاذا أخطأ هذا النظام أو إنحرف، واذ تعسف  حملة هذه الايديولوجية انعكس تعسفهم على العروبة نفسها، فصبينا جام غضبنا على العروبة، فيما العروبة هوية وانتماء وليس عصبية وانتساباً.

          اما الحرب الرابعة على العروبة فكانت في تصويرها كهوية عنصرية شوفينية معادية للاعراق والأمم والشعوب، وهو افتئات على العروبة وتاريخها القديم والجديد الذي يشهد على عمق التفاعل بين العرب ومن يساكنهم ويحاورهم وان ممارسات عنصرية ارتكبها البعض ضد أقوام وأمم أخرى لا تعبر عن روح العروبة الانسانية.

          من الحروب التي يشنها الصهاينة ضد العروبة تصويرها بأنها معادلة للسامية، فيما العرب هم ساميون أصلاً، وفيما تاريخهم مليء بصور احتضان اليهود في مجتمعاتهم قبل دخول جرثومة المشروع الصهيو – استعماري للايقاع بين اليهود والعرب ، بل بين العرب انفسهم.

          اما في سبل مواجهة هذه الحروب على العروبة فقد دعا بشور

1-     تحقيق اوسع التزام بالمشروع النهضوي العربي الذي أطلقه مركز دراسات الوحدة العربية في مثل هذا اليوم (ذكرى الوحدة) قبل تسع سنوات.

2-     اعتبار القضية افلسطينية القضية المركزية للأمة ليس فقط لأن المشروع الصهيوني يستهدف الامة في وحدتها واستقلالها ومواردها فحسب، بل لأنها القضية الجامعة لمختلف الوان الطيف السياسي والفكري الفاعل في الامة.

3-      اعتبار مقاومة الاحتلال والمطامع الاجنبية رافعة هامة للنهوض والوحدة، واعتبار مقاطعة العدو ومناهضة التطبيع جزءاً من المقاومة  الشاملة.

4-     اعادة الاعتبار لهدف الوحدة العربية، والتركيز على وحدة اي قطرين تتوفر ظروف الوحدة بينهم، وتطوير كل اشكال وأطر التعاون  الاقليمي القائمة حاليا ةتنفيذ كل قرارات واتفاقيات النقل العربي المشترك.

5-     التأكيد على تكامل الأبعاد الوطنية والايمانية والثقافية الحضارية للهوية مع تريكز خاص على جوانب التكامل الاقتصادي بين أقطار الأمة ، لأن العروبة كمشروع للنهوض ترتبط بخبز الناس كما بكرامتهم.

6-     ربط النضال العروبي في كل قطر  بالقضية الاجتماعية بوجوهها المتعددة.

7-     الاهتمام الكبير بكل ما يتصل بالتربية والتعليم والبحث العلمي والتطور التكنولوجي والاهتمام خصوصاً باللغة العربية

8-      الاهتمام بالعدالة الاجتماعية بكافة عناصرها وروافدها  فلا نهوض ولا استقرار دون عدالة اجتماعية واصلاح سياسي .

9-     الاهتمام بشباب الأمة وأجيالها الطالعة وتوفير آليات التواصل والتلاقي والتفاعل والتكامل بينهم.

وختم بشور بالقول حين ندافع عن العروبة فإنما ندافع عن وطنية الأقطار وإيمان المؤمنين وأمان الأمة وتنميتها المستقلة وسيادتها القومية ورسالتها الانسانية الخالدة واستقلال أقطارها وتفاعلهم مع دول الجوار.

حوار

          بعد ذلك جرى حوار شارك فيه الوزير السابق نقولا تويني، والامين توفيق مهنا من الحزب السوري القومي الاجتماعي، والشيخ عبد الله جبري ايمن عام حركة الامة، والدكتور رفيق صالح مدير عام المركز العربي لدراسات المناطق الجافة والاراضي القاحلة (اكساد).

درع تقدير للمصور الصحفي الشهيد

          بعد ذلك، وبمناسبة يوم المصور الصحفي الشهيد قدم كل من الوزيرين السابقين بشارة مرهج ونقولا تويني ورئيس المنتدى القومي العربي الدكتور صلاح الدين الدباغ، ورئيس المركز العربي للتواصل والتضامن معن بشور، درع وفاء وتقدير للمصور الصحفي الشهيد في يومه وقد تسلمها رئيس نقابة المصوري الصحفيين السيد عزيز طاهر الذي شكر المنتدى القومي العربي على هذه اللفتة  لتكريم المصور الشهيد الذي قدم حياته في سبيل نقل الصورة الحقيقية .