عام >عام
الأم في صيدا .. بين المعاناة والأحلام.. الاعتماد على الذات لمواجهة مصاعب الحياة
الأم في صيدا .. بين المعاناة والأحلام.. الاعتماد على الذات لمواجهة مصاعب الحياة ‎الاثنين 11 03 2019 09:48
الأم في صيدا .. بين المعاناة والأحلام.. الاعتماد على الذات لمواجهة مصاعب الحياة
أميرة القرص

ثريا حسن زعيتر

يطل شهر آذار من كل عام، شهر الربيع، حاملاً بين يديه الأمل نحو غدٍ أفضل، ويطلُّ معه عيدا المرأة والأم، ليُضيفا على الربيع ورده وتألّقه، ففي هذا الشهر يحتفل العالم أجمع، وبمختلف طبقاته بهذه المناسبات.
وفيما تختلف أوجه الاحتفالات بين غني وفقير، يُحاول الكثير من الأبناء شراء ولو وردة  لأعظم إنسانة في الكون، فالكلمات والحروف لن تكفي، لأنّها مَنْ أنارت دروب حياتنا، ومَنْ أرشدتنا إلى الصواب، وتحمّلت متاعب ومصاعب الحياة من أجلنا، وسهرت الليالي في سبيل راحتنا. هي شمس الكون وقمر الليل، نعم هي الأم «ست الحبايب».
ما بين الأمنيات والأحلام والحصول على حياة كريمة، يأتي عيد الأم في مدينة صيدا خجولاً وحزيناً على بعض الأمهات الوحيدات اللواتي فقدن أولادهن، أو معيلهن، وفي قلوبهن غصّة من قسوة الحياة، وفي مقلتيهن الدموع، فمنهن مَنْ فقدت قرّة عينها، أو هاجر وتنتظر عودته، فتتحوّل المناسبات إلى محطات للوجع، وتعمّق الإحساس بالغياب والفراق، الذي يقضي على كل شعور بالفرح...
فراق صعب
{ داخل صيدا القديمة، وبين أزقّتها تجلس أميرة القرص خلف ماكينة الخياطة، والحسرة في قلبها، قائلة: «يطل عيد الأم وفي قلبي حزن عميق، لا يوجد في قاموسي عيد الأم، بعدما رحلت إبنتي الكبرى قبل زفافها بيومين في حادث سير، وكان لديَّ 5 أولاد، أما الآن فقد أصبحوا 4، الحياة قاسية عليَّ، أخذت ابنتي وقد تدهور وضعنا المادي، لأنّ تكاليف المستشفى باهظة جداً،  فقرّرتُ أنْ أعمل كي أعيل عائلتي، فتعلّمتُ مهنة  الخياطة، وزوجي يعمل نجّاراً، لكن العمل قليل جداً، ومدخوله لا يكفي الشهر».
وتابعت، والغصة في عينها: «أريد أنْ أنسى وجعي، وقد طوّرتُ نفسي، وبدأتُ أدرّس في دورات خياطة في بعض الجمعيات الخيرية، لأنّه يوجد الكثير من النساء بحاجة إلى دعم مالي، ويردن تعلّم مهنة الخياطة كي يعملن، وأتمنّى من الجمعيات التي تعمل داخل صيدا، تأمين فرص العمل للنساء اللواتي ظروفهن صعبة، فهناك الكثير منهن يطلبن فرص عمل في بيوتهن، بأي عمل، المهم الإنتاج كي يستفدن مادياً».
وختمت: «أحلم بأنْ أفتتح مشغلاً للخياطة، وتأمين معدّات لتعليم النساء مجاناً، كي أساعد باقي النساء، وأنا أُعلّم ليس فقط خياطة الألبسة، بل البرادي وعدّة المطبخ وتصليح الألبسة».
ضمان الشيخوخة
{ وعلى مقربة من المكان، تجلس الحاجة فايزة مستو (78 عاماً)، في محلّها الصغير، داخل البلد في مدينة صيدا، وتضع قربها مدفأة صغيرة، قائلة، وهي تتنهّد: «أجلس في هذا المحل كي لا أكون في المنزل بمفردي، لأنّ منزلي في الطابق الأول وله درج، وأنا لا أستطيع أنْ أمشي إلا قليلاً، ولديَّ أولاد وهم «حناين»، لكنّني لا أطلب شيئاً من أحد، إذ أعرف ظروف أولادي جميعاً، والحياة صعبة وقاسية».
وأضافت: «هديّتي في عيد الأم مطالبة الدولة اللبنانية بأنْ تنظر بأوضاعنا وتؤمّن لنا الطبابة، مثل باقي الدول التي تحترم كبار السن، أين ضمان الشيخوخة؟، فنحن نموت على أبواب المستشفيات، وأنا بحاجة إلى الدواء، وإلى منزل أرضي، فأين فاعليات المدينة الصيداوية، والنوّاب الذي ننتخبهم؟، هم صوتنا فلينظروا إلينا، نحن كأمهات عانينا الكثير لنربّي أولادنا، وللأسف أولادنا ليست لديهم فرص عمل ونعيش القلّة».
أريد أنْ يمشي إبني
{ أما سهى الديماسي فقالت، والحسرة والدموع في عينيها: «عيدي هو أنْ أرى إبني يمشي مثل باقي الأطفال، وأتمنّى المساعدة له بعلاجه الفيزيائي والعمليات كي يتحسّن، لأنّ علاجه مكلف، وهناك الكثير من الأشياء التي يطلبها ولا أستطيع أنْ ألبّيها له».
وتابعت: «إبني يُعالج منذ 12 عاماً، والعام الماضي أمنّا له عمليات، وحتى اليوم خضع لـ7 عمليات، وهناك أمل بأنْ يمشي إذا تابعنا علاجه فيزيائياً، إضافة إلى تأمين الأجهزة المطلوبة، وهذه الأجهزة تتغيّر كل 6 أشهر، وتكلفة الأوّل 500 دولار والثاني 1000 دولار».
وأضافت: «في بعض الأحيان لا أرسله إلى المدرسة، ولا إلى العلاج الفيزيائي، لأنّ ظروفي صعبة، ولا يوجد لديّ المال. هناك جمعيات تُساعدني لمدّة محدّدة فقط، وتكلفة العلاج الفيزيائي مع مواصلات 40 ألف ليرة لبنانية، وكل أسبوع بحاجة إلى 4 جلسات، والجلسات يأخذها في حال كان المال متوافراً».
وختمت: «أطلب من الدولة اللبنانية، ومن فاعليات مدينة صيدا، النظر إلى الأطفال المرضى، وتأمين مركز خاص لهم للعلاج الفيزيائي وغيره».

 

 

فايزة مستو

سهى الديماسي تحتضن ابنها

المصدر : اللواء