ثقافة وفن ومنوعات >ثقافة وفن ومنوعات
الكرفانة تنقل قصص النازحين الفكهة وأفكار الجمهور
الكرفانة تنقل قصص النازحين الفكهة وأفكار الجمهور ‎الثلاثاء 21 06 2016 13:01
الكرفانة تنقل قصص النازحين الفكهة وأفكار الجمهور


هي قصص صغيرة أو كبيرة، تفصيلية أو محورية، حزينة بتوليف فكاهي. لم يخترعها أحد، بل جمعت على لسان النساء والرجال والأطفال في مخيمات النازحين السوريين في البقاع الغربي. ويبدأ عرضها، اليوم (21 حزيران) فوق باص صغير (الكرفانة) في وسط الشوارع في مختلف المناطق اللبنانية. هي قصص عن أشخاص تركوا وطنهم ونزحوا الى دول الجوار، لهم حكاياتهم، ومعاناتهم، وأحلامهم وخيالهم، وحكاياتهم الحميمة. لهم «كان يا مكان في قديم الزمان»، ولهم «أحاديث حبّ طويلة على الواتساب»، ولهم «كتير خايفة.. يصير معي نفس الشي»، ولهم «تتجهّز العروس ويصيرلها عرس غير شكل».
الكرفانة
منذ ستة أشهر، بدأت المديرة الفنية لمشروع «كرفانة» سابين شقير وفرح قاسم بجمع قصص الأشخاص في مخيمات النازحين في البقاع الغربي عبر ورشات عمل حول سرد الحكايات شارك فيها 140 امرأة، وستون رجلاً وخمسون طفلاً. بعدها، تم تسجيل عشرين قصة وبثها على مواقع التواصل الاجتماعي و «يوتيوب». وفي المرحلة الأخيرة، تم اختيار ثماني قصص وستة أفراد مقربين من أصحاب القصص لتمثيلها وعرضها. يرتكز العرض الذي شاركت بإخراجه شقير وأيلين كوننت من «لندن» على مسرح الجسد اذ يعبّر الأفراد بأجسادهم كفريق عن قصص حزينة بمعظمها غير أن توليفها فكاهي بغية جذب الجمهور والتفاعل معه. لن يقدم الممثلون عرضهم فحسب بل سيخوضون نقاشاً مع الجمهور في شأن تساؤلات كثيرة عن أهمية عرض القصص اذ «نرغب في أن نسمع رأي الجمهور وأفكاره»، وفق شقير. لن يتمكن النازحون المشاركون من التنقل خارج منطقة البقاع، لذا سيقوم فريق من الممثلين السوريين المحترفين بتأدية العرض خارج مناطق البقاع.
يحاكي العرض النازحين السوريين كأفراد لهم مشاعر وقصص ودروب حياة ولا يشكلون أرقاماً فحسب يتناولها الإعلام لتعداد أعداد القتلى، أو النازحين، أو الذين يعانون ظروفاً اجتماعية أو صحية صعبة. يظهر المشاركون التزاماً بالعمل، وحماسة في نقل معاناتهم وأوجاعهم الى العالم. تلاحظ شقير، وبعد سماعها قصصاً كثيرة، أن خيال الأطفال متأثر جداً بالحرب وظروفها، وهذا ما يثير القلق في شأن أجيال المستقبل.
مهرّجون بلا حدود
من جهة أخرى، تنشط شقير في تفعيل فن التهريج في لبنان من خلال مشروع « clown me in» الذي بدأ منذ العام 2007. إذ تقوم وفريقاً من الفنانين بتنفيذ عروض في الشوارع والمدارس بغية تسليط الضوء على بعض المشاكل الاجتماعية مثل أزمة النفايات والاهتمام بالنظافة الشخصية وغيرها. تعتبر شقير أن المجتمع اللبناني يتقبّل فنّ التهريج ويتفاعل معه بطريقة منفتحة أكثر من مجتمعات عربية أخرى. تجوّل شقير مختلف أنحاء العالم ضمن منظمة «مهرّجون بلا حدود» لخلق مساحة من الفرح في مناطق تعاني الفقر والحرب والكوارث. ينتظر المهرّجون النازحين الذين عبروا بحار الموت على شواطئ اليونان. ينتظرونهم ليغيّروا ثيابهم ويتناولوا الطعام ويبدأوا في إضحاكهم، لا لشيء سوى لإثارة الضحك. تخبر شقير أن أحد النازحين وقف ذات مرة في وسط الحشد، وألقى نكتة فضحك الجميع. قال حينها «صار حقي أضحك، مبارح كنت راح أغرق في البحر ومنذ فترة احترق أبي ومات»، فأراد أن يعبّر عن رغبته في العيش، وعن المرونة في مواجهة الصعاب وتحدِّيها واختراع الامل.
توضح شقير أن فن التهريج لا يقوم على ما يظنّ البعض على ارتداء ملابس مزركشة وتسلية الأفراد في المناسبات، بل إن المهرج شخص شفاف، وحقيقي. يضحك الأفراد الآخرين عليه غير أن الآخر يجد نفسه فيه، وكأنه مرآة يعكس ما يجول داخل الشخص وما يعيشه في المجتمع. تساعد الفكاهة على تقبل المشكلة بطريقة أفضل، وعلى التعامل معها، و «كأننا حين نضحك على مشاكلنا، نتقبّلها أكثر ونواجهها». ومن الأسهل، وفق شقير، تمرير الملاحظات أو الإرشادات عبر الفكاهة من التأنيب. يفيد الضحك في توفير الراحة النفسية للأشخاص، وفي إزاحة الضغوط النفسية التي يعانونها، وفي خلق مساحات أرحب لمواجهة تحديات الحياة بأمل أكبر وبضحك أكثر.
تنفذ «جمعية بيروت دي سي» مشروع «الكرفانة» بالاشتراك مع «جمعية سوا للتنمية والإغاثة»، ومشروع «clown me in» ومسرح «temoin» في لندن، وبدعم من «الاتحاد الأوروبي»، ومنظمة «اليونيسف»، ومعهد «غوته» في لبنان. تبدأ العروض، التي يبلغ عددها نحو أربعين، اليوم وحتى آخر شهر تموز في مختلف المناطق اللبنانية.