لبنانيات >أخبار لبنانية
قائد الجيش يخرج عن صمته: لا حقوقنا منة ولا تضحياتنا واجب
قائد الجيش يخرج عن صمته: لا حقوقنا منة ولا تضحياتنا واجب ‎السبت 11 05 2019 01:42
قائد الجيش يخرج عن صمته: لا حقوقنا منة ولا تضحياتنا واجب


منذ انطلق النقاش حول مسودة مشروع الموازنة والتخفيضات التي ستطال موازنة وزارة الدفاع ومخصصات الجيش اللبناني، ظل قائد الجيش العماد جوزاف عون صامتاً يترقّب فيما يستكمل خطّته التقشفية التي انتهجها منذ تسلّمه قيادة الجيش. فالجيش الذي يبخل يوماً بأرواح عسكرييه ودمائهم في سبيل الوطن، كان جاهزاً لتقديم التضحيات مجدّداً في حقوقه إذا كان الثمن هو النهوض بالدولة وسدّ العجز، تزامناً مع سدّ مزاريب الهدر في سائر المعروفة التي باتت معروفة.

إلى أن خرج قائد الجيش عن صمته لأول مرة أثناء تدشين مستوصف الشهيد المغوار جورج بو صعب عشية البدء بمناقشة موازنة وزارةالدفاع، برسائل عالية النبرة في مختلف الإتجاهات. رسائل فيها من العتب ومن العزيمة ومن النصائح إلى السلطة السياسية التي يحاول بعض أركانها تقويض الجيش.

ليست صدفة أن يختار قائد الجيش توجيه رسائله من راس بعلبك، من البلدة التي شكلت درعاً للبنان طيلة احتلال المجموعات الإرهابية لجرود السلسلة الشرقية. هناك حيث قدّم الجيش شهداء في تلة الحمرا لمنع تسلّل مجموعات داعش الإرهابية ومن البلدة نفسها سقط شهيد هو المغوار جورج بو صعب، الذي كلّل بدمائه معركة الجيش ضد مجموعة أحمد الأسير الإرهابية التي كانت تخطّط للتمدّد والتوسّع من بوابة الجنوب. ومن منّا لا يذكر شريط الأسير الموثق بالصوت والصورة، الذي قال فيه لمجموعته عن الجيش "خزقوهن".

كان القائد واضحاً بالقول أن الاستثمار في الأمن هو استثمار في الاقتصاد، لأنه إذا اهتزّ الأمن يهتزّ الاقتصاد حكماً. "لن تثنينا ادعاءات من هنا ومن هناك عن حفظ كرامة وطننا كما أننا لن نحبط ممن اطلق المواقف المساندة لنا خلال المعارك ليعود وينسحب عند المساس بحقوق العسكريين وعائلاتهم". كلامٌ واضح وجّهه إلى المساندين للجيش في وقت الحرب والذين يحاولون المساس بحقوقه في وقت السّلم، عبر المطالبة بالغاء المخصصات والمساس بالرواتب التقاعدية ورواتبه في الخدمة الفعلية. كلام العماد عون حمل عتباً بقدر ما حمل لفتةَ نظرٍ لمن غابت عنه حقيقةَ أن لبنان لم يصل إلى حالة السلم لو لا تضحيات الجيش وجهود عسكرييه المنتشرين في الداخل وعلى الحدود والمكلّفين بحفظ الأمن على طول مساحة الوطن.

شكل كلام قائد الجيش من مستوصف الشهيد المغوار جورج بو صعب، سنداً ورافعة لمعنويات العسكريين. إذ ساوى بين العسكري المرابط على الحدود ورفيقه في الداخل. "الطبابة العسكرية توازي وحدات الجيش الاخرى في الخدمة فهي ضمانة للعسكري خلال خدمته الفعلية وكذلك لعائلته. الجندي المرابط على الحدود يوازي رفيقه المتواجد في الداخل للحفاظ على الأمن. شأنهما شأن من يعمل في الوحدات اللوجيستية والادارية فتكتمل المنظومة العسكرية". بذلك يكون قد قطع قائد الجيش الطريق على من يحاولون سحب التدبير رقم 3 من العسكريين من باب التفرقة بين الذي يخدم على الدوام وبين من يحرس الجبهات. لأن الجيش هو منظومة مترابطة مكمّلة لبعضها البعض من أجل استمرارية العمل والسهر ليلاً نهاراً على الأمن وعلى سلامة أفرادها، ولأن في أكثرية جيوش العالم يحتاج أي عسكري على الجبهة إلى أربعة آخرين معاونين لتأمين الطبابة والطعام والذخيرة والعتاد والبناء والأموال.

بالفم الملآن قالها القائد: "عهد منا بالحفاظ على الإنجازات المعمدة بالدماء بقدر الحفاظ على الحقوق كجزء يسير يحاولون سلبنا إياه اليوم". فراتب الجيش التقاعدي ليس منة من أحد ولا تقدمة، بل حقّ يتم اقتطاعه من راتبه الشهري طيلة سنوات الخدمة ومع كل ترقية وكل رتبة. هو حقّ مكتسب للعسكري راكمه طيلة سنوات الخدمة ليؤمن لنفسه تقاعداً كريماً و حياة نبيلة لعائلته، وهو مدركٌ أنه قد يسقط شهيداً في أي لحظة.

بكلامه من مستوصف الشهيد جورج بو صعب، ردّ قائد الجيش على من يحاول استهداف معنويات العسكريين من خلال التمييز بين مهامهم وتصنيفهم بدرجات مختلفة. فأكد أن جميعهم سواسية، في ساحة القتال أو في ميدان الدعم اللوجيستي والطبي، متقاعدين كانوا أم في الخدمة الفعلية، مؤكداً أنه لن يقبل التفريط لا بحقوقهم ولا بحقوق عائلاتهم.

ثلاثة عناوين أراد قائد الجيش تسليط الضوء عليها، من بلدة الشهيد جورج بو صعب، أمام حشد من رفاق السلاح وعائلة الشهيد جورج بو صعب ووسط حضور رسمي وهي: أن الأحباط غير موجود في قاموس الجيش وأن بذل الدماء هو اقتناع وليس واجباً وأن الحفاظ على الحقوق هو عهدٌ تماماً كعهد "الشرف والتضحية والوفاء".

المصدر : لارا الهاشم